جريدة الجرائد

أسئلة حول المشهد الساخن في الخليج

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الإثنين: 2006.11.06


د. إبراهيم البحراوي

لننطلق ابتداءً من سؤال عريض يقول: إلى أين تتجه الاحتمالات بالمشهد في منطقة الخليج، هل إلى التسخين والتصعيد أم إلى التفاوض والتسوية؟ والسؤال يمليه التتابع بين المناورة الأميركية التي جرت في مياه الخليج بمشاركة 25 دولة للتدريب على اعتراض شحنات تحمل مكونات أسلحة دمار شامل وبين مناورة "الرسول الأعظم" الإيرانية التي دشنها إطلاق صواريخ "شهاب 3" والتي يبلغ مداها ألفي ميل.

هناك رأيان شائعان بين المراقبين يتفقان ويختلفان في آن واحد، يتفقان في أن المستقبل محكوم بالنوايا المبطنة داخل جدران البيت الأبيض، ويختلفان في استشفاف طبيعة هذه النوايا. الرأي الأول يعتقد أن الطبيعة العنيدة للرئيس بوش بالإضافة إلى الطبيعة الأيديولوجية لمجموعة "المحافظين الجدد"، سيرجِّحان نية المواجهة مع إيران بدءاً بفرض العقوبات الدولية وانتهاءً بالعمل العسكري.

أما الرأي الثاني فيرى أن الحاجة الأميركية الملحة لإيجاد استراتيجية آمنة للخروج من العراق، تتطلب التعاون مع إيران، وهو ما سيملي على البيت الأبيض نوايا مختلفة تتجه إلى التفاوض بقصد تأهيل إيران لتصبح دولة صديقة للولايات المتحدة.

إن تغليب أحد الرأيين على نحو قاطع يخرج عن نطاق ومهمة المراقبين والمحللين السياسيين، ذلك أن حديث النوايا النهائية يبقى دائماً حكراً على أصحاب هذه النوايا حتى يقرروا الإفصاح عنها وترجمتها إلى إجراءات واقعية. ولذلك فإن الممكن في تقديري، هو مجرد التلمس للاحتمالين ومحاولة تصور كافة الأجزاء الداخلة في تكوين المشهد الراهن ومستقبله.

هناك من يفسر المناورة الإيرانية على أنها رسالة إلى الولايات المتحدة حول قدرة إيران على تعطيل الملاحة البحرية إذا ما فرضت عليها عقوبات بسبب برنامجها النووي، غير أنني أعتقد أن الرسالة الإيرانية أهم من ذلك بكثير وأكبر، فهي دعوة للولايات المتحدة للحوار والتفاوض حول ما تراه مصالح مشتركة، وهذه الرسالة في تقديري هي الرسالة المرجحة في ضوء النتائج التي ترتبت على نموذج السلوك الكوري في إجراء تجربة التفجير النووي. ذلك أنه في مقدور الإيرانيين أن يلاحظوا أن سلوك الولايات المتحدة في أعقاب التفجير الكوري، بدأ ينحو إلى استئناف المحادثات السداسية مع بيونج يانج رغم فرض العقوبات الدولية، وبالتالي فإنه يمكن افتراض أن المزاج العام داخل البيت الأبيض قد يتجه إلى نفس المسلك في الحالة الإيرانية، بتجنب التصعيد العسكري والمواجهة الساخنة.

وإذا كان هذا الترجيح يتعلق بالتصور الإيراني عن رسالة المناورات، فإن الحاجة الأميركية إلى الدور الإيراني في إيجاد استراتيجية خروج أميركي آمن ومحترم من العراق يمكن أن تعزز لدى طهران تصورها بأن الولايات المتحدة ستفضل أسلوب التفاوض والتسوية معها في كل الملفات في نهاية المطاف، أياً كان المبلغ الذي بلغه برنامجها النووي.

ترى هل يمكن لهذا التصور الإيراني حول السلوك الأميركي أن يصبح النهاية الفعلية للمشهد الساخن بالمناورات في الخليج؟

ما زالت الإجابات القاطعة مستحيلة، خصوصاً إذا وضعنا في الاعتبار، أن استئناف المحادثات الأميركية- الكورية ضمن المفاوضات السداسية يستهدف إلغاء البرنامج النووي الكوري وليس التسامح مع وجوده. إنه موقف ينص على إلغاء البرنامج النووي مقابل مساعدات اقتصادية وضمانات أمنية فقط.

إن هذه الحقيقة تفتح مجموعة أسئلة حول الموقف الإيراني تقول: هل ستكون إيران مستعدة لحوار مع الولايات المتحدة يستهدف نفس الغاية التي تستهدفها المفاوضات مع كوريا، وهو إلغاء البرنامج النووي؟ وإذا كانت كوريا الشمالية ستحصل في النهاية على مقابل اقتصادي وأمني لإلغاء برنامجها، فهل تحتاج إيران من الولايات المتحدة إلى مقابل اقتصادي؟ أم أن حاجتها تتلخص في المقابل الأمني الذي يعني عدم التعرض للنظام الإيراني ورفع اسم إيران من قائمة دول "محور الشر" والدخول معها في علاقات صداقة تقوم على المصالح المتبادلة؟

ما زالت الإجابات النهائية مفتوحة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف