لبنان ليس أوكرانيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الإثنين: 2006.11.27
معن البياري
غير منسيّة بعد صيحة السيد حسن نصر الله قبل أقل من عامين أن لبنان ليس أوكرانيا، أمام حشد من مشايعيه، وقَصد بها انتقاد توظيف الفريق الآخر الشارع في اعتصامات طويلة من أجل إسقاط حكومة عمر كرامي والدفع باتجاه جلاء الجيش السوري، والإحالة أيضا ربما إلى صلة حالة أوكرانيا بتحبيذ أمريكا للرئيس الحالي فيكتور يفتشنكو الذي عسكر شبان وفتيات تحت الثلج من أجل الاتيان به رئيسا، وهو صديق الغرب المفضل، وإزاحة خصمه المقرب من روسيا. ومؤكد أن المفاضلة بين واشنطن وموسكو لم تكن في بال نصر الله، غير أن ظلال رفض نموذج أوكرانيا في لبنان غير قليلة في صيحته التي تستحضر نفسها في هذه الأيام، حيث يواصل حزب الله وحلفاؤه تهيئة أنصارهم للنزول إلى الشارع، في تحرك يهدف إلى إسقاط حكومة فؤاد السنيورة وتشكيل حكومة يتحقق فيها الثلث المعطل إياه، أو الضغط من أجل تنظيم انتخابات نيابية مبكرة، يُراهن على أنها لن تُبقي الأكثرية على أكثريتها الموهومة، بحسب وصف خصومها.
جاء نزول قسم كبير من الأوكرانيين إلى الشارع بالرئيس المفضّل لدى الأمريكيين، وجاء نزول قسم (كبير أيضا؟) من اللبنانيين إلى شارعهم بحكومة صار يعتبرها نصر الله أمريكية، خصوصا بعد خروج وزراء حزب الله وحركة أمل منها، ويسميها حكومة جيفري فيلتمان، والمعوّل على الشارع أن يصحّح الحال، فلا يكون أوكرانيا هذه المرة. وإذا كانت الغاية ووسائل تنفيذها ديمقراطية وسلمية، فالخشية مسوّغة تماما من أن يتخلل التظاهر والاحتجاج في الشارع ما لا يسرّ صديقا ولا يغيظ عدوا، لا سيما وأن الحديث يتردد عن آلاف آلاف البشر، وفي البال أن ثمة قبل أكثر من عام من رفع رسوما لجبران تويني ووليد جنبلاط على غير آدميتهم، ووقع يوم الخميس الماضي في المأتم السياسي لأهل 14 آذار ما هو مسيء وتجاوز كل الأخلاق.
هو التحسّب ليس إلا، لا يساق هنا إلا من باب أن لبنان ليس أوكرانيا، وإن كان باب وجهة النظر هذه غيره الذي نظر منه نصر الله في قولته تلك. نتحسّب وفي قناعتنا أن زقاق شارع اللبنانيين ومتفرعاته وزواريبه غير هينة العدد، ولأن اليد الشيطانية التي استهدفت مروان حماده ورفيق الحريري ومي شدياق وسمير قصير وجبران تويني وجورج حاوي وإلياس المر وبيار الجميل وجدت في الشوارع اللبنانية من يعينها، وليس مؤكدا أو واردا ربما أن نعرف أحدا من القتلة. يرد إلى الخواطر هذا، ولا نغفل أن اضرابات ومظاهرات في 1952 أجبرت الرئيس بشارة الخوري على التنحي، ومثلها في 1958 أسقطت حكومة لرشيد كرامي، أما ثورة الأرز بحسب تسمية كوندوليزا رايس لها فقد فعلت ما فعلت قبل عامين، تُرى هل يطيح شارع 8 آذار حكومة فؤاد السنيورة، ويزيح شارع 14 آذار إميل لحود؟ نسأل فيما رجع صدى القول أن لبنان ليس أوكرانيا يعود هذه المرة إلى صاحبه السيد حسن نصر الله تحديدا.