لبنان والمكان والإمام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الجمعة: 2006.11.17
سعد محيو
يحق للإمام علي خامنئي، مرشد الثورة في إيران، أن يفخر بإنجازات المقاومة الإسلامية في لبنان.
هذا أمر بديهي. فالتحالف بين الثورة الإيرانية وrdquo;حزب اللهrdquo; اللبناني ليس سراً. وهو يشمل ليس فقط الدعم الاقتصادي والسياسي من الأولى للثاني، بل أولاً وأساساً الولاء الايديولوجي من الثاني للأولى.
لا بل يقال، وعن حق، ان المقاومة الإسلامية في لبنان هي أنجح إنجازات السياسة الخارجية الإيرانية منذ العام 1979 وحتى الآن، إن لم يكن نجاحها الوحيد.
ثم، هناك مسألة أخرى: حزب الله ليس فريد عصره في بلاد الأرز، ولا هو أول وآخر من نسج وينسج علاقات مع الخارج. ليس هناك طرف محلي لبناني واحد لا يجد مرجعيته (أو حتى أكثر من مرجعية واحدة) في الخارج. يصدق ذلك على تيار الحريري الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالمملكة السعودية وفرنسا ونسبياً أمريكا، وتياري العماد عون وجعجع عميقي الصلة بواشنطن وباريس والفاتيكان، وتيار جنبلاط المنفتح على تشكيلة خارجية واسعة أشبه بقوس قزح.
بالتالي، وحين يفخر آية الله خامنئي امام نبيه بري بإنجازات المقاومة اللبنانية، لا يأتي بجديد على الساحة السياسية اللبنانية. إنه ببساطة يفعل ما تفعل بقية القوى الإقليمية والدولية التي تقيم ldquo;علاقات زبائنيةrdquo; مع مختلف الأطراف اللبنانية.
لكن مهلاً.. حديث خامنئي أمس الأول لم يقتصر على المباهاة المشروعة بتحالف مشروع. إنه تضَمن أيضاً توجهات سياسية سيعتبرها الكثيرون خطرة للغاية.
فهو سمح لنفسه النطق باسم الشعب اللبناني حين أكد ldquo;استعداد هذا الشعب ومعه المقاومة الإسلامية لمواجهة المؤامرات السياسية الكبيرة التي تحوكها ldquo;إسرائيلrdquo; وأمريكا للتقليل من تأثيرات الانتصار العظيم في لبنانrdquo;.
حسناً. الشعب اللبناني، أو بعضه أو معظمه، ربما يكون مستعداً بالفعل. لكن، ألا يجب أن تصدر أنباء هذه الجهوزية المحتملة من بيروت لا طهران؟
وهو أبدى تفاؤله بأن ldquo;روحية أعداء الشعب اللبناني باتت ضعيفةrdquo; لأن ldquo;أمريكا وسياساتها في طريقها إلى الهزيمةrdquo;. حسناً. أيضاً، الكل يتمنى الضعف لأمريكا، لكن هل يعني ذلك أنه سيكون على لبنان وحده مهمة دفع هذه الدولة العظمى الوحيدة في العالم إلى هاوية الهزيمة؟
هذا ليس استنتاجاً افتراضياً. فقد أشار الإمام بنفسه إلى هذه النقطة حين شدد بوضوح على أن لبنان ldquo;سيكون بمثابة مكان لهزيمة أمريكا والكيان الصهيونيrdquo;.
لبنان المكان لهزيمة أمريكا وrdquo;إسرائيلrdquo;؟
ألا يعني ذلك أن لبنان سيتحول مجدداً إلى ساحة صراع دموي إقليمي ودولي، إلى حين تصل مبادرة جيمس بيكر إلى خواتيمها السعيدة، ربما بإبرام صفقات متوقعة مع طهران ودمشق؟ ثم، لماذا لبنان وحده سيكون ldquo;المكانrdquo; لهذه الأرماجيدون (المعركة الفاصلة) الجديدة؟ لماذا لا تكون إيران وسوريا ldquo;مكانينrdquo;، ولو إضافيين أو ملحقين، تتعزز فيهما ومعهما فرص النصر؟
حين كان لبنان يواجه منفرداً آلة الحرب ldquo;الإسرائيليةrdquo; في حرب الأسيرين الأخيرة، فوجئ كل مواطنيه بمسؤول إيراني كبير يحط في دمشق ليعلن منها أن إيران ستدخل الحرب ldquo;إذا ما تعرضت سوريا إلى هجومrdquo;.
لبنان كان هو الذي يتعرّض إلى الهجوم آنذاك. لكن طهران لم تعتبر ذلك خطراً على مصالحها أو أمنها القومي، برغم أن رصيدها الاستراتيجي في لبنان لا يقل أهمية عن رصيدها في سوريا.
فهل ثمة ما يحول الآن دون تكرار هذه التجربة؟ لا يبدو أن الامر كذلك؟ فrdquo;المكانrdquo; في النهاية لا وظيفة له سوى أن يكون مكاناً.