جريدة الجرائد

درس الصين العظيم‏!‏

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الأربعاء: 2006.11.08

دrlm;.rlm; سليمان عبدالمنعم


إن صعود الصين كقوة عظمي أصبح يثير لدي العرب حالة من السرور والبهجة والحماس وهم يرصدون الشواهد والمقدمات التي تنبئ بظهور قوة عالمية جديدة قادرة علي منافسة ومناطحة أمريكاrlm;!rlm; ويكاد العرب يستعجلون الزمن ويجهزون منذ الآن الاحتفال بالمشهد الصيني القادمrlm;!rlm; وكأنهم يعبرون في نفس الوقت عن شماتتهم في أفول القطب الأمريكي الأوحدrlm;.rlm; وتلك ملاحظة تكشف من ناحية أولي عن سخط الناس وخيبة أملهم في أمريكا كقوة عظمي كانت تمثل في عيونهم نموذجا وحلما وحارسا للحرية ومدافعا عن حقوق الإنسان فإذا بها تمارس الغطرسة ولا تتورع عن انتهاك الحقوق والحريات سواء بنفسها أو بتفويض غيرهاrlm;!rlm; ولهذا لم يكن غريبا أن يتحرق العرب شوقا للحظة تضع فيها الصين كقوة عظمي نهاية للهيمنة الأمريكيةrlm;.rlm; لكن الغريب حقاrlm;-rlm; وهنا الدلالة الثانية ـ أن العرب علي ابتهاجهم بالصعود الصيني ورغبتهم الدفينة في أفول النجم الأمريكي يؤكدون أنهم ما زالوا علي حالهم خارج حلبة التنافس الحضاري العالمي بل وخارج دوائر الفعل والتأثير في المشهد العالميrlm;,rlm; وقد اكتفوا بالانحياز والتصفيق لهذا المتنافس أو ذاكrlm;!rlm; لم يحاول العرب بعد تجاوز دور المشاهد الي دور المتنافس الذي يصعد الي الحلبة ليشارك المتنافسين الاخرينrlm;!rlm; وهو أمر محبط ومحزن يتكرر كثيرا أن يعلق العربrlm;'rlm; الفرجrlm;'rlm; المنتظر واسترداد الحقوق الضائعة علي قوي عالمية جديدة ربما تكون أكثر رحمة وعدلا من سابقتهاrlm;!rlm; دون أن يدري العرب أن المستقبل قد يخبئ لهم ما لا يعلمونه علي يد القوي الجديدةrlm;(rlm; أي قوي جديدةrlm;)!rlm;

الدرس الذي ينبغي أن نتعلمه من الصين فهو قدرتها علي مراجعة الذاتrlm;.rlm; وهي مراجعة انطلقت من الجمع بين أضلاع مثلث الدولة والمجتمع والوطنrlm;.rlm; وقد نجحت الصين في ذلك من خلالrlm;:1-rlm; تحديث دور الدولة وقد استيقظ وعيها بتغيرات العالم ومعطيات العصرrlm;2-rlm; استنهاض قوي وطاقات المجتمع بمشروع جديد يلبي احتياجات الناس وتطلعاتهم بديلا عن أي مشروع سابق ثبت إخفاقهrlm;.3-rlm; الحفاظ علي مقومات الوطن وهوية الأمة في غمار تحديث دور الدولة واستهاض المجتمع وما يمكن أن يسببه ذلك من فوضي وإغراءاتrlm;.rlm;

لكن الملاحظ والمثير للإعجاب في تجربة الصين أنها حين شرعت في مراجعة الذات فإنها رغم أخطاء الماضي وسلبياته لم تسرف في جلد الذات مثلما فعل آخرونrlm;!!rlm; ومضت تقيم تجربتها وهي تتطلع إلي المستقبل دون أن يستغرقها النظر الي الماضيrlm;..rlm; وهنا أيضا تختلف الصين عن مصرrlm;.rlm; فالحاصل أن جزءا كبيرا من الجدل حول دور مصر العربي والإقليمي مثلا يكشف عن كوننا أسري تجربة الماضي بأكثر مما ننظر الي المستقبلrlm;.rlm; فنحن ما زلنا نعتقد في استعادة دور مصر الاقليمي وفقا لنفس الرؤية والأيديولوجيا دون محاولة صياغة دور إقليمي جديد لمصر ينطلق أساسا من تقدمها الاقتصادي والتكنولوجي مصاحبا لمشروعrlm;'rlm; تكامليrlm;'rlm; عربي جديد أكثر براجماتية وتواضعا وذكاء وقابلية للحياة من التجاربrlm;'rlm; الوحدويةrlm;'rlm; التي فشلت في الماضيrlm;.rlm; إننا نعيش الحاضر ونفكر في المستقبل لكن الماضيrlm;(rlm; البعيد والقريبrlm;)rlm; مازال هو المتحكم في عقولنا وما زال الحنين الي ومضاته يشغلنا عن انكساراتهrlm;!rlm; أما في الصين فلم يعد لديهم وقت للبكاء علي اللبن المسكوب بل ولم يتجادلوا حول ما إذا كان اللبن مغشوشا أم لاrlm;!rlm; فالصين اليوم لا وقت لديها ولا يشغلها سوي العمل والانتاج وتصدير السلع والمنتجات بل وخدمات البشر ذوي
الكفاءة والانتاجيةrlm;(rlm; هناك مصانع للملابس في المغرب تستقدم عمالة من الفتيات والنساء الصينيات رغم أجورهن المرتفعة نسبيا عن العمالة الوطنية لأنهن أكثر انضباطا ومهارةrlm;).rlm;

إن الدرس العميق والبسيط أيضا في تجربة الصين ليس فقط أنها تمردت علي القوالب الجامدة التي حبست فيها نفسها بل لأنها طورت كل شيءrlm;:rlm; طورت الاشتراكية والهوية الصينية ودورها الدوليrlm;.rlm; فالصين الشيوعية جددت نظامها الاقتصادي والاجتماعي بحقن ليبرالية مثلما فعلت بعض دول شمال أوروبا حين جددت نظامها الرأسمالي بحقن اشتراكية من خلال نظم مبتكرة للعدالة الاجتماعيةrlm;.rlm; إنها مجتمعات حية يقظة تعتبر التطور قانونا من قوانين الحياة التي تجب مراجعتها مع شروق شمس كل يوم جديدrlm;!!rlm; والمدهش في تجربة الصين أنها نجحت في تجاوز ثلاثة تحديات كان واحدا منها فقط كفيلا بالحد من تطورها لعشرات السنين وهي تحديات الانفجار السكاني ومركزية الاعتماد علي اقتصاد زراعي والوقوع في أسر وإغراء أيديولوجيا تثير الأحلام بأكثر مما تقدم الحلولrlm;.rlm; ونجحت الصين في تجاوز إشكالية الانفجار السكاني لبلد تجاوز المليار وrlm;300rlm; مليون نسمة من خلال توظيف طاقة وجهد كل فرد وابتكار مشروعات ونماذج جديدة مثل مشروعrlm;'rlm; المصنع الحجرةrlm;'rlm; الذي يطبق في قري الريف الصيني ويجعل منها قطاعا منتجا ومغذيا للصناعات الرئيسية في المدنrlm;.rlm;

ثم كان انفتاح الصين علي العالم جارفا وهي التي ظلت منعزلة لمئات السنين مختبئة وراء سورها العظيمrlm;!rlm; ولم يكن انفتاح الصين تجاريا فقط أو عن طريق الاستثمار في شتي أرجاء العالمrlm;..rlm; بل كان أيضا انفتاحا علميا وفكريا كاشفا عن شهية صينية جاهزة لتذوق علوم الآخرين والاستفادة من تجاربهمrlm;..rlm; والأرقام في هذا الخصوص تسجل أنه في الربع قرن الأخير درس في الخارج ما يقرب من مليون طالب صيني ومنذ عامrlm;2000rlm; فقط يدرس في الخارج نحوrlm;120rlm; ألف طالب صيني سنويا وأنه في العشر سنوات الأخيرة سجلت الصين أعلي معدل بين دول العالم لعودة الباحثين والعلماء ممن درسوا في الخارج إلي وطنهم الأم حيث بلغت هذه النسبةrlm;97%!rlm; ما زالت الصين إذن تدهش العالم بأرقامهاrlm;!rlm; فهل يصعب علي المندهشين استخلاص الدروس والعبرrlm;!rlm;

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف