الإدارة الأميركية فقدت بوتين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
جيم هوغلاند - واشنطن بوست
الالتقاء بفلاديمير بوتين لم يعد بالنسبة للرئيس جورج بوش فرصة لرفع المعنويات وتعزيز الود والتقارب بين الجانبين. إذ باتت لقاءات الرئيسين فرصة لاحتواء الأضرار او مجرد لقاءات مجدولة، لا بد من إجرائها خلال المؤتمرات الدولية. وكشف عدد من المسؤولين الاميركيين والأجانب، عن انه خلال محادثات خاصة في سياقات غير رسمية جرت بينه وبعض مستشاريه ومع وزعماء أجانب ايضا، خلال الأشهر الأخيرة، أعرب بوش عن خيبة امل وإحباط عميقين إزاء بوتين.
وكشف في هذا السياق، عن ان بوش سبق ان قال في عدة مناسبات ان الادارة الاميركية "فقدت بوتين"، وقال ايضا بحزن حول بوتين انه "يخشى الديمقراطية اكثر من أي شيء آخر" على الرغم من إشادة بوش بحماسة بالرئيس الروسي عقب قمتهما الأولى في يونيو (حزيران) 2001 ووصفه له بأنه "صريح ومحل ثقة"، وشريك في "نهج جديد لحقبة جديدة".
بوش ومستشاروه، يعملون جاهدين لمراعاة الشكليات الدبلوماسية، بغرض إبعاد شبهة أي شعور بالإحباط أمام الرأي العام. لذا فإن كلا من بوش وبوتين تبادلا الابتسامات، وعانق كل منهما الآخر، خلال توقف بوش في موسكو هذا الاسبوع، في طريقه الى قمة التعاون الاقتصادي في هانوي الاسبوع الماضي، حيث كان مقررا ان يلتقي بوش وبوتين امس.
إلا ان الواقع الآن اختلف تماما عما كان عليه من إثارة وحماسة تجاه بوتين عقب قمة عام 2001. ويبدو ان شعور بوش بخيبة الأمل والإحباط تجاه بوتين ليس جديدا. فقد انتهت الى نفس النتيجة محاولات سابقة من جانب الرئيسين السابقين بوش الأب تجاه ميخائيل غورباتشوف وبيل كلينتون تجاه بوريس يلتسين، وهي محاولات اعتمدت على جعل العلاقات بين البيت الابيض والكرملين، قائمة على اسس شخصية، على الرغم من ان المبدأ القائم يفترض ان للدول مصالح وليس اصدقاء.
وكان الرئيس بوش لا يزال يؤكد حتى مايو (آيار) الماضي، عندما انتقد نائب الرئيس ديك تشيني تراجع روسيا عن كفالة الحريات الديمقراطية، ان ثمة حاجة الى العمل مع بوتين. ولكن بانتهاء قمة الدول الصناعية الثماني التي استضافتها روسيا في يوليو (تموز) الماضي، بدأ بوش ترديد ما قاله تشيني عن روسيا، وشدد عليه في وقت لاحق خلال جلسات مغلقة في سبتمبر (ايلول) الماضي في الجلسة الافتتاحية للجمعية العامة للامم المتحدة ومناسبات اخرى.
وعندما تجاهل بوتين، بتعجرف، اغتيال الصحافية المنشقة الروسية آنا بوليتكوفسكيا، الشهر الماضي، اصدر بوش بيانا خاصاً، عبر فيه عن قلقه بخصوص القتل، بدلا من جعل رد فعل ضعيف صدر مسبقا من وزارة الخارجية، يمثل رد الفعل الأميركي.
وتصرف بوش كان تراكمياً اكثر من كونه مفاجئاً، كما فهمته، وناتج بصفة رئيسية من تردد الرئيس وقناعته المؤكدة ان بوتين ليست لديه الرغبة او النية لجعل روسيا مجتمعا اكثر ديموقراطية. كما ان مراوغة روسية بخصوص الجهود الأوروبية الاميركية المشتركة، لمنع ايران من تطوير اسلحة نووية، هو عامل مهم آخر في التراجع.
ومن السهل فهم تخلي بوش عن حماسه السابق لبوتين. ولكن واشنطن وموسكو، لديهما فرصتان في الافق لتوجيه العلاقات السياسية والتجارية نحو وضع افضل، وجعل علاقاتهما اقل عرضة للتقلبات الشخصية.
ففي قمة الناتو المزمع عقدها في الفترة من 27 الى 29 نوفمبر الحالي، ربما يتعرض بوش لإغراء التراجع عن الحل الوسط المبدئي الذي توصلت اليه واشنطن مع حلفائها الاوروبيين والكنديين المتعلق بمستقبل عضوية كل من جورجيا وأوكرانيا في الناتو.
وكانت الولايات المتحدة قد وافقت على عدم المطالبة بعقد اجتماع لتبني خطة عضوية واضحة للجمهوريتين السوفيتيين السابقتين والاكتفاء بـ"حوار مكثف" شكلي مع جورجيا وصمت بخصوص اوكرانيا.
والحل الوسط لا يزال مناسبا. فتهدئة التوتر بين روسيا وجورجيا، يجب ان يحتل الاولوية، ولا سيما بعد تعامل جورجيا المضطرب مع الحوادث الحدودية التي وقعت مؤخرا، والكشف علنا عن وجود شبكة تجسس روسية في تبليسي. ويحرم انهيار الحكومة الاصلاحية في اوكرانيا هذا البلد من أي اجماع وطني بخصوص عضوية الناتو.
وستقدم الفرصة الثانية اختبارا مبكرا للسياسة الخارجية للأغلبية الديمقراطية الجديدة في مجلسي النواب والشيوخ. وقد توصلت الادارة الى اتفاقية ثنائية مع روسيا، حول طلب الاخيرة الانضمام الى منظمة التجارة العالمية. ولكن الكونغرس يجب ان يتخلى عن قيود الحرب الباردة الرمزية حول التجارة المتضمنة في قانون "جاكسون ـ فانك" الصادر عام 1974 لكي يمكن تطبيق الاتفاقية الجديدة.
وقانون "جاكسون ـ فانك" الذي حاول الضغط على الاتحاد السوفياتي للسماح بهجرة اليهود الى اسرائيل، هو قانون متبق من ايام خلت، وقيمته العاطفية اقل اهمية من المضايقات التي تسبب فيها في العلاقات التي تحتاج لمزيد الفعل بدلا من القول.
ورؤية بوش الواضحة لأخطاء بوتين، وصراحة الزعيم الاميركي مع اعوانه هو تطور جيد. ولكنهم يجعلونه اكثر اهمية للولايات المتحدة وروسيا، بانتهاز الفرص التي تدعم علاقة لا يمكن ان تظل، لفترة طويلة، تحت سيطرة العلاقات الشخصية. اطرحوا السؤال على جورج بوش الأب وغوربي أو بيل وبوريس.