رئيس منظمة بدر العراقية: أميركا وبريطانيا تحاولان إفشال مشروع الأقاليم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دعا الى عدم تحميل السنّة وزر "جرائم صدام حسين" ...
لندن - جعفر الأحمر
قال رئيس منظمة بدر رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي هادي العامري في حديث الى "الحياة" في لندن، ان التحدي الأبرز الذي يواجهه العراق هو "الارهاب" وليس التوتر الطائفي، محذراً من ان "الأمن لن يتحسن ما لم تتسلم القوات العراقية الملف الأمني من القوات الأميركية".
واتهم العامري السفارتين الأميركية والبريطانية في بغداد "بمحاولة افشال مشروع تشكيل الأقاليم" بالضغط على ممثلي السنّة الذين امتنعوا عن حضور جلسة البرلمان التي أقرت المشروع. وشدد على ان "الائتلاف العراقي الموحد" يصر على ابقاء الموارد الطبيعية، وعلى رأسها النفط، تحت سيطرة الحكومة المركزية لضمان وحدة العراق وتوزيع عادل للثروة بين أبنائه.
وأقر بوجود "أزمة ثقة" بين الاطراف السياسية، اضافة الى "خوف متبادل"، ودعا الى عدم تحميل السنّة وزر جرائم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.
حدد هادي العامري "اسباباً عدة للتدهور الأمني في العراق، أهمها اثنان: الأول عدم تولي القوات العراقية الملف الأمني الذي تتولاه القوات الأميركية بموجب قرار مجلس الأمن 1546 الذي يمنح قوات التحالف هذه الولاية. والثاني عدم اكتمال بناء القوات العراقية بالشكل المطلوب حتى الآن، اضافة الى أسباب أخرى، منها الدعم الكبير جداً من بعض دول المنطقة للعنف في العراق تحت عناوين عدة منها مقاومة الاحتلال، علماً بأن الهدف الحقيقي هو افشال المشروع الأميركي في الشرق الأوسط حتى لا تصل رياح التغيير الى هذه الدول، والوقوف في وجه المد الإيراني داخل العراق، وأخيراً لدعم السنّة الذين يتعرضون الى ظلم واضطهاد على يد الشيعة، فضلاً عن فتح الحدود وضعف القضاء أدت الى زيادة تعقيدات على الوضع الأمني".
ولفت الى ان "سيادة العراق على أراضيه وقواته المسلحة سيادة نظرية فقط، فالملف الأمني ما زال بيد القوات الأميركية التي ارتكبت الكثير من الأخطاء أدت الى تفاقم التدهور الأمني".
وقال ان قوات الاحتلال سمحت بعملية سياسية وبناء قوات أمن عراقية، لكنها سعت الى وضع ضوابط وقيود على هذه العملية. "وبصراحة أقول ان قوات الاحتلال كانت ترغب ببناء جيش عراقي على غرار ما هو موجود في تركيا وباكستان، ولذلك يعاني الجيش العراقي من نواقص كثيرة في العتاد والتدريب والأمور اللوجستية والادارية، وإضافة الى عدم تلقي قوات الأمن العراقية الإعداد الكافي من الأميركيين فانها تتعرض الى اتهامات ظالمة، في كثير من الأحيان، من سياسيين عراقيين. فإذا شنت عملية في منطقة شيعية، يقال ان لها علاقة بالارهاب، واذا هاجمت منطقة سنية تتهم بأنها مرتبطة بميليشيات شيعية كجيش المهدي أو منظمة بدر".
ورأى ان "العلاج الحقيقي للتدهور الأمني هو ان تتولى الحكومة العراقية الملف الأمني. وهذا اتُفق عليه في المجلس السياسي للأمن الوطني الذي اتخذ ثلاثة قرارت باجماع كل الكتل السياسية الممثلة في هذا المجلس:
أولاً، ان يكون الملف الأمني بيد رئيس الوزراء، بصفته القائد العام للقوات المسلحة.
والأمر الثاني ضرورة ان يكون بناء هذه القوات بيد الحكومة، وإلا سنبقى نمدد سنوياً لبقاء القوات المتعددة الجنسية بحجة عدم اكتمال بناء القوات العراقية.
والأمر الثالث تسليم المهمات الأمنية في المحافظات الهادئة نسبياً الى القوات العراقية".
والمجلس السياسي اشترط اضافة هذه التعديلات الثلاثة على قرار مجلس الأمن 1546 الذي يشرع وجود القوات المتعددة الجنسية في العراق لتمديد بقائها في هذا البلد".
وتابع: "اذا استطعنا كعراقيين تولي الملف الأمني، وبناء قواتنا المسلحة، يمكن حينها توجيه كل الجهود باتجاه بغداد وديالى بالتزامن مع توقيع ميثاق سياسي بين كل الأطراف السياسية، مثل وثيقة العهد التي وقعت في مكة نهاية شهر رمضان الماضي، والاحزاب السنية المشاركة في العملية السياسية، اذ ان معظم السنّة يؤيدون هذه الفكرة ويدعمونها. فالسنّة يعانون كما يعاني الشيعة من عمليات عنف من المتطرفين من الجانبين" وأكد ان "السبيل الوحيد لوقف هذا النزيف هو التوافق السياسي وتولي العراقيين الملف الأمني ودعم الحكومة والسيطرة على الميليشيات".
ميليشيا شبه رسمية
واتهم العامري، وهو رئيس "منظمة بدر" التي كانت تعرف بـ"فيلق بدر" التابعة لـ"المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" قبل تحولها الى منظمة سياسية، القوات الاميركية بـ"تضليل الرأي العام في موضوع الميليشيات، والزعم بأنها تقتصر على "منظمة بدر" و"جيش المهدي" لتابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، علماً بأن هناك ميليشيات كثيرة في العراق أهمها نوعان: ميليشيا تابعة لأحزاب سياسية وأخرى شبه رسمية"، مشيراً الى ان أخطرها هو الثانية، موضحاً وجود 33 ميليشيا تابعة لـ 33 وزارة عراقية يبلغ عدد عناصرها 150 ألفاً لا يخضعون لسيطرة القوات الأميركية ولا الحكومة العراقية، بل للوزارة والوزير المختص، علماً أنهم يمتلكون أسلحة ورخص حملها وسيارات". وأوضح ان "هذه الميليشيا تعرف باسم "وحدة حماية المنشآت" (اف بي اس) أُنشئت بأمر من الحاكم الأميركي السابق بول بريمر، وباتت ميليشيا خطيرة". وأكد العامري امتلاكه، بصفته رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي "معلومات دقيقة تشير الى ان الكثير من هذه العناصر متورط في عمليات العنف الطائفي، من خطف وتعذيب وقتل، تستهدف سنّة وشيعة على السواء"، مضيفاً ان "لدينا أدلة على تورط بعض عناصر حماية الشخصيات السياسية في هذه العمليات". وأوضح ان "الائتلاف العراقي الموحد" طرح مشروع قرار باحالة هؤلاء العناصر على وزارتي الداخلية والدفاع"، متهماً الأميركيين بممارسة ضغوط على الحكومة العراقية بالحديث عن ميليشيا "جيش المهدي" و"بدر" فقط متجاهلين وجود ميليشيات أخطر.
ونفى الاتهامات الموجهة لعناصر "بدر" بارتكاب جرائم ضد المدنيين العراقيين، وطالب "الذين يتهمون بدر بالدليل ونحن مستعدون لتقديم كل من تثبت ادانته الى المحكمة"، موضحاً ان "فيلق بدر" تحول الى منظمة سياسية باسم "منظمة بدر". ولفت الى ان "حل مسألة الميليشيات يتطلب تفعيل القرار 61 الذي وضعه بريمر وأقرته الحكومة السابقة برئاسة اياد علاوي".
وعن العلاقة الوثيقة بين "منظمة بدر" وايران، قال العامري ان "هذه العلاقة تعود الى سنوات طويلة خلال النضال ضد نظام صدام حسين، حيث كانت ايران الدولة الوحيدة التي استقبلتنا، ولو استقبلتنا دولة عربية واحدة في الماضي لكنا ذهبنا اليها".
ورفض التشكيك بولاء شيعة العراق الى بلادهم، أو اعتبارهم أدوات لإيران. وقال: "التشكيك بالأصول العربية لشيعة العراق هو تشكيك بهوية العراق العربية، لأنهم يمثلون غالبية سكان هذا البلد". وناشد الدول العربية "المشاركة في بناء العراق وأخذ دورها الطبيعي في مساعدة العراقيين". ودعا في الوقت نفسه الى "عدم تدخل الدول المجاورة في الشؤون الداخلية للعراق، كما نرفض التدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول".
غياب الثقة
ولفت العامري الى وجود أزمة ثقة في العراق موضحاً: "لا نريد ان تتكرر المعادلة الظالمة ونرفض العودة الى الوراء. هناك خوف مشروع لدينا. فالذاكرة طرية على المقابر الجماعية والاعدامات وتجفيف الأهوار. كما لدى الأكراد خوف مشروع أيضاً من تكرار مأساة حلبجة والأنفال. كما ان لدى السنّة خوفاً مشروعاً، اذ يطالبون بعدم تحميلهم وزر جرائم نظام صدام ضد الشيعة والأكراد، لا سيما ان الكثير من السنّة تعرضوا الى القتل والاضطهاد من النظام البائد". وتابع "لذلك، دعونا السنّة الى الوقوف معنا ضد العمليات الارهابية التي يرتكبها التكفيريون والصداميون وتستهدفنا جميعاً سنة وشيعة".
ولفت الى ان "بناء الثقة أمر مهم جداً. وهذا لا يتم في يوم أو اثنين. وعلى رغم ذلك، واذا تم التوافق، ولم يتم حل مسألة الصلاحيات الأمنية فلن يتحسن الوضع الأمني، لأن مفتاح الحل بيد صاحب القرار. واذا بقي هذا القرار بيد القوات الأميركية فلا داعي ولا جدوى من تقارير وتسريبات صحافية أو تصريحات السفير خليل زاد أو كوندوليزا رايس أو دونالد رامسفيلد باعطاء المالكي مهلاً زمنية وتحذيره من اجراء تغييرات اذا لم ينجح في تحقيق الأمن. فالأميركيون هم أصحاب القرار الأمني، وهم يتحملون، بالتالي، مسؤولية كل الدماء العراقية من سنة وشيعة التي تسيل على أرضنا. وهناك إجماع على هذا الأمر في المجلس السياسي للأمن الوطني، المؤلف من 18 شخصية ويضم رؤساء الجمهورية والوزراء والبرلمان ونوابهم، ورؤساء الكتل السياسية في البرلمان".
تقسيم العراق
وحذر العامري من "وجود مشروع لتقسيم العراق"، مشيراً الى ان "بعض المناطق الشيعية تتعرض الى عمليات ارهابية فتستنجد بالقوات العراقية، فترد وزارة الداخلية بأن هذه المنطقة خارج نطاق سيطرتها، وكذلك وزارة الدفاع، فيما تمتنع القوات الأميركية عن التدخل، فيحاول عندها سكان هذه المنطقة الدفاع عن أنفسهم، فتستنفر القوات الأميركية وتطلق النار على السكان. والأمر نفسه يتكرر في المناطق السنية حينما يهب السكان للدفاع عن أنفسهم ضد الارهابيين فتعمد القوات الأميركية الى تجريدهم من السلاح"، مشيراً الى ان "وجهاء من السنة اجتمعوا مع رئيس الوزراء بحضور السفير الأميركي زلماي خليل زاد طالبين مدهم بالسلاح لمواجهة الارهابيين ففوجئوا برفض الأميركيين، بل ان القوات الأميركية جردتهم من أسلحتهم، وفي اليوم التالي تعرض هؤلاء الى هجوم من الارهابيين".
وعلى رغم انتقاد العامري أداء القوات الأميركية الا انه استبعد رعايتها الارهاب في العراق، متهماً اياها بـ"التخبط" مشيراً الى ان "من اجل مشاركة السنّة في الدستور ثم الانتخابات وبعدها لضمان مشاركتهم في حكومة الوحدة الوطنية كان الأميركيون يطلبون من وزارتي الدفاع والداخلية العراقيتين وقف عملياتهما الأمنية في بعض المناطق السنية، ما أدى الى اعتقاد الارهابيين بنجاحهم في فرض برنامجهم من جهة واعادة بناء أنفسهم من جهة ثانية".
وأكد العامري "وجود مصلحة للوبي الصهيوني في عدم استقرار العراق ويهمه اشاعة الارهاب من أجل السعي الى تقسيم العراق".
ورداً على سؤال عن تراجع خطوات بناء الثقة كاقرار مشروع تشكيل الأقاليم (الفيديرالية) وتأجيل اقرار التعديلات الدستورية أوضح العامري ما جرى قائلاً: "جرى الاتفاق في لجنة كتابة الدستور على نص تشكيل الأقاليم. وفي اللحظات الأخيرة طلب ممثلو السنة في اللجنة اجراء تعديلات تتضمن تأجيل اقرار آلية تشكيل الأقاليم، فتم ذلك ونص الدستور على وجوب تشريع برلماني لتشكيل الأقاليم علماً بأن الأمر لم يكن بحاجة الى تشريع برلماني. ولأجل ضمان مشاركة السنة في العملية الدستورية تم الاتفاق على اضافة المادة 142 لاعادة النظر بمواد الدستور اضافة الى النص على وجوب اجراء تشريع قانوي في البرلمان على آلية تشكيل الأقاليم".
وأضاف "نحن، في الائتلاف العراقي الموحد، لم نكن في البداية متحمسين كثيراً لمشروع الفيديرالية لكننا كنا نصر على ان يحكم العراق بنظام سياسي واحد. لكن بعض قادة السنة كانوا يمارسون نفاقاً سياسياً، اذ كانوا يبلغون الأكراد بموافقتهم على الاقليم الكردي بكل الصلاحيات، فيما كانوا يرفضون في مفاوضاتهم معنا هذا الأمر، معتبرين ان ذلك يؤدي الى تقسيم العراق وهيمنة ايران". وتابع ان "عبد العزيز الحكيم أصر حينها على ضرورة تشكيل نظام سياسي موحد لكل العراق، وأبلغ قادة السنة بموافقة الائتلاف على أي اقتراح منهم بهذا الخصوص: نظام مركزي، أو لامركزي، أو فيديرالي، أو كونفيديرالي. فكان جوابهم الرفض".
وأوضح ان "الائتلاف، وبمشاركة حميد مجيد وممثلين عن الأكراد، بذل جهوداً كبيرة مع ممثلي السنة، وتمت تلبية كل مطالبهم، خصوصاً شرطي تأخير تنفيذ اقامة الأقاليم 18 شهراً، أي الى ما بعد انتهاء لجنة مراجعة الدستور من عملها (سنة تنتهي بنهاية اكتوبر المقبل) ووجوب مشاركة نسبة 50 في المئة من الناخبين في الاستفتاء في كل محافظة". وأضاف "وعلى رغم ذلك، وفي يوم التصويت في البرلمان لم يحضر ممثلو السنة"، وعزا الأمر الى "تدخل العامل الدولي في محاولة لافشال مشروع تشكيل الأقاليم"، موضحاً ان "التدخل السافر للسفارتين الأميركية والبريطانية كان السبب الرئيسي وراء معارضة ممثلي السنة مشروع الأقاليم" مشيراً الى "تدخلات أخرى لدى رئيس البرلمان محمود المشهداني أيضاً لعدم عقد الجلسة أو ترؤسه لها" الأمر الذي ربما يفسر الحملة التي شنت عليه لاحقاً من قيادات سنية.
وبخصوص كركوك وغيرها شدد على ان "الائتلاف يصر على ان تبقى الموارد الطبيعية، وعلى رأسها النفط، بأيدي الحكومة المركزية وتوزع الايرادات على كل الشعب العراقي" معتبراً ذلك "صمام الامان لوحدة العراق وتأمين مصالح كل أبنائه".
واعتبر استقالة وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد "أمراً طبيعياً نتيجة ارتكاب الولايات المتحدة أخطاء استراتيجية في العراق أدت الى زيادة معدل العنف" موضحاً ان سياسات واشنطن ومواقفها في العراق أخافت معظم دول الجوار، خصوصاً مع اعلان واشنطن ان رياح التغيير ستصل الى كل دول المنطقة، فأخافت هذه التصريحات سورية وايران ودولاً أخرى، واجتمع بعض هذه الدول على دعم المسلحين لأهداف مختلفة بينها اشاعة عدم الاستقرار لإفشال المشروع الأميركي الذي يمكن ان يهدد، في حال نجاحه في العراق، أنظمة مجاورة".