جريدة الجرائد

استثمروا في غزة إن كنتم...

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك



عبدالرحمن الراشد


وزير النقل زياد الظاظا في حكومة حماس الفلسطينية، دعى رجال الأعمال والشركات العربية والأجنبية الى الاستثمار في ميناء غزة التجاري. ولا بد أن الوزير إما أنه قالها من باب المزاح أو الخداع. وإلا كيف يريد استثمارا وحكومته تفاخر بنقضها للاتفاقيات، وتجوع مواطنيها باسم رفض أوسلو. كل ما تبقى الآن تهديدات كلامية من حماس ضد العدو وضرب عسكري إسرائيلي حقيقي لا يرحم.

الأوروبيون استثمروا في الميناء التجاري الموعود في غزة، وبدأت الآليات بالحفر ليكون لفلسطين أول ميناء بحري بعد أن افتتح أول مطار، وأسست أول شركة طيران في غزة أيضا. حماس والجهاد والشعبية تسابقت على إسقاط الاتفاق بالعمليات الانتحارية وصواريخ الألعاب النارية، فأعطت إسرائيل ذريعة لدك المطار وردم الميناء وتخريب كل ما حاول ياسر عرفات بناءه حتى مات مقهورا.

لذا فإن صرخة الوزير واحدة من كوابيس مبيت الكهف، فلم يدر بعد ما حدث ويحدث أو أنه يرى أن الوقت العصيب لا يمنع من السخرية والمزاح. فمن ذا الذي سيستثمر مائة مليون دولار في مشروع الميناء الذي لا يزال حفرة عميقة أمام البحر منذ اثني عشر عاما؟

أي مستثمر غبي سيضع ماله في بلد، لا تحترم فيه حماس الاتفاقيات، ولا تتورع إسرائيل عن تدمير البيوت والموانئ والبشر؟

ربما لا يدري معالي الوزير أن الدول تتسابق على المستثمرين، تحاول إرضاءهم بكل ما يريدونه من تسهيل للقوانين وتقديم الضمانات وتخفيض الرسوم وتطييب خواطرهم بحفلات العشاء وإغرائهم بالأرباح. المستثمرون العرب والدوليون الذين أبدوا استعدادهم في السنوات الماضية، لدعم المشاريع في غزة كانت مشكلتهم حينها الخوّات والفساد، وعندما سقطت فتح في الانتخابات، لم يدم فرحهم ليفاجأوا بأن الجديد لا أمانة عنده للمواثيق ولا احترام للمعاهدات الموقعة.

الحقيقة أن المال لم يكن قضية في الشأن الفلسطيني حتى أن التقرير الدولي الذي صدر قبل ثلاث سنوات، أشار الى أن السلطة الفلسطينية تملك استثمارات دولية بقيمة 600 مليون دولار في 79 استثمارا في عدد من الأسواق العالمية. وكانت أرصدة منظمة التحرير الفلسطينية في مطلع التسعينات، تقدر بأكثر من ثمانية مليارات دولار.

طبعا لم يبق شيئا من تلك الأموال حيث أوقفت الدول المانحة مساعداتها، بسبب امتناع حماس عن الاعتراف بالاتفاقيات المرتبطة بها، وتبخرت الاستثمارات فذهب من ذهب بالشاه والبعير وذهب البعض بالحكم.

أيضا الأموال والاستثمارات ليست مشكلة اليوم لو ان الأطراف الفلسطينية، لا حماس وحدها، تعهدت باحترام المواثيق الموقعة التي تحمي كل ما يتم الاتفاق عليه. فأكثر دول العالم مستعدة لأن تقدم مساعدات كبيرة وفورية، إنما ما الفائدة إن كانت تنتهي مثل ميناء غزة، حفرة كبيرة للنفايات، تبخرت معها مائة مليون دولار؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف