جريدة الجرائد

أسعار النفط تغذي سوقا ضخمة لتمويل المشاريع في الخليج

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


جوانا شونج - فايننشال تايمز


أعادت عائدات النفط الكبيرة فترات الطفرة مجددا إلى الشرق الأوسط - ومعها طلب غير مسبوق على تمويل المشاريع. ويقول مصرفيون إن الخليج تحول إلى أكبر سوق عالمية لتمويل المشاريع.
ووفقا لبنك HSBC فإن 33 مليار دولار من أصل 98.5 مليار دولار لتمويل المشاريع جمعت عالميا خلال النصف الأول من العام الجاري كانت للشرق الأوسط، مقارنة بسبعة مليارات دولار قبل خمسة أعوام.
ويتفق آخرون مع هذه التقديرات، فهذا سايمون إيلستون المدير الإقليمي لتمويل البنى التحتية والطاقة لأوروبا، الشرق الأوسط، وإفريقيا لدى "سيتي جروب" يقول: "صفقات تمويل إنشاء المشاريع الجديدة في الشرق الأوسط تفوق مثيلتها في أي مكان آخر على ظهر الأرض".
فالدول الخليجية تفيض حاليا بالسيولة جراء ارتفاع سعر النفط. وشركات الطاقة الإقليمية شرعت في استثمار أموال طائلة لزيادة طاقتها الإنتاجية، التي تراوح من إنتاج النفط والغاز إلى البتروكيماويات وتوليد الطاقة الكهربائية. والحكومات أيضا تحاول تنويع اقتصاداتها - من خلال الاعتماد بشكل كبير على الهايدروكربونات - عن طريق تحديث البنى التحتية، ومن ضمنها عمليات تطوير عقارية واسعة وتوسعة الموانئ والمطارات.
وتقول فلورينس عيد كبيرة الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى "جيه. بي. موجان"، إن الطفرة التي تشهدها المنطقة حاليا مدفوعة بمشاريع الإنشاءات، العقارات، البنى التحتية، وصناعة البتروكيماويات.
ويلاحظ ديكلان هينجارتي المدير الإداري لقسم استشارات تمويل الديون للشرق الأوسط لدى HSBC، أن هناك قدرا هائلا من النشاط. لكن هناك اختلافا بين الأسواق "الأسواق الأكثر نشاطا في السنوات القليلة الماضية هي قطر، أبو ظبي، وعُمان". ويضيف: "لكن ميزان النشاط خلال الـ 12 شهرا الماضية يميل ناحية السعودية، التي تمثل دوما سوق الغد. مثلا، عندما يكتمل برنامج الطاقة السعودي الخاص، سيكون لديها طاقة توليد خاصة تفوق ما لدى بقية منطقة الخليج مجتمعة. ولا تعتبر دبي حاليا سوقا لتمويل المشاريع، رغم أن هذا الوضع ربما يتبدل نظرا للمشاريع الضخمة المنتظر تنفيذها في مجال البنى التحتية".
البنوك التي تقدم الجزء الأكبر من التمويل، تأتي ضمن تلك الجهات التي تستفيد أكثر من الزيادة الفورية والمستمرة في هذا النشاط. لكن في الوقت الذي برزت فيه مجموعة من البنوك الإقليمية والمحلية القوية، فإن البنوك العالمية مثل HSBC و"سيتي جروب" عززت وجودها في المنطقة.
مثلا، أعلنت الحكومة القطرية أخيرا عزمها تنفيذ مشاريع تساوي على الأقل 130 مليار دولار، وقالت إنها ترغب في تمويل نصف تكلفة هذه المشاريع على الأقل من بنوك أجنبية. وبالفعل شرع البعض من هذه البنوك، مثل "باركليز كابيتال"، "كريدي سويس"، و"جيه بي مورجان"، في إنشاء فروع لها في مركز مالي في العاصمة الدوحة.
وحسب هيجارتي: "قبل ثلاثة أعوام كانت 60 - 70 في المائة من السيولة المطلوبة لأية صفقة تأتي من البنوك المحلية. لكن الآن هذه النسبة تقدم بواسطة البنوك العالمية التي تنظر إلى الشرق الأوسط باعتباره مخاطرة جيدة وترغب في الإقراض بمعدلات تجد البنوك المحلية صعوبة في مجاراتها".
لكن مع حجم مشاريع مفردة تلامس تكلفتها عشرة مليارات دولار أحيانا، تصبح للقطاع المصرفي حدود لا يستطيع تجاوزها. وبالطبع بات التسعير صعبا للغاية. ويقول إيلستون من "سيتي جروب": "هناك دليل على أن التسعير بات أقرب إلى القطاع، لأن هناك صفقات لم يتم تسويقها بالسرعة التي كان يأمل فيها البعض، ليس بسبب الجودة فحسب، بل أيضا بسبب المبالغة في التسعير".
وفي الوقت ذاته، بدأت التكاليف في الارتفاع. ويعود ذلك جزئيا إلى أن المقاولين لديهم القدرة على التحكم في أسعارهم الأعلى، في ظل الوفرة الهائلة للمشاريع قيد الإنشاء.
ومع ذلك تشير فلورينس عيد من "جيه بي موجان" إلى أن هناك أنماطا أخرى من التمويل، مثل الأوراق المالية القابلة للتحويل، مازالت في طورها الأول. وتقول: "التحدي الماثل هو إمكانية تطوير أدوات مالية أكثر تعقيدا، مثل السندات القابلة للتحويل، أو الأوراق المالية المدعومة بالرهن".
وتواصل: "سيكون ذلك مهما بشكل خاص، لأن الاستثمار الأجنبي المباشر ضمن الإقليم نما بشكل ملموس وبدأ المسامة في تمويل المشاريع، مقارنة بالوضع قبل خمسة أعوام، حينما كانت الاستثمارات الأجنبية تتدفق غالبا إلى خارج المنطقة".
وهناك مزايا ومثالب في البحث عن التمويل خارج نطاق البنوك. فهي مهمة، خصوصا في المراحل المبكرة من تنفيذ أي مشروع، لأنها تدرك أنه ربما يحدث تأخير في عمليات الإنشاء. ويقول هيجارتي: "بمقدورها أن تتعامل عموما مع مثل هذا الوضع، لأن لديها علاقات وثيقة مع الزبون".
لكن مع وصول المشروع إلى مراحله النهائية، فإن مصادر أخرى للتمويل، بما فيها سوق السندات، أسواق الأسهم، وسوق التمويل الإسلامي تصبح مصدرا ملائما للتمويل بشكل متزايد.
ويرى هيجارتي أن "النمط الأكثر تقليدية للتمويل بدأ ينهار، لأن بعض المشاريع أصبحت أكبر من المعتاد. وبالتالي لا بد أن ندرس بإمعان أكثر إمكانية تنويع مصادر التمويل".
ويضيف: "الطلب بات يدفع السوق نحو الابتكار. الكل يتأمل في كيفية ممارسة الأعمال بطريقة أكثر ذكاء. السوق تتسلق منحى التعقيد بسرعة أكبر مما يحدث في أية منطقة أخرى".
وهناك مؤشرات على أن التنويع أصبح واقعا بالفعل، وذلك مع مشاريع تمول بالكامل بواسطة المنتجات المالية الإسلامية. ويعني هذا الاتجاه أن البنوك قد تواصل في جني الفوائد من السوق، إذا استطاعت تلبية الطلب على الأدوات المالية الجديدة بنجاح.
كذلك يمكن أن يستمر المقاولون في الحصول على المنافع، كما سيبرز فيه ملاك العقارات وأصحاب شركات الخدمات، بما في ذلك شركات الاتصالات والعلاقات العامة، بوصفهم رابحين أيضا.
لكن هناك بعض المخاوف. ففي الوقت الذي ربما تكون فيه السوق مستدامة، يعتقد البعض أن المعدل السريع للنمو السابق ربما لا يمكن تكراره مرة ثانية.
وتقول فلورينس عيد: "الخاسرون المحتملون هم المستثمرون الذين يشترون في الصناعات التي تعاني من فرط التمويل. وهناك مخاطر التصحيح الذي يمكن أن يحدث في بعض قطاعات سوق العقار، مثلا". وتضيف: "كلما تسارعت وتيرة هذه الطفرة كانت هناك مخاطر أكبر من حدوث التصحيح".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف