المعارضة تحشد مئات الآلاف لاسقاط السنيورة واتصالات تمنع تطويق السراي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مفتي الجمهورية يؤم صلاة الجمعة في المقر الحكومي
عون: اتمنى الا يختبئوا وراء الملالات والاسلاك الشائكة ...
الملك عبدالله يؤكد "دعمه الكامل" للحكومة اللبنانية ورئيسها يتصل بقادة مصر والاردن وزيباري وموسى ...
بيروت ، نيويورك - الحياة
باشرت المعارضة اللبنانية أمس، اعتصامها المفتوح لإسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، في نهاية يوم حافل شهد تجمع مئات الآلاف من أنصار أحزابها وقادتها، وخصوصاً "حزب الله"، في ساحتي الشهداء ورياض الصلح قبالة السراي الحكومي، حيث اتخذ الجيش وقوى الأمن الداخلي تدابير أمنية مشددة لحمايته. وبقي السنيورة واعضاء في حكومته فيه حيث أدى بعضهم صلاة الجمعة التي أمّها مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني داخلها.
وحاصر بعض المحتشدين ليلاً المقر الحكومي مع ارفضاض التجمع الضخم، بنصب الخيم للمبيت فيها على كل الطرقات المؤدية اليه ما أدى الى منع الدخول اليه والخروج منه، فأُجريت اتصالات عاجلة بين الجيش اللبناني وقيادة "حزب الله"، خصوصاً أن الاتفاق الذي سبق التحرك الشعبي للمعارضة كان يقضي بترك الطرق مفتوحة الى السراي وعدم قطعها، في ظل الاعتصام المفتوح الذي قرّرته المعارضة. وأدت هذه الاتصالات ليلاً الى تحذير من الجيش، فرفعت الخيم وفتحت الطرقات الى السراي.
وبعد شيوع الأنباء عن محاصرة السراي وإقفال الطرق اليها، تلقى السنيورة اتصالاً من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أبلغه فيه "دعمه الكامل لمواقفه السياسية ومعارضة المملكة العربية السعودية أي عمليات للاخلال بالأمن"، كما جاء في نبأ وزّعه المكتب الاعلامي للسنيورة، ثم تحدث الملك عبدالله الى الوزراء الموجودين في السراي "فرداً فرداً وأبلغهم دعمه ومؤازرته الكاملة".
وكان السنيورة، أجرى بعد ظهر أمس، اتصالات هاتفية بكل من الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس المصري حسني مبارك والملك الأردني عبدالله الثاني ووزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري والأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ومفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا. وكان بحث في الأوضاع الراهنة المحيطة بلبنان والمنطقة. وأبلغ هؤلاء السنيورة "دعمهم الكامل لحكومته والمواقف التي اتخذها".
ودشّن التحرّك الشعبي الذي بدأته المعارضة أزمة بين الأخيرة وبين الأكثرية، مفتوحة على كل الاحتمالات الدراماتيكية، خصوصاً بعد إقفال الطرقات الى السراي، يبدو ان القاعدة التي ستتحكّم فيها هي "مَن يتحمّل أكثر سنرى"، كما قال خطيب المهرجان الذي اختتم به الاعتصام الشعبي المعارض زعيم "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون.
الحصار واتصالات الجيش
وكانت الطرق المحيطة بالسراي أقفلت حوالى الخامسة عصراً، وبعيد انتهاء العماد عون من القاء كلمته وارفضاض بعض الحشود، فاستقدمت مجموعات منظمة من "حزب الله"، لم تكن بين الحشود بل كان بعضها ينتظر في أحياء قريبة، عدداً كبيراً من الخيم بالشاحنات الصغيرة وزّعها افراد هذه المجموعات الذين بدوا في جاهزية صدامية، على أربعة أو خمسة منافذ الى المقر الحكومي. ونصبت وسط الطرق كي يبيت فيها هؤلاء العناصر، على جسر زقاق البلاط، وقصر فرعون وشارع رياض الصلح، ومدخل وادي أبو جميل ومحيط منطقة المدرسة الأهلية. وفي منفذ آخر يمكن سلوكه عبر السلالم الحجرية الى السراي افترشت مجموعات من الحزب الطريق وأخذت تهتف ضد الحكومة، فيما حال الجيش دونها وهذا المنفذ.
وبعد دقائق شاع نبأ إقفال هذه المنافذ وتردد ان موكباً لإحدى الشخصيات حضر للدخول الى السراي ولم يتمكن من ذلك. وأجرى مسؤولون في السراي اتصالات بقيادة الجيش لإبلاغها ان ما حصل مخالف لاتفاق عقدته مع "حزب الله" ومنظمي الاعتصام، على عدم اقفال الطرق الى السراي. واتصل ضباط من الجيش بقياديين من حركة "أمل" والحزب كان جواب هؤلاء ان الاتفاق هو على عدم التعرّض للمؤسسات العامة. ولم يشمل الطرق. وفي بعض الاتصالات نسب بعض قادة الحزب نصب الخيم الى مناصري النائب السابق سليمان فرنجية.
وكانت أنباء محاصرة السراي تسرّبت في سرعة الى بعض المناطق، وعلمت "الحياة" ان المخاوف من ردود فعل دفعت قائد الجيش العماد ميشال سليمان ومدير المخابرات العميد جورج خوري الى اجراء اتصالات عاجلة مع قيادة الحزب استمرت حتى ما قبل السابعة مساء. وقالت مصادر أمنية لـ "الحياة" ان قيادة الجيش أبلغت الحزب انه، نتيجة محاصرة السراي، هناك احتقان في الشارع وان الجيش مضطر للتدخل من أجل فتح الطرق اذا لم تُزل الخيم ويُسحب العناصر الذين نصبوها أو افترشوا الأرض. واتفق نتيجة هذه الاتصالات على فتح الطرق الى السراي وبدأت إزالة الخيم حوالى الثامنة مساء. وعلمت "الحياة" انه واكب هذه الاتصالات اتصال السنيورة ورئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري ورئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" وليد جنبلاط والمفتي قباني (الذي كان اعتبر ان إسقاط الحكومة في الشارع سابقة خطيرة) بالرئيس بري وإبلاغه بمحاصرة السراي محتجّين على ذلك ومطالبين بفك الحصار. كما زار بري في مقرّه السفير السعودي عبدالعزيز خوجة، والسفير المصري حسين ضرار حاملاً إليه رسالة من الرئيس حسني مبارك في شأن الحصار.
وقالت مصادر مطلعة ان بري تحرّك على وجه السرعة في اتصالات مع النائب علي حسن خليل الذي كان في ساحة رياض الصلح وقياديين آخرين في حركة "أمل" طالباً اليهم فكّ الحصار فوراً. ونقلت المصادر عن بري قوله انه لا يقبل بتصرّف كهذا ويجب فتح الطرق مهما كلّف الأمر "فنحن نشارك في هذا التحرّك المعارض من أجل التعبير الديموقراطي السلمي، ولا نريد وضع البلد أمام دورة عنف. وجرى اتصال ثانٍ بين بري والسنيورة للتأكد من فكّ الحصار. وصدر عن قيادة الجيش مديرية التوجيه البيان الآتي: "نفّذت قوى الجيش تدابير أمنية شاملة في المناطق اللبنانية كلها وبخاصة في محيط ساحتي رياض الصلح والشهداء، حماية لحرية التعبير وحفاظاً على أمن المواطنين، وعلى المؤسسات العامة والممتلكات الخاصة من دون ان تسجّل أي حوادث أمنية. وتتابع هذه القوى مهماتها للحفاظ على الأمن، ولإبقاء الطرق العامة كلها سالكة أمام حركة المواطنين".
وكان التجمع الشعبي الضخم الذي شهده وسط بيروت، تخطى عروض القوة في ما يسمى "حرب الساحات" التي تتناوب عليها المعارضة والأكثرية منذ اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 14 شباط (فبراير) العام 2005، فاستعادت المعارضة مشهد الحشد الضخم الذي قامت به في 8 آذار (مارس) من العام نفسه قبل الانسحاب السوري من لبنان، والذي جاء تضامناً مع دمشق ازاء الحملة عليها.
وقالت مصادر المعارضة ان الاعتصام المفتوح سيستمر أمام السراي الى ان تسقط الحكومة. وأعلن المعاون السياسي للأمين العام لـ "حزب الله" حسين الخليل ان خطوات أخرى ستنفّذ لتحقيق هذا الهدف.
ورفع المتظاهرون الذين أتوا من كل صوب وخصوصاً من البقاع والجنوب بالباصات ومن ضاحية بيروت الجنوبية، حيث أقفلت المدارس وبعض المحال التجارية، لافتات وشعارات تطالب بـ "حكومة نظيفة". ورفع المتظاهرون العلم اللبناني الذي غلب على الاعلام الحزبية القليلة التي ظهرت لتيار عون و "المردة" (النائب السابق سليمان فرنجية) وحركة "أمل" والحزب السوري القومي الاجتماعي. وكانت المشاركة متفاوتة من الجبل ومن الشمال والعاصمة، حيث استمرت الحياة عادية، فيما غلب على بعض المناطق المسيحية استمرار مظاهر الحداد على الجميل. وهتف المتظاهرون: "يا سنيورة انزال انزال الكرسي بدها رجال"، و "فيلتمان (السفير الأميركي جيفري) اطلع برّا بدنا حكومة حرة".
ووضعت المعارضة برنامجاً يومياً للمهرجان الخطابي الذي يتخلل الاعتصام المفتوح، والذي تتوسع المشاركة الشعبية فيه نهاراً وتتقلّص ليلاً لينام المعتصمون في الخيم التي نصبت في محيط ساحتي رياض الصلح، والشهداء التي قسّمت نصفين، حيث منع الجيش المتظاهرين من دخول الجزء الذي يقع فيه ضريح الرئيس الحريري، ووضع صفوفاً من الاسلاك الشائكة، كذلك في محيط السراي الحكومي حيث انتشر الجيش ورفع اسلاكاً شائكة للحؤول دون اقتراب المتظاهرين من مداخلها، فيما اصطف رجال الانضباط التابعون للحزب بين هذه الاسلاك والمتظاهرين في اشارة الى عدم جواز التقدم اليها.
وكان دور العماد عون في اليوم الأول القاء كلمة من على منصة صغيرة استحدثت مقابل ساحة رياض الصلح من وراء زجاج مضاد للرصاص وخلفه حسين الخليل من قيادة الحزب والنائب علي حسن خليل من كتلة رئيس البرلمان نبيه بري النيابية. وقال عون: "نحن لا نسعى الى عزلهم ولا الى الاستئثار بالسلطة... نحن نسعى الى أن نشارك في القرار الوطني". وقال إنه اذ ينتقد رئيس الحكومة "لا نوجّه النقد الى الطائفة السنّية بل الى رئيس الحكومة اللبنانية الذي بادائه أخطأ كثيراً ويجب ان يتنحّى عن مركزه ليجلس مكانه سنّي آخر أكثر خبرة وأكثر معرفة بنسيج الشعب اللبناني". وأضاف عون: "أتمنى لو ان رئيس الوزراء والوزراء بيننا اليوم ولا يختبئون وراء الشريط الشائك وملالات الجيش...". وأكد ان المخرج الوحيد هو استقالة الحكومة. ويُنتظر ان يتحدث في اعتصام اليوم أحد أقطاب المعارضة.
انان "قلق"
وفي نيويورك، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان، بحسب الناطق باسمه، عن "قلقه البالغ" للوضع في لبنان، معتبراً أنه "من الواضح أن حلاً سياسياً هو الوحيد الكفيل بتخطي التحديات التي تواجه لبنان. ويجب على الأطراف اللبنانية أن تعاود الحوار لايجاد مسار سياسي للتقدم". وشدد على ضرورة أن تبقى التظاهرة "مسالمة وغير عنيفة".
من جهة أخرى، أكد الناطق ستيفان دوجاريك أن الأمين العام يستعد لارسال رسالة الى مجلس الأمن "لاطلاع أعضائه على التطورات في تطبيق القرار 1701". ومن المتوقع أن تتناول الرسالة نشاطات قوات "يونيفيل" والخروقات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية والألغام ومزارع شبعا.
وصرح السفير الأميركي جون بولتون بانه ينتظر من رسالة الأمين العام "تحديد أي دول التزمت متطلبات القرار وأي دول خرقته". وعن تظاهرات المعارضة في لبنان قال: "يتمتع الناس بحق التعبير عن آرائهم السياسية، لكن هذه التظاهرات تقع في سياق انقلاب بإيحاء سوري وايراني... ويعكس ما قاله نصرالله قبل اسابيع بأنها جزء من الجهود لإسقاط الحكومة المنتخبة ديموقراطياً". وأعرب عن أمله ان تبقى التظاهرات "مسالمة".
ورد السفير البريطاني أمير جونز بيري على سؤال عن وصف التظاهرات بأنها انقلاب بالقول: "لا أعتقد بانها انقلاب... لكن دعمنا لحكومة السنيورة مستمر ولا تساعد تظاهرات حزب الله على انشاء حكومة قوية في لبنان".