حماقة مطاردة الضاري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبدالرحمن الراشد
لم يفهم أحد ابدا لماذا اثارت الحكومة العراقية قضية ضد الشيخ حارث الضاري، امين عام هيئة علماء المسلمين، الذي أصدرت امرا بالتحقيق معه او اعتقاله. لماذا تريد حكومة ان تضيف أزمة خطيرة الى اطنان مشاكلها الحالية؟ إنه أمر محير جدا.
لماذا تريد اعتقاله؟ ترد الحكومة لأنه يحرض على العنف الطائفي. انه مبرر غريب لأنه جاء في وقت هز العالم نبأ خطف اكثر من مائة موظف من وزارة التعليم العالي في وضح النهار. ورغم ان الجهة التي وراء الاختطاف معروفة، والجريمة تمثل اكبر إهانة وجهت الى الحكومة حتى الآن، فانها لم تصدر امرا بالقبض على من فعل الجريمة، بل لاحقت الضاري بدعوى التحريض.
وكنت قبل اسبوع قد التقيت الشيخ الضاري، الذي لا أتفق معه على شيء أبدا، مع هذا لا بد من القول انك لا تستطيع ان تلاحق رجلا بسبب رأيه، في وقت نرى القيادات العراقية الأخرى تفاخر بميليشياتها المتوحشة التي صارت جزءا من المأساة العراقية.
اختلف مع الضاري في فهمه للأزمة وفي طروحاته، لأن معظمها غير واقعية، وفي بعضها تدميرية، لكن لا بد من التذكير ان معظم سهام الرجل موجهة تجاه الاميركيين، وهؤلاء اناس جلودهم خشنة يتحملون النقد وليسوا في حاجة الى ان تدافع الحكومة العراقية عنهم.
وما فعلته الحكومة العراقية باصدارها مذكرة الملاحقة، فيه حماقة انها جعلت الشيخ فجأة زعيم السنة الأول في العراق وفي اعين عرب كثيرين. دفعته من الصفوف الخلفية وأعطته اكبر جرعة دعم منذ ظهوره على مسرح الأزمة. ارادت الحكومة التشهير به فاعطته كل الشهرة وجعلته مركز النقاش. تحول الى مظلمة في اعين الكثيرين، خاصة ان منافسيه يخطفون ويقتلون ولا يلاحقون. أيضا ستضطر حكومات المنطقة الآن الى التعامل معه جديا بسبب قدرته على الاستقطاب الشعبي.
فان كانت الحكومة جادة في ملاحقة القيادات، التي تحرض على العنف الطائفي، وهي فكرة صائبة لو كانت حكومة قوية، فعليها ان تصدر قائمة بالمطلوبين، ومن بينهم الضاري نفسه مع زملائه من شيعة وسنة، حتى يعرف الجميع انها جادة وان مطاردتها ليست ذات اهداف سياسية لقادة الحكم الحالي.
ان المهمة الأكبر اليوم للحكومة ليست توسيع السجون او الدخول في معارك اضافية، لأنها حتما ستقود العراق الى حرب اهلية، هو حاليا على شفيرها. المهمة الأهم امام حكماء النظام الجديد، هي في تقليص المسافات بين المتخاصمين والتواصل بينهم جميعا، من اجل الوصول الى نقطة التقاء مقبولة للجميع. وما سمعناه قبل ايام في مقابلة للسيد عبد العزيز الحكيم رئيس الائتلاف يدعو للتفاؤل، عندما تحدث بمنطق كبير حول وحدة العراق والعراقيين. مثل هذا القول يساعد في تجسير الهوة بين الجميع، لانهم هم من سيفقد العراق ان انجر الى حروب عبثية تدمر كل آمال الذين تمنوا عراقا جديدا.