العراق في المقدمة والمركز
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جيمس زغبي
تعتبر هذه الانتخابات الأمريكية بالنسبة للكثير من الأمريكيين بمثابة استفتاء على حرب العراق وأولئك الذين قادونا إليها.
كان العراق حتى آخر مرحلة في التحضير للانتخابات في مقدمة تفكير الناخبين، وأظهرت استطلاعات الرأي أن العراق هو أهم قضية تقرر كيفية تصويتهم. وبفارق كبير ومتزايد، فإن الناخبين غير راضين عن طريقة تعامل الرئيس بوش مع الحرب.
وبالرغم من الادعاء بعكس ذلك، فإن البيت الأبيض يعرف منذ البداية أن العراق ليس قضية رابحة. ولذلك فقد حاول المسؤولون الأمريكيون تحويل الانتباه إلى قضايا أخرى تهم الناخب الأمريكي. لكن تسريب تقرير حول التقييم الاستخباراتي الوطني جاء فيه أن العراق أصبح سبباً لاحتفال الإرهابيين، ونشر كتابين حققا رواجاً واسعاً حول إخفاقات الإدارة الأمريكية وأكاذيبها في الحرب، والعنف المتزايد في العراق، اجتمعت لتحافظ على العراق في المقدمة والمركز.
وعندما لم يمكن مسؤولي البيت الأبيض تغيير الموضوع، كانوا يلعبون لعبة تغيير الطريقة التي كانوا يتحدثون فيها عن العراق.
في البداية رفعوا شعار "الثبات على النهج"، الذي قارنوه مع ما سموه موقف الديموقراطيين في "الهروب من وجه العدو". في الحقيقة، على أية حال، ثبت أن ذلك الشعار كان إشكالياً، علاوة على كونه زائفاً. في الواقع، منذ بداية الحرب، والإدارة الأمريكية تغير أساليبها وأهدافها في العراق. فمن ناحية، لم يكن هناك "نهج" ملموس لـ"الثبات" عليه. وما هو أكثر أهمية، فإن "الثبات على النهج" أصبح عبئاً. عندما يعبر ثلث الناخبين تقريباً عن عدم رضاهم عن إدارة الحرب، فإن الوعد بـ"الثبات على النهج" يعتبر "قبلة الموت الانتخابية".
وهكذا تخلت الإدارة قبل الانتخابات بأسبوعين عن شعار "الثبات على النهج" وتم استبداله بشعار "الالتزام بالتأقلم" والمرونة.
ما تشير إليه جميع هذه الألاعيب الكلامية هو أن الحرب تسير بشكل سيئ، وأن الإدارة الأمريكية تحاول جاهدة لإيجاد طريقة لتعليب وتسويق فشلها كما سوقوا الحرب في البداية. وفي سعيهم لفعل ذلك، فإنهم يتخبطون في كل من الحرب نفسها وفي الجبهة الداخلية.
في العراق، تتكرر الأساليب الأمريكية الفاشلة. فشلت الحرب في الأنبار، وكذلك محاولات إخضاع بغداد. الانتخابات العراقية التي تم الحديث عنها بشكل واسع وتشكيل حكومة ائتلافية نتج عنها شلل وتحد.
البعض في واشنطن يقترحون الآن دعم ظهور رجل عسكري قوي على غرار صدام حسين.
ربما كان كل هذا مسرحية هزلية ساخرة، لولا أنها قاتلة ومأساوية لدرجة كبيرة. مع الأسف، معظم قادة الديموقراطيين ليس لديهم الكثير ليضيفوه إلى هذا النقاش. أكثر فكرتين منتشرتين هذه الأيام هما: إما تشكلان خطورة أو غير ذواتي فائدة. خطة التقسيم هي إحداهما، ولكن كما كتب السفير العراقي السابق في الولايات المتحدة مؤخراً في واشنطن بوست، فإن التقسيم القسري، بدلاً من أن ينهي العنف، فإنه سيزيد من سوء الوضع الحالي. ولن يعجل التقسيم بحدوث حرب أهلية فقط، بل إنه قد يهدد بنشر الصراع إلى المنطقة بشكل أوسع. الاقتراح الآخر المطروح يتبنى "انسحاباً على مراحل للقوات الأمريكية مرتبطاً مع متطلبات تتعلق بأداء الحكومة العراقية وقواتها الأمنية. هذا الاقتراح أيضاً محكوم عليه بالفشل، لأن الحكومة العراقية ضعيفة ومنقسمة على نفسها لدرجة لا تسمح لها بالأداء كما هو مطلوب. المجموعات المتنافسة التي تشكل الحكومة في بغداد هي نفسها جزء من مشكلات البلد، لأن كل مجموعة لديها ميليشيات يشتبه أن تكون وراء الكثير من أحداث العنف الطائفي.
ولكن يجب ألا يفهم هذا على أنه لا توجد فرصة للحل.
المشكلة أن أساليب الإدارة واقتراحات الديموقراطيين تشترك جميعها أحادية الجانب وافتراضية، وتظهر جهلاً بالواقع العراقي، بالإضافة إلى الحرب نفسها. إن ما هو مطلوب هو أسلوب أكثر تعددية دولية، ويشمل دول المنطقة أيضاً، لكن ذلك لا يتم نقاشه بشكل فعال. منذ عام ونصف تقريباً، تم تقديم اقتراح منطقي بهذا الخصوص، بأشكال مختلفة، من السيناتور الجمهوري تشوك هاجل والديموقراطي جون كيري. من بين نقاط أخرى، دعا الرجلان إلى إشراك جيران العراق في كيان أمني إقليمي يتم إنشاؤه تحت رعاية الأمم المتحدة أو الناتو "وبهذا تتم إزالة الولايات المتحدة كلاعب أساسي".
ومع أن هذا الأسلوب تم تجاهله بشكل كبير من قبل الحزبين، إلا أن عدداً من المرشحين الديموقراطيين للكونجرس خاضوا الانتخابات على خلفية هذا الموقف.
وهكذا فإننا حالياً في موقف غريب. من ناحية، تعتبر هذه الانتخابات استفتاء على الحرب وطريقة تعامل الإدارة معها، ولكنها تعتبر تصويتاً بعدم الثقة أكثر منها خياراً واضحاً بين بدائل.
ووصل الأمر بالإدارة الأمريكية، بسبب وعيها لخطورة خسارتها في الانتخابات، إلى أنها أعلنت في الأيام الأخيرة قبل الانتخابات بشكل سافر وهستيري أنه إذا فاز الديموقراطيون فإن "الإرهابيين يفوزون وتخسر أمريكا".
ورغم كل هذا، نجح الديموقراطيون في السيطرة على مجلس الممثلين في الكونجرس، لكن يجب تقديم ملاحظة تحذيرية إلى العالم العربي. سيجلب فوز الديموقراطيين تغييراً، لكن هذا التغيير لن يكون كبيراً إلى الدرجة التي يأملها البعض "أو يخشاها آخرون".
في الواقع، سيكون هناك أثر مباشر قليل على طريقة سير الحرب، وسيكون لتقرير بيكر - هاملتون أثر أكبر إذا قررت الإدارة تطبيق مقترحاتهما.
لكن المنطقة التي سيحدث فيها الانتصار الديموقراطي تغييراً هي منطقة المحاسبة. وربما سيشبه ذلك ما حدث في آخر سنتين من ولاية رونالد ريجان في جلسات الاستماع والإدانات التي كانت تتعلق بفضيحة "إيران - كونترا".
ستكون هناك تحقيقات في أسباب الفشل الاستخباراتي والمعلومات المضللة التي استخدمت لتسويق الحرب. وسيكون هناك تحقيقات في إخفاقات التخطيط في مرحلة ما قبل الحرب والأخطاء التي ارتكبت أثناء تنفيذ الحرب، وكذلك في إنفاق مليارات الدولارات بلا داع.
إن الكونجرس الذي يسيطر عليه الديموقراطيون سوف ينتج أيضاً درجة من الكبح لأي مغامرات أحادية في المستقبل.
ربما سنحصل على إجابات لبعض الأسئلة، ولكن ليس أكثر من ذلك. لا تخطئوا في الأمر، عندما يأتي عام 2008، فإن الحرب الكارثية ونتائجها المدمرة ستكون ما تزال معنا، وستكون ما تزال بحاجة إلى نقاش حقيقي وحل حقيقي.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف