طريق جديد إلى دارفور
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مورتون ابراموفيتش - واشنطن بوست
بدلاً من انقاذ أهل دارفور فإن المدافعين عنهم يبدون كأنهم يزيدون في بؤسهم، وهم يحتاجون لأن ينظروا فيما إذا كان المطلوب هو رسالة أخرى من إدارة الرئىس بوش من أجل عمل سريع لوقف أعمال العنف، وبصفة خاصة ألم يحن الوقت لتكريس المزيد من الضغوط على السودان واستخدام القوة من أجل التوصل إلى تسوية متفاوض عليها بين الرئىس السوداني والجماعات المتمردة في دارفور؟ وهذا ضروري في كل الحالات ولمدة ثلاث سنوات ظلت المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام تشن حملة مكثفة لحض الحكومات على ايقاف عمليات القتل في دارفور وحماية الناس وإطعامهم وإخراج الملايين من اللاجئين من المخيمات وإعادتهم إلى بلادهم.
الفظائع العسكرية التي ارتكبت مؤخراً في دارفور أدت إلى نشر إعلانات مستمرة في الصحف والتليفزيون تدعو الرئىس بوش إلى العمل على إرسال قوات في الأمم المتحدة إلى دارفور لوضع حد للإبادة العرقية التي تجري هناك.
هذه الدعوة استندت إلى فرضيتين أولاهما أن الضغط الخارجي هو الوحيد الذي يجعل حكومة السودان تغير طريقتها، الرئىس عمر البشير لايمكن أن يفعل أي شيء إلا تحت الضغط، ثانياً إذا قاومت حكومته فإنه سيتسنى اقناع الحكومات الغربية لعمل الشيء الصحيح وهو إرغام الخرطوم على الاستسلام.
مثل هذه الإجراءات تشمل إقامة منظمة يحظر فيها الطيران في دارفور ومحاصرة الموانىء السودانية وتدخل حلف الناتو وإرسال قوات من الأمم المتحدة إلى المنطقة سواء أرضيت الخرطوم أم أبت.
فما هي المشكلة؟ بينما نجحت الضغوط الجماهيرية من أجل الإجراءات العسكرية أحياناً في حث الديمقراطيات الغربية على إجراءات ما كانت تريدها كما حدث في البلقان فإن تلك الحكومات المتهمة بدارفور في افريقيا والدول العربية وحلف الناتو مقسمة، العمليات العسكرية القوية للأسف غير مقبولة للحكومات مهما رددوا العبارة المشهورة "لن نسمح لهذا بالحدوث بعد الآن" أما الولايات المتحدة التي كان من الممكن أن تدفع باتجاه عمل قوي فهي مقيدة بتورطها في المستنقع العراقي.
وفي الواقع فإن المهتمين بأمر دارفور قد تقبلوا إجراءات نصف ناضجة حيث تم إرسال قوات الاتحاد الافريقي التي تنقصها العدة والعتاد والتمويل والقوى البشرية، لم تضع هذه القوات نهاية للقتال ولكنها جعلت العالم يعتقد بأن المشكلة في طريقها للحل.
الرئيس عمر البشير.. يمتلك مدخولات نفط متزايدة ومن الواضح له أن المجتمع العالمي منقسم وأن المطالبة بإجراءات أشد لن تصل إلى أي نتيجة.. وبالاضافة إلى ذلك فإن الكثير من الإجراءات التي ينادي بها المهتمون بأمر دارفور مثل الضغط على البشير أو التهديد بمحكمة الجزاء الدولية لم تصل إلى المرحلة الحرجة مهما كانت أهميتها.
إذن كيف يمكننا تغيير الاتجاه إذا كان الوضع بهذا السوء؟ بالطبع أن تغيير النظام الحاكم في السودان هو الطريق المثلى ولكن كيف.. يمكننا أن نحقق ذلك بدون قوة، وإذا لم نقدر على ذلك فإن علينا أن نقبل أن اتفاقية السلام في دارفور التي تم التوصل إليها في شهر مايو الماضي قد انهارت وانه قد آن الأوان أن نتحدث مرة ثانية للبشير بشأن اتفاقية سلام أكثر كفاءة.
وبادىء ذي بدء فإن على وزراء الخارجية للدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أن يقوموا بزيارة إلى الخرطوم فوراً وأن يقولوا للبشير إنهم يريدون أن يعملوا معه لإصلاح الخلل في الاتفاقية.
وعلى البشير بدوره أن يوقف أنشطة قواته المسلحة والسيطرة على مليشيات الجنجويد والسماح للمعونات الأجنبية بالوصول إلى النازحين وعلى الصين التي تمول السودان أن تكون أكثر قدرة على ذ لك، نظراً لأن هذه الأقطار تريد أن تعمل مع البشير وليس الإطاحة به.
مثل هذا الجهد ليس أمراً سهلاً وقد لايروق للدبلوماسيين وقد لايسعد حكومة السودان بالرغم من أن أداء القوات السودانية سيىء في منطقة دارفور.
هناك الكثير من المشاكل العملية التي ينبغي تسويتها بين الحكومة والمتمردين وحتى لو تم إبرام اتفاقية فإن استمرارها غير مؤكد ولكن هذا سيشكل مجهوداً جاداً لإنهاء الوضع المتدهور وإذا لم يتسن ذلك فإن على المتهمتين بأمر دارفور أن يرفعوا أصواتهم عالياً وربما يصبح جزء من المجتمع الدولي غاضباً لدرجة اقتران الأقوال بالأفعال.