القاعدة انتهت كمنظمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
جهاد الخازن
سوء الفهم الأميركي لما يجري في بلادنا لا يمكن أن يكون بريئاً، وأعرف أن الناس مغفلون، إلا أنني لا أصدق أنهم على هذا القدر من الغفلة.
أرجو أن يعذرني القارئ من بعض التكرار في موضوع مهم عاد الأسبوع الماضي ليطرح نفسه.
رئيس وزراء العراق السيد نوري المالكي زار واشنطن في تموز (يوليو) الماضي، وقابل الرئيس بوش، وخطب في جلسة مشتركة للكونغرس قاطعها بعض الأعضاء لأن السيد المالكي دان عدوان اسرائيل، ورفض أن يدين حزب الله.
كتبت في حينه أن رئيس وزراء العراق شيعي من حزب الدعوة، قضى أكثر سنوات نفيه في ايران، ويؤيده الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر. وقلت أن السيد نوري المالكي هو أقرب ما يكون الى حزب الله، ولا ينقصه سوى بطاقة عضوية.
وعدت الى الموضوع في 11 من الشهر الماضي بعد انتقاد رئيس وزراء العراق لأنه لا يضرب الميليشيات الشيعية، وذكرت الأميركيين بأنه من هذا الفريق العراقي قبل أي فريق آخر.
لم أكتب منتقداً السيد المالكي أو مدافعاً عنه، وإنما سجلت حقيقة نعرفها جميعاً، وتنكرها ادارة بوش، فهي ترفض ان تعرف من هو رئيس الوزراء، او تعترف، ما يعني استمرار الكارثة في العراق وتفاقمها.
الأسبوع الماضي عاد السيد المالكي ليؤكد ما نعرف جميعاً، فهو أنكر أن يكون اتفق مع الرئيس بوش على جدول زمني لتسلم العراقيين أمن بلادهم، وقال أن السفير زلمان خليل زاد "لم يكن دقيقاً في حديثه عن مواعيد محددة. وأهم من ذلك أنه رفض الرأي الأميركي أن فرق الموت الشيعية هي أكبر خطر على العراق، وقال أنه ومقتدى الصدر اتفقا على وجوب تركيز الجماعات السياسية كلها على أخطر تحد وهو القاعدة والبعثيون الصداميون"، ما يؤكد مرة أخرى موقعه داخل العراق.
أزعم أنني أكثر موضوعية من ادارة بوش والحكومة العراقية مجتمعتين، وأضيف أن فرق الموت الشيعية والقاعدة والصداميين خطر على العراق ومستقبله. غير أن النقطة التي أريد أن أصل اليها هي أن السيد المالكي يمثل فريقاً في العراق، وقناعاته ثابتة، ويجب بالتالي أن يكف الأميركيون عن محاولة إلباسه قبعة ليست له، اذا كانوا يريدون فعلاً انهاء العنف.
وعندي أمثلة أخرى:
- مجلة "فرونت بيدج" الالكترونية يمينية متطرفة تجمع بعض دعاة الحرب من أنصار اسرائيل، وقبل أيام وجدت على موقع المجلة خبراً عن "ندوة: الأسلحة النووية للقاعدة" ذكرتني بالأسلحة النووية العراقية. وكان الموضوع في عشر صفحات تجاوزت الأولى منها التي ضمت أسماء المشاركين لأجد أن أول متحدث في الصفحة الثانية يقول إن خطر هذه الأسلحة حقيقي وإن القاعدة اشترتها من الشيشان والمافيا الروسية والسوق السوداء وتجار سلاح من أوكرانيا.
أقول أن هذا كذب وقح، فلا يمكن لأفراد أن يعرفوا ما لا تستطيع معرفته أجهزة الاستخبارات في الغرب والشرق، والموضوع كله مجرد تخويف لجعل الناس تؤيد كل حرب قادمة بحجة مكافحة الارهاب.
أقول أيضاً أن القاعدة انتهت كمنظمة ولم يبقَ منها سوى فكرة تمثلها "قواعد" ارهابية حول العالم أكثرها لا يعرف.
المتطرفون الاسرائيليون سيجدون الأسلحة النووية للقاعدة عندما يجدون أسلحة صدام حسين.
- نشرت "واشنطن تايمز" المتطرفة في الأيام الأخيرة عدداً من المقالات الحقيرة، واكتفي باثنين عن حزب الله، فهي تعاني من كوابيس المقاومة اللبنانية بعد فشل اسرائيل العسكري الفاضح.
هي تقول في خبر أن "ايران وسورية تعيدان بناء حزب الله"، وتتحدث في خبر آخر عن "لعبة شطرنج مميتة لحزب الله"، فتزعم أنه يتعمد اصابة المدنيين، وهؤلاء ليسوا مدنيين اسرائيليين، بل لبنانيون.
كاتب الخبر الأول ينسبه الى نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي شاؤول موفاز، كأن هذا يمكن أن يقول شيئاً آخر. أما كاتب الخبر الثاني فهو يحاول أن يحمل حزب الله الجرائم النازية التي ارتكبتها اسرائيل بحق المدنيين اللبنانيين، وأثارت عليها غضب العالم المتمدن، وكل ما علينا هو أن نصدق أن اسرائيل اصبحت تعرف الآن ما اثبتت الحرب انها تجهله وأن مقاتلي حزب الله يضحون بأهلهم وأبنائهم.
هذه ليست أخطاء، بل مشاركة متعمدة في الجريمة الاسرائيلية بمحاولة التعتيم عليها.
وأختتم بموضوع مختلف وجهل مقصود آخر، فمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى المؤيد لاسرائيل نشر تحقيقاً عنوانه "قوانين جديدة لخلافة الحكم في السعودية: هل تصلح المشكلة".
أي مشكلة؟ هناك تاريخ شهوده أحياء، فقد جرى توارث الملك في السعودية مرة بعد مرة بعد مرة من دون مشكلة إطلاقاً وبسرعة قياسية، وكان الملك يعين ولي عهده فوراً. وقانون هيئة البيعة بمواده الخمس والعشرين يشرح نفسه بنفسه، ومع ذلك هناك من يصر على مشكلة لأن وجودها يناسبه، مع أن هذه المشكلة لم تقم عندما توفي الملك المؤسس قبل أكثر من نصف قرن، أو عندما توفي ابنه الملك فهد السنة الماضية، كما لم تقم مع كل ملك بينهما.