جريدة الجرائد

دنيس روس : 3 أشياء على الإدارة الأميركية أن تفعلها في العراق

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

المنسق الأميركي السابق للسلام في الشرق الأوسط قال إن الحوار الأميركي مع إيران محتمل أكثر من سورية


حوار - منال لطفي


قال دنيس روس المنسق الاميركي السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط إن الإدارة الأميركية منقسمة إزاء الحوار مع ايران وسورية، موضحا ان هناك مخاوف داخل الإدارة من أن يفهم الحوار مع دمشق وطهران على انه "مكافأة لهما على سلوكهما المخرب". وقال روس ان الاتجاه داخل الادارة هو ان اجراء حوار مع طهران أكثر احتمالا من سورية. وأكد روس في مقابلة مع "الشرق الأوسط" جرت معه في مكتبه بواشنطن انه يجب على دول المنطقة الا تقلق من حوار أميركي ـ إيراني، مشيرا إلى انه سيكون اختبارا للنوايا الايرانية. غير انه استبعد ان تغير طهران سلوكها.
وأكد روس على ان الحوار مع ايران وسورية حول العراق يجب الا يتم بشكل ثنائي بل في اطار مؤتمر اقليمي لدول الجوار يتم بحضور السعودية والأردن وتركيا ودول أخرى. وأضاف روس الذي لعب خلال 12 عاما دورا اساسيا في صياغة السياسة الاميركية في الشرق الأوسط إن احدى مشاكل السياسة الخارجية الأميركية في الوقت الراهن تمكن في غياب رؤية واضحة للعقوبات والحوافز، موضحا انه خلال الولاية الأولى للرئيس الأميركي جورج بوش أرسلت واشنطن 3 مرات مبعوثا رفيع المستوى إلى الرئيس السوري بشار الأسد، معه 15 طلبا إلى سورية، ولم يعرف السوريون ما هي الطلبات الأكثر أهمية، ولا ما هي الحوافز أو العواقب. وانتقد روس، الذي يعمل حاليا مستشارا في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، كتاب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الذي صدر قبل أيام، موضحا أن الكتاب احتوى على مغالطات من بينها قول كارتر إن رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود باراك رفض العرض الأميركي للسلام خلال المحادثات بين الفلسطينيين والأميركيين برعاية الرئيس السابق بيل كلينتون، مثلما رفضه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات. وفي ما يلي نص الحوار:


* الأزمة في العراق تحتل النصيب الأكبر من مناقشات الجمهوريين والديمقراطيين، فما هو طريق الخروج من هناك؟

ـ ليس هناك أي طريق مضمون للخروج من العراق، أعتقد أن سورية وإيران تلعبان دورا تخريبيا، ولا ادري ان كانا يمكن ان يساهما في اصلاح الاوضاع الحالية. كل البلدان المجاورة للعراق يمكن ان تلعب دورا في الحل، واذا فعلوا ما نطلب منهم ان يفعلوه قد تتوقف المشكلة التي باتت حربا طائفية. السنة لم يستوعبوا انهم لم يعودوا القوة المسيطرة في العراق، والشيعة لا يصدقون ان السنة سيقبلون ابدا فكرة أن الشيعة باتوا أهم قوى سياسية في البلاد. وحتى تحل هذه المشكلة من الصعب تصور اي تقدم او ازدهار في العراق. على الإدارة الأميركية أن تفعل 3 أشياء: أولا: عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية لا ينفض إلا بعد حل الخلافات حول الدستور ومشاكل توزيع الثروات والعوائد الاقتصادية، والصلاحيات الممنوحة للمحافظات، ودور الإسلام في الحكم، وأخيرا ما الذي ينبغي فعله في قيادات البعث. كل هذه المشاكل يجب ان تحل، اذا لم تحل فان السنة سيشعرون انهم لن ينالوا جزءا من العكعة، وبالتالي سيواصلون دعم المسلحين، وسيترتب على ذلك ان الشيعة لن يتخلوا ابدا عن الميليشيات المسلحة التي تتبع لهم. تستطيع ان تدرب مليون جندي عراقي، غير أنهم لن يقاتلوا من اجل الحكومة، بل من اجل طوائفهم. في اغسطس (آب) الماضي طلبت أميركا 6 لواءات من الجيش العراقي للمساعدة في الأمن، فحصلت على إثنين. ثانيا، يجب عقد مؤتمر لدول الجوار بما في ذلك سورية وايران. قلت انهم مخربون، لكنهم يمكن ان يجعلوا الأمور أكثر سوءا. ولا أعتقد أن سورية وإيران وحدهما يمكن ان يحلا الوضع في العراق. لكنهما يمكن ان يساهما في الحل. يمكن أن يعملا مع آخرين من اجل حل الوضع الراهن باستغلال النفوذ الذي يتمتعون به. كذلك يمكن للسعودية والأردن وتركيا أن تساعد في الحل. لكن قبل عقد مؤتمر لدول الجوار الإقليمى لا بد من التحضير. وهذا يعني تحديد الأهداف ومتابعة ما يتم التوصل إليه، وإلزام كل طرف بتنفيذ التزاماته، وربما إشراك مجلس الامن في مراقبة وتقييم الوفاء بالالتزامات. ثالثا، مناقشة جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية مع الحكومة العراقية، وذلك بدلا من تحديد واشنطن موعدا لانسحاب القوات الأميركية من العراق واعلان ذلك، لأن ذلك سيدفع للاعتقاد باندلاع حرب أهلية.

* أيهما أسهل بالنسبة لادارة بوش الحوار مع إيران، أم الحوار مع سورية؟ هناك احاديث كثيرة في واشنطن على ان الحوار مع سورية أصعب واقل احتمالا.

ـ أنا أجد هذا مثيرا للدهشة، لكنه حقيقى. لا يمكننا التظاهر بعدم وجود سورية. اذا كان يجب علينا الحديث، يمكننا الحديث. هذا لا يعني الاستسلام. الحوار يعني أن لدينا أجندة والآخرون لديهم اجندة. اذا اردت ان تغير سلوكهم، عليك ان تخبرهم ما الذي سيكسبوه وما الذي سيخسروه. اذا فشل الحوار، ما الذي ستخسره أميركا؟ أنت لا تخسر شيئا بالحوار. الإدارة الأميركية تفصل بين ايران وسورية. انا شخصيا لا أفصل بين الإثنين. اعتقد أنهما الشيء نفسه، كما أعتقد ان سورية لا تربطها علاقات آيديولوجية بايران. انه زاوج مصالح. سورية تنظر إلى حزب الله وحماس كأدوات. غير انني كذلك لا اعتقد انه يجب ان نذهب الى سورية وايران ونعرض عليهما حوافز كثيرة، لان هذا يؤكد وجهة نظرهم من ان الكروت التي يلعبون بها ثمينة، ونحن نريد ان نقنعهم بالتخلي عن هذه الكروت.

المشكلة انه ليس لدى واشنطن وضوح في العواقب والمحفزات. التحدى امامنا هو فصل السوريين عن الايرانيين، واقناعهم بوقف تسليح حزب الله، ووقف دعم عناصر حماس في الخارج. عندما افعل هذا لا بد من نهج متشدد. ادارة بوش في ولايتها الأولى أرسلت 3 مرات مبعوثا رفيع المستوى إلى بشار الأسد، بوعود وتحذيرات، غير ان الادارة لم تنفذ الوعود ولا التهديدات. قدمت ادارة بوش 15 طلبا الى سورية، ولم يعرف السوريون ما هي الطلبات الأكثر أهمية، وإذا فعلوا شيئا لم يعرفوا ما الذي سيحصلون عليه في المقابل، او ما هي النتيجة العقابية باستثناء الكلمات المتشددة. بمعنى اخر سياساتنا عنيفة لغويا، ناعمة فعليا. على عكس ثيودور روزفلت الذي قال: تحدث بلطف واحمل عصا غليظة. هذه الادارة تتحدث بصوت عال وتحمل عصا صغيرة.

نفس الشيء ينطبق على الايرانيين. واشنطن استخدمت لغة تهديد قوية بدون عواقب حقيقة. خلال السنوات الخمس الاخيرة، الايرانيون لم يدفعوا أي ثمن بسبب مواصلتهم برنامجهم النووي. لم يخسروا شيئا. نحن في الشهر السادس من المناقشات في مجلس الأمن من أجل فرض عقوبات على إيران. العقوبات التي تم بحثها، ولم يتم حتى تبنيها بعد، عقوبات ناعمة جدا. هذا يعزز اعتقاد الايرانيين أنهم على حق. اذا كنت تريد فرض عقوبات، عليك ان تجمع في موقفك الأوروبيين واليابانيين وربما الصينيين، ولا أعتقد اننا سنحصل على دعم الروس. هناك البعض يقول إن واشنطن يمكن ان تحصل على دعم موسكو اذا عرضت على موسكو شيئا، لكنني لا أعتقد هذا. أعتقد ان الروس لديهم اجندة مختلفة حول ايران نابعة من خوفهم من إيران. فالروس يعتقدون ان إيران يمكن أن تتسبب لهم في مشاكل في المناطق التي بها مسلمون في روسيا، ولهذا لا يريدون تهديد ايران، غير انهم يقولون علانية أنهم يخشون من ان تنسحب ايران من معاهدة الحد من الانتشار النووي، اذا ما تم فرض عقوبات على طهران.

* ما هو موقف المحافظين الجدد في أميركا من هذا الجدل؟

ـ أعتقد أن هناك انقساما في الإدارة بين المحافظين والمدرسة الواقعية. أعتقد ان أنصار الواقعية في الإدارة يريدون الحوار مع ايران. لكن الايرانيين لا يجعلون هذه الخطوة سهلة على الواقعيين في واشنطن. حاليا الواقعيون في ادارة بوش يرون امكانيات الحوار غير انهم غير متفائلين. اعتقد أن هناك في الإدارة من لا يريدون التعامل مع ايران او سورية لان هناك شعورا في طهران ودمشق انهم ينتصرون، واذا تحاورت معهم الآن تقنعهم أنهم ينتصرون وتقنع الشارع انهم ينتصرون. ومن اجل تهدئة المخاوف من هذا لا ينبغي اشراك ايران وسورية في الشأن العراقي خارج النطاق الاقليمي. لا ينبغي التعامل معهما على نحو ثنائي، بل على نحو اقليمي وذلك لسبب آخر، وهو أن كل دول الجوار العراقي بامكانها ان تفعل شيئا لحل الأزمة في العراق. والفرق بين السعودية والأردن والكويت وبين ايران وسورية ان المجموعة الأولى لا تريد ان تشارك في خلق الأزمة، فيما طهران ودمشق لا تمانعان في هذا. لكن لا يمكن لأي دولة منفردة ان تحل الازمة، يمكن لكل دول الجوار كمجموعة ان تساعد في الحل لكن حتى الجهود الجماعية الخارجية لا تثمر بدون دور الداخل العراقي. فلنفترض أن بعض دول المنطقة تلحظ ان هناك اتجاها يصعد داخل الادارة الأميركية لان يتم دعم القوة الاكثر نفوذا في العراق، وهي الشيعة، وذلك من اجل تهدئة الاوضاع نسبيا. هذا ما يسميه البعض حل 80%. اذا حدث هذا فأن بعض الدول العربية ستساند السنة حرصا على مصالحها. اذا فعلت الادارة هذا فانها لا تختار فائزا وانما تضمن حربا طويلة وتضمن ان يتكاتف حلفاء اميركا في المنطقة ضدها. اذا ينبغي الحديث الى الايرانيين والسوريين في اطار اقليمي.

* هل هناك مخاوف اقليمية من زيادة نفوذ الشيعة اذا ما فتحت واشنطن حوارا مع ايران بشرط المساعدة في العراق؟

ـ أولا من غير الواضح ما اذا كانت ايران تريد المساعدة فعلا في العراق. فايران لديها اجندتها الاقليمية وهي السيطرة على المنطقة. لا ينبغي على دول المنطقة ان تخشى من الحوار الإيراني الأميركي. قلق بعض دول المنطقة من ان ايران لن تغير سلوكها وتجري تغييرات جوهرية على سياساتها. لكن لا ضير في ان تختبر اميركا هذا. نحن سنكون في موقف اقوى اذا اختبرنا نوايا إيران، وخرجنا بنتيجة انها تريد كل الحقوق لكن لا تريد مسؤوليات، وهذا ما اعتقد انه سيحدث. لكن لماذا لا يتم اختبار هذا كي يصبح دليلا دامغا بدلا من ان يكون حجة منطقية. ولهذا موقفي ليس سلبيا من فتح حوار معهم. لكن عندما نتجه للتفاوض يجب ان نعرف اولا لماذا نتفاوض، ثم ما هو الممكن تحقيقه من المفاوضات، ثم تحديد الجزرة والعصا بمعنى عملي حقيقي وليس كلاما. فالمفاوضات فيها المكافآت والعقاب.

* ما هي العصا والجزرة التي لدى الادارة الأميركية فيما يتعلق بسورية وايران؟

ـ ليس هناك صورة واضحة عما يدور في ذهن الإدارة بهذا الصدد. وبالرغم من ان البعض في الادارة يريد الحوار مع الايرانيين، الا انني لا أعتقد ان الرئيس سيغير رأيه في القضايا الجوهرية ومنها الموضوع النووي، والموقف فيه وقف التخصيب. بوش قال نحن مستعدون للحديث معهم بمجرد وقف التخصيب، الإيرانيون يريدون الحديث من دون وقف التخصيب. والمشكلة ان يستغلوا المحادثات كغطاء لمواصلة تطوير برنامجهم النووي. ومع انني مع موقف الادارة في الحوار مع ايران، الا اني كنت افضل ان يتوصلوا الى تفاهم مع الروس والصينيين والأوروبيين قبل أن يعلنوا استعدادهم للتفاوض. بمعنى ان يقول الاميركيون نحن مستعدون للحوار، لكن بعد الاتفاق على طبيعة العقوبات. فما تم التوصل اليه مع الأوروبيين والصينيين والروس كان عاما جدا ولهذا لا نستطيع حتى الآن الاتفاق في مجلس الأمن على العقوبات.

* ما الذي تريد أميركا من إيران أن تفعله بالضبط في العراق؟

ـ اعتقد أن الإدارة لديها قائمة طلبات منها وقف تهريب الأسلحة والأموال. وتشجيع جيش المهدي وربما منظمة بدر على نبذ العنف. الشيعة ليسوا موحدين، فهم يتنافسون مع بعضهم البعض. منظمة بدر وجيش المهدي متنافسان، لكن ايران لديها علاقة ونفوذ مع كل منهما. وما تريده واشنطن ان تستخدم إيران نفوذها لإصلاح الأوضاع، بمعنى أن تتدخل إيران وتطلب من شيعة العراق ان يستعدوا لأن يدخلوا تعديلات من اجل سنة العراق لتشكيل حكومة موحدة. اذا كانت هناك حكومة عراقية يسيطر عليها الشيعة، موحدة في بلد مستقر، هذا مكسب لايران وليس خسارة.

* هل ستظل إيران مستفيدة إذا كانت هناك حكومة غير دينية في العراق؟

ـ من وجهة نظر ايران، اذا كانت هناك حكومة عراقية لا تعاديهم هذا مكسب. ولا ينبغي ان تكون حكومة دينية من أجل أن لا تعادي ايران. بل ان حكومة دينية في العراق قد تكون مشكلة لإيران، لأن آية الله السيستاني مثلا قد تكون له تفسيرات مختلفة. فمن ستكون له السلطة الاكبر. الحكومة الدينية في العراق قد تكون مشكلة وتهديدا لإيران. من نقاط عديدة اعتقد أن إيران ربما تكون سعيدة بالوضع الراهن لانه يقيد أميركا وقدرتها على الحركة. ما هو أسوأ شيء يمكن ان يحدث لإيران، إذا انسحبنا بسرعة وسقط العراق في فوضى العنف والانفصال سيكون على ايران التأقلم مع ملايين اللاجئين، كذلك لن تكون أميركا مشغولة عن متابعة الملف النووي الإيراني وخياراتها، كذلك يمكن ان يتحول العراق كمصدر للإرهاب ضد ايران. حاليا نحن مشغولون عن متابعة خياراتنا بصدد ايران نووية، وطهران لا تعاني من ملايين اللاجئين.

* كتاب الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر الجديد "فلسطين: سلام وليس فصلا عنصريا" أثار حتى الآن ردود أفعال كثيرة في واشنطن، وواحدة من النقاط التي أثارت نقاشا هي قوله في الكتاب انه خلال المباحثات التي رعاها الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون، وكنت انت احد مهندسيها، رفض رئيس الوزراء الاسرائيلى ايهود باراك اتفاق السلام، مثلما رفضه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وذلك على النقيض مما قاله كلينتون في مذكراته من أن عرفات رفض وباراك وافق، محملا عرفات مسؤولية ضياع فرصة الحل، فهل رفض باراك ايضا الاتفاق؟

ـ من حق كل شخص ان يعبر عن رأيه، لكن ليس من حق أي شخص الاعتماد على معلومات خاطئة. ففي كتاب كارتر مغالطات ومعلومات خاطئة. في كتابه اعاد نشر خرائط نشرت في كتابي "السلام المفقود"، هذه الخرائط وضعتها خلال المباحثات ولم تظهر في اي مكان آخر، غير انه مثلا في إحدى الخرائط قال إن هذا هو التفسير الاسرائيلي للاتفاق، إلا أن هذا غير صحيح، فهذا هو الاتفاق الذي عرضناه على الطرفين. انا احترم الرئيس كارتر كثيرا لسبب اساسي هو انه يهتم كثيرا، لكن أهم شيء عندما يتعلق الامر بمثل هذه القضايا هو الحقائق. فهناك اساطير كثيرة في هذا الموضوع ولا نريد مزيدا من الاساطير. كما قلت من حق كل شخص التعبير عن رأيه، لكن ليس من حق احد خلق الحقائق، او اعادة تفسيرها بطريقة خاطئة.

* أليس هناك وثيقة أو أوراق لدى أميركا من فترة المفاوضات تذكر رفض باراك للاتفاق؟

ـ لا هذا ليس حقيقيا. فحكومة باراك وافقت على قبول الاتفاق في 27 ديسمبر (كانون الأول) عام 2000. كلام كارتر عن رفض باراك هنا ليس تفسيرا. يجب ان نكون حذرين. ففي هذا الجزء من العالم، الوضع صعب بما يكفي لتحقيق السلام. ويصبح الوضع أسوأ إذا كنا سننتهي بكل شخص يفسر الوقائع كيفما يريد، ويختلق الحقائق. اعتدت ان اقول هذا عن عرفات. فعرفات كان يختلق حقيقة ويكررها ثم يصدقها على انها حقيقة فعلية. وكان الشخص الوحيد بين الفلسطينيين الذي شعرت انه كذلك، اما الآخرون فكانوا واضحين.

* هل تعتقد أن سبب عدم اجراء أي مفاوضات سلام بين الاسرائيليين والأميركيين برعاية الولايات المتحدة سببه انشغال أميركا في العراق، أم أن بوش ليس لديه الرغبة الفعلية في الضغط على اسرائيل لاستئتاف المفاوضات؟

ـ اعتقد أن بوش لديه اهتمام بعملية السلام. لكن كان هناك قرارا من ولاية بوش الأولى أن لا يبذلوا جهدا كبيرا لمواصلة المفاوضات، جزئيا لان سلام الشرق الاوسط كان على رأس اولويات ادارة كلينتون. وفي نظر الجمهوريين اي شيء فعله كلينتون خطأ. لكن لاحقا ادركوا ان عليهم ان يفعلوا شيئا، لكن لم تكن هناك عاطفة حقيقة. وفي الموضوع الفلسطيني ـ الإسرائيلي لا بد أن يكون هناك عاطفة فالعادي هو أن التراجع محتمل اكثر من التقدم للإمام. عندما كانوا يتدخلون كانوا يفعلون هذا لفترة قصيرة، وعندما تواجههم مشكلة يتراجعون. لم يضغطوا او يشكلوا فريقا في الإدارة لمتابعة عملية السلام. والرئيس بوش ليس مثل الرئيس كلينتون. كلينتون كان يعلم بكل التفاصيل، بوش لا يعلم بكل التفاصيل. ولا ينبغي على الرئيس ان يعرف كل التفاصيل الكبيرة والصغيرة، لكن عليه ان يعلم من التفاصيل ما يكفي لطرح الاسئلة الصعبة. ومع ذلك اعتقد ان بوش يهتم بالموضوع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، وفعل شيئا لم نفعله نحن في ادارة كلينتون وهو اعلان التزامه بدولة فلسطينية. نحن لم نلتزم بإنشاء دولة فلسطينية، بل عرضنا مجموعة أفكار لحل الصراع وانشاء دولة فلسطينية كانت جزءا منها، لكن لم نقل ان انشاء دولة فلسطينية جزء من الاستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط. قدمنا عرضا يلبي مطالب ومخاوف إسرائيل في ما يتعلق بالأمن واللاجئين، وقدمنا للفلسطينيين عرضا يلبي مطالبهم من القدس والحدود. لم يحصل أي طرف على كل ما يريده، لكن حصل على ما يحتاج اليه. الرئيس بوش، وهذا يجب ان يذكر في حقه، أعطى وعدا بدعم اقامة دولة فلسطينية. لكن المشكلة انه عمليا لم يتخذ خطوات من اجل تنفيذ هذا. خريطة الطريق كانت تبدو طريقا للحل، لكن الادارة لم تناقشها مع الإسرائيليين والفلسطينيين، بل مع الأوروبيين والروس والأمم المتحدة. كان ينبغي على إدارة بوش أن تجلس مع الفلسطينيين والإسرائيليين على مائدة المفاوضات، وتقول لهم هذه هي خطة للحل وجدت قبولا دوليا وعلينا ان نجد طريقة لتنفيذها، وفهم كل طرف لالتزاماته. المشكلة أن الفلسطينيين والإسرائيليين يفهمون الإلتزامات المفروضة عليهم بموجب خريطة الطريق بطريقة مختلفة.

* هل كان انتخاب حماس مشكلة امام المفاوضات بسبب كونها حركة اسلامية؟

ـ لا.. بالنسبة لي كانت هناك مشكلة أخرى تمنع الحوار مع حماس. فاللحوار مع أي طرف ينبغي أن يقبل هذا الطرف مبدئيا فكرة العيش المشترك كنتيجة للمفاوضات. كما يجب كذلك نبذ العنف. لدى حماس مطالب مشروعة لاقامة دولة فلسطينية، لكن لا يجب ان يكون هذا باستخدام اساليب العنف. فاذا قبلت حماس العيش المشترك بجانب اسرائيل وأوقفت العنف، هذا يكفي للحوار معها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف