جريدة الجرائد

تحدي المستقبل: الطاقة وليس الإرهاب

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك



توماس فريدمان - نيويورك تايمز


منذ سقوط جدار برلين والحلفاء الغربيون يتساءلون: من سيحل محل التهديد الشيوعي كي يشد من لحمة التحالف الأطلسي؟ حاجج البعض بأنه الإرهاب، لكنني لا اتفق مع هذا التصور، ولدى أصدقائي الألمان فكرة أفضل: ما يجب أن يوحد الغرب هو الطاقة وما يرافقها من تحديات.

ففي نهاية الأمر، ليس هناك اليوم أكبر تحد للغرب ونمط حياته من تغيرات البيئة والتلوث واختفاء فصائل من الكائنات الحية والتطرف الإسلامي والاستبداد المستند إلى النفط، وكل هذه المشاكل ناجمة عن حالة الإدمان على استهلاك الطاقة. وليس هناك أي حل ممكن لهذه المشاكل بدون جهود حكومية متناغمة، للتقليل من كميات الغازات المبثوثة الى الهواء، من أجل التحفيز على الابتكار الأخضر وللتحول من النفط إلى الطاقة المتجددة.

لذلك فإن الاتجاه السياسي الأخضر هو ليس الأحمر والأبيض والأزرق -المشروع الأميركي القادم المتعلق بالأمن القومي ـ بل يجب أن يكون اللون والتركيز واللحمة، التي تجمع بلدان الحلف الأطلسي في القرن الواحد والعشرين. ومثلما لاحظ الكثير من المسؤولين الألمان مثلي، فإن "القضية برمتها تمتلك القدرة على ان تصبح مشروعا على طرفي المحيط الأطلسي، في زمن يخلو من مشاريع كبيرة أخرى تجسد رؤية ما". وتتطلب التحديات الحادة المتعلقة بالبيئة والطاقة، التي نواجهها اليوم مواجهة شاملة، حسبما حاجج جوناثان فريدلاند، كاتب العمود في صحيفة "الغارديان" اللندنية. حيث قال إن هذه المشاكل "لا يمكن حلها من أفراد يبادرون بأنفسهم في التحول إلى الحافلة بدلا من السيارة، إنه عمل خاص بالحكومات". وحقيقة أن وزراء الخارجية جعلوا من هذه القضية ضمن أجندتهم علامة على أن الطاقة في طريقها الى أن تحتل موقع الصدارة في أجندة الحلفاء الغربيين. ومثلما قال فريدلاند فإنه "إذا كان المناخ مشكلة تتعلق بالسياسة الخارجية فإن بإمكان السياسة الخارجية أن تكون جزءا من حل للتغير المناخي". ومع ذلك، فما اسميه التفكير الجغرافي، الأخضر ضمن الصياغات الاستراتيجية، هو أن تكون اللب الجديد لدول حلف الأطلسي، وعلى أوروبا الخضراء أن تصبح أكثر "جغرافية" والولايات المتحدة أكثر "خضرة". وظلت أحزاب الخضر الأوروبية تسعى إلى منح مساعيها البيئية طابعا أخلاقيا أكثر منه استراتيجيا. فعلى سبيل المثال شن الخضر الأوروبيون حملة عالمية ضد المحاصيل المكيفة وراثيا، التي ستكون مهمة جدا إذا كنا نريد أن نزرع أكثر من وقودنا، من خلال استخدام الايثانول المأخوذ من الذرة أو الديزل الحيواني المستخلص من الصويا. كذلك أجبر الخضر الألمان حكومتهم على إغلاق محطات الطاقة المنتجة نوويا قبل انتهاء عام 2021. وهذا يعني إنهاء 30% من مصادر الطاقة في المانيا. وسيكون ذلك ممتازا لو أنه تم التعويض عنها بطاقة الشمس أو الريح، لكنها على الأكثر ستعوَّض بالفحم الحجري. ويحتل اليوم يورغن هوغريف، الذي كان ناطقا باسم حزب الخضر في منطقة ساكسوني المنخفضة بألمانيا خلال الثمانينات من القرن الماضي، منصب مدير تنفيذي لشركة EnBW المتخصصة بالطاقة النووية. وقال إن "حزب الخضر كان مهما جدا في المجتمع الألماني"، حيث ساعد على تحول المجتمع ما بعد النازي إلى مجتمع أكثر ليبرالية. لكن الموقف المضاد لأي استخدام نووي كان جوهر برامج الحزب، والآن أصبح أغلبية الألمان مع أجندة حزب الخضر".

ونذكر هنا أن أحد أسباب فشل الرئيس بوش كي يصبح زعيم الغرب، هو فشله في تبني سياسة خضراء من منطلق قيادي، بينما أصبح هذا الجانب مهما جدا لحلفائنا. ولدي شكوك بأنه سيعيد النظر في سياسة الولايات المتحدة في سنتيه الأخيرتين من الحكم، لكن القضايا المتعلقة بالتغير المناخي وحفظ الطاقة، هي في حالة تصاعد وانتشار واسعين، بحيث أصبح من المستحيل تخيل خليفته مواصلا تجاهله لها. وحالما يحدث ذلك، فإنه سيكون مستحيلا تخيل العيش بطريقة خضراء بدلا من محاربة الحمر لن يصبح الرابط الموحد لحلفاء الاطلسي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف