جريدة الجرائد

لبنان: موسى يسابق الانزلاق اللبناني ويسعى لتكوين مبادرة وسط تأزم الوضع

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الجميل زار نصرالله ليلاً وقوى 14 آذار طالبت بري بوضع الأزمة في عهدة المجلس


النهار

شكلت مجموعة صدامات شهدتها احياء مختلفة من العاصمة امس، في اليوم الثالث لحركة الاعتصام والتظاهر التي تنظمها المعارضة في وسط بيروت، اشارة انذار مبكر لسائر القوى السياسية وكذلك للدول العربية والاجنبية التي تسارعت تحذيراتها في الايام الاخيرة من دخول لبنان متاهة بالغة الخطورة.

واذ أسفرت هذه الصدامات عن سقوط ضحية و11 جريحا، فإن "ضياع الطاسة" في تحديد المسؤوليات وسط جو غلب عليه التراشق الحاد بالاتهامات وضع البلاد امام مفترق قاتم تجلى في مسارعة الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الى الحضور الى بيروت وشروعه فورا في اجتماعات متلاحقة واتصالات بجميع الاطراف استمرت الى ما بعد منتصف الليل. وعكست وساطة عمرو موسى في ملامحها الفورية رغبة عربية مدعومة برغبة دولية في التدخل السريع ومحاولة اقناع القوى اللبنانية بضرورة العودة الى طاولة الحوار تجنبا للانزلاق نحو الاسوأ.
وتبعا لذلك افادت المعلومات المتوافرة عن تحرك الامين العام انه استمع طويلا الى آراء الاطراف بدءا برئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ورئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم التقى ليلا في فندق "روتانا" وفدا من "حزب الله" ضم المعاون السياسي للامين العام حسين خليل ومسؤول العلاقات الخارجية في الحزب نواف الموسوي مدة ساعة. واجرى ايضا من جناحه في الفندق اتصالات شملت الرئيس سليم الحص والعماد ميشال عون وئيس الهيئة التنفيذية لـ"القوات اللبنانية" سمير جعجع، ثم زار رئيس "كتلة المستقبل" النائب سعد الحريري في قريطم، ليعود ويلتقي الرئيس السنيورة الى عشاء في السرايا في حضور النائب وليد جنبلاط وعدد من الوزراء. واذ نفى موسى ان يكون حاملا مشروع حل، اوضح انه يأمل بعد انتهاء محادثاته في "بلورة امر ما". واكد "اننا لا يمكن ان نعتبر مجرد متفرجين على موقف خطير بهذا الشكل من التطور في لبنان"، مشيرا الى "ان التوافق الوطني هو المنطلق والاساس لاي عمل عربي". وكشف انه ابلغ الى من التقاهم "التزامنا الخروج من الورطة والازمة الموجودة ونحن نعمل من اجل لبنان وان نسوي الامور على اساس الوحدة الوطنية والتوصل الى الصيغة المناسبة".

وعقب عودته الى جناحه في الفندق بعيد منتصف لليل، استقبل السفير السعودي عبد العزيز خوجه، وتداولا الافكار المطروحة لايجاد حل للازمة. وعلم ان موسى سيلتقي صباح اليوم رئيس الجمهورية اميل لحود والرئيس امين الجميل، ثم يسافر الى القاهرة.وقالت اوساط واسعة الاطلاع لـ"النهار" ان موسى لم يحمل صيغة جاهزة للحل، لكنه حرص على معرفة المواقف التفصيلية للاطراف سعيا الى تطوير افكار وتكوين اطار يمكن ان يشكل منطلقا للتسوية. واضافت ان الموقف الجامع لعدد من الدول العربية يشدد على ضرورة فك الحصار عن السرايا وانهاء الاعتصام والعودة الى الحوار باعتبار ان الطريقة المتبعة لا تشكل "طريقا آمنا" لاسقاط الحكومة، بل السعي الى اتفاق على برنامج سياسي بين القوى المختلفة يجري على اساسه توسيع الحكومة.
لكن الامين العام لم يطرح بعد اي مبادرة تفصيلية، ويبدو انه ينتظر جوابا معينا عن استفسارات طرحها على وفد "حزب الله" امس. ومن غير المستبعد ان يعود ثانية الى بيروت هذا الاسبوع.
وفيما يسعى موسى الى احداث ثغرة في جدار الازمة المنذرة بمزيد من التفاقم، يزور السفير المصري حسين ضرار اليوم للمرة الثالثة في غضون يومين رئيس مجلس النواب، كما يلتقي بعد الظهر النائب الحريري لعرض نتائج الاتصالات والمشاورات الجارية بحثا عن مخرج للازمة.

وكان وفد من نواب قوى 14 آذار قام امس بمسعى لدى الرئيس بري ادرج في اطار اعادة التواصل المقطوع منذ ايام. وعلم ان النواب نقلوا الى رئيس المجلس اقتراحا لتحريك مجلس النواب بما يكفل وضع يده على الازمة ونزع المشكلة من الشارع ووضعها في عهدة المجلس. لكن بري حذر من ان ذلك قد يؤدي الى نقل الازمة الى المجلس نفسه بما لا تحمد عقباه، مؤكدا ان الامر لا يعالج الا بتحقيق مطلب المعارضة في اقامة حكومة وحدة وطنية يكون فيها للمعارضة الثلث زائد واحد.

الجميل ونصرالله

وفي اطار المساعي نفسها علمت "النهار" ان الرئيس الجميل قام ليل امس بزيارة للامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وعقد معه جولة مشاورات طويلة تناولت الازمة السياسية وامكانات التوصل الى مخرج لها وشكر له تعزيته اياه باستشهاد ابنه.
واتصل الجميل لاحقا بقيادات قوى 14 آذار واطلعها على نتائج الزيارة علما انه كان اطلعها سلفا على نيته القيام بها.

اليوم الثالث

ومع استمرار اعتصام القوى المعارضة في وسط بيروت لليوم الثالث، شهدت مناطق الشمال والبقاع وبعض مناطق بيروت الاخرى مهرجانات ومسيرات حاشدة تأييدا للحكومة ورئيسها فؤاد السنيورة ولقوى 14 آذار.
وكان اضخم هذه المسيرات والمهرجانات في طرابلس وعكار والبقاعين الاوسط والغربي.
اما في بيروت، فأقيم في السرايا قداس على نية الوزير الشهيد بيار الجميل تقدم الحضور فيه الرئيس السنيورة والرئيس الجميل وافراد عائلته وعدد من الوزراء ونواب قوى 14 آذار وشخصيات. ووصف السنيورة التفكير في اقتحام السرايا بأنه "مشروع مشكل طويل عريض"، معرباً عن ثقته بأن "هناك الكثير من العقلاء يعرفون ان هذا الطريق لا يوصل الى شيء". وقال: "انا لن أرحل وأنا جالس هنا ما دمت أتمتع بثقة مجلس النواب واللبنانيين والمؤسسات الدستورية".

واستغرب رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط ادعاء المطالبين بالمشاركة بأنهم أقلية وقال "لم ار في حياتي اقلية تملك عشرات ألوف الصواريخ والمدافع وتقرر الحرب عندما تشاء والسلم عندما تشاء". واعتبر ان المشكلة هي "مع مجموعة استأثرت بطائفة بكاملها أو بقسم من طائفة واستأثرت بالوطن باسم ما يسمى أقلية".
في المقابل، أقام "التيار الوطني الحر" قداساً حاشداً في كاتدرائية مار جرجس المارونية، وتلاه بعد الظهر توافد كثيف لمناصري "التيار" وتيار "المردة" الى ساحة رياض الصلح حيث كان الوزير السابق سليمان فرنجيه احد الخطباء امام المعتصمين.
وجرت هذه التحركات فيما كان جانب آخر على الخط البحري يشهد سباق ماراتون بيروت الدولي الرابع، الذي شارك فيه آلاف من اللبنانيين.

صدامات

ومع ان ساعات النهار مرت بهدوء، فان المشهد انقلب مساء ومع ساعات الليل، اذ سجل في محلة قصقص أول اصطدام بين أنصار الفريقين ادى الى سقوط 11 جريحاً بينهم مصور "النهار" ابرهيم الطويل الذي اصيب بكسور في وجهه ومصور "السفير" علي علوش ومصور وكالة "الأسوشيتدبرس" حسين الملا وتم تكسير كاميراتهم.

ثم انتقلت الصدامات الى منطقة صبرا حيث حصل حادث مريب قتل فيه احمد علي محمود في اطلاق نار من مسافة بعيدة وجرح اثنان. كذلك حصلت صدامات في برج أبو حيدر وبربور.
وأجرى الرئيس السنيورة اتصالات بكل من وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد ميشال سليمان وطلب منهما "اتخاذ التدابير اللازمة والعقوبات الرادعة في حق أي مخل بالأمن أياً كان والى اي جهة انتمى من دون اي تردد". كذلك اتصل بالرئيس بري واطلعه على التعليمات التي وجهت الى الاجهزة الامنية والتدابير المتخذة واتفقا على متابعة الأمور لتطويق أي اشكال أو اخلال بالأمن.
ووجه النائب الحريري دعوة الى انصار "تيار المستقبل" في كل لبنان لـ"التزام الهدوء وعدم الرد على الاستفزازات أياً كانت اشكالها والتعامل بروح الاستيعاب ورفض الفتنة التي تحاول عناصر مدسوسة ومشبوهة بثها في جميع المناطق وخصوصاً في بيروت". وحمل الذين "لجأوا الى التصعيد في الشارع واعتمدوا لغة الشتيمة والتخوين في وجه الرموز الوطنية وعلى رأسها روح الرئيس الشهيد رفيق الحريري وحكومة الرئيس السنيورة مسؤولية قراراتهم والمنزلق الخطير الذي اوصلوا البلاد اليه".

وعلم ان قائد الجيش قام ليلاً بجولة على المناطق التي شهدت صدامات واوعز بتعزيز القوى العسكرية المنتشرة في كل المناطق وشدد على منع الشغب واي اخلال بالأمن او خروج على القوانين.

روسيا

وفي المواقف الدولية من الأزمة اللبنانية، حضت وزارة الخارجية الروسية أمس الزعماء اللبنانيين على منع البلاد من الانزلاق الى المواجهة. ونقلت وكالة "نوفوستي" الروسية عن الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية ميخائيل كامينين "ان التوتر في ذلك البلد مستمر لسوء الحظ"، مشيراً الى ان موسكو "تولي تعزيز الاستقرار والاتفاق الوطني في لبنان أهمية كبيرة". وأضاف ان "السبيل الوحيد للحفاظ على السلم الأهلي في هذا البلد يكمن في الحوار بين جميع القوى السياسية وفي البحث عن حلول تسوية جماعية مع اخذ مصالح جميع اللبنانيين في الاعتبار في اطار الدستور". ودعا المسؤولين السياسيين في لبنان الى "تحمل مسؤولياتهم وعدم السماح بان تزداد الهوة في صفوف المجتمع اللبناني".

ايران

وفي طهران قال النائب الأول للرئيس الايراني برويز داودي انه ينبغي تشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان منبثقة من الشعب وبمشاركة جميع الطوائف. ونقلت وكالة الجمهورية الاسلامية للانباء "ارنا"الايرانية عنه قوله في مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ان نجاح لبنان هو في وحدته الوطنية. كذلك شدد وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي بعد محادثاته مع اردوغان على ان تسوية مشاكل لبنان يجب ان تكون من داخل المجتمع اللبناني. وقال: " ان الذين اختبروا في السابق فشل سياستهم حيال لبنان بانتصار المقاومة خلال حرب الـ 33 يوماً لا ينبغي ان يحاولوا تكرار أخطائهم وفرض سياساتهم على لبنان". أما رئيس الوزراء التركي فأبدى قلقه من الظروف في لبنان وقال "انه يتعين على تركيا والدول الاسلامية الا تسمح بتنفيذ سياسات خاطئة واثارة الصراعات الطائفية التي يسعى اليها البعض في لبنان".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف