السعوديون «لاجئون» سينمائياً في احتفالهم الرسمي بأول فيلم !
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بحضور سعودي فني وإعلامي وجماهيري وفي حفل رسمي كبير في دبي
محمد الرشيدي - الرياض
كانت لحظات تاريخية بالفعل وأنت تشهد تاريخيا لأول مرة التدشين الرسمي لأول فيلم سينمائي سعودي وذلك في مدينة دبي ..
"نحن كسعوديين " لاجئون"سينمائيا" هذا هو تعليق الإعلامي / تركي الشبانة والخبير في المجال الفضائيات، وهذه الجملة بالحقيقة معبرة بكل ما تعنيه الكلمة، وأنت تشاهد السعوديين وكأنهم "أقلية" من فنانين وإعلاميين وجمهور وهم يحتفلون بافتتاح العرض الرسمي لبوابتهم الثقافية والفنية نحو العالم، من خلال "كيف الحال" الفيلم السعودي المثير للجدل بكل تفاصيله الفنية والإعلامية والاجتماعية!!
"يا جماعة العملية كبيرة وتستحق الشكر والعرفان للأمير الوليد بن طلال وشركة روتانا، ما اعتقد فيه أي شركة تغامر بمبلغ 2مليون دولار عشان تقدم فيلما سينمائيا سعوديا لأول مرة..!!" هذا تعليق بليغ من النجم هشام الهويش بطل فيلم "كيف الحال"،وهو أي هشام منتش بهذا الانجاز والإعلاميون حوله من فضائيات وصحف، يحتفلون معه في دبي بالعرض الرسمي الأول.
في البحرين خلال أيام عيد الفطر المبارك عرض الفيلم في قاعات السينما، حضور كبير، كان من الطبيعي، لان الجميع يبحثون عن النافذة الأولى لإطلالتهم السينمائية، أما في دبي فالأمر كان مختلفا، إعلام سعودي لا يتجاوز أصابع اليدين، فنانون سعوديون لا يتجاوزون أصابع اليد الواحدة، وفيلم سينمائي سعودي "كبير" يملاء مكان العرض، ويزين اللوحات الإعلانية الخاصة جنبا إلى جنب مع إعلانات أشهر أفلام العرض العربية والعالمية التي تشهدها دور السينما حاليا بدبي، بعبارة لسنا متعودين عليها كسعوديين "كيف الحال..يعرض حاليا "!!
"الفيلم خارج المقارنة حاليا" تلك كانت إجابتي لقناتي روتانا وأبو ظبي، عندما سئلت عن موضوع مقارنة الفيلم من الناحية الفنية، وأكدت أن ذلك يعود لكون هذا الفيلم هو ميلاد لسينما سعودية تعيش الواقع "بالمفهوم الشعبي" المرتكز على تقنية إخراجية وتصويرية متقدمة، ونحن هنا لا نغفل تجارب المخرج السعودي عبدالله المحيسن ولكن هنا مع "كيف الحال" الجمهور مخاطب بشكل مباشر .
لو تحدثنا عن الفيلم من ناحية فنية، فإننا بطبيعة الحال أمام كم كبير من الملاحظات الايجابية والسلبية، فمن وجهة نظري أن العمل كإنتاج فني احتوى على مناقشة عدد من الظواهر الاجتماعية السعودية، بأسلوب مشوق دراميا، ساعد على ذلك، الاختيار الموفق لنجوم العمل وقابلية الجميع لهم،من خلال أدائهم المتقن، فنجومية هشام الهويش عربيا تجعل الفضول يتمحور حول تتبع ما سيقدمه هذا النجم السعودي الذي تقريبا اتفقنا من خلاله مع اخوتنا العرب وحقق قبولا لدى الكثيرين منهم !!
اما النجم خالد سامي فكان بالفعل متفوقا على نفسه بكل ما تعنيه هذه الكلمة، فكان حضوره داعما للفيلم بشكل ملفت، وللأمانة لم أشاهد خالد سامي منذ عرفته بالصورة الرائعة التي تابعته فيها في فيلم "كيف الحال" مع تقديري لنجومية وتاريخ خالد سامي ولكن كان بالفعل نجما ولم تكن مشاركته كما كنت أتوقع فقط إعلاميا للاستفادة من كونه ممثلا سعوديا شهيرا ومخضرما،كما كان علي السبع راقيا في أدائه، والدور الذي كان يقوم به مناسب جدا، اما النجم مشعل المطيري فاعتقد انه كرس مكانته وحضوره المميز من خلال هذا الفيلم، فعندما تشاهد النجم المطيري فأنت بالفعل تشاهد نجما يقوم بأداء دوره بإتقان وحضوره طاغ كوجه سينمائي سعودي، يعطيك بالحال مقارنة ادائه المتقن مع اداء النجوم العالميين، فالمطيري أتوقع لو اتيحت له الفرصة سيكون نجما سعوديا بمواصفات عالمية، اما طلال السدر فرغم المساحة (الاكثر من ضيقة ) التي اتيحت له الا انه كان اداؤه جذابا ومتزنا.
على الجانب الآخر نجد ان النجم محمد الصيرفي كان "الحلى" الخاص بالفيلم، فقد كان حضوره الكوميدي ملفتا وذا اطلالة رائعة، وكون مع هشام الهويش رغم مساحة الدور الذي اعطي له اقول كون معه ثنائيا من الممكن تطويره مستقبلا بشكل مميز واستثمار ذلك بشكل فني لاعتلاء مكانة مميزة على المستوى الخليجي، كما ان النجمة ميس حمدان كانت ايضا ناجحة في أدائها، وأضفت جوا من الأداء الجاد وفي نفس الوقت المرح بدورها، وكان هناك انسجام في شخصيتها مع طاقم الفيلم .
اما النجم هشام الهويش فقد كان من أول مشاركة له نجما كما هي انطلاقته، كان كوميديا وكان جادا وكان بسيطا وكان في البداية والنهاية نجما سعوديا كبيرا رغم صغر سنه وحداثة تجربته، وكذلك الحال ينطبق على تركي اليوسف الذي كان حضوره ايضا متميزا وان كان دوره جعله يدور في قالب واحد، من البداية حتى النهاية .
والحقيقة ان ذكري لهؤلاء النجوم لا ينقص مقدار جميع النجوم الآخرين المشاركين بالعمل ولكن هذا التصور الذي كتبته هو التصور الأول لما شاهدته في المرة الأولى، ولا يمنع مستقبلا ان نتحدث وبإسهاب عما قاموا به، خصوصا انهم ساهموا في أمر تاريخي وهو المشاركة بأول فيلم سعودي.
اما من ناحية المحاور الرئيسية لقصة الفيلم، فنجد ان الحبكة الدرامية للفيلم فيها خلل واضح من ناحية الربط التسلسلي لمجريات الأحداث، فمنذ الوهلة الاولى، يأتيك احساس ان البناء الدرامي لهذا الفيلم قام على مجموعة نسميها بلهجتنا السعودية الدارجة ( سواليف او حكايات) حاول من خلالها مؤلف العمل رغم انه ( غير سعودي) ان يكون ( هما اجتماعيا) تقوم على مساره خطوات الفيلم .
( العلاقات الاجتماعية داخل الأسرة، الشاب المتدين، قيادة المرأة للسيارة،طريقة الزواج داخل المجتمع السعودي، العلاقة العملية للمرأة السعودية وإخفاء شخصيتها الحقيقية في التعامل مع الإعلام، سفر السعوديين للخارج، بعض السلبيات من المتشددين دينيا، تأثير التشدد الديني على صغار التلاميذ، الكيفية التي يعيشها الشاب السعودي في حياته اليومية، غياب الاهتمام بالجانب الفني الإبداعي لدى السعوديين،وغيرها من الهموم المختلفة ).
والحقيقة أن التعامل مع جميع هذه المجريات أو الهموم بعمل واحد يشتت ذهن المتلقي ويجعله في دوامة ضعف المتابعة، لان مستوى المتابعة يتحول لديه للتفكير في مشاهد وكأنها "مجزأة" وهنا لا نستطيع لوم من قام بكتابة مجريات الفيلم، لأننا لازلنا (فقيرين) بهذه الجوانب، وأنا هنا أتذكر، كيف كان احد الشعراء اللبنانيين يتحدث معنا مع مجموعة من الإعلاميين العرب، في انه كتب "نصا او فقرة" إعلانية لا تتجاوز العشرين كلمة وبمبلغ " 5000دولار"يعني تقريبا كل كلمة "بألف ريال"!!.
لكن الفيلم بصراحة تضمن "هفوات" فنية استغرب ان تكون قد مرت على المسئولين بالفيلم، فمن الناحية الفنية التصوير السينمائي للفيلم يجعلك تتخيل ان طاقم إخراج الفيلم كانوا يتأثرون بشكل كبير بالأفلام الإعلانية، فروح تصوير الأفلام الإعلانية كان طاغيا على مجريات تصوير العمل، كما ان الرسالة التي كانت حول قيادة المرأة للسيارة وأهميتها ضعيفة ومستهلكة نوعا ما تصويريا، حتى في تعامل الشرطة مع قيادة ميس حمدان للسيارة أثناء نقلها لوالدها للمستشفى، فردة الفعل كانت في الفيلم باردة حتى أسلوب الحوار كذلك، رغم ان عكس ذلك يتم لو حصل هذا الأمر داخل المجتمع!!
كما ان اختيار بعض الشخصيات في تجسيد اللهجة السعودية لم يكن موفقا، فتلاحظ داخل قاعة السينما تعليقات السعوديين على بعض الممثلين، وكأنك تشاهد شخصية "الشيخ عدنان " للنجم ناصر القصبي .
الحديث يطول ويطول ولكن الأجمل انك كأنك تتحدث عن "حلم" فيلم سينمائي سعودي لأول مره، نجوم سعوديون وإعلام مكثف يحيط بهم، وبلد لا يوجد به مكان او اعتراف بهذا النشاط الإبداعي، فيصبح الحلم بالفعل (أحلام) ولكن أحلام جميلة وشخصيا لا يمكنني رغم حضوري للكثير من المناسبات الفنية والثقافية داخل المملكة وخارجها ان انسى "كيف الحال" واردد "يا سيدي كيف الحال"!!