كوريا الشمالية في انتظار الحوافز الأميركية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الإثنين: 2006.11.20
هيلين كوبر وديفيد سنجر
أعطى الرئيس بوش ومساعدوه، حسب مسؤولين أميركيين، إشارات قوية عن احتمال تقديم مجموعة جديدة من الحوافز لكوريا الشمالية قصد إقناعها بالتخلي عن برنامجها النووي. وجاء ذلك خلال سلسلة من الاجتماعات المغلقة التي عقدت على هامش القمة الاقتصادية للدول الآسيوية المنظمة في العاصمة الفيتنامية هانوي. ويستند العرض الأميركي على مدى استعداد كوريا الشمالية لاستئناف محادثاتها خلال الشهر المقبل والشروع فوراً في تفكيك بعض المعدات التي تستخدمها في بناء ترسانتها النووية. وقد شهدت الجهود الدبلوماسية تصاعداً في وتيرتها بعدما التقى الرئيس بوش قادة الدول الأربع المجاورة لكوريا الشمالية لأول مرة بعد إجراء تجربتها النووية في التاسع من شهر أكتوبر الماضي، حيث تميزت تلك الجهود بلقاء دافئ مع "شينزو آبي"، رئيس الوزراء الياباني الجديد، واجتماع آخر أقل دفئاً مع "رو مو هيان"، الرئيس الكوري الجنوبي.
وفي اختتام لقائه مع الرئيس بوش كان الرئيس "رو مو هيان"، الذي اختلف مع الاستراتيجية الأميركية في التعامل مع كوريا الشمالية، واضحاً عندما كرر تأكيد عدم مشاركة بلاده في أية ملاحقة لسفن كوريا الشمالية، أو في تفتيشها وهي تعبر مياهها الإقليمية، رغم تعبيره عن تأييده مع ذلك للمبادرة التي تقودها الولايات المتحدة والساعية إلى تفتيش السفن القادمة من، أو المتوجهة إلى كوريا الشمالية. وقد فضل المسؤولون الأميركيون التزام الصمت وعدم الإفصاح عما دار خلال تلك اللقاءات التي جمعت الرئيس بوش برؤساء الدول المعنية وهي اليابان والصين وكوريا الجنوبية وروسيا، لاسيما فيما يخص الخطوات المطلوبة من كوريا الشمالية قبل استئناف المفاوضات. ولم يعرب المسؤولون الأميركيون حتى عن الخطوط العريضة لتلك الخطوات، واكتفى ستيفن هادلي، مستشار الرئيس بوش لشؤون الأمن القومي بالقول إن "كوريا الشمالية تحتاج للقيام ببعض الخطوات" قبل الجلوس معها إلى طاولة المفاوضات.
وقد أحجم مستشار الأمن القومي الأميركي عن تأكيد ثلاث خطوات يتم تداولها من قبل المسؤولين الأميركيين ونظرائهم الآسيويين، متمثلة في المطالبة بإغلاق كوريا الشمالية الفوري لمفاعلها الذي تصل درجته إلى 5 ميجاوات ويسمح الوقود المستخدم في تشغيله من إنتاج السلاح النووي؛ وإغلاق منشآت معالجة وتصنيع البلوتونيوم؛ ثم إخضاع المرافق النووية لتفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية بعدما أوقفت كوريا الشمالية عمليات التفتيش في 2003. وقد اكتفى ستيفن هادلي لدى سؤاله عن مدى صحة تلك الخطوات بالقول إنها "تلخص عموماً المحادثات التي دارت بين الرئيس بوش وقادة الدول خلال قمة فيتنام". ويتوقع أن تكون المقترحات المقدمة من قبل الولايات المتحدة، والتي تجمع بين الحوافز من جهة والشروط من جهة أخرى، قد أخذت حيزاً كبيراً من النقاش الذي دار بين الرئيس بوش والرئيس الصيني "هو جينتاو". لكن اللافت أنه خلال التصريحات التي أدليا بها إلى الصحافة عقب انتهاء محادثاتهما لم يأتيا على ذكر الملف الكوري الشمالي، حيث اكتفى الرئيس الصيني بإيراد بعض الإحصاءات المتعلقة بالتجارة بين البلدين مؤكداً أن الصادرات الأميركية إلى الصين ارتفعت بـ25%، بينما لم يشر الرئيس بوش إلى كوريا الشمالية إلا إشارة سريعة.
ويبدو أن وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس قدمت حافزاً جديداً لكوريا الشمالية تمثل في إمكانية انضمام بيونج يانج إلى المنتدى الاقتصادي الذي يجمع دول شرق آسيا والولايات المتحدة. فخلال خطاب أدلت به أمام قادة رجال الأعمال أكدت أنه يمكن لكوريا الشمالية احتذاء نموذج فيتنام التي استطاعت تجاوز ماضيها الصدامي مع الولايات المتحدة ونسج علاقات مثمرة معها قائمة على التعاون الاقتصادي. وقالت في هذا السياق "إنني أؤكد لكم بأننا مستعدون للترحيب بهم ضمن مستقبل واعد ومزدهر"، مضيفة "وحينها نستطيع تحقيق رؤية مجتمع موحد في شرق آسيا". يشار إلى أن كوريا الشمالية هي من بين الدول القليلة جداً غير المنضوية تحت مظلة مجموعة المنتدى الاقتصادي لدول شرق آسيا التي تعقد اجتماعها لهذه السنة في هانوي بفيتنام.
ورغم الموضوعات الأخرى التي تناولتها القمة مثل التعاون الاقتصادي وتحرير التجارة وغيرها، إلا أن القضية الأساسية التي هيمنت على المناقشات تمثلت في حزمة الحوافز التي تنوي الولايات المتحدة تقديمها إلى كوريا الشمالية لضمان نجاح المحادثات السداسية التي ستستأنف في الشهر المقبل وتحقيقها لغرضها النهائي المتمثل في لجم الطموح النووي لكوريا الشمالية. ووعياً منهم بالصعوبات التي تكتنف المباحثات مع بيونج يانج انطلاقاً من التجارب السابقة أكد المسؤولون الأميركيون أنهم لا يريدون الشروع في جولة جديدة من المفاوضات دون ضمان نتائج مثمرة. وفي هذا السياق أشار أحد المسؤولين الأميركيين إلى أن الولايات المتحدة كانت على وشك التوصل إلى اتفاق مع روسيا والصين وكوريا الجنوبية واليابان حول الخطوات المطلوبة من كوريا الشمالية قبل استئناف المفاوضات. وقد تركزت المباحثات مع تلك الدول حول الضمانات التي ستمنحها الولايات المتحدة لكوريا الشمالية في مقابل تخليها عن برنامجها النووي. يشار أيضاً إلى أنه في السابق كان المسؤولون الأميركيون يتحدثون عن التوقيع على اتفاقية تنهي رسمياً الحرب الكورية، لكنهم اليوم يشيرون إلى تنظيم تظاهرة تحتفي بالتوقيع ما دام الرئيس "كيم يونج إيل" يسعى إلى الاعتراف الأميركي بنظامه.
بيد أن عدداً قليلاً من الخبراء يتوقعون أن توقيع اتفاق سلام بين البلدين كافٍ لإقناع كوريا الشمالية بإغلاق منشآتها النووية والتجاوب مع باقي الخطوات المطلوبة منها. وقد اقترح البعض لتفادي فشل المباحثات المرتقبة أن تقدم الولايات المتحدة حوافز فورية مثل رفع القيود المالية المفروضة على بنك "ماكاو" الذي تتعامل معه بيونج يانج كبادرة لبناء الثقة وتشجيع المسؤولين في كوريا الشمالية على التجاوب مع مطالب الأطراف الستة المشاركة في جولة المفاوضات المقبلة.