«رجل بن لادن» في أميركا : ممنوع من الكلام بالعربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
محامي أنعام أرناؤوط: الاستئناف خفض الحكم ضد موكلي إلى 121 شهرا.. والحراس ينادونه بـ"الإرهابي" و"عدو الأمة"
لندن: محمد الشافعي
قال انعام محمود ارناؤوط السوري الأصل مدير مؤسسة "البر الدولية الخيرية"، التي تتخذ من ولاية ايلينوي مقرا لها، المتهم بتقديم مساعدات مالية لـ"القاعدة"، والذي يوصف بأنه رجل أسامة بن لادن في الولايات المتحدة، من سجنه في اوكسفورد بولاية شيكاغو، انه نسي عدد الشهور والايام التي مرت على وجوده في محبسه الانفرادي، وقال ان الحكم الصادر بحقه بالسجن لمدة 136 شهرا كان له اثر معنوي سلبي على جميع افراد عائلته ومعظمهم يعيش في دول مختلفة بمنطقة الشرق الأوسط. وقال في رسالة باللغة الانجليزية مؤرخة بـ22 اكتوبر (تشرين الاول) 2006، تلقتها "الشرق الأوسط"، "انه ممنوع من القراءة والكتابة او الحديث باللغة العربية لأسباب أمنية منذ ابريل (نيسان) 2005. وأشار في رسالته الموجزة، ويبدو ان الرسالة فحصت من قبل ادارة السجون الأميركية قبل ان تصل الى "الشرق الأوسط" انه ممنوع من الحديث باللغة العربية حتى الى امه، التي ارسل لها رسالة بالعربية، ولكن تلك الرسالة استغرقت اكثر من شهرين: "حتى تصل الى يدي أمه الحبيبة".
وقال انه على اتصال هاتفي مع اطفاله اسبوعيا، وطلب من الذين سمعوا بقصته ومحنته في السجن الاميركي، ان يدعوا له بالثبات والأجر، وان يفرج الله عنه في السجن الأميركي. وطلب ارناؤوط الذي اتهم من قبل وزارة العدل الاميركية بالتزوير والابتزاز وتبييض اموال، وتسليم هبات الى مجموعات ارهابية، في رسالته الخامسة التي تلقتها "الشرق الأوسط" من زنزانته الانفرادية في سجن شيكاغو الاتصال بمحاميه جيف روبنسون في الولايات المتحدة ، لأن لديه الكثير عن قصة حياته ومعاناته في المحبس الاميركي. وطلب من "الشرق الأوسط" في رسالته التي تكونت من ورقتي فولسكاب، ان تكتب له رسائل بالانجليزية وليس بالعربية، مشيرا الى ان قضيته من بدايتها "سياسية" قبل ان تكون "قضائية".
واوضح، بعد ان ذاب الثلج اتضح كم من الانتهاكات القانونية ارتكبت في هذه القضية. وكانت "الشرق الاوسط" قد ارسلت له رسالة بداية شهر اكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تستفسر فيها عن تفاصيل معيشته في السجن الأميركي. ورد انعام ارناؤوط ان كثير من تفاصيل حياته خلف القضبان موجودة لدى محاميه روبنسون، وكذلك لدى مكتب "مجلس العلاقات الاميركية الاسلامية" (كير) في شيكاغو. وتطرق الى التضييق عليه في المراسلات، وقال انه لا يعامل مثل السجناء الآخرين، فمراسلاته مع أهله تأخذ عدة اسابيع، وتمتد احيانا الى الشهر، وجميع اصدقائه الذين كانوا يراسلونه توقفوا عن الكتابة اليه، ولا يدرى عن السبب، "هل مضايقات ام مجرد خوف".
من جهته قال المحامي الأميركي جيف روبنسون في رسالة الكترونية ردا على اسئلة "الشرق الاوسط" ان الولايات المتحدة بعد هجمات سبتمبر 2001، راجعت أنشطة كثير من العرب والمسلمين، وكذلك منظمات وهيئات إسلامية موجودة داخل أميركا، ومن بينها انشطة مؤسسة "البر الخيرية" خارج شيكاغو بولاية الينوي، وهي المؤسسة التي تولت تقديم العون الى الايتام واللاجئين والمدنيين الذين تقطعت بهم السبل، حيث تولى انعام ارناؤوط موكله مسؤولية تلك المنظمة في اميركا عام 1993. وقال المحامي روبنسون ان مؤسسة "البر الخيرية"، خلال ثماني سنوات قبل ان تغلقها السلطات الاميركية بعد اعتقال موكله، قدمت نحو 20 مليونا من التبرعات المالية في صورة مساعدات انسانية وتعليمية وطبية الى طاجيكستان والبوسنة وداغستان، وهذا المبلغ الكبير لا يقارن على الاطلاق بمساعدات انسانية تقدر بـ200 الف دولار قدمتها المؤسسة الى مقاتلي البوسنة والشيشان. وكان ارناؤوط اعترف اثناء المحاكمات بالذنب فقط فيما يتعلق بتقديم الدعم من "مؤسسة البر الخيرية"، التي كان يرأسها، الى مقاتلي البوسنة الذين كانوا يدافعون عن أنفسهم ضد التطهير العرقي الذي يترصدهم من الصرب، وشملت تلك المساعدات "أحذية وبطاطين ومظلات واقية من المطر وملابس ووحدة اسعاف".
وتحدث المحامي الاميركي عن المساوئ التي نتجت عن اغلاق مكاتب مؤسسة "البر الخيرية" التي كان يشرف عليها موكله انعام ارناؤوط، فضرب مثلا بمستشفى للسل انشأته المؤسسة في طاجيكستان، كانت تعالج نحو 300 طفل، ولكن بعد اغلاق المؤسسة الخيرية تدهورت الرعاية الصحة بصورة خطيرة في المستشفى، وكان الضحايا الحقيقيون في نهاية المطاف، هم العرب والمسلمين في كثير من الدول التي كانت تمارس فيه "البرالخيرية" انشطتها. وركز جيف روبنسون على اتفاق "المخالصة القضائي" الذي تم التقدم به من قبل موكله الى الهيئة القضائية، باعتراف من الحكومة ان موكله او مؤسسة "البر الخيرية" الدولية، التي كان يمثلها لم تقدم في اي وقت من الاوقات اي دعم لتنظيم "القاعدة" او اسامة بن لادن، او اي منظمة ارهابية أخرى. كما ان الاتفاق يظهر ان ارناؤوط ومؤسسة "البر الخيرية" لم يدعما اي نشاطات تتعارض مع مصالح الولايات المتحدة. واوضح: "كان موكلي يتوقع السجن عامين أو ثلاثة او اربعة على اكثر تقدير، ولكن القاضي حبسه 136 شهرا، أي اكثر من 11 عاما". وقال المحامي روبنسون، انه استأنف الحكم الصادر بحق موكله امام الدائرة السابعة في شيكاغو الينوي، التي شهدت العديد من المجادلات القانونية، حيث كان يطالب بتخفيض مدة الحكم الى 78 او 79 شهرا، ولكن القاضي ايد تخفيض الحكم ضد موكله الى 121 شهرا.
وأوضح: "لقد استأنفنا الحكم مرة اخرى امام نفس الدائرة" وما زلنا في انتظار تحديد موعد للنظر في الاستئناف المقدم من قبل موكله". وأشار إلى أنه على الرغم من مزاعم الادعاء الاميركي التي لا تستند إلى ادلة مادية، الا أن موكله ليس له علاقة بأية منظمة ارهابية. واوضح المحامي الاميركي أنه منذ اعتقال ارناؤوط، وعلى الرغم من الحقائق ان موكله ان لم تتم ادانته في اي من الجرائم الارهابية، بالاضافة الى تأكيد قاضي المحكمة ان موكله لم يكن مرتبطا بأي نشاط ارهابي، الا ان محامي الحكومة استمر في الإدعاء بأن موكله له علاقة بالارهاب الدولي. وهي مزاعم لا أساس لها من الصحة. واشار الى انه من خلال علاقته مع ارناؤوط، فإن موكله اوضح ان المعركة ضد الارهاب هي في غاية الاهمية لأمن الأمة ومستقبلها. ولكن رجال تنفيذ القانون كانت جهودهم مبالغة، وادت في كثير من الأحيان الى اخطاء في المحصلة النهائية، حتى لو أدى ذلك الى الحصول على اتهامات باطلة او عقوبات مفرطة وغير مبررة. واستشهد المحامي الاميركي بافتتاحية بوسطن غلوب، "الرعب في قاعة المحكمة" بتاريخ (6 سبتمبر 2004). واعرب عن اعتقاده ان ادعاءات الحكومة بخصوص موكله، هي ربما محض من مغالطات وأكاذيب، مشيرا الى ان نتائج لجنة التحقيق في هجمات سبتمبر كشف بخصوص مؤسسة "البر الخيرية" انه لا يوجد ادلة دامغة عن تقديمها الدعم لـ"القاعدة".
وتحدث المحامي الأميركي عن المعاناة التي تعرض لها موكله خلال 55 شهرا في السجن الاميركي، حيث انه قضى معظم تلك الفترة في الحبس الانفرادي، تحت نظام يعرف تحت لائحة مصلحة السجون الاميركية باسم "شو"، مشيرا الى أن ارناؤوط قضى نحو 18 شهرا في زنزانة انفرادية، و8 شهور أخرى في حبس مع مساجين اشد خطورة، اذوه في معتقداته ومعنوياته. وأكد أن موكله ممنوع من القراءة والكتابة بلغته الأم العربية، وهو امر يخالف قوانين مصلحة السجون الاميركية. واوضح المحامي الاميركي أن موكله بصورة عامة، يتعرض لحملة تمييز لكل ما هو عربي واسلامي، فهم ممنوع من التواصل مع اسرته بالعربية، وهي اللغة الوحيدة التي يفهمونها منذ ابريل (نيسان) 2005. وقال انه من غير المسموح ايضا لموكله اجراء اتصالات هاتفية، طالما هو في الحبس الانفرادي، مشيرا الى ان اكثر من نصف المدة التي قضاها موكله في الحبس الاميركي كان مقطوعا لا يعرف شيئا عن عائلته. وقال المحامي روبنسون ان اثنين من الحراس اعترفا لموكله انهما لم يريا من قبل أي حالة مماثلة لحالته، مؤكدين انه يعامل بشكل مختلف، وقالا انه ليس هناك من سلطة لمساعدته بسبب اوامر عليا في مصلحة السجون تحرض على معاملته بهذا الشكل من التضييق والتمييز. واضاف منذ وصول المدير الجديد لسجن اوكسفورد زادت المعاناة والتمييز ضد موكله. واشار الى ان الحراس اوضحوا لموكله ان هناك تعليمات بمعاملته كـ"ارهابي" بغض النظر عن الحكم القانوني الصادر من المحكمة، الذي ينفي ذلك. واشار الى ان الحراس ينادونه بلقب "الارهابي" و"عدو الأمة".
وضرب المحامي الأميركي مثلا بما يتعرض له موكله من اهانات واساءات، زعم انها "متعمدة" في السجن الاميركي، بوضع موكله الاسلامي السوري في الحبس الانفرادي مع مجرم مريض جنسيا، ورغم تكرار طلب موكله نقله بعيدا عن المجرم الشاذ جنسيا، الا ان ادارة السجن نقلتهما معا الى زنزانة اخرى، وعندما سأل موكله الحراس عن السبب في عدم نقله الى زنزانة اخرى، اجاب الحراس أن التعليمات "تأتي من أعلى"، في إشارة الى ادارة السجن. وتحدث المحامي الأميركي ايضا عن معاقبة موكله نهاية العام الماضي، عندما كان يدرس قواعد الاسلام الخمس وتعاليم الدين الجديد لعدد من المسجونين، الذين اعتنقوا الاسلام ، وهذا الشيء فعله ارناؤوط كثيرا من قبل، لكن الضباط اوقفوا موكله، واعتبروه انه انتهك قواعد وتعليمات السجن ونقلوه على الفور الى "شو" أو ما يعرف بالحبس الانفرادي. وتحدث المحامي روبنسون عن معاناة موكله من ألم في الجانب الأيسر من البطن تحت المعدة، ولكن الادارة الطبية في سجن اوكسفورد، لم تتحرك سوى بإعطائه مسكنا للآلام واعطائه حقنا مسكنة ايضا من دون البحث عن اساس ومسببات المرض. ويعتقد ارناؤوط ان اعتقاله في الحبس الانفرادي، هو سبب رئيسي لشعوره بالالم، بحسب محاميه روبنسون. وقال المحامي ان ادارة السجن أخيرا وافقت على عرضه على جهاز للأشعة السينية، مما اكد معاناة موكله من آلام حقيقية في الظهر. وكان ارناؤوط ادعى في رسالة سابقة تلقتها "الشرق الأوسط" انه زج به في السجن الاميركي لخدمة "اجندة سياسية".
وقال في رسالته: "ان قضيته من بدايتها سياسية، قبل ان تكون قضائية، موضحا: "بعد ان ذاب الثلج، اتضح كم من الانتهاكات القانونية ارتكبت في هذه القضية، بداية من تفتيش منزلي ومكتبي بدون اذن مسبق، ومن ثم اعتقالي بتهم ملفقة، الى بداية عملية المساومة في يوليو (تموز) الماضي على اقرار بالذنب". واعتذر عن رداءة خطه في رسالته لأنه ممنوع من استعمال الاقلام العادية.