الألمان واليابانيون قادمون
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
السبت: 2006.11.18
اليوم، غداً
سعد محيو
كل المؤشرات تؤكد أن ألمانيا واليابان تقتربان من طرح بذتيهما السلميتين اللتين التصقتا بهما كجلدهما منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وتستعدان لارتداء الخاكي العسكري مجدداً.
آثار أقدام هذه المؤشرات تبدو مبثوثة في كل مكان:
ف ldquo;الورقة البيضاءrdquo; التي أقرتها المستشارة الألمانية قبل أيام، تدعو إلى زيادة كبيرة في عدد قوات التدخل السريع التي يمكن نشرها في شتى أنحاء العالم (خاصة في الشرق الاوسط)، وإلى تحويل ال 250 ألف جندي ألماني نظامي إلى قوة ضاربة ومتحركة قادرة على الانغماس في أعمال حربية خارجية. وحتى قبل هذه الورقة، كانت برلين تطوي بهدوء المادة 87 من دستورها للعام 1949 الذي يحظر عليها بناء قوات عسكرية لغير أغراض الدفاع، وتعيد ربط مفهومي أمنها القومي ومصالحها الاقتصادية بقوتها العسكرية.
والأمر الالماني نفسه تكرر في اليابان، وإن بوتائر أقل بسبب التباين في المواقع الجيو- استراتيجية لكلتا الدولتين. ففي حين أن عودة الرايخ الألماني إلى العسكرة يحظى بتأييد جيرانه الأوروبيين وتصفيق الولايات المتحدة، تجد اليابان نفسها محاصرة بعدد لا نهاية لها من الدول الآسيوية التي تعارض بقوة إعادة بناء قوتها العسكرية. على رأس هذه الدول بالطبع الصين التي أوضحت بجلاء أنها ستعتبر استئناف اليابان لأدوارها العسكرية، وصلاً لما انقطع من طموحاتها الإمبريالية المتطرفة. وكذا فعلت كوريا الجنوبية وفيتنام وإندونيسيا وعملياً كل دول شرق وجنوب شرق آسيا التي اكتوت بنار الغزو الياباني إبان الحرب الباردة.
ومع ذلك، وبرغم هذه الصعوبات، صليل السيوف بات يسمع بوضوح في طوكيو. فرئيس الوزراء الجديد شينزو أبي أعلن صراحة أنه ينوي تعديل أو حتى إلغاء المادة التاسعة من الدستور التي تنص على الآتي: ldquo;إن الشعب الياباني سيدير ظهره إلى الأبد للحرب بوصفها حقاً من حقوق سيادة الامة، وأيضاً للتهديد بالحرب أو اللجوء إليها لتسوية النزاعات الدولية. ولتحقيق هذا الهدف، لن تحتفظ اليابان بقوات برية وبحرية وجويةrdquo;. ومع هذا التعديل المرتقب، ستندفع اليابان بقوة لإعادة بناء قوتها العسكرية في ظل تبريرين أحدهما آني، ويتمثل بالتهديد النووي والصاروخي الذي تفرضه كوريا الشمالية عليها، والآخر بعيد المدى ويتعلق بالصعود الهائل للقوة الصينية في شرق آسيا على مرمى حجر من قلب طوكيو.
اليابان تستطيع ، إذا ما أرادت، امتلاك الأسلحة النووية خلال ساعات. فهي تمسك كل المعطيات العلمية والتكنولوجية بهذا الشأن، وعلماؤها قادرون حتى على منافسة الولايات المتحدة في مجال التطويرات النووية. بيد أن الأرجح أنها لن تقدم على امتلاك القنبلة، في هذه المرحلة على الأقل، أساساً بسبب معارضة شعبها لهذه الخطوة، وستركز بدلاً من ذلك على تطوير قوتها الصاروخية والتقليدية.
لكن المحصلة سيان في الحالين: عودة اليابان العسكرية إلى ساحة الفعل الدولي.
* * *
أين الولايات المتحدة من كل هذه الانقلابات العسكرية المتسارعة لدى مهزومي الحرب العالمية الثانية؟
إنها البداية والنهاية فيها: هي المحرك الأول لعودة نزعة العسكرة هذه. وهي المحفز لكلا هذين البلدين العملاقين اقتصادياً على معاودة لعب أدوار عسكرية- أمنية كبرى فوق كل رقعة شطرنج النظام العالمي.
لكن، لماذا تقدم أمريكا على هذه الخطوة، برغم أنها هي من فرض على ألمانيا واليابان دساتير السلام ونزع السلاح؟!