«حزب الله» : استجابات شعورية قد تفضي الى تفسير صعوده وتبديد «الدهشة»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سيرتان شخصيتان تحاولان الاقتراب من ظروف نشأته ...
بيروت - حازم الأمين
حين يتحدث قادة وناشطون في حركة 14 آذار اللبنانية عن "حزب الله" والشيعة في لبنان هذه الأيام، يُبدون دهشة من درجة الانحياز الشيعي للحزب ومن قدرة الأخير على احتكار الصوت والتمثيل الشيعيين. يتحدثون وكأن "حزب الله" انطلق في اللحظة التي تخاصموا معه فيها، متجاهلين الكثير من الوقائع التي يصعب في ظلها على شيعة لبنان ان يكونوا مع غير "حزب الله"، وهي وقائع كان معظمهم في صلب انتاجها.
ولكن من هو "حزب الله"؟ وهل من الجائز طرح سؤال من هذا النوع؟ لا تعني هذه الـ "من هو" سعياً وراء توضيحات درج كثيرون على ايرادها في سياق عرضهم لنشأة الحزب ولتوسعه وانتشاره. انها سعي وراء اجابات جوهرية اكثر، وملبية تطلباً يتجاوز الوقائع والأرقام، واحياناً اجابات شعورية قد لا تفضي الى خلاصات محددة بقدر اشهارها أن ثمة صلة بين الأشياء لم يقاربها التفكير بعد.
من المؤكد ان "حزب الله" اليوم هو غيره في سنوات تأسيسه الأولى. والسؤال عن الانخراط الشيعي في الحزب او استيلائه على مزاج الطائفة العام يجب ألا يقتصر الجواب عنه على تفسير "حزب الله" بل يجب اعادة التفكير بالشيعة اللبنانيين بعلاقتهم بالدولة وبالجماعات اللبنانية الأخرى، حتى يتسنى لنا ادعاء اجابة عن هذه التساؤلات. ولسنا هنا في صدد ذلك، خصوصاً ان السؤال هو "من هو حزب الله؟"، وهو سؤال يجد المرء نفسه مدفوعاً للبحث عن اجابات له في ظل تعاظم "الدهشة اللبنانية" او قل الـ "14 آذارية" من الاندفاع الشيعي باتجاهه.
فـ "حزب الله" اليوم يعني بين ما يعنيه، فشل حركة 14 آذار في جذب الشيعة اليها، والمقصود بـ 14 آذار هنا ليس القوى والأحزاب التي تمثلها اليوم، انما 14 آذار كجوهر وكلحظة قرر فيها الجزء الأكبر من اللبنانيين الانخراط في حركة تغيير كان من المفترض ان تشكل حادثة مؤسسة في حال ادرك الرموز الذين انبثقوا منها معنى تلك اللحظة.
وبين ما يعنيه نفوذ "حزب الله" ايضاً اليوم علاقة لم تكن طبيعية بين الدولة والشيعة في العقدين الفائتين اسهم في ارسائها النفوذ السوري وتواطأت في تكريسه كل القوى اللبنانية التي كانت شريكة في الحكم آنذاك ومن بينها قوى في 14 آذار.
ويمكن ادراج الكثير من العناصر الداخلية والخارجية في عملية تفسير "حزب الله"، وفي صلبها طبعاً قضية الصراع العربي - الإسرائيلي وتراجع فرص السلام، ناهيك بالنفوذ الإيراني المتعاظم في المنطقة. لكن تبقى كل هذه التفسيرات خارجية، اي اننا نتعرض للحزب بعلاقته بهذه العوامل، وبتأثيرها في نشأته وصعوده، في وقت تخلو الأدبيات الصحافية من اي اقتراب من الماكينة الداخلية للحزب او من المادة الأولى التي التأمت لتؤلف انطلاقته.
نحن لا ندعي هنا اننا نقارب هذا الهدف بقدر ما نحاول ان نلقي ضوءاً على مقدمات اسست لظهور "حزب الله". نفعل ذلك من خلال سيرتين شخصيتين، ولا يعني نشرهما هنا ابداً التعميم، اذ تبقى السير لأصحابها، ومن الخطأ الفادح اعتبارها سير جماعات او احزاب. لكن هذه السير مفيدة للتذكير في اصل الأشياء او في ردها الى حقبات وأحداث سبقتها.
ومن قبيل المصادفة المحضة ان سيرتي الشخصين اللذين نحن في صددهما تمتان الى سيرتي امين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله ومساعده الشيخ نعيم قاسم بصلة. فالأول بحسب القليل الذي عرف عن نشأته ولد او نشأ في احدى ضواحي بيروت الشرقية التي كان قصدها الشيعة اللبنانيون في اواسط القرن الفائت، وهي حال السيد حسن ايضاً. والثاني بدأت علاقته بالعمل السياسي من خلال حزب الدعوة العراقي الذي كان انخرط في صفوفه عدد من اللبنانيين، وهي حال الشيخ قاسم.
تحيلنا السيرتــان، من دون شك، الى ما ذكرناه عن تلك المادة الأولى التي انعقد "حزب الله" عليها، من دون الادعاء أنهما عنصرا المادة الوحيدان.