مصارعو إيران مدعوون إلى واشنطن
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
جيم هوغلاند - واشنطن بوست
ليس تغييرا في اتجاه السياسة الخارجية ذلك الذي قام به رونالد ريغان مع الاتحاد السوفياتي في ولايته الثانية. انه يشبه تزلجا على طريق ثلجي. فإدارة بوش انتقلت من الإصرار على عزل أعدائها في الخارج الى استراتيجية دبلوماسية أرفع تشتمل على التعامل المشروط مع كوريا الشمالية وايران. يمكنكم التفكير بشأن ما سمعتموه وما لم تسمعوه، ردا على قرار كوريا الشمالية المفاجئ الأسبوع الماضي المتمثل في العودة الى طاولة مفاوضات الأطراف الستة في بكين. وما سمعتموه هو استحسان من الإدارة التي أصرت في الماضي على تحقيق الوضوح الأخلاقي في السياسة الخارجية عبر عدم مكافأة الخصوم على سلوكهم السيئ. ولكن عندما قالت كوريا الشمالية إنها تريد الحوار ثانية، أصدر البيت الأبيض تقييمات متفائلة عاجلة، على الرغم من أن بيونغيانغ قامت باختبار سلاح نووي قبل ثلاثة أسابيع. وأرتاب في أن الرئيس بوش تخلى عن رأيه الذي يفسر بالأسود والأبيض الأشخاص الجيدين والسيئين في العالم. ولكن بوش وفر لوزارة الخارجية فرصة المناورة مع نائب الرئيس تشيني وآخرين في إدارته ممن يفضلون مجابهة الأشخاص السيئين عندما يكون ذلك ضروريا.
بل ان التغيير أكثر تعبيرا في ما يتعلق بإيران. فبينما تشير الحكمة التقليدية الى ان الإدارة على خطأ في عدم الحوار مع ايران، فإن الإيرانيين هم الذين يبدون اكثر معارضة اليوم للمشاركة في حوار جدي مع واشنطن. وأكدت سلسلة من الصلات العلنية والسرية بين البلدين خلال الشهرين الماضيين خطوة الإدارة باتجاه المشاركة. وعرضت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قضية المشاركة الشخصية في مفاوضات دولية رفيعة المستوى بشأن برنامج إيران النووي ما أن يتخلى الإيرانيون عن تخصيب اليورانيوم خلال فترة إجراء المحادثات. وقد نقل ذلك العرض، بناء على طلبها، الى طهران عبر مفاوضين أوروبيين بدون نتائج، وفقا لما أبلغني به دبلوماسيون معنيون. وفي سبتمبر الماضي كانت الإدارة قد أبلغت إيران، بصورة مباشرة، عن استعدادها للسماح لشركة "جنرال اليكتريك" بتصدير قطع الغيار لمحركات طائرات الخطوط الجوية الإيرانية بسبب القلق المثار حول سجل الأمان في طائرات الشركة.
وبعد أن عبرت ايران في البداية عن ارتيابها بصدق العرض، عادت برد ايجابي، وأصدرت إجازات تصدير بدون إعلان واسع يوم 29 سبتمبر. وعندما طلب علي لاريجاني، كبير مفاوضي إيران النوويين، من المسؤولين الأميركيين، على نحو مفاجئ، إصدار 150 تأشيرة دخول لأعضاء الوفد الإيراني الذي يرغب في جلبهم معه الى نيويورك للمشاركة في اجتماع مع مسؤولي الاتحاد الأوروبي أواسط سبتمبر، ظلت الأضواء منارة الى وقت متأخر في سفارة الولايات المتحدة في بيرن بسويسرا، لتلبية الطلب، قبل ان يقرر لاريجاني إلغاء الرحلة وإعاقة المحادثات. أما الصلات الأخرى، التي امتدت من زيارة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان الى طهران، حتى لقاء جيمس بيكر مع سفير إيران السابق لدى الأمم المتحدة جواد ظريف، في سياق مجموعة دراسة العراق التي يترأسها وزير الخارجية السابق، فقد مضت في سبتمبر إما بدون معارضة أو بتشجيع من البيت الأبيض.
وحفز توقف المفاوضات النووية مع إيران الإدارة على السعي الى فرض عقوبات جديدة على ايران في الأمم المتحدة. ولكن حتى ذلك، لم يمنع وزارة الخارجية من المضي في جهودها الرامية الى تشجيع الموسيقيين والرياضيين الايرانيين وغيرهم ممن لا علاقة لهم ببرنامج البلاد النووي على زيارة الولايات المتحدة. ومن المتوقع إصدار تأشيرات دخول خلال الأشهر الستة المقبلة لما يقرب من 200 مواطن إيراني، بينهم فريق من المصارعين وجهت اليه دعوة من مؤسسات لرياضة المصارعة في الولايات المتحدة للقيام بزيارة في فبراير. وقد لا تكون اصداء دبلوماسية التبادل الثقافي الرياضي في عهد ادارة نيكسون مع الصين من باب المصادفة. ولكن أليست خطوة فرض عقوبات بسبب برنامج ايران النووي تقلل من قيمة الجهد الرامي الى "ازالة حواجز صغيرة" من التباعد الذي دام 27 عاما والذي أثاره الاستيلاء على السفارة الأميركية في طهران عام 1979؟ طرحت ذلك السؤال على نيكولاس بيرنز، وكيل وزارة الخارجية، والشخص الهام في سياسة رايس الخاصة بالعلاقات الخارجية.
وقال بيرنز ان "العقوبات على برنامج ايران النووي ضرورية بشكل مطلق، ومتابعة سياسة تشجيع التبادل مع الشعب الإيراني، هي في اطار استكمال قرار العقوبات. فالصلات المتبادلة ستوفر لنا فهما أفضل للمجتمع الإيراني، ولا بد أن نشجع ذلك النمط من الاستجابة التي ستدفع ايران الى ان تصبح مجتمعا مسؤولا". والجواب معقد كما هو شأن السياسة التي يحاول بيرنز ورايس تطبيقها. وسيكون من الصعب على الإيرانيين فهم العناصر التي تتسم بالمفارقة والتناقض في تلك السياسة، حتى إذا كان جورج دبليو بوش، يبدو قد استوعبها. ولكن من الذي سيقنع حكومة الرئيس محمود أحمدي نجاد بالعودة ثانية الى المحادثات بطريقة مثمرة؟