جريدة الجرائد

وزير خارجية اليمن القربي: لا تطبيع مع إسرائيل إطلاقاً

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الأربعاء: 2006.11.15

يؤكد الاستعداد لمؤتمر المانحين

حاوره في صنعاء: صادق ناشر، الخليج


يبدي المسؤولون اليمنيون اهتماماً كبيراً بمؤتمر المانحين الذي سيعقد منتصف الشهر الجاري في العاصمة البريطانية لندن ويعلقون عليه آمالاً لمساعدة اليمن في تأهيل اقتصادها لتصبح قريبة الانضمام إلى محيطها الخليجي.

ويقول وزير الخارجية والمغتربين الدكتور أبوبكر القربي إن التحضيرات للمؤتمر استكملت من قبل الجانب اليمني ودول مجلس التعاون، الداعم الأكبر لليمن في مؤتمر المانحين في المؤتمر الذي عقده وزراء دول مجلس التعاون ووزير الخارجية اليمني في العاصمة صنعاء الأسبوع الماضي.
ويوضح الوزير القربي في حوار شامل مع ldquo;الخليجrdquo; أن الحكومة اليمنية بدأت بإجراء إصلاحات قانونية لمواءمة قوانينها مع قوانين دول مجلس التعاون الخليجي، مشيراً إلى أن الإصلاحات تعد مدخلاً مهماً في قضية تأهيل اقتصاد البلاد.
وتناول الوزير اليمني قضايا تخص الوضع الداخلي، بخاصة نشاط تنظيم القاعدة والإجراءات التي اتخذتها الحكومة للحد من هذا النشاط، بالإضافة إلى اعتقال عدد من الأجانب كانوا يقومون بتهريب أسلحة إلى الصومال. ويشير إلى أن الوضع الملتهب في الصومال يقلق اليمن، ويقول إن بلاده يهمها استقرار الوضع في الصومال بعد التطورات التي شهدتها الأراضي الصومالية وسيطرة المحاكم الإسلامية على المزيد من المناطق التي كانت تحت سيطرة أمراء الحرب الصوماليين، واعتبر القربي أن من يحكم الصومال هو شأن صومالي في المقام الأول، لكنه قال إنه يجب من يحكم الصومال أن يحكمه من منطلقات إدراكه لعلاقات الصومال بدول الجوار وأن يدرك أن حكمه للصومال يجب أن ينطلق من إرادة صومالية في المقام الأول، وأن يكون أساسا لتعزيز الاستقرار في المنطقة.
وأكد الوزير اليمني أن رؤى اليمن تتقاطع مع الرؤية الأمريكية بشأن العراق، وقال إن هناك قضايا قد يختلف عليها الأمريكيون بشأن العراق لكنهم لن يختلفوا على قضية السيطرة على ثروات العراق، وقال إن الحكم بإعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين ربما يقسم الشعب العراقي في المستقبل.
وتطرق الدكتور القربي إلى العديد من القضايا المتصلة بالوضع في فلسطين والمشهد العربي، بالإضافة إلى التطبيع مع الدولة العبرية، وتالياً نص الحوار:
ما هي آخر التحضيرات والاستعدادات لمؤتمر المانحين، وهل هناك مؤشرات لدعم دولي كبير لليمن؟
التحضيرات للمؤتمر مكتملة من الناحية الفنية، كافة الوثائق التي ستقدم إلى المؤتمر والتي قامت وزارة التنمية والتعاون الدولي بتجهيزها أصبحت الآن مكتملة، وأتصور أن هناك مجموعة من المؤشرات الإيجابية في هذا المجال، منها الاجتماع المشترك لوزراء خارجية دول مجلس التعاون مع وزير الخارجية اليمني الذي عقد في صنعاء الأسبوع الماضي، والذي أظهر أن دول مجلس التعاون تنظر بجدية إلى قضية تأهيل اقتصاد اليمن، وإسهامها في الخطة الخمسية الثالثة للتنمية يعتبر التزاما يعبر عن الإرادة السياسية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي.
ولا شك أن ما دار في اجتماع صنعاء يصب في اتجاه يمكن أن يوفر لليمن تغطية للفجوة التمويلية للخطة الخمسية التي تنفذها الحكومة.
على الجانب الآخر الحكومة البريطانية التي تستضيف هذا المؤتمر متحمسة وبذلت جهودا في هذا الإطار مع عدد من الدول لضمان التمثيل العالمي في المؤتمر كما أن الولايات المتحدة أبدت من جانبها اهتماما لدعم اليمن..
هل نلقى التجاوب والحماس نفسه بين دول مجلس التعاون لدعم اليمن في مؤتمر المانحين، أم أن هناك تفاوتا في هذا الجانب؟
لا أشعر أن هناك تفاوتا، لكن بكل تأكيد أن كل دولة من دول مجلس التعاون تختلف في برامجها لتقديم الدعم التنموي الخارجي، وبالتالي لا نتوقع أن تقدم كل دول مجلس التعاون نفس الدعم لليمن.


لا زمن محدداً
هل هناك مدة زمنية تعتقدون فيها أن اليمن أصبحت مؤهلة للالتحاق بدول مجلس التعاون الخليجي؟
إذا نظرنا بشكل موضوعي إلى تأهيل الاقتصاد اليمني فلا يستطيع أحد أن يحدد الآن فترة زمنية محددة بعشر أو خمس عشرة سنة، لكنني أعتقد أن المهم هو وجود إرادة من الجانبين اليمني والخليجي، على أن يتحقق ذلك في نهاية المطاف.
لذلك فإن الفترة الزمنية ومداها سيتحدد من مدى التزام الأطراف في تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه في تأهيل الاقتصاد اليمني وفيما يقدمونه من دعم في هذا الجانب، وهذه القضية أصبحت مسؤولية الجانبين اليمن ودول مجلس التعاون.
هل تلبي الإصلاحات التي بدأت بها اليمن المطالب الخليجية للمواءمة بين الجانبين اليمني والخليجي؟
المواءمة في هذا الجانب تتطرق إلى جانبين، الأول مواءمة القوانين، وهناك الآن لجنة تدرس وتنظر في القوانين الخليجية ونرى كيف نوائمها، واليمن لا تجد في هذا الجانب أية إشكالية في أن توائم بين قوانينها وقوانين دول مجلس التعاون في مختلف المجالات.
أما الجانب الثاني فيتمثل بالإصلاحات وهي قضية بدأناها من خلال تقديم قوانين إلى مجلس النواب، ونأمل أن تقر هذه القوانين بسرعة لأنها تعطي المؤشر الحقيقي للمجتمع الدولي وليس فقط المجتمع الخليجي بجدية اليمن في قضية الإصلاحات، لأن هناك مطالب بإصلاحات اقتصادية ومالية وسياسية واجتماعية وغيرها، وبإمكان الحكومة البدء بها من دون تشريعات جديدة، وقد بدأنا ببعضها فعلا، الأمور تحتاج إلى قوانين مثل قانون المناقصات، الذمة المالية ومكافحة الفساد.
الكثير من المراقبين يطرح أن لون النظام السياسي في اليمن قد يشكل عائقا أمام اندماج اليمن مع أنظمة دول مجلس التعاون؟
لا أعتقد ذلك، ربما كان مثل هذا الكلام مقبولا عند بداية التجربة الديمقراطية في اليمن، أما اليوم فبعد مرور 16 عاما من الوحدة فأعتقد أن تغيرات كثيرة جدا قد ظهرت، منها أن النظام الديمقراطي في اليمن الذي ربما كان يظن البعض أنه كان يؤدي إلى عدم استقرار في اليمن حدث العكس تماما، فقد أظهر الشعب اليمني بوضوح أن الديمقراطية وسيلته لتحقيق التنمية والاستقرار والشراكة في الحكم، ولم تؤد الانتخابات الأخيرة لأي نوع من عدم الاستقرار والعنف الذي كان يتصوره البعض، وهذه الديمقراطية عززت من علاقات اليمن مع دول الجوار، وفي داخل اليمن نفسها.
النقطة الثانية أن الكثير من دول مجلس التعاون بدأت الآن كل بحسب رؤيته وخصوصياته يمارس نوعا من الديمقراطية و المشاركة الشعبية.
كم تتوقعون الحصول على مبالغ في مؤتمر المانحين؟
الرقم المطروح من جانب اليمن لتغطية الفجوة التمويلية هو ستة مليارات و800 مليون دولار خلال السنوات الخمس 2006 2010 ولأنه تبقت أربع سنوات من أصل خمس، فإن المبلغ يصبح في حدود خمسة مليارات و400 مليون دولار، لكن كم سنحقق من هذا المبلغ لا أستطيع معرفة ذلك لأن هذا النوع من الكلام رجم بالغيب، لكننا نأمل أن يكون للدول المانحة وفي مقدمتها دول مجلس التعاون التي ترعى هذا المؤتمر وتأهيل الاقتصاد اليمني وادماجه في اقتصاديات دول مجلس التعاون الباع الكبير في تغطية هذه الفجوة.


مواجهة القاعدة
لاحظنا في الفترة الأخيرة نجاعة أمنية في تعامل اليمن مع قضية نشاط القاعدة، فهل نستطيع القول إن اليمن بدأت تخرج من خطر التهديدات الإرهابية؟
أعتقد أن من باب الحكمة أن لا تعتقد أية دولة أنها خرجت من مخاطر الإرهاب والتطرف، لأن الأوضاع في العالم وفي منطقتنا على وجه الخصوص ما زالت تعاني من احتقانات كثيرة جدا، وعلى رأسها ما نراه في فلسطين والعراق.
وللأسف الشديد فإن هذه الجماعات المتطرفة تتعامل مع هذا الاحتقان بطريقة خاطئة، لأنها تقوم بتهديد أمن واستقرار بلدانها بإعطاء أعداء أوطانها الفرصة للتدخل وإثارة المشاكل لحكومات بلدانها بدلا من أن تنظر إلى الدور الذي يمكن أن تسهم في تفويت الفرصة على من يتآمرون على الأمتين العربية والإسلامية.
لذلك لا أعتقد أننا في اليمن ولا أية دولة عربية أو أوروبية ستقول إننا استطعنا أن نجتث بؤر الإرهاب والتطرف، المطلوب لاجتثاث ذلك هو حل القضايا الإقليمية والدولية الشائكة والمعقدة التي تهيئ المناخات لبروز التطرف والإرهاب.
ماذا عن اعتقال المواطنين الأجانب الثمانية الذين تم اعتقالهم مؤخرا وهل لهم صلة بجامعة الإيمان التي يترأسها الشيخ عبدالمجيد الزنداني؟
لا توجد لدي معلومات بالنسبة لصلتهم بجامعة الإيمان من عدمه، لكنهم من جنسيات مختلفة استرالية، بريطانية، دنماركية وألمانية، وأحدهم صومالي يحمل جنسية استرالية، دخل بعضهم اليمن بطريقة غير شرعية وهناك ألماني تم الإفراج عنه لأنه ثبت أنه ليس له علاقة بالآخرين ولكنه كان يعيش قريبا من المعتقلين.
هؤلاء جاءوا لشراء أسلحة وتهريبها إلى الصومال والأجهزة الأمنية تعقبتهم وقبضت عليهم وستتخذ الإجراءات وفقا للقانون اليمني من خلال تقديمهم للمحاكمة.
هل حدث تنسيق مع دولهم في هذا الجانب؟
بحكم الاتفاقيات القنصلية بين الدول أبلغت دولهم وتمت زيارتهم لدى الأجهزة الأمنية.
هل تشعرون بخطورة القاعدة في اليمن وتجنيدهم باستغلال الوضع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه البلد؟
التجنيد يأخذ أشكالا مختلفة والذين ينضمون للقاعدة ينضمون إليها لأسباب مختلفة، لكن بكل تأكيد مع ما أشرت إليه يأتي الاستقطاب في ظروف اقتصادية صعبة تسهل الأمور، وهذا ما أكدت عليه اليمن دائما من أن الدول التي تحارب الإرهاب عليها النظر إلى المسببات والى الوسائل التي تحد فيها من الاستقطاب وأحدها خلق فرص العمل ومكافحة الفقر وتحقيق تنمية شاملة، والإصلاحات جزء من هذه العملية، لأن غياب الإصلاحات يؤدي إلى تذمر والتذمر يعطي هذه الجماعات الفرصة لاستقطاب المتحمسين للتغيير، هذه العوامل كلها تجعلنا في اليمن يقظين تجاه أية أعمال إرهابية تقوم بها القاعدة أو غيرها.
إذا كان في اليمن العامل الاقتصادي هو سبب تجنيد القاعدة للشباب فإن دولا غنية يحدث فيها استقطاب حاد أيضا لشبابها من قبل القاعدة؟
قلت لك إن الأسباب مختلفة، والفقر أحد الأسباب، لكن هناك أناسا مقتنعين أن هناك ظلماً وغياباً للعدالة الدولية وأنه طالما أن المجتمع الدولي لا ينظر إلى القضايا العادلة للشعوب بطريقة موضوعية كما نشاهد الآن في التعامل مع الفلسطينيين والجرائم والمجازر التي ترتكب يوميا من قبل الدولة العبرية، هذه بكل تأكيد لا تؤثر فقط بالجائعين وإنما حتى في الشباب الذين لديهم البعد السياسي والذين يشعرون بضرورة مواجهة هذا الظلم.
هل هناك شبكات تجنيد داخلية؟
لا أعتقد ذلك.
هل حددت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة اليمنية من تدفق الشباب اليمني للجهاد في العراق ضد القوات الأمريكية؟
الإجراءات التي اتخذتها اليمن هي إجراءات بسيطة وتتمثل في التأكد من سفر الناس والى أية اتجاهات، لكن حتى الآن المعلومات التي لدينا تشير إلى أن التدفق من اليمن إلى العراق لا توجد لدينا عنه أرقام محددة حتى نستطيع أن نحكم عليه.
هناك مشاكل ملتهبة في القرن الإفريقي، أهمها الأوضاع في الصومال وسيطرة المحاكم الإسلامية على أجزاء كبيرة من هذا البلد، فإلى أي مدى يمكن أن تكون اليمن عاملا مساعدا في استقرار الصومال؟
إذا نظرت إلى جهد الأخ الرئيس في يناير من العام الجاري وجمعه بين رئيس الجمهورية الصومالية ورئيس برلمانها وما نتج عنه، أدى ذلك إلى التئام الحكومة وعودة البرلمان إلى الصومال، وبدأت العجلة تدور، لكن للأسف الشديد لم توفر الإمكانيات للحكومة الصومالية لكي تقوم بدورها وتبني أجهزتها الأمنية على وجه الخصوص، ثم جاءت بعد ذلك المحاولات بدفع أمراء الحرب لمواجهة المحاكم الإسلامية التي كانت تقوم بدور محدود جدا في إدارة شؤون المناطق التي تعيش فيها، فالتدخل الخارجي وأمراء الحرب مكنوا المحاكم الإسلامية من خلق قوة عسكرية تحولت بعدها إلى قوة سياسية في ظل بقاء الحكومة في بيداوا ولم تستطع الخروج منها نتيجة للظروف القائمة.
وضع الصومال بالنسبة لنا اليوم مهم وقد أعلن الأخ الرئيس استعداد اليمن للقيام بأي دور للتوفيق بين المحاكم الإسلامية والحكومة المؤقتة لكننا لا نريد أن نقوم بأيه خطوات طالما أن هناك مبادرة عربية نحن شركاء فيها والسودان ترعاها، والجهود تبذل الآن لإعادة الطرفين إلى طاولة المباحثات ويبدو أن ذلك سيتحقق إن شاء الله، لأن رئيس البرلمان الآن في مقديشو ويجري حوارات مع المحاكم الإسلامية، وهناك مؤشرات طيبة في هذا الجانب.
نحن سنظل نتواصل مع كافة الأطراف الصومالية، مع رئيس البرلمان ومع رئيس الجمهورية والأخوة في المحاكم الإسلامية، لأن اليمن متضررة من عدم استقرار الصومال، والخوف أكثر أن الصراع في الصومال قد يوجد مواجهات بين دول أخرى في القرن الإفريقي، وإذا توسع سيكون كارثة على القرن الإفريقي وأول من سيتأثر به هو اليمن، لهذا نحن نحث كافة الأطراف على أن تبذل كل الجهود لتحقيق مصالحة صومالية صومالية، وتضمن الحقوق لدول الجوار التي تتخوف من الأوضاع الحالية ومن المحاكم الإسلامية.
هل تعتقدون أن انتصار المحاكم الإسلامية سيريح اليمن؟
قضية من يحكم الصومال هو شأن صومالي في المقام الأول، لكن ما يهمنا أن من يحكم الصومال يحكمه من منطلقات إدراكه لعلاقات الصومال بدول الجوار وأن يدرك أن حكمه للصومال يجب أن ينطلق من إرادة صومالية في المقام الأول، وأن يكون أساسا لتعزيز الاستقرار في المنطقة.
ماذا عن الاتهامات التي وجهت لليمن من أنها تقوم بتهريب أسلحة إلى الصومال؟
هذا الكلام غير صحيح، تهريب الأسلحة قد يقوم بها أفراد، تجار أسلحة، وهذا يتم في أية منطقة بها توتر، إفريقيا كلها والمناطق التي فيها صراعات تصل إليها الأسلحة بينما تظل جذور المشكلة قائمة، إذا أوقفت عملية تهريب الأسلحة من بلد ستأتيها من بلد آخر، لأن هناك من لديه المال ليشتري السلاح تماما مثل المخدرات، فطالما هناك استهلاك للسلاح سيجد من يوصله إليه، لكن التكلفة تختلف.
نحن في اليمن نضع أجهزتنا الأمنية في حال يقظة دائمة وتقوم بمنع تهريب أي نوع من السلاح من اليمن إلى الصومال أو غيرها وهذا جزء من التزامنا الدولي بالنسبة للصومال، لأننا نعتقد أن وصول الأسلحة إلى الصومال يزيد من تعقيد الأمور.
ألا يشجع المناخ الذي تعيشه الصومال اليوم تنظيم القاعدة من توسيع نشاطه في القرن الإفريقي والصومال إلى اليمن وغيرها؟
أية دولة لا توجد فيها حكومة قوية ومسيطرة معرضة لذلك.


المشهد العربي

كيف تقيمون المشهد العربي اليوم في ضوء التطورات التي تشهدها كذا منطقة في العالم العربي؟
المشهد العربي معقد جدا، ولا أريد أن أظهر التشاؤم، لكنني أعتقد أن الوضع يتطلب اليوم وقفة جادة للتعامل مع ما نراه في المنطقة العربية، بخاصة في العراق ولبنان وفلسطين والصومال.
هذه كلها للأسف الشديد عناصر تمكّن الآخرين من التدخل في الشأن العربي ومن تنفيذ أجنداتهم الخاصة بهم على حساب شعوبنا ودولنا، والمعالجة لذلك لن تتحقق إلا بأن تكون هناك الإرادة السياسية وأن يعيد العرب النظر في مفاهيم العمل العربي المشترك وآليات هذا العمل ويضعوا المصالح القومية العليا فوق أي اعتبار آخر.
ما هو الطريق الذي يجب أن يسلكه العرب لإظهار قوتهم أمام العنجهية ldquo;الإسرائيليةrdquo; والأمريكية؟
العرب لديهم الكثير من الإمكانيات ليضغطوا بها، ولا أريد أن أذكرها لأنها قد تكررت كثيرا، لكن الإشكالية تكمن في الإرادة في اتخاذ الموقف للتعبير عن الرغبة في تغيير دول من مواقفها وسياساتها نحو منطقتنا.
من تقصد بذلك؟
أقصد الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي وكل الدول التي تتعامل معنا ونتعامل معها، نحن لا نريد من أحد الانحياز إلى العرب، لكننا نريد أن تكون هناك مواقف عادلة، ما يجري اليوم في فلسطين استمر لأيام قبل أن نسمع بالأمس إدانات من دول أوروبية.
لو حدث هذا في مكان غير فلسطين لكانت هذه الدول استنكرت من أول يوم لأن ldquo;إسرائيلrdquo; استطاعت أن ترهب العالم لمنعه من توجيه إدانة لها، ولأنها تعلم أن أحدا لن يستطيع أن يتخذ قراراً في مجلس الأمن، لأن الولايات المتحدة ستستخدم الفيتو ضد أي قرار.
هذه مواقف يجب أن تتغير والعرب لهم دور في أن يغيروا هذه المواقف، إذا استعملوا إمكانياتهم وقدراتهم.
انشغلت الولايات المتحدة مؤخرا بالانتخابات، ألا تؤثر أية استحقاقات داخلية على مواقف أمريكا في الخارج؟
لا شك أنها تؤثر، لكننا يجب أن ندرك أن الولايات المتحدة هي دولة مؤسسات بالمقام الأول، وإن كانت هذه المؤسسات ودورها يختلف من إدارة إلى أخرى سواء كانت ديمقراطية أو جمهورية، لكنْ في النهاية هناك توازن في السياسة، وهناك أيضا تمسك بالمصالح الأمريكية، لهذا قد تكون هناك قضايا يختلفون عليها وأخرى لن يختلفوا عليها، لأنها تمس الجميع، ربما يختلفون على قضية الحرب في العراق وبقاء القوات فيها، لكنهم لن يختلفوا على قضية السيطرة على ثروات العراق.


إعدام صدام

كيف تعلقون على الحكم الذي صدر ضد الرئيس العراقي السابق صدام حسين؟
الحكم كان متوقعا، وكانت مجريات الأمور كلها تشير إلى ذلك، وكما قيل فإن هذه القضية ينظر إليها بأنها قضية عراقية في إطار الوضع العام في العراق.
ما مدى تأثير الحكم على العراق إذا ما نفذ الحكم فعلا؟
كما رأينا عندما صدر الحكم، حيث خرجت مظاهرات تؤيد وأخرى تدين الحكم، معنى ذلك أن تنفيذ الحكم سيخلق انقساما في الشارع العراقي.
هل تشعرون بقلق على وضع العراق والخوف من أن تنزلق البلاد في حروب أهلية؟
نعم، الوضع في العراق أكثر مما يؤرقنا الآن، العراق دولة بالنسبة للأمة العربية لا يمكن أن يصيبها شر إلا ونتضرر منه جميعا.
تقسيم العراق كارثة، الصراع القائم فيه اليوم كارثة، والذين يعتقدون أنهم في منجى مما يجري في العراق مخطئون، الكل سيدفع ثمن ما يجري في العراق، إذا لم نحافظ على استقراره ووحدته.
أتعتقدون أن الفيدرالية هي الحل لمشاكل العراق مثلما يطالب به بعض القوى السياسية في العراق؟
أعتقد أن هناك بدائل كثيرة، أنا من الناس الذي يعتقدون أن الفيدرالية نظام مقبول إذا ما قبل به المجتمع العراقي، وإذا ما كانت هناك مخاوف كما هو الحال لدى بعض الأطراف، ويجب أن نسأل لماذا هذه المخاوف من الفيدرالية في العراق ونعالجها، هل هي قضية الثروة، هل هي قضية حركة المواطن في وطنه؟ هل هذه المسألة ستؤدي إلى تقسيم العراق؟ إذا كانت هذه الأسباب فمعالجتها موجودة وممكن أن تكون في إطار الدستور العراقي، الولايات المتحدة دولة فيدرالية، لكن دستورها لا يمكن أية ولاية من ولاياتها من إعلان انفصالها، فهناك نوع من الحماية.
كيف هي علاقاتكم مع الرئاسة العراقية؟ هل هناك تواصل مع الرئيس طالباني؟
العلاقات جيدة، لا يوجد ما يزعج في علاقاتنا بالعراق، سفارتنا موجودة هناك وأعتقد أن لدى العراقيين همومهم الكبيرة ونحن نقدر ذلك ونعمل كل ما يمكن لتطوير العلاقات معهم، آخذين بعين الاعتبار الظروف الصعبة التي يعانون منها.


لا تطبيع مع ldquo;إسرائيلrdquo;


ألا تعتقدون أن ldquo;إسرائيلrdquo; حققت بعض الاختراقات في الموقف العربي، بدليل أنها مازالت تحتفظ بعلاقات مع عدد من الدول العربية؟
هذا الشيء الكل يعرفه، وهذه الدول تعتقد أنها من خلال هذه العلاقات تستطيع أن تؤثر في ldquo;إسرائيلrdquo; لتحقيق السلام وفقا للمبادرة العربية للسلام، وللأسف فإن نتائج ذلك حتى الآن غير مرضية وهو ما نراه على أرض الواقع.
هل نستشف من كلامكم من أن اليمن ليس لها أي تواصل أو أي مؤشرات تطبيع مع ldquo;إسرائيلrdquo;؟
مطلقاً، ليس لدينا أي تواصل مع ldquo;إسرائيلrdquo;، وأعتقد أن الدول التي قامت بالتواصل مع إسرائيل أشعرتنا بأن أي جهد من هذا النوع مع ldquo;إسرائيلrdquo; لن يأتي بنتائج.
ألم تعرض عليكم بعض الدول العربية فكرة التطبيع مع ldquo;إسرائيلrdquo;؟
لا، ولن نقبل ذلك أبداً.


خلافات مع الأمريكيين

رداً على سؤال حول تقاطع رؤى اليمن ورؤى الأمريكيين فيما يتعلق بالشأن العراقي قال وزير الخارجية اليمني:
تقاطعت منذ البداية، لأننا كنا ضد الحرب أساسا، وبعد الحرب كنا ضد بقاء قوات التحالف لفترة طويلة في العراق، فقد كنا مع أن تترك للعراقيين حرية بناء دولتهم كما تريدها أمريكا حرة وديمقراطية حقيقية بعيدة عن الطائفية والعرقية، لكن للأسف الشديد فإن مجريات الأمور التي حدثت ربما أذهلت الجانب الأمريكي، فكان يتخذ قرارات كثيرة غير مدروسة لأنهم وقعوا في مطب المعلومات الخاطئة التي بنوا عليها غزوهم للعراق.
لكننا نتفق مع الأمريكيين في شيء واحد هو المحافظة على وحدة العراق وأن نمكن الحكومة العراقية من السيطرة على الأوضاع الأمنية.
وحول ما يطرح أن اليمن نصحت الولايات المتحدة لتهدئة الأوضاع في الساحة العراقية بإعادة نشاط حزب البعث والجيش العراقيين قال:
البعث هم مواطنون عراقيون في المقام الأول ولا أعتقد أن الأغلبية في حزب البعث ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية أو الاعتداء على عراقيين، في كل نظام وكما نرى في الوضع الحالي في العراق هناك من يعتدي على عراقيين من العراقيين أنفسهم، هل لأن هناك مجموعة من السنة والشيعة نقول إنه يجب استبعاد كل الشيعة أو كل السنة، أو كل الأكراد؟ فكرة غير منطقية وتؤدي إلى الانقسام بين أبناء الشعب العراقي.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان ينصح الولايات المتحدة بإعادة البعث والجيش إلى وضعهما السابق قال:
أعتقد أن هذه من الأمور التي تدرس الآن، وأنا أعتقد أنه يجب أن تدرس بعناية وبما يحقق الهدف الذي تحدثنا عنه، وهو تحقيق الأمن والاستقرار والتوازن المطلوب ليشعر كل طرف في العراق بأنه جزء من المجتمع العراقي وأن له دوراً للإسهام في مستقبل العراق.
حماس والمبادرة العربية

عن تقييم د. أبوبكر القربي للأوضاع في الساحة الفلسطينية، وهل هناك مبادرات يمنية لنزع فتيل التوتر بين فرقاء العمل السياسي قال:
هناك تواصل مستمر بين الرئيس علي صالح والرئيس أبو مازن وخالد مشعل ورئيس الوزراء إسماعيل هنية، وتنطلق اليمن من حرصها على وحدة الموقف والصف الفلسطيني.
وحول رؤيته لحل الاشتباك القائم بين الأطراف الفلسطينية رأى أن حل الموقف يكمن في الأخذ بالموقف العربي والمبادرة العربية للسلام، الإشكالية أن ldquo;إسرائيلrdquo; ترفض التعامل مع حماس باعتبارها منظمة إرهابية وتتجاهل أن هذه الحكومة هي حكومة منتخبة بطريقة ديمقراطية قبل بها الشعب الفلسطيني وشهد المجتمع الدولي بأنها جاءت بطريقة ديمقراطية وهي تستغل هذه التسمية التي للأسف الشديد وتقف معها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتعقيد الأمور في الساحة الفلسطينية.
وعن موقف حماس من المبادرة العربية قال أن حماس لا ترفض المبادرة العربية، بل تريد من ldquo;إسرائيلrdquo; أن تظهر أنها قابلة بالمبادرة العربية للسلام، وهذه الإشكالية التي
واجهتها ldquo;إسرائيلrdquo; منذ البداية، فبعد قمة بيروت اجتاحت ldquo;إسرائيلrdquo; جنين واستمرت في محاصرة المقاطعة، فهي دائما تحاول إيجاد المبررات لعرقلة أية مبادرة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط.
على ldquo;إسرائيلrdquo; أن تظهر حسن النية، لأنها الدولة التي لديها هذه الآلة العسكرية التي نرى دمارها في فلسطين اليوم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف