العراق في ساعة الصفر ..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
... هل يأتي أصحاب الحضارات بالحل..؟
يمر بلد الرافدين هذه الأيام بواحدة من أكثر الفترات شراسة واحترابا واحتقانا قل نظيرها منذ أزمنة بعيدة..
ولا يخفى على القاصي والداني من أن استمرار هذه الأوضاع الشاذة الغريبة عن تلكم القيم التي حملها العراقيون منذ فجر الحضارات، واستمرار التفرج على حمامات الدم اليومية التي باتت الشغل الشاغل لوسائل الإعلام العالمية ليبعث على القلق والإحباط.. بل وحتى على التشكيك في صحة الإسهامات العراقية التي أنتجت للإنسانية إبداعات الكتابة والفن والقوانين والتسامح بين الأديان.. لدرجة التساؤل عن صدقية انحدار النخب السياسية الحالية من أولئك الرجال العظام من سومر وأكد وبابل، مرورا بعطاءات الدولة العباسية ومعاصريها من الجيل الذهبي من المفكرين والفلاسفة والمصلحين ودعاة التسامح والعدل والحرية..
والسؤال: ماذا حل بالعراق لكي يوصف هذه الأيام بأسوأ النعوت والدلالات؟؟
في قراءتي البسيطة هذه أود تسليط الضوء على أبرز الأسباب التي أدت بنا إلى ما نحن عليه الآن.. مقترحا في النهاية سبيل الحل كمساهمة متواضعة من مواطن عراقي يغلي دمه عند سماع ومشاهدة أفلام الرعب الآتية.. يا للحسرة والخيبة.. من تلك الأرض أشرقت منها شمس الإنسانية، والأسباب:
* موروثات جمهورية الخوف البائدة وافرازات عقود القمع والاستبداد والتسلط على مقدرات البلاد والعباد.
* فشل المشروع الأمريكي في حماية البلد واستقراره.
* بروز ظاهرة الميليشيات المسلحة التي تعبث فسادا وخرابا فارضة قانون الغاب.. إلى جانب تصاعد وتيرة إجرام الإرهاب الوافد من الخارج الملطخة يديه بدماء أبناء الشعب.
* السكوت المريب للمرجعيات الدينية سواء أكانت مؤيدة أو رافضة للعملية السياسية على أنهار الدم وعدم تحريمها علنا.
* وجود الميليشيات التي كونت دولة داخل دولة وكذلك المجموعات المسلحة الغريبة عن أرض العراق والتي تدعي الجهادية، وهي التي تفتك بما تبقى من بنية تحتية بحجة عدم استفادة المحتل وبأرواح العراقيين وأبنائهم في الشرطة والجيش.
* عجز الحكومة الوفاقية الحالية عن تنفيذ وعودها في استتباب الأمن والاستقرار وانجاز المشاريع الخدمية للأسباب المارة ذكرها مجتمعة وفقا لما مر.
ولأن ساعة الصفر قد أزفت ولا مجال للتنظير الديماغوجي الفارغ، أو تصريحات صب الزيت على النار أو التفرج على حريق بغداد لغاية في نفس يعقوب.. فإن الوقت قد حان والشرف والكرامة الوطنية تدعوان للدعوة لمؤتمر وطني عراقي عريض، تدعو له وتنظمه نخبة من المفكرين والمثقفين والفنانين ورجال الدين ومؤسسات المجتمع المدني المشهود لهم بأصالتهم ومواقفهم ممن لا غبار على أهليتهم الوطنية وممن يمسكون بالعصا من وسطها بين الأطراف المضطربة والمتصارعة.. مع ترك باب المشاركة والمناقشة مفتوحة لكل لراغبين في إنقاذ العراق من هاوية الحرب الأهلية.. وذلك على قاعدة:
* إعلان وقف إطلاق النار لمدة زمنية يتفق عليها فوق أرض العراق من القوات متعددة الجنسية، ومن جميع الأطراف المتصارعة.
* التحريم الكامل والشامل لهدر دم العراقي كائنا من كان أينما يكون موقعه وانتماؤه.
* تحريم الطائفية وأفكارها.
* الانفاق على أجندة عراقية وطنية على سحب قوات الاحتلال، تستند إلى قدرات وجاهزية القوات الأمنية والعسكرية للاضطلاع بكامل السيادة على كامل أرض العراق برا وبحرا وجوا.
* دعوة الجميع للحضور من دون إقصاء أحد بما في ذلك المقاومة الشريفة غير الملطخة يدها بدماء العراقيين.
* عدم حضور أي وفد خارجي وبأية تسمية كانت.
* رفض أية وصاية خارجية.. دولية أو إقليمية على مقدرات المؤتمر والقائمين عليه.
التمهيد لإنشاء حكومة مدنية عراقية من وزراء تكنوقراط مشهود لهم بالكفاءة والإخلاص.
* الوصول إلى اتفاق تام وشامل وواضح على هذه القواسم والمشتركات وبعد أن يجلس العراقيون ويتحاوروا فيما بينهم ويتوصلوا إلى أجندة عراقية خالصة مستندة إلى قاعدة شعبية عريضة ويدعو المؤتمر المؤسسات الدولية الشرعية كالأمم المتحدة والجامعة العربية والمؤتمر الإسلامي للإنظمام ورعاية ومساندة قرارات المؤتمر الوطني التأريخي.
بهذه المبادرة الإنجاز يثبت العراقيون أنهم أصحاب تلك الرسالات التي كتبت الإنسانية وخطت قوانينها..
وهذا ليس ببعيد على أبناء الرافدين الذين عليهم أن يثبتوا للعالم أجمع أن للعراقي غيرة على أهله وشرفه، وأنه معدن الرجال.
يتبين في المحن والملمات.. أن الحل الأمثل هو ذاك الذي يأتي من رحم العراق ويصنعه العراقيون أنفسهم..
* كاتب عراقي وأستاذ جامعي ـ طولون/ فرنسا