جريدة الجرائد

هكذا أعلن براميرتس أنه كشف حقيقة اغتيال الرئيس الحريري

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الجمعة 15 ديسمبر2006

وسط بيروت يستضيف سيناريو رستم غزالي الانقلابي
ونصرالله أعلن العام 1989 التناقض بين الطائف و"المقاومة الاسلامية"


فارس خشّان

بعد تقديم سيرج براميرتس رابع تقاريره في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أوّل من أمس، لم تعد ثمة التباسات تشوب الحركة الانقلابية التي يقودها "حزب الله" منذ لحظة اتخاذه القرار بتنفيذ عملية "الوعد الصادق" في 12 تموز الماضي، على الرغم من معرفته الكاملة بالتداعيات التدميرية لخرق الخط الأزرق.
الأمور باتت واضحة جداً. "حزب الله" يريد فرض واقع سياسي جديد في البلاد، قبل أن يعلن براميرتس نتائج عمله الذي دخل مرحلة حاسمة، بهدف تحقيق غايتين تتكاملان، أولاهما الحيلولة دون قيام محكمة ذات طابع دولي فاعلة وقادرة، من خلال توفير "الثلث المعطل" للمواجهة التي تتقنع بصلاحيات الرئيس أميل لحود الدستورية مما يوفر حماية لا بدّ منها للنظام السوري، وثانيتهما تقوية شرعية "المقاومة" على شرعية "الطائف".
ليس في ذلك أي تجن على "حزب الله". قيادته الحالية هي من تفاخر بتحالفها مع النظام السوري، وهي ايضا من اعتبرت في العام 1989 أن هناك تناقضاً وجودياً بين "مقررات الطائف" والمقاومة.
وفي ذهن هذه القيادة ان وصول براميرتس الى اكتشاف الحقيقة من شأنه أن يقوي "الفريق الشباطي"، وأن إقامة المحكمة ذات الطابع الدولي بصلاحياتها المتفق عليها حالياً من شأنها أن تشكل إطاراً لتوقيف عدد من المشتبه بهم السوريين مما يضعف حكم بشار الأسد الذي، وككلّ نظام ديكتاتوري، يتهاوى مع ثبوت فقدان هيبته المستندة أولاً وأخيراً الى حصانة "مخابراته القاتلة".
ولا قيمة تبريرية للسؤال عن مصدر معلومات "حزب الله" السابقة لصدور التقرير السادس للجنة التحقيق الدولية، لأن القيادة السورية باتت تدرك وضعيتها الصعبة في التحقيق، فهي كلفت مجموعة من أهم المحامين الجزائيين الدوليين تحليل تقارير براميرتس في ضوء آخر تقارير ديتليف ميليس وفي ضوء سيل المعلومات المطلوبة بشكل شبه يومي منها وفي ضوء نوعية الأشخاص الذين يتمّ استدعاؤهم الى الاستجواب، وفي ضوء الأماكن التي يتم تفقدها جنائياً، وفي ضوء ما تدرك أنها.. فعلته.
نصرالله والطائف: وثيقة 1989
بداية، ماذا عن موقف "حزب الله" المبدئي من اتفاق الطائف؟.
كثيرة هي الوثائق التي تؤكد أن "حزب الله" كان من الأساس ضد اتفاق الطائف، وما من وثيقة جديدة يمكن الاعتداد بها تبيّن أن "حزب الله" قد غيّر رأيه. الطائف في اقتناعه هو نقيض "المقاومة الاسلامية".
ثمة خطاب ألقاه السيد حسن نصرالله في تشرين ثاني 1989 يؤكد هذه الثابتة الاستراتيجية. يومها كان "العلامة حسن نصرالله" يتحدث باسم "المقاومة الاسلامية" في حسينية الرمل في برج البراجنة في احتفال تأبيني أقيم للمقاوم عبدالله عطوي.
قال نصرالله: "في خضم الأحداث في لبنان تبرز مشكلة اسمها اتفاق الطائف، ومشكلة اسمها ميشال عون، وليس صحيحاً ان من يرفض اتفاق الطائف هو مع ميشال عون. إن اتفاق الطائف مشكلة لأنه يكرس النظام الطائفي الماروني(...)، إن مشكلتنا في لبنان هي النظام الطائفي الذي سيبقى في ظله الحرمان، والبديل كما قال آية الله علي خامنئي ان هذا النظام يجب ان يسقط والناس هم يحددون صيغة النظام الجديد، وما نتمناه ان يختار الناس والشعب في لبنان النظام الذي يريدونه بعيداً عن الضغوط. أما ان ميشال عون مشكلة، فلأنه حالة اسرائيلية صدامية تدميرية ولا يرى إلا مصالحه الشخصية(...) إن البديل من مقرّرات الطائف هو المقاومة".
مرحلة تفوّق المقاومة على الطائف
بعد 13 تشرين الأول 1990 أوقف "حزب الله" حربه المعلنة على اتفاق الطائف ودخل، رويداً رويداً، في تحالف مع النظام السوري على قاعدة التحالف السوري ـ الايراني، مما جعل خيار "المقاومة" يتفوّق عملياً على خيار "الطائف" على اعتبار أنه باستثناء "مناكفات" فترة المفاوضات السورية ـ الاسرائيلية، فقد رعت دمشق "برموش العين" حالة "حزب الله" العسكرية وأمعنت في تشويه اتفاق الطائف.
بداية دولة الطائف
ولكن مع خروج سوريا من لبنان بانتصار "ثورة الأرز"، تقرّرت إعادة الاعتبار للطائف، وبدأ النقاش الجدي حول وجوب أن يشمل هذا الاتفاق "حزب الله" أيضاً، من خلال جعله جزءاً من الاستراتيجية الدفاعية، في أحسن الأحوال، وليس سيدها المطلق، كما هي عليه الحال.
تلمّس "حزب الله" ذلك على طاولة الحوار الوطني. عرف أنه يملك القدرة على مقاومة هذا التوجه شرط ان يستعيد النظام السوري حضوره الاقليمي والدولي الفاعل "من دون تغيير سلوكياته"، الأمر المستحيل حصوله إن استمر التحقيق على المسار الذي بدأ يتكشف من تقارير براميرتس، فاختار "حزب الله" الحرب مع اسرائيل التي ستُضعف حتماً دولة الطائف "العاجزة" وستفتح أبواب دمشق أمام الوفود الدولية وستخلق قضية إنسانية وسياسية رديفة لجريمة اغتيال الرئيس الحريري.
وعلى هذا الاساس ما إن أنهى حربه مع اسرائيل حتى ارتد الى الداخل مطالباً بالثلث المعطل موقّتاً خروجه من الحكومة مع وصول نظام المحكمة ذات الطابع الدولي الى بيروت، في محاولة منه للانقلاب على الطائف، بحيث يعينه إمساكه برقبة الرئيس لحود على ادعاء ان دستورية الحكومة إنما تسقط بمجرد استقالة الوزراء الشيعة منها، معدلاً بذلك الدستور، بحيث ينقل شرط استقالة أكثر من الثلث لإسقاط الحكومة الى واجب اسقاطها باستقالة مذهب واحد، متجاوزاً ان الاستقالات تبقى من دون قيمة تنفيذية إذا لم تتوج بمرسوم يوقعه رئيسا الجمهورية ومجلس الوزراء سنداً للفقرة الرابعة من المادة 53 من الدستور.
محاولة الانقلاب بسيناريو رستم غزالي
واستناداً الى قرار استبدال خيار الطائف بخيار المقاومة، نزل "حزب الله" مستفيداً من "مصالح عون الشخصية" الى وسط بيروت، وفق السيناريو الذي سبق ورسمه رستم غزالي في تموز من العام 2004 وأبلغه الى "السيد إكس" لتنفيذه من أجل إسقاط الرئيس الحريري في الشارع.
يومها، ووفق ما دوّنه ديتليف ميليس في تقريره الأخير، قال غزالي لـ"السيد إكس" عن الحريري: "دعه يكون أضحوكة، ويشار إليه بكونه الرجل الذي دمّر البلاد وأوقعها في الديون. دع الناس ينزلون الى الشارع في سوليدير وقريطم، ودع التظاهرات تستمر حتى يضطر الى الاستقالة كالكلب".
سيناريو ينفذه "حزب الله" حرفياً حالياً. تغيّر الاسم من رفيق الحريري الى فؤاد السنيورة. انتقل مقر السكن من قريطم الى السرايا الكبيرة. فحوى الكلمات هي هي. اسلوب التهجم هو هو.
براميرتس وأدلة الحقيقة
توقيت تنفيذ سيناريو رستم غزالي حالياً، له ما يبرره. يتصل بمنع تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي التي خلافا لما يدعيه النظام السوري وتابعوه اللبنانيون لها ما تنجزه، فها هو براميرتس في تقريره الأخير يعلن على الملأ أن الحقيقة أصبحت بمتناوله ويعدّها للمحكمة، بدليل إقدامه على كشف الآتي:
1 ـ وصلت اللجنة الى مرحلة حساسة في التحقيق (الفقرة العاشرة).
2 ـ إعلانه للمرة الاولى ان اللجنة تحقق مع "القتلة المحتملين" (الفقرة 11).
3 ـ معرفة مزيج المواد المتفجرة التي استعملت في صنع العبوة الناسفة ومن بينها مادة "آر.دي .اكس" (الفقرة الحادية والعشرون)، الأمر الذي يتطابق مع إفادة زهير محمد صدّيق كما كشف عنها ميليس في آخر تقاريره.
4 ـ ثبوت ان الشخص الذي اقدم على تفجير موكب الرئيس رفيق الحريري هو من جنسية غير لبنانية (الفقرتان 31 و34)، الأمر الذي يقدّم، من جهة اولى، سبباً إضافيا لصدقية إفادات الصدّيق وفق ما كشف عنها ميليس سابقاً، ويدفع من جهة ثانية اللجنة الى الثقة بالمعلومات التي وردتها وتخص المنطقة الجغرافية التي جاء منها هذا الشخص، ولكنها لا تستطيع "الآن" أن تكشف عنها (الفقرة 31).
5 ـ عثور اللجنة على شريط كاميرا فندق فينيسيا، بعدما "تمّ ادعاء فقدانه"، الأمر الذي يثبت صلابة إفادات شهود قدّموا لها هذه المعلومة وغيرها عن الجريمة (الفقرة 38).
6 ـ تأكد اللجنة من أن هناك شخصاً وصل فعلاً الى مسرح الجريمة في الثواني التي سبقت الانفجار بشاحنة مستأجرة، الأمر الذي يزيد من صدقية الشهود الذين في متناولها (الفقرة 38).
7 ـ تأكد اللجنة ان هناك بين ضحايا الانفجار أشخاصاً شاركوا في ارتكاب الجريمة، وأحد هؤلاء "ضحية تمّ اكتشافها في وضعية احتماء من الانفجار وقتل من جراء سقوط الجدار" (الفقرة 40).
8 ـ حصول اللجنة على معلومات جديدة تقدم تفصيلات عن تحضير الشاحنة وتحديد مسارها نحو منطقة فندق سان جورج قبل الهجوم (الفقرة 41).
9 ـ اكتشاف ان هناك أشخاصاً قيد التحقيق يملكون "درجة عالية من التصرفات السرية (الفقرة 44).
10 ـ الإبراز غير المسبوق (لدى براميرتس) لتمديد ولاية لحود من بين دوافع ارتكاب الجريمة (الفقرة 59).
إذاً، في ظلّ حقيقة موقف "حزب الله" من اتفاق الطائف، وفي ظلّ تقدّم التحقيق الى مرحلته النهائية، تجري محاولات الانقلاب، وفق الخطة التي رسمها رستم غزالي في تموز 2004.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف