أحداث لبنان... ليست لبنانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الأربعاء 06 ديسمبر2006
د. علي الطراح
"حزب الله" حشد مؤيديه لإسقاط حكومة فؤاد السنيورة, فدعا للتظاهر ومحاصرة قصر السرايا للضغط على الحكومة لتقديم استقالتها، ودخل لبنان في حالة اضطراب سياسي قد تؤدي إلى نشوب مواجهات وربما قد تنشب حرب أهلية جديدة. ماذا يريد "حزب الله"؟ إنه يريد أن يوجه صفعة للسياسة الأميركية, وهو يسعى إلى إجهاض التحالف الأميركي العربي "المعتدل" الداعم لحكومة السنيورة. الصراع في لبنان ليس صراعاً محلياً بقدر ما هو صورة لتضارب المصالح في الشرق الأوسط، بين إيران وسوريا من جهة وأميركا وحلفائها العرب من جهة ثانية. نجاح "حزب الله" في فرض نفوذه، يعني انتكاسة للدبلوماسية الأميركية.
نحن لا نتفق مع كل ما يطرحه تحالف 14 آذار، إلا أن لبنان في وضعه الحالي يعيش مرحلة تحول في تاريخه؛ فالدولة اللبنانية عانت ولعقود طويلة من تهميش القرار الوطني، وآن الأوان للبنان أن يتخذ قراراته التاريخية، والاختلاف يجب أن يكون ضمن القنوات الدستورية، ومن تحت قبة البرلمان، وليس من خلال التعبئة والحشد لإسقاط حكومة السنيورة. الخوف أن يتحول لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها العرب من جانب وإيران وسوريا من جانب آخر. سوريا لديها حساباتها ومصالحها التي تتلاقى مرحلياً مع المصالح الإيرانية، وتستخدم حليفها القوي "حزب الله" لمواجهة التحالف العربي- الأميركي, ولبنان الدولة تدفع ثمن تحالفات أطراف الصراع. "حزب الله" يمثل الغالبية الشيعية، ويسعى إلى بسط نفوذه في الساحة العربية خصوصاً أن الحزب له امتداده في هذه الساحة؛ ففي الكويت مثلاً للحزب أنصاره ومؤسساته, وبالتالي فهذا الحزب لا يمثل الحالة اللبنانية بقدر ما يمثل الامتداد الأيديولوجي لإيران الثورية.
"حزب الله" يتحفظ على المحكمة الدولية، ويعتبر تشكيلها تدخلاً في الشأن اللبناني, وحقيقة الأمر "حزب الله" يسعى لإبعاد أي شبهات عن النظام السوري ويرى بأن تشكيل المحكمة الدولية يعبر عن الهيمنة الأميركية، بينما واقع الحال هو أن مقتل الحريري يظل مثار جدل وبحاجة إلى كشف ملابساته. إذا كانت سوريا غير ضالعة في مقتل الحريري فليس لديها ما تخاف من المحكمة الدولية التي ستبين الحقائق والملابسات. نحن لا نتهم سوريا بالاغتيالات على الساحة اللبنانية، فقد تكون أطراف دولية لها مصلحة في اضطراب الساحة اللبنانية, إلا أن سوريا تضررت من خروجها من لبنان، وهي قوة مؤثرة في الساحة اللبنانية ولا يستبعد أن يكون لديها ما يشير إلى خطوط الجريمة وبالتالي، فهي معنية بالأمر وعليها المضي في كشف الحقيقة خصوصاً إذا كانت غير متورطة في جرائم الاغتيال حسب ادعائها.
سوريا وإيران دخلتا في تحالف وهما تسعيان إلى عرقلة التحول السلمي في العراق، خصوصاً إيران التي تملك كثيراً من أوراق اللعبة السياسية في العراق, ومن المؤكد أن التحول الديمقراطي وإن كان مستبعداً في المشهد العراقي, له تأثيراته على إيران. نحن نتفق على أن لأميركا مصالحها في المنطقة، وهي تنطلق من هذه المصالح في ترتيب أوراق الصراع، إلا أن الانسحاب الأميركي من العراق دون أن يرافقه تفاهم، سواء في داخل العراق أو بين دول الجوار، من المؤكد أن ذلك سيضرم شرارة الطائفية وسينقلها إلى بلدان الجوار.
الوضع في غاية الخطورة في لبنان، والصراع لا يدار بحشد المؤيدين والنزول إلى الشارع, وإنما من خلال العودة إلى طاولة المفاوضات وطرح نقاط الاختلاف والتفاهم حولها، ضمن السيادة اللبنانية. التيار العربي "المعتدل" عليه أن ينزع عباءة التردد وأن يتحرك وفق مصالحه, وأن يعي بأن الوقت يمضي بسرعة فائقة وأنه لم يعد هناك مجال لحالة التذبذب والتردد.