جريدة الجرائد

استقالة بولتون وبوادر التغيير في المشهد السياسي الأميركي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الخميس07 ديسمبر2006

بيتر بيكر وجلين كيسلرـ الواشنطن بوست

اضطر الرئيس بوش أخيراً إلى الاستسلام لخصومه في الكونجرس والتخلي عن محاولاته لتثبيت "جون بولتون" في منصبه كسفير للولايات المتحدة في المنظمة الدولية، وهو ما يؤشر على الكيفية التي تغير بها المشهد السياسي في أميركا منذ أن سيطر "الديمقراطيون" على مجلسي الكونجرس في الانتخابات الأخيرة.

وكان بوش قد تمكن من قبل من الالتفاف على معارضة مجلس الشيوخ عندما أقدم على تعيين "بولتون" سفيراً في الأمم المتحدة خلال عطلة الكونجرس- وهي صلاحية يتيحها الدستور الأميركي للرئيس. وفي الآونة الأخيرة قام المستشارون القانونيون للإدارة بإعداد مجموعة من الخيارات التي كان الغرض منها استمرار "بولتون" في منصبه بعد أن ينتهي موعد تعيينه الحالي هذا الشهر، ولكن الرئيس بوش صرف النظر في النهاية عن تلك الخيارات لأنه لم ُيرد على ما يبدو الدخول في مواجهة مبكرة مع "الديمقراطيين" عند استلامهم للكونجرس الشهر القادم.

ويعتبر "بولتون" هو المسؤول الكبير الثاني في فريق الأمن القومي التابع لبوش- بعد وزير الدفاع" دونالد رامسفيلد"- الذي غادر منصبه منذ أن انتهت انتخابات التجديد النصفي للكونجرس. بوش يشعر بالحرج لاضطراره للتخلي عن "بولتون" الذي كانت دبلوماسيته الخشنة، وتشككه في قدرة المؤسسة الدولية على الإنجاز، سبباً في اكتسابه لشعبية في أوساط "المحافظين"، كما جعلت منه من ناحية أخرى هدفاً لهجمات وانتقادات مستمرة من جانب العديد من المؤسسات السياسية في أميركا أو خارجها.

ورحيل "بولتون" يضيف ثغرة جديدة إلى الثغرات الموجودة في فريق بوش للسياسة الخارجية، في الوقت الذي يبدو فيه هذا الفريق غارقًا لأذنيه في موضوعي الأنشطة النووية لكل من إيران وكوريا الشمالية. ويذكر أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس تمارس عملها دون نائب منذ شهر يوليو الماضي، وذلك بعد استقالة "روبرت زويليك" كما أن مستشارها "فيليب دي. زيليكو" أعلن الأسبوع الماضي أنه سيغادر منصبه في نهاية هذا العام.

ويذكر أن "بولتون" قد أعاد صياغة دور سفير الولايات المتحدة لدى المنظمة الدولية، وهي وظيفة كان يتولاها تقليدياً شخصيات أميركية بارزة كانت تعمل دوماً على شرح وتفسير ما يجري في المنظمة لواشنطن. ولكن "بولتون" كان مختلفاً عن تلك الشخصيات حيث أنه كان يستمتع على ما يبدو بدور الناقد الرئيسي للمنظمة الذي يعمل دوماً على التقليل من شأن كل ما تقوم به، ويتسقط لها الأخطاء، ويصدع رأس لجان الكونجرس المختصة بها.

وتعليقاً على أدائه في المنظمة الدولية يقول "إدوارد لك" مدير مركز المنظمات الدولية في كلية الشؤون العامة والدولية بجامعة كولومبيا "إن بولتون كان كفؤاً في القيام بمهام وظيفته داخل مجلس الأمن الدولي المكون من 15 عضواً، ولكن مجلس الأمن للأسف الشديد ليس إلا جزءاً واحداً من هذه المنظمة المعقدة التي اسمها الأمم المتحدة".

وكان بعض مسؤولي الأمم المتحدة الكبار قد وجهوا انتقادات لـ"بولتون" لاموه فيها على قيامه بتخريب مبادرة الإصلاح الخاصة بالمنظمة، من خلال إثارته للاختلافات بين الدول الفقيرة والغنية كما اعتبروا أنه كان يمثل عقبة حالت دائما دون بناء الجسور بين الدول المختلفة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو ما يرجع إلى أنه "شخص صريح للغاية ولا يتورع عن التعبير عن أرائه مهما كانت درجة عدم دبلوماسيتها". وذلك كما يقول سفير جنوب أفريقيا لدى المنظمة الدولية ورئيس ائتلاف الدول النامية "دوميساني شادراك": إن بولتون كان يبدو في بعض الأحيان" وكأنه يريد أن يثبت أنه لا شيء يعمل على النحو الصحيح في الأمم المتحدة".

ويُذكر أن مصير بولتون كسفير للولايات المتحدة في المنظمة الدولية قد تقرر بشكل نهائي عندما قرر السيناتور "لينكولن ديه. شافي" الجمهوري عن ولاية "رود أيلاند" إعاقه ترشيحه للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، منضما بموقفه هذا إلى جميع "الديمقراطيين" الأعضاء في تلك اللجنة.

وكانت معارضة" شافي" بالذات محورية لأنه من دون صوته في لجنة العلاقات الخارجية الأميركية بمجلس الشيوخ الأميركي لم يكن أمام ترشيح "بولتون" أي فرصة لكسب موافقة اللجنة وتحويل الموضوع بعد ذلك للتصويت بواسطة الأعضاء في الجلسة الأخيرة التي يعقدها الكونجرس.

ولكن أصدقاء بولتون قالوا إنه لم يرد أن يضع الرئيس بوش في هذا الموقف وأنه قد رأى أنه " قد قام بمهام وظيفته على خير وجه، وأنه قد دافع عن سياسات لم يكن يتفق معها أحيانا، وأنه قد فعل ذلك باقتدار وأنه قد رأى أنه بمقدوره الآن أن يخرج من منصبه" وذلك حسبما جاء في المقال الذي كتبه ويليام كريستول رئيس تحرير مطبوعة" ويكلي ستاندارد" الذي كان قد التقى بولتون عدة مرات خلال الأسابيع الأخيرة.

ولدى الرئيس بوش الآن فرصة لتعيين سفير جديد بشرط أن يحظى ترشيحه بموافقة الحزبين وبدعم دولي، وأن يكون شخصية لديها القدرة على خدمة مصالح الولايات المتحدة بكفاءة وفعالية في المنظمة الدولية، خصوصا في الوقت الحالي الذي تواجه فيه واشنطن تحديات غير عادية على الساحة الدولية.

ومن بين الشخصيات التي ذُكرت أسماؤها باعتبارها شخصيات مناسبة للترشيح لهذا المنصب السفير الأميركي لدى العراق" زلماي خليلزاد" و"فيليب دي. زيليكو" مستشار وزيرة الخارجية الأميركية و"بولا دوبريانسكي" وكيلة وزارة الخارجية للديمقراطية والشؤون الدولية والسيناتور" لينكولن ديه شافي" أيضا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف