التمرد والأفيون والحلقة المُفرغة في أفغانستان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الإثنين 04 ديسمبر2006
كارين دي يانغ
أفادت الإدارة الأميركية يوم أمس أن إنتاج الأفيون في أفغانستان، الذي يأتي منه أكثر من 90% من الإنتاج العالمي لمخدر الهرويين، حطم رقماً قياسياً جديداً في معدل الإنتاج خلال عام 2006 ليصل إلى أعلى مستوياته منذ فترة طويلة، وذلك بالرغم من الجهود الأميركية الرامية إلى القضاء على زراعة نبات الخشخاش في أفغانستان. فبالإضافة إلى ارتفاع الإنتاج خلال السنة الماضية إلى أكثر من 26% ارتفعت أيضاً مساحة الأراضي المزروعة به بحوالى 61%. يذكر أن الارتفاع الكبير في نسبة إنتاج الأفيون اقتصر بالأساس على محافظتين هما هلمند في الجنوب الغربي لأفغانستان، وأورزغان في وسط البلاد، حيث ارتفعت فيهما نسبة زراعة الخشخاش إلى 132%. وفي رده على الأرقام الجديدة التي كشفت عنها الإدارة الأميركية وصف "جون وولترز" المسؤول عن سياسة المخدرات في البيت الأبيض الوضع في أفغانستان بـ"المخيب للآمال". ويعزو البيت الأبيض هذا الارتفاع الكبير في زراعة نبات الخشخاش إلى الوضع الأمني غير المستقر بسبب الهجمات التي ينفذها عناصر "طالبان".
وبالرغم من المشاكل الأمنية التي تواجهها القوات الأميركية في التصدي لـ"طالبان" أعلن مسؤولون أميركيون أن مشكلة تجارة المخدرات هي الأكثر خطورة بحيث باتت تضاهي، إن لم تكن تفوق، الخطر الذي تمثله "طالبان"، وهو ما يهدد بتعطيل السياسة الأميركية في أفغانستان. وفي هذا الصدد صرح "جيمس جونز"، القائد الأعلى لقوات التحالف المشتركة في حلف شمال الأطلسي في خطاب ألقاه مؤخراً أمام مجلس العلاقات الخارجية الأميركي: "إن تجارة المخدرات أصبحت هي نقطة ضعف أفغانستان الحقيقية". وتشهد أفغانستان أكبر عملية عسكرية يخوض غمارها حلف "الناتو" بعدد قوات يفوق 30 ألف جندي. وأضاف القائد الأعلى لقوات حلف شمال الأطلسي أن أباطرة المخدرات في أفغانستان كثيراً ما يدخلون في معارك مع قوات "الناتو"، مشيراً إلى أنهم: "يملكون قدراتهم الخاصة لإلحاق الضرر بقواتنا، كما أنهم يحرصون على إبقاء الطرق والمنافذ مفتوحة في وجوههم للوصول إلى الأماكن التي يريدونها سواء عبر باكستان، أو إيران، بهدف بلوغ روسيا". ويؤكد "جيمس جونز" قائلاً: "إنهم يضمنون الحماية من خلال تمويل المنظمات الأخرى مثل المجموعات الإجرامية، والقبائل، وتحريضها على العنف لإبقاء الحكومة بعيدة عن مناطقهم".
واللافت أن أية قيود تفرض على تجارة المخدرات ستكون لها تداعيات مؤثرة على الاقتصاد الأفغاني وعلى استقرار السياسي في البلاد. فرغم التراجع النسبي لتجارة المخدرات في ظل تنامي قطاعات اقتصادية أخرى خلال السنوات الأخيرة، إلا أن تلك التجارة مازالت تشكل 2.6 مليار دولار ضمن المداخيل السنوية للبلاد، وهو ما يشكل ثلث الناتج المحلي الإجمالي لأفغانستان. وحتى في ظل الفائدة القليلة نسبياً التي يجنيها المزارعون مقارنة مع تجار المخدرات، إلا أن دخلهم ارتفع بأكثر من 12 مرة مقارنة مع باقي المحاصيل، بحيث أصبح من الصعب إقناع الأهالي بالتخلي عن زراعة نبات الخشخاش الذي يدر عليهم أموالاً جيدة. وفي هذا الصدد خاطب "مايكل هايدن"، مدير وكالة الاستخبارات المركزية الكونجرس الشهر الماضي قائلاً: "إنها مشكلة صعبة، لاسيما وأننا نركز في الوقت الحاضر على فرض الاستقرار. فالذهاب إلى تلك المناطق واستهداف تجارة المخدرات يدخلنا في عداوة مع الأهالي، وهو ما يغذي عدم الاستقرار ويقوض جهودنا في هذا الاتجاه".
ورغم المشاركة الكثيفة للشرطة الأفغانية في جهود القضاء على زراعة نبتة الخشخاش من خلال تجريف محاصيلها ومراقبة الأراضي الزراعية، إلا أن الولاءات القبلية، فضلاً عن الفساد المتفشي بين أفراد الشرطة يفرغان تلك الجهود من مضمونها ويحكمان عليها بالفشل. فمن بين 430 ألف هكتار من الأراضي المزروعة بنبات الخشخاش التي رصدتها قوات حلف شمال الأطلسي لم يتم القضاء سوى على 38 ألف هكتار حتى الآن.
عن الإتحاد