لماذا قصفت الإدارة الأميركية مواقع الإنترنت بقنبلة العراق النووية؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الخميس 14 ديسمبر2006
د. جمال حسين ـ القبس
لا يمكن التكهن بدوافع الإدارة الأميركية حين قررت إرسال ونشر وثائق 'القنبلة النووية العراقية' عبر الإنترنت، إلا في جانبها السياسي، حيث لا تزال تعيش غصة عدم العثور على أسلحة الدمار الشامل التي تضيق من نطاق أخلاقيات تدخلها العسكري في العراق، ولعلها تحاول إعطاء المبرر في هذه الأوقات بالذات بعد خسارة الجمهوريين للكونغرس والتقرير 'القاسي' للجنة بيكر - هاملتون والضغوط المعروفة التي تواجهها هذه الإدارة للبحث عن حل لمأزقها الفظيع في هذا البلد الملتهب.
ويبدو إن الإدارة الأميركية تحاول إعطاء مبرر أخلاقي لفعلة ليست بالقديمة وهي حربها في العراق لتخرق قاعدة أخلاقية مهمة مع أهم مؤسسة معنية في هذا المجال، وهي وكالة الطاقة الذرية الدولية التي استأمنتها على وثائق القنبلة النووية العراقية، ناهيك عن المخاطر التي لا تحصى وما ستفضي به حماقة من قرر نشر هذه الوثائق ليظهر بعد فترة 'إرهابي'، كما يقولون يدعي أنه تعلم تصنيع القنبلة النووية من تلك الوثائق وكأنهم بهذا التصرف، غير الخالي من الرعونة، ينشرون كتاب: 'كيف تصنع قنبلة ذرية من دون معلم وأمام الملأ؟'.
سنسلط الضوء على قنبلة العراق النووية على الإنترنت وكما كانت على الأرض، كدرس لابد أن يكون مفيدا لمن يريد معرفة حقيقة ومصير القنبلة النووية العراقية، ولمن يريد تعلم أصول السياسة وإدارة الدول العظمى بعقل ليس فارغا كما يحصل الآن.
لم يجد خبراء وكالة الطاقة الذرية غير الشكوى مما فعلته الإدارة الأميركية بنشرها الوثائق السرية للبرنامج النووي العراقي وملحقات في غاية السرية كان العراق مجبرا ومرهبا على منحها لخبراء الأونسكوم، وتلك التي عثر عليها هؤلاء الخبراء وهربوها من العراق بوسائل مختلفة.
والطريف ان شكوى وكالة الطاقة الذرية لم تسلم لرئيس مجلس الأمن، على سبيل المثال، لكونه المسؤول المباشر عن فرق التفتيش في العراق وفق قرار مجلس الأمن 687، بل اكتفت بنشرها على موقعها في الإنترنت ولو لم تفعل ذلك لما خدش كبرياءها احد على الأرجح.
لقد نشروا مئات الوثائق والتخطيطات والبحوث النووية والمعادلات والرسوم الخاصة بالبرنامج العراقي وتفاصيل تجعل المتخصص الواعد يميل إلى تصنيع قنبلة ذرية شخصية!
أرادت الإدارة الأميركية الإثبات في نوفمبر 2006 أن حربها عام 2003 كانت عادلة ولكنها أوضحت للعامة أساس وأسرار تصنيع القنبلة الذرية وهذا هو المنزلق الأخلاقي غير السوي الذي وقعت فيه.
إحدى الوثائق الحاملة 51 صفحة تتضمن برنامج العراق النووي البكر وثمة 18 صفحة أخرى توضح تطوير العراقيين في تصميم قنبلتهم النووية.
بوابة الحرية
الموقع الذي نشرت فيه هذه الحزمة المهمة من ثروة العراق النووية أطلقوا عليه تسمية هوليودية - سياسية هو: وثائق عملية تحرير العراق.
وكان من ضمن هذه الوثائق: البرنامج النووي العراقي الذي ينبغي ان يكون في خزائن وكالة الطاقة الذرية الدولية فقط !
يبرر تشاد كولتون الناطق الرسمي للاستخبارات الأميركية هذا التصرف بكونهم التزموا ب'معايير صارمة' قبل نشر الوثائق وإنهم راجعوها.
أما الغني عن التعريف جون نيغروبونتي فصرح لتلفزيون إن بي سي قائلا: 'قبل نشرها على هذا الويب سايت لم نكن نعرف أي شيء عن هذه الوثائق'!
فإذا كان نيغروبونتي لا يعلم بشأن هذه الوثائق شيئا، فمن يعلم في أميركا عنها، وبحوزة من كانت ومن نشرها ولماذا في هذا الوقت بالذات؟ ومن باب تبرير هذا التصرف يصفها نيغروبونتي بأن هذه الوثائق "غير مؤذية".
هل يعقل هذا الكلام؟ فمن يقرر إنها مؤذية أم غير مؤذية؟ هل يقرر ذلك الضابط في المخابرات ذو التحصيل الفيزيائي والعلمي الضئيل؟ وإذا كانت غير مؤذية فلماذا تم شن الحرب أصلا؟
لقد تم نشر الوثائق حتى تلك التي تعرضت لمنشار مجلس الأمن وقتها وفيها معلومات حساسة غير مألوفة لكل المعنيين قبلا، وقال دبلوماسي أوروبي كبير ان هذه الوثائق ككتاب الطبخ تعلم الناس كيفية صنع القنبلة الذرية. وأيده في ذلك بيتر زيمرمان عالم الأسلحة والفيزيائي المعروف في الكلية الملكية في لندن حين أصابه الفزع خلال إطلاعه على الوثائق واصفا إياها ب'الحساسة جدا'.
هل نصدق زيمرمان أم نيغروبونتي؟
تنبيه في غير محله
في يونيو الماضي قام ديميتريوس بيركوس المفتش الرئيسي في لجنة المراقبة والتحقق والتفتيش الأونسكوم، بتنبيه مجلس الأمن محذرا من ظهور معلومات عن الأسلحة الخطرة في مواقع الإنترنت. وعلى الرغم من هذا التنبيه قصفت الإدارة الأميركية مواقع الإنترنت بقنبلة العراق النووية. وإذا كان الأمر بهذه البساطة لماذا لم ينشر 'البيت الأبيض' ملفات اختبار الولايات المتحدة للقنبلة الهيدروجينية التي أجريت في عام 1952؟
والجواب أن تشاد كولتون كان يكذب عندما قال إنهم راجعوا الوثائق بعناية لأن الموظفين في الاستخبارات لم يكن لديهم الوقت الكافي لتدقيق آلاف الوثائق وليس لديهم حتى المترجمين الكافين لهذه الغاية. ولأن التفتيش الدولي كشف بالفعل برنامج الأسلحة النووية السري الطويل المدى والمحدد للعراق بغض النظر عن مراوغة العراق لغاية .1995
أسئلة المصير
وإذا كان هذا البرنامج موجود وبشكل جوهري وليس شكليا، فأين هو الآن؟ أين الأجهزة والمنشآت التي أزيلت والتي لم يرفعها أحد لما قبل 9 أبريل ،2003 وأين الملاكات النووية والمعرفة الشاملة والتجربة المعززة؟ أين جهد العراق لبناء السلاح النووي وأين أجهزة الطرد المركزي؟ أين اليورانيوم؟ أين اختفت هذه الفرصة التي وضعت العراق في عنق الزجاجة ليومنا؟ ما الذي كشفه المفتشون وما الذي طمر تحت الأرض؟ ما الذي هرب لدولة جارة وأي سوق منحطة تحولت إليه البلاد؟ أين التصاميم والخرائط؟ أين جهود المختبرات والمكائن والسمات والطباع وينبوع أم العلوم؟
التحقيق التاريخي
ان التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل العراقية كان أكبر عملية تحقيق في التاريخ واستخدمت فيها أرقى الوسائل التكنولوجية البالغة السرية مثل نظام التحقق المستمر OMF ، الذي كشف امتلاك العراق للبلوتونيوم واليورانيوم المخصب جدا HEU من الاتحاد السوفيتي وباقي نشاطات العراق المحظورة خاصة وسائل التفجير النووي تحت الأرض التي توصل إليها أوقات الحصار.
لقد كانت استراتيجية تصنيع القنبلة النووية العراقية تستند على المكر والحزم بإكمال دورة الوقود النووي وفصل البلوتونيوم بالتركيز على شراء الوسائل النووية من الخارج والتدريب على استخدامها في البلد المجهز. كانت هذه أول وأهم نقاط الضعف الذي انهار ما أن كشف اللاعبون الرئيسيون في الخارج أوراقهم للجنة التفتيش.
ولعل هذا الأسلوب كان كوقاية يراد بها الالتفاف على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النوويةNBT ، التي وقعها العراق في عام 1968 بأسلوب بسيط، ملخصه، ان باستطاعته بناء الوسائل غير المصرح بها في السر (الأسلوب الإيراني الراهن).
ومضى الأمر بجدية ليهيأ مفاعل تموز لإنتاج 5 - 7 كيلوغرامات من البلوتونيوم القتالي في العام واعتمدت هذه الكمية على الحد الأدنى والأقصى لقدرة المفاعل وكذلك على مواعيد زيارة المفتشين الدوليين (بعد الحصار) وخبراء وكالة الطاقة الذرية (قبل الحصار). واستطاع العلماء العراقيون هزيمة آلات التصوير التي تراقب أعمالهم بمنتهى البساطة وكان ذلك ضمن استراتيجية المكر المذكورة ولكنها طبقت بشكل علمي وتكنولوجي محترف.
لكن إسرائيل قصفت المفاعل في يونيو 1981 قبل فترة قليلة من بدء إنتاج البلوتونيوم القتالي، لكن مختبر ال radiochemical ، ومختبر صناعة الوقود نجوا من القصف الإسرائيلي، (في عاصفة الصحراء لم تكرر الولايات المتحدة الخطأ الإسرائيلي وأجهزت على هذه المختبرات وتدخل الله فقط ليمنع كارثة كبرى كادت تلحق بالعراق وشعبه).
الماكرون العلميون
ولعب المكر العلمي ـ التكنولوجي الروسي ـ العراقي لعبته أيضا حين بنوا أهدافا وهمية غير محمية ومفاعل روسيا حقيقيا (قديم) ليكون طعما للطائرات الأميركية في منطقة الطارمية في حين كان مفاعل روسي حسن التجهيز والمكلف بإنتاج البلوتونيوم القتالي يعمل على إنتاج البزموث والبولونيوم 210 في الشرقاط (المفاعلان بناء وشكلا من الجو نسخة طبق الأصل!) بمساعدة المختبر الراديو الكيميائي الإيطالي، وحين نفذ العراقيون تفجيرات نووية محدودة في المفاعل النووي الروسي القديم حلقت المقاتلات الأميركية وصورت هذه التفجيرات وذهبت بصورها إلى البنتاغون ليحتفلوا هناك بتدمير القوة النووية العراقية واقعين في الفخ العراقي برغبتهم.
تحت الأرض
بعد قصف مفاعل تموز قرر العراق النزول تحت الأرض ومنذ عام 1985 بدأ شراء مفاعل للماء الثقيل بقدرة 40 ميغاواط الذي يتعامل مع اليورانيوم الطبيعي. وفي أواخر الثمانينات وضع العراق خططا معقولة لغرض مواجهة التقييدات التي كانت توضع ضده من بلدان المنشأ للمواد التي كان يود استيرادها وواصل جهوده في التعلم وتجهيز كوادره بطرق فصل البلوتونيوم ووصل قبل غزو الكويت إلى إعادة تكوين مشروع المفاعل النووي القادر على تجهيز القنبلة النووية.
واستطاع العلماء العراقيون من تطوير تقنياتهم في تخصيب اليورانيوم بعد أن أنهوا إعداد تكنولوجيا فصل النظائر المشعة بواسطة التقنيات الكهرومغناطيسية التي كانت مناسبة جدا لوضع العراق وساعدتهم في ذلك مؤسسةEMI بإنتاج اليورانيوم المخصب في وقت كانت أجهزة الطرد المركزي بعيدة المنال.
وركزت مؤسسةEMI على بناء وحدتي إنتاج قادرة على إنجاز 15 كيلو غراما من اليورانيوم القتالي في السنة وكميات لا بأس بها تقدر بنحو 2.5 بالمائة من اليورانيوم ـ 235 بكمية 25 ـ 50 كيلو غراما منه في السنة.
لقد أتم العراق كل شيء لكي ينتج القنبلة النووية في صيف عام 1991 ولكن من كان يعلم من بين العلماء النوويين العراقيين إن العراق سيغزو الكويت ويحطم جهود ربع القرن ويبعثرها هباء منثورا ومطمورا! (من هنا يمكن فهم حقيقة البرنامج المعجل لتصنيع القنبلة النووية والذي بدأ بعد 3 أشهر من تحرير الكويت). وقد تطرح هذه الحقيقة سؤالا ليس بسيطا مطلقا: لماذا قام العراق بغزو الكويت قبل تصنيعه القنبلة النووية؟!
ففي تلك الأوقات الصعبة، حيث عرقلت جهود العراق النووية بسبب الحصار الموجه ضد القنبلة النووية بالذات، فرض مجلس الأمن أكثر من قرار لمنع وصول الاجهزة الحيوية الى العراق وخصوصا ما يقترب ولو من بعيد من عملية تخصيب اليورانيوم القتالي.
شركة EMI
وضعت هذه الشركة هدفا أساسيا لها هو بناء وحدتي انتاج قادرتين على انتاج 15 كيلو غراما من اليورانيوم القتالي في السنة، وعكست هذه الحقيقة تصميمات الشركة والنجاح المزدوج الذي حققته في موقعي الطارمية والشرقاط اللتين كانت جهود العراقيين واضحة في بنائهما.
جلب العراقيون خطوط الانتاج لهذه الشركة ووصلت الى العراق نهاية الثمانينات (قيل بتاريخ 1987) في وقت كان يحاول فيه خبراؤه التغلب على المشاكل التقنية التي انهالت عليهم الواحدة تلو الأخرى.
ومن هذه المشاكل التقنية واجه علماء العراق متاعب في برنامج الانتشار الغازي الذي لم يتقدم كما خططوا له وركزوا حينئذ على التخصيب الكيميائي، معتمدين على برامج شركة EMI.
وفي كل الأحوال حاولوا السير بالبرنامجين بشكل متواز مهما كان التقدم ضئيلا في واحد (ليس بالضرورة علميا على حساب الآخر ولكن سياسيا كان الوقت يضغط على القيادة العراقية ويعرقل مخططاتها) وفي هذه الأوقات بدا للمعنيين، أن القياسات كانت ترجح لنجاح جديد، هذا النجاح الذي جعلهم يلغون برنامج الانتشار الغازي.
أجهزة الطرد المركزي
الغاء برنامج الانتشار الغازي كان بسبب ظهور اجهزة الطرد المركزي في موقع جديد انزوى في حافة بغداد الشمالية، أطلق عليه موقع الراشدية الذي سرعان ما نجحت جهود الهندسة من تثبيت دعائمه ولكن حصل شيء ليس علميا بالمرة : تغيرت عندها سلطة مؤسسة الطاقة الذرية العراقية لصناعة القنبلة النووية العراقية لتذهب الى صلاحيات وزارة التصنيع العسكري (كانت ضمنها الصناعة أيضا لأغراض التمويه).
واستطاعت 'مجموعة الراشدية' من توثيق صلاتها النووية الشاملة مع مجموعة شركات أميركية (تعرفها الادارة الأميركية وفرق التفتيش الدولية أفضل منا) وبفضل هذا التعاون السري استطاعات تصميم طاردات الغاز في المبنى الرئيسي للراشدية وكان لابد أن ينهض برنامج تخصيب اليورانيوم القتالي باستخدام اجهزة الطرد المركزي.
وفي الأوقات التي بدأت فيها حرب تحرير الكويت، كان العراق يحاول امتلاك 1000 جهاز للطرد المركزي خطط أن تنتج 10 كيلوغرامات من اليورانيوم القتالي. وهذه المادة الانشطارية كان ينبغي أن توضع في الصواريخ الباليستية وان واجهته مشكلة في تخفيض وruggedize في تصميمها، لكنه تغلب على هذه المشكلة ايضا وجعلها تلائم مادته الانشطارية.
منزلة السلاح العراقي
اتفق كل المفتشين الدوليين على أن العراق كاد ينهي تصنيع القنبلة النووية في صيف عام 1991 أو نهايته في أعلى تقدير، حيث كان يتقدم بثبات حتى مسألة وسائل ايصال العبوة النووية بواسطة صواريخ 'الحسين' المعدل بدنها وبعض جوانبها الاستاتيكية من صاروخ 'سكود' السوفيتي. واتفق وقتها على أن يكون الرأس الحربي للصاروخ بقطر 70 - 80 سم على عكس التصميم الذي كان يشير الى الرقم 120 سم.
وعلاوة على ذلك اختار العراق مواقع اختبار قنبلته الأولى وحدد مكان العملية التي أطلق عليها 'مشروع الصحراء' في جنوب غرب العراق.
غير أن العراق أجل تجربته النووية الأولى لحين حيازته على عدد من القنابل النووية.
أجهزة في الخفاء
وتجدر الاشارة الى أن عملية تخصيب اليورانيوم بواسطة اجهزة الطرد المركزي الصغيرة نسبيا تعقد مهمة أي فريق مفتشين ولا يستطيع نظامOMF الذي كانت لجنة الأنوكسوم تستخدمه من الظفر بمثل هذه النشاطات السرية وبطبيعة الحال وجد مفتشو وكالة الطاقة الذرية الدولية الصعوبة نفسها وهذا ما كان يراهن عليه العراق وبالمناسبة، ساعد الخبراء الألمان الشرقيون الذين عملوا في البرنامج النووي العراق في تمويه وطمس معالم نشاطات تخصيب اليورانيوم، والألمان أنفسهم زوروا كل الوثائق الخاصة بهذه الاجهزة ونجحوا في ايصالها الى العراق.
لذلك لم يقصف أي من اجهزة الطرد المركزي العراقية طوال الحرب الأولى مع الحلفاء وما بعدها من عمليات قصف متفرقة وعشوائية، اعتمدت على معلومات استخبارية لمعارضين عراقيين أو مهندسين عاديين فروا من العراق وباعوا بعض المعلومات غير المؤكدة بشكل غير مباشر في غضون تقديمهم لوثائق ما اشتهر وقتها بموسم 'اللجوء الانساني للعراقيين'.
وثمة رأي لم تثبت جديته، ان المفتشين تعمدوا الانتظار والتعثر في كشف اجهزة الطرد المركزي العراقية لكي لا يكشفوا الشركات الأميركية والألمانية التي ساعدت هذا البلد وانطلاق فضيحة كبرى تقوض التحالف الدولي ضد النظام العراقي الآخذ بالأتساع في تلك الأوقات.
ولم يكن أمام العراق غير الاصرار في كل المباحثات مع اللجنة الدولية على ان هذه الاجهزة ووثائقها دمرت خلال الحرب، ولم يجد أحدا يصدقه بالطبع لغاية هروب حسين كامل وكشفه الحقيقة التي أبرزت البرنامج النووي العراقي على السطح والأطنان العديدة من الفولاذ وألياف الكربون التي تدخل في صناعة وتجهيز اجهزة الطرد المركزي. وحينها قال أحد المسؤولين العراقيين بفخر أمام مزرعة الدواجن الفظيعة أمام ذهول المفتشين لما رأوه: 'لقد حصلنا على كل ما ترونه بلا أي مشكلة من اميركا نفسها'!
ما الذي بقي في العراق بعد سقوط النظام؟
الأسئلة الصعبة لا ينبغي أن تجد أجوبة سهلة، فلا يمكن الإثبات بأن كل ما أنجزه العراق (في المجال النووي) عثر عليه أو عرفه المفتشون الدوليون؟ وعملية تفكيك ونقل منشآت العراق إلى دولة جارة وبالتوازي قيام عملاء ومجموعات مسلحة لهذه الدولة الجارة باغتيال العلماء العراقيين هو جزء من الجواب الصعب للسؤال الأصعب.
ألا تثير الفضول الأسئلة الحتمية التالية: أين دور فرق التفتيش ولجنة الأونسكوم بعد سقوط النظام؟ لماذا اختفى المفتشون في وقت كان فيه العالم بأشد الحاجة إلى دورهم بعد إزالة النظام؟ لماذا لم يظهر أي منهم ليقول الحقيقة؟ لماذا ألغيت اللجنة وطويت ملفاتها بعد سقوط النظام مباشرة؟ هل كان وجودها إذا لممارسة ضغطا سياسيا على النظام أم لكشف الحقيقة وتجنب العالم من شرور هذا النظام الشامل؟ لماذا لم تنسق نشاطات الأونسكوم مع القيادة المركزية التي 'حررت' العراق؟ لماذا لم يلتزم حلفاء الولايات المتحدة من الأحزاب المسلحة المعارضة للنظام بالاتفاق مع الولايات المتحدة بعدم مس البنية التحتية للصناعات الحساسة العراقية؟ ولماذا سكتت أميركا عن كل ما حصل؟!
التضحيات الكبرى
بغض النظر عن أهداف النظام السابق في صنع أسلحة الدمار الشامل بما فيها حماية النظام ورموزه، فإن الجهود العلمية ـ التكنولوجية التي جرت في ربع قرن كانت ثمرة الأجيال العلمية العراقية وقوت الشعب الذي كان يحول من رزقه إلى تنفيذ هذه البرامج (قال صدام لأحد العلماء النوويين العراقيين: ألا تستحي تطلب 4 ملايين دولار فقط، نحن نشتري المدفع البعيد المدى ب 10 ملايين دولار). هكذا كان صدام يوبخهم لا لأنهم طلبوا الأموال، بل لأنهم يطلبون القليل منها وكان يشرف على سفراتهم إلى الخارج شخصيا ويتصل بهم هاتفيا أينما يكونوا ليطمأن على نجاح مهماتهم.
وفي النتيجة كانت وكالة الطاقة الذرية تكتب في تقاريرها 'لا دليل على أي نشاط' وانطلت هذه التقارير على العالم الذي كان راضيا ولكن هل يعني عدم وجود الدليل، عدم وجود النشاط؟! وكان هذا امتياز الخبراء العراقيين بلا شك.
الانفجار النووي في الكمبيوتر
والذي لا يعرفه العالم عن البرنامج النووي العراقي أن العلماء في العراق نجحوا في تنفيذ تجارب نووية نظرية في الحاسوب وتقدموا في معرفة التصميم النظري للقنبلة النووية والمتفجرات الأكثر تقدما ويعد هذا السلوك من وجهة النظر العلمية والتكنولوجية الأفضل لتطور المهارات.
وكانوا واثقين من جعل مكونات اليورانيوم متاحة باستخدام المواد البديلة، ولعل العراق هو البلد الوحيد في العالم ( عدا روسيا والولايات المتحدة ) الذي قام بتصنيع مادة البولونيوم 210 ذاتيا وأخفاها بنجاح من عيون المفتشين الدوليين.
وزارة النفط النووية
وتمكن العلماء العراقيون من تصنيع مولد النيوترون بالاستناد على عدة مولدات للتيتروم والديتريوم بعد أن موهوا ووضعوا هذا المختبر في واحدة من منشآت استكشاف النفط (وجود عامر العبيدي الشخص القوي في التصنيع العسكري وزيرا للنفط يجيب على هذا اللغز) وظهرت للعلن كواحدة من منشآت التصنيع المدني.
كان العالم مداهنا جدا في تعامله مع العراق، ففي الوقت الذي كان يحاصره فيه، تلقى لغاية عام 1996 أكثر من 200 عرض خارجي لبيعه المواد الانشطارية والزئبق الأحمر لغرض إكمال أسلحته النووية ولكن لا أحد يدري من الذي رفض الشراء، وربما كان لهروب ومقتل حسين كامل تأثيره على هذه المحاولات.
في نطاق ضيق
لغاية سقوط النظام استمر العلماء العراقيون الاتصال ببعضهم البعض الآخر بواسطة الإنترنت سواء الذين بقوا في العراق ومن هم خارجه (يفسر ذلك ويدلل عمليات اغتيالهم أينما كانوا)، والسبب في ذلك نجاحهم في الاستمرار بعمليات التصميم النظري والبحث والتطوير وإن كان على نطاق ضيق، (لا ينبغي النسيان إن هؤلاء بالذات من عملوا في ظروف سيئة للغاية كمراقبة وكالة الطاقة الذرية المستمرة والتفتيش الصارم للأنسكوم وصعوبة التهريب والعمل رغم عدم توفر المواد والأجهزة الضرورية والإدارة التي لا ترحم).
يصر بعض العلماء العراقيين في مخاطباتهم الشخصية وعملهم في البرامج الجديدة على تصحيح الأخطاء القديمة مركزين على: برامج مركزة، أكثر إنتاجا، تخفيض الكلفة والحجم وسعة الرؤية. ويبدو أن مشكلتهم تنحصر في التالي: كان لديهم وطن من دون قنبلة نووية والآن لديهم قنبلة نووية بلا وطن!
آباء البرنامج النووي العراقي
اسماء القياديين الاساسيين لبرنامج السلاح النووي العراقي:
جعفر ضياء جعفر
همام عبد الخالق
ظافر سلبي
خالد ابراهيم سعيد
نعمان النعيمي
- ميسر الملاح
خضر حمزة الذي هرب من العراق الى الولايات المتحدة وعرفه جورج دبل يو بوش شخصيا للرأي العام على انه صانع القنبلة النووية العراقية عمل في وقت لاحق تحت اشراف خالد سعيد وهمام عبد الخالق ولم يكن من اشاوس القنبلة على الاطلاق.
حسين الشهرستاني (قبل اعتقاله عام 1979)
تاريخ نووي
الطموحات النووية العراقية بدأت عام 1974 بقرار ترأس فيه نائب الرئيس العراقي صدام حسين وقتذاك لجنة الطاقة الذرية التي بدأت العمل بالاستراتيجية التي اعدها ثلاثة علماء عراقيين هم خالد ابراهيم سعيد وهمام عبد الخالق وميسر الملاح وفق فلسفة يمكن ان نطلق عليها ايجاد المفتاح الجاهز يستند الى العلوم والتكنولوجيا الخاصة بدورة الوقود النووي. وفي غضون زيارة صدام الى باريس في 18 نوفمبر 1976 وقع عقدا مع لجنة الطاقة الذرية الفرنسية لبناء مشروع تموز بقدرة 40 ميغاواط حراري ومولد فيضا من النيوترونات الحرارية ويستخدم لاغراض بحوث الفيزياء النووية وفيزياء الحالة الصلبة وفحص المواد وكذلك فحص الوقود النووي المستخدم في تصنيع اجزاء من محطات الطاقة النووية ويحتوي المفاعل على انابيب مسارات النيوترونات الباردة الى منطقة تحت الارض لاجراء التجارب النووية المتخصصة وفحوصات اتلافية وغير اتلافية بعد تشعيعها وفحص التجارب التي ستجري في قلب المفاعل ومحطة لمعالجة النفايات السائلة ذات النشاط الاشعاعي الناتجة من حلقة تبريد المفاعل.
وفي الوقت ذاته وقع العراق مع لجنة الطاقة الذرية الايطالية عقدا بنت بموجبه شركة سنيا تكنك الايطالية مختبرا صغيرا لابحاث الراديو كيمياء التي تفيد الخبراء العراقيين لغرض استخلاص غرامات من البلوتونيوم من اعمدة الوقود ومشروع آخر لتصنيع وقود المفاعلات تنتج طاقة نووية ومختبرات للنظائر المشعة وغيرها من النشاطات النووية الدقيقة ( البروفيسور حسين الشهرستاني السياسي العراقي الحالي اشرف على شؤون مشروع تموز من الجانب الايطالي قبل ان يعتقل في 4 ديسمبر عام 1979 وهو جالس في غرفة همام عبد الخالق مدير المشروع العام للطاقة النووية العراقية).
تجدر الاشارة الى ان طموحات البرنامج العراقي كانت تستند الى انتاج البلوتونيوم القتالي وكان يتطلب منهم بناء مفاعل نووي بقدرة 20 ميغاواط على اقل تقدير باستخدام اليورانيوم الطبيعي وقودا والماء الثقيل مهدئا او استخدام اليورانيوم المخصب بدرجة واطئة وقودا والماء الاعتيادي مهدئا. ويشترط انتاج كميات من اليورانيوم عالي التخصيب ليكون المادة الانشطارية الاساسية للسلاح النووي المنتظر.
وبعد قرار 687 القاضي بنزع اسلحة الدمار الشامل العراقية حاول العراقيون اجراء اعمال التمويه واخفاء نشاطهم وخاصة مبنى تجارب الفاصلات الكهرومغناطيسية ومبنى مشاريع تجارب الهندسة الكيميائية، وبذلك بدأوا بنقل الفاصلات الى خارج المباني وكل الاجهزة الالكترونية واجهزة القياس والسيطرة ومعاملة اليورانيوم المخصب والمنضب كيميائيا واستخلاص الفلزات الثمينة والبحوث الخاصة بتجارب وتكنولوجيا المواد والاقطاب المغناطيسية للفاصلات الانتاجية ومادة البزموث ومقادير البولونيوم الذي كان يستخدم كقادح للقنبلة النووية التي اراد العراق تصنيعها ضمن البرنامج المعجل في غضون وصول قوات التحالف وفي اوقات غزو العراق للكويت.
* حسب رواية جعفر ضياء ونعمان النعيمي
حكاية الوثائق
في 17 اغسطس 1995 سلم العراقيون لرالف ايكيوس المدير التنفيذي للجنة الاونكسوم وهانز بليكس المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية اضخم مجموعة من الوثائق والتقارير التي كان حسين كامل قد اخفاها في موقع حساس ثم نقلت بعد هروبه وعلى عجل الى مزرعة بيت احد المقربين وعرفت باسم وثائق قاعة الدجاج!
بعدها عقد اجتماع في 22 اغسطس 1995 في عمان مع حسين كامل حضره رالف ايكيوس والبروفيسور موريزيو زيفيريو ممثل الوكالة ونيكولاي سميروفيتش الخبير الروسي في الصواريخ الباليستية العامل ضمن لجنة الاونسكوم ومترجم الديوان الملكي الاردني وتوصلوا في غضون اجابات حسين كامل الى الحقيقة التالية: ان برنامج التخصيب باستخدام اجهزة الطرد المركزي كانت تجري في مواقع التويثة وليس ضمن مواقع الراشدية كمناورة من العراقيين لتحويل انظار المفتشين.
لكن الوثائق والخرائط التي حصلوا عليها كانت كمايكروفيلم وظهورها في نهاية عام 2006 يثير مجموعة من التكهنات حول برنامج بدأ عام 1987 في منشأة القعقاع والهادف الى تصميم وانتاج وفحص عدسات تفجير من مادة شديدة الانفجار بهدف استخدامها في انتاج قنبلة نووية انفجارها من الداخل.
وكانت الوثائق تلقي بالخبراء الى الحقيقة التالية: ان تخصيب العراقيين بالفصل الكهرومغناطيسي كان على بعد سنوات من اكتمال انتاجه لليورانيوم العالي التخصيب، اما برنامج التخصيب بالطرد المركزي فبقى يراوح ضمن مرحلة تصنيع وبناء سلسلة واسعة بمقدورها انتاج كميات من اليورانيوم العالي التخصيب الصالح لانتاج قنبلة نووية.
اضف الى ذلك ان كل قضبان الوقود النووي في البرنامج العراقي نقلت الى روسيا عام 1994 ولم يعد العراق يمتلك اي وقود يستطيع بفضله الحصول على اليورانيوم المخصب.
غير ان امتلاك العراق للقدرات البشرية - العلمية - التكنولوجية في مجال البرامج النووية ما كان يفزع اعداءه، تماما كمسلك هذا البلد في اتجاه البرنامج المعجل.
فما المبرر الآن من نشر الوثائق العراقية مع ملاحق عن المشتريات الخارجية للبرنامج النووي العراقي الذي عد من ملاحق الماضي والتاريخ، ولماذا يبحثون عن مصير المعدات والأجهزة والمواد العائدة للبرنامج سلفا، لاسيما الاجابات التي قدمها العراقيون للوكالة الدولية في 4 اغسطس 1997 على ملاحظات البعثة الخامسة للفريق الدولي وجدول المحتويات الذي اقرته الوكالة وكذلك التقرير المتضمن وثائق عن اهم الانجازات الفنية للبرنامج النووي العراقي.
برنامج تحطيم القنبلة النووية العراقية
أسابيع والنووي بحوزة صدام!
بعد غزوه للكويت لم يفاجئ احدا القرار الاميركي بتحطيم قدرات العراق في مجال اسلحة الدمار الشامل عامة والنووي خاصة. ولكن من جانب آخر لم يصدق احد تعهدات العراق لرالف ايكيوس باستعداده لتحطيم برنامجه النووي الذي بناه بجهد خيالي بيده!
ولم يواجه وفد التفتيش الدولي الاول الذي زار العراق بناء على قرار 687 اكتشاف ان العراق ينتهك بشكل صارخ توقيعه للاتفاقية مع وكالة الطاقة الذرية الدولية حول استخدامه المفاعلات النووية للاغراض السلمية بالرغم من ان هانز بليكس صرح عام 1993 بان العراق لم يتوصل بعد لانتاج البلوتوينوم او اليورانيوم القتالي الكافي لتصنيع قنبلة نووية.
وفي الحقيقة التي تم تبيانها في موقع آخر من هذا الملحق، ان العراق كان يمتلك وقود اليورانيوم لتصنيع القنبلة خلال غزوه للكويت، لكنه لم يصنع القنبلة لاسباب تتعلق بصدام حسين شخصيا وغرقه في المشاكل الدولية اوقات الغزو المريرة وكان الوقود مخفيا في مكان بعيدا عن التويثة المركز النووي الاساسي للمفاعلات العراقية ورفض الكشف عن هذا المكان لغاية هروب حسين كامل الدراماتيكية واعلانه المثير قبل العثور عليه من قبل خبراء Amb الذين ادركوا ان نهايات البعض من قضبان الوقود تبين على ان العراق كان يستعد فعلا لازالة وقود القنبلة النووية.
وفي التحليل الذي اجراه معهد السيطرة النووي عام 1991 اوضح جي. كارسن مارك الرئيس السابق للاسلحة النووية في مختبر لوس الموس الوطني بان العراق كان لديه ما يكفيه من اليورانيوم القتالي القابل للاسترداد ويكافئ 36.3 كيلو والقابل على انتاج سلاحين نووين من نوع implosion.
هذا يدعم ما اخبر به حسين كامل بان العراق كان يعد لانتاج قنبلة نووية بعد تحرير الكويت (بعد ثلاثة اشهر فقط بدا البرنامج المعجل ما ان استفاق النظام من آثار عاصفة الصحراء وانتفاضة مارس الشعبية). وكانت المادة الانشطارية موجودة وكان خبراء وكالة الطاقة الذرية يدركون قسوة الحقيقة المنحصرة في ان العراق كان يكفيه اسابيع لتوظيف اليورانيوم في قنبلة نووية وكان العالم الغافل مما يحصل في تلك الايام يعيش حالة الهوس بالبرنامج النووي العراقي، الامر الذي دفعه لتكريس كل جهوده لتشكيل فرق التفتيش ووصول طلائعه الاولى الى العراق قبل فوات الاوان لغرض تنفيذ المهمة الاولى الجبارة: تحطيم القنبلة النووية العراقية بيد بناتها!
قنبلة 'الصداميين'
تشير بعض المعلومات الى وجود مخطط يحاول فيه خبراء التصنيع العسكري في النظام السابق وبالتعاون مع بعض الفصائل العسكرية لما يسمونها القيادة العامة للقوات المسلحة للمقاومة وكتائب تحرير العراق ونمور صدام (مشكلة من الامن والحرس الخاص السابقين) وهي فصائل تدل عليها تسميتها باستخدام القنبلة النووية العراقية التي ارادوا تصنيعها وفشلوا بسبب الرقابة الشديدة لفرق التفتيش وتأجيل العمل بها بأمر من صدام حسين ضد موقع مهم واستراتيجي، قد يقصدون به المنطقة الخضراء او قاعدة مطار بغداد الاميركية او الحبانية. ويتحدثون في 'المقاومة العراقية' في هذه الاوقات عن ضربة قاصمة لا تبقي ولا تذر وبرأس تدميري خاص من النوع الخبيث كما اعلنوا في منشوراتهم الخاصة التي يتداولها من يطلقون على أنفسهم ب 'المجاهدين'.
وذكروا انهم وجدوا بديلا اول عن القنبلة النووية العراقية التكتيكية واطلقوا على هذه الرؤوس الخبيثة 'صوادم الصدام' وحسب اعتقادهم ان هذا البرنامج يبغي انتاج ما يمكن تسميته بالقنبلة النووية النظيفة (العديمة الاشعة) والتي تعتمد على مادة الزئبق الاحمر من خلال وضعها في انابيب نحاسية دقيقة ضمن آلية توليد مجال كهرومغناطيسي عالي الطاقة معزول من الخارج بشكل يؤدي الى تحريض طاقة الزئبق الاحمر و يجعل القوة التدميرية لكل 100 غرام من هذه المادة تعادل طنا من مادة T.N.T الشديدة الانفجار و سيعتمدون على شحن صاروخ ما يسمونه الغضب 3 وزنه 3 كغ من الزئبق الاحمر ضمن آلية التفجير المغناطيسية التي تزن 450 كغ.