جريدة الجرائد

السفير ساترفيلد: الضغوط على المالكي مصدرها الشعب العراقي وليس أمريكا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عادل الدقاقي ـ تقرير واشنطن

تستمر أعمال العنف الطائفي والقتل على أساس الهوية بشكل يومي وبأرقام قياسية في العراق في الوقت الذي يجمع فيه الجميع على أن الميليشيات المسلحة أصبحت تمثل أكبر تهديد وخطر أمني يواجهه العراق، لكن المشكلة التي تحول دون التصدي بشكل فعال لتلك الميليشيات هو أنها تابعة لأحزاب سياسية ذات تمثيل كبير في البرلمان العراقي وبالتالي لها تأثير على الحكومة العراقية. وفي الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن إجراء تعديلات في الأجهزة الأمنية العراقية للتصدي لاختراق الميليشيات المسلحة لها أو ما يعرف بفرق الموت، يتم انتشال عشرات الجثث بشكل يومي وعليها آثار التعذيب وإطلاق النار على الرأس. وقد أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش عن إجراء تعديلات تكتيكية في الخطط الخاصة بالعراق للتصدي لظاهرة العنف الطائفي وتحريك المسار السياسي نحو الأمام. وللإطلاع على مضمون تلك اتعديلات أجرى تقرير واشنطن لقاء مع السفير ديفيد ساترفيلد كبير مستشاري وزيرة الخارجية الأمريكية لشئون العراق، والذي أمضى أكثر من عام ونصف في العراق وشغل منصب نائب السفير الأمريكي هناك. وفيما يلي نص اللقاء.تقرير واشنطن
السفير ساترفيلد، لقد أمضيت حوالى ستة عشر أو ثمانية عشر شهرا في العراق وعاينت عن كثب التطورات السياسية والميدانية هناك، كيف تفسر تدهور الأوضاع في العراق من سيء إلى أسوء خاصة ما يتعلق بالوضع الأمني وعملية الانتقال السياسي؟
السفير ساترفيلد
حسنا، إنه لكي يتم تثبيبت الأمن والإستقرار بشكل دائم و تحقيق السلام في العراق بهدف قيام النظام الديمقراطي الذي يرغبه المواطنون العراقيون وأعربوا عن ذلك من خلال الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات ويدعمونه ولكي يستطيع ذلك النظام الديمقراطي فعلا الإزدهار، فإنه يجب أن يتم إحراز تقدم من قبل الحكومة العراقية ذاتها قبل أي شيء آخر في ثلاثة مجالات حساسة: في المجال الأمني، وفي مجال طريقة الحكم أي المسار السياسي، وفي المجال الاقتصادي من خلال تحسين الحياة المعيشية للمواطنيين العراقيين. وفيما يتعلق بالمجال الأمني فإننا نعمل ونتعاون عن كثب من القوات العراقية بهدف تثبيت الإستقرار وبشكل خاص تثبيت الوضع في بغداد، ضد ما نعتبره وما يعتبره العراقيون تهديدا حساسا وهو العنف الطائفي وتزايد عدد الجماعات المسلحة والعصابات والميليشيات المسلحة، أيا كانت تسميتها، التي تتصرف بشكل عنيف وتقوم بقتل المواطنيين العراقيين، ويجب التعامل والتصدي لهذه القضية. غير أن الإجراءات الأمنية بمفردها لا يمكن أن ملائمة ولائقة للتطرق للوضع الأمني، إن هناك حاجة ماسة وملحة لتحقيق تقدم على الصعيد السياسي الوطني في العراق خاصة فيما يتعلق بالتسامح والمصالحة الوطنية وهي مسار يهدف إلى التواصل مع أولئك المنخرطين في العنف ويفسح لهم المجال للعودة إلى الحياة السياسية إذا كانوا مستعدين للتخلي عن أعمال العنف التي ينخرطون فيها. وهو مسار يتقدم بالعراق نحو الأمام على أساس ما وصفه السفير الأمريكي لدى العراق زلماي خليل زاد بالميثاق الوطني أو العهد الوطني. وهو أمر ضروري للغاية، وبطبيعة الحال يجب أن تكون هناك مصلحة وفائدة اقتصادية متزايدة يجنيها العراقيون من خلال تحقيق السلام، وهذا الأمر يتطلب تنمية وازدهار الإقتصاد العراقي.
تقرير واشنطن
العديد من المراقبين للشأن العراقي يقولون إن أكبر تحد يواجهه العراق حاليا هو الميليشيات المسلحة، وأن أساس المشكلة التي يواجهها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في تفكيك الميليشيات ونزع أسلحتها هو أن الجهات المسئولة عن تلك الميليشيات تشارك في الحكومة. فما هو السبيل إلى الأمام إذا؟
السفير ساترفيلد
إن السبيل إلى الأمام، مثلما أشرت في السابق، هو إحراز تقدم على صعيد التصدي عبر الإجراءات الأمنية وبدون استثناء لجميع الأطراف المسئولة عن أعمال العنف والقتل، إذ يجب ألا يكون هناك أي تسامح مع الجماعات المسلحة والعصابات والميليشيات التي تقوم بقتل واستفزاز العراقيين الأبرياء، إن ذلك يجب أن يتوقف. غير أنه يجب أن يكون في الوقت ذاته مسار سياسي آخذ في التطور، ولقد تعهدت الحكومة العراقية يتحريك المسار السياسي، ولقد تحدث عن ذلك كل من رئيس الوزراء نوري المالكي والرئيس جلال الطالباني، ويحدد المسار السياسي الطريق نحو تحقيق المصالحة الوطنية. ويجب أن يتم التقدم في نفس الوقت على الصعيدين الأمني والسياسي.
تقرير واشنطن
لقد كشف الرئيس بوش عن تغييرات تكتيكية في خطط الولايات المتحدة في العراق، وقال إن حكومته تضغط على المسئولين العراقيين للإلتزام بالأهداف التي يتعين تحقيقها، غير أنه أضاف بأنه يجب عدم تحميل الحكومة العراقية أكثر مما تحتمل. يقول العديد من السياسيين والمراقبين إن تلك التغييرات لا تتضمن أيما يكفي من القوة الإلزامية، إذا كيف يمكن ضمان إلتزام الحكومة العراقية بها؟
السفير ساترفيلد
مثلما قال الرئيس بوش، إننا في نهاية المطاف يمكننا توفير المساعدة والدعم والتشجيع، غير أن القرارات الحساسة، ونحن ندرك أنها قرارات صعبة يواجهها الشعب العراقي يجب اتخاذها من طرف الحكومة العراقية المنتخبة ديمقراطيا التي تتحمل المسئولية الرئيسية. إننا نؤمن بأن هناك قيمة عالية لقيام الحكومة العراقية بتحديد الأهداف والمراحل التي يتعين تحقيق تلك الأهداف خلالها على السعيد الأمني وعلى صعيد المسار السياسي. لقد كانت هناك خطوات هامة في السابق قطعها العراق سواء على مستوى المسار الدستوري والمسار الانتخابي، وكانت تلك الخطوات ذات قيمة عالية. ونحن نعتقد أن تحديد خطوات مماثلة ومواعيدها القيام بها على المستويين الأمني والسياسي هي مهمة للغاية في الوقت الراهن. وفعلا قامت الحكومة العراقية مؤخرا بتحديد مراحل اتخاذ بعض الخطوات السياسية، غير أنه يتعين الإلتزام بذلك. وفيما يتعلق بالعامل الزمني فإن من الواضح للغاية بالنسبة للشعب العراقي بأن هناك حاجة ملحة لتبني إجراءات عاجلة فيما يتعلق بالوضع الأمني ومشروع المصالحة الوطنية والتطرق لقضية القتل المتزايد من قبل الجماعات المسلحة وتنامي الميليشيات المسلحة، وإنه يتعين التطرق لكل تلك القضايا في أسرع وقت ممكن.
تقرير واشنطن
لقد صرح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بأن من حق الولايات المتحدة أن تغير خططها في العراق، غير أنه شدد في الوقت ذاته على استقلالية حكومته التي قال إنها مسئولة أمام الشعب العراقي الذي انتخبها، وأنها لا تتلقى تعليمات من أية جهة خارجية وأنها لن تلتزم بأية جداول زمنية مفروضة من الخارج. ما هو ردكم على تلك التصريحات؟
السفير ساترفيلد
سأجيب على ذلك بالقول إننا نحترم إعراب رئيس الوزراء نوري المالكي عن سيادة حكومته وإننا ندعم تلك الحكومة العراقية ذات السيادة. غير أنه فيما يتعلق بالضغوط والجداول الزمنية فإن الضغط الحقيقي والشعور الملح بضرورة تحديد جدول زمني ليس صادرا بالضرورة عن الولايات المتحدة بل إنه يجب أن يصدر عن الشعب العراقي، وهو نابع عن الشعور بتدهور الأوضاع على الأرض ونابع من الحاجة الملحة للتصدي لبعض التيارات السلبية للغاية كالعنف والعنف الطائفي وتنامي الميليشيات المسلحة وتراجع سلطة الحكومة، وهي ضغوط ليست صادرة عن الولايات المتحدة بل من حقيقة الأوضاع على الأرض في العراق.
تقرير واشنطن
إذا سمحت لي بالتحول إلى موضع آخر وهو موضوع متعلق بالعراق ايضا، لقد أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية بأن هناك جهودا ومباحثات مكثفة لإستصدار قرار مجلس الأمن الدولي يقضي بفرض عقوبات دولية على إيران بسبب برنامجها النووي، وكانت إيران قد حذرت مرارا من عواقب فرض أية عقوبات عليها. إن الجميع يعلم بأن إيران تدعم بعض الأطراف في العراق وأنها تستطيع التأثير على ما يجري هناك. ألم تأخذوا ذلك بعين الاعتبار؟
السفير ساترفيلد
لقد أوضحنا بشكل جلي كما أن الحكومة العراقية أوضحت أيضا بأن هناك شعورا بالقلق بشأن النشاطات المضرة التي تقوم بها إيران في العراق. إن إيران تعرب في خطابها السياسي عن دعمها لسيادة العراق ودعمها للهدف الرامي إلى إقامة عراق ديمقراطي ومسالم ومزدهر، غير أن تصرفات المسئولين في النظام الإيراني لا تعكس تلك التصريحات، وإن أحدث تصريح صدر عن الإيرانيين والذي أشرتَ إليه في السؤال يعتبر إشارة أخرى على استعداد إيران لتهديد الأمن والإستقرار في الدول المجاورة لها وفي المنطقة بأكملها، إن ذلك أمر غير مقبول على الإطلاق وهو أمر غير مقبول بالنسبة لنا نحن الولايات المتحدة وغير مقبول بالنسبة لمجلس الأمن الدولي، كما أنه غير مقبول بالنسبة لجيران إيران وبالنسبة لجيران العراق، وإنه يتعين التوقف عن مثل تلك التصرفات والتصريحات.
تقرير واشنطن
سؤال أخير السفير ساترفيلد، هل تتوقع أن تكون الأسابيع والأهشر القادمة أكثر أمنا وإستقرارا وإحراز المزيد من التقدم على المستوى السياسي في العراق أم أن الوضع سيبقى على ما هو عليه؟
السفير ساترفيلد
إننا بكل تأكيد مقتنعون بأنه من الممكن تحقيق التقدم في العراق خلال الاسابيع والأشهر القادمة، وأن من الممكن إيجاد وضعية أفضل للشعب العراقي غير أن ذلك سيتطلب قيام الحكومة العراقية بتصرفات صعبة واتخاذ قرارات صعبة لكن وبكل تأكيد يمكن القيام بذلك.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف