جريدة الجرائد

رؤية واشنطن للرد السوري على تقرير لجنة بيكر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

السبت 16 ديسمبر2006

تقرير واشنطن

منذ صدور تقرير مجموعة دراسة الأوضاع في العراق Iraq Study Group، التي يشار إليها في أغلب الأحيان بلجنة بيكر/ هاميلتون، والذي نادت إحدى توصيات اللجنة والخاصة بإجراء محادثات مباشرة مع سوريا، صار هذا الموضوع مادة غنية للسياسيين، والصحفيين، وخبراء السياسة الخارجية الأمريكيين. وكان رد الفعل السوري على التقرير وتداعياته محل اهتمام أحد المعاهد البحثية المعروفة بقربها من اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة. وقام زميل الدراسات الخارجية بمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الباحث Seth Wikas سيث ويكاس بتحليل الرد السوري على تقرير لجنة بيكر-هاميلتون من خلال النظر لثلاث نقاط أساسية:
-الإعلام السوري وتطورات الأزمة العراقية بصورة هامة.
-كيف تعامل الإعلام السوري مع تقرير لجنة بيكر -هاميلتون.
-رد فعل الحكومة السورية الرسمي على التقرير.

تقرير واشنطن يعرض هنا هذه الرؤية الأمريكية للرد السوري على التقرير. ويسرد الباحث أولا خلفية بسيطة عن الإعلام السوري ويقول إن هناك ثلاث صحف يومية رئيسة في سوريا هي الثورة، والبعث، وتشرين، وجميعها مملوكة للحكومة وتخضع لرقابة شديدة. أما مصادر الأخبار الأخرى الموالية للحكومة فهي مواقع الشبكة الإلكترونية مثل: شام برس، وعاش شام نيوز، وكذلك سوريا نيوز دوت كوم، وتقدم تغطية يومية للأمور المتعلقة بالعراق مستعينة بكل من خدمات الأخبار الدولية، ووكالة الأخبار العربية السورية (SANA ). كما تنشر أيضا العديد من الافتتاحيات ومقالات الرأي المنتقاة من مصادر أجنبية (وتتضمن ترجمات من الصحافة الدولية)، أو بأقلام كتاب سوريين. وعندما تتبنى الصحف الرئيسة وجهات نظر رسمية نسبيا حول موضوع ما، تعد مواقفها انعكاسا لوجهة النظر الحكومية إلى حد كبير. التغطية الإخبارية الخاصة بالعراق في سوريا
صبغت الصحف السورية الوضع في العراق بصورة سلبية. فالفكرة الرئيسية في تلك الصحف، مثل العديد من الصحف العربية، هي أن الغزو الأمريكي للعراق ما هو إلا نموذج آخر على مدى التاريخ الطويل للإمبريالية الغربية، ولكنه يرتدي هذه المرة قناع الديمقراطية. وأن الغزو وقع من أجل تحقيق المصالح الأمريكية والصهيونية، وعندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط تصبح إسرائيل الأولوية الأولى لأمريكا. كذلك تتهم جميع الصحف الرئيس جورج بوش (ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد) بجر الاضطراب والعنف إلى جارتها في الشرق. أما عن الأشياء التي تغيب بشكل ملحوظ عن التغطية السورية للحرب في العراق فهي القضايا التي تصدرت عناوين الصحف الأمريكية والأوروبية، كعبور المقاتلين الأجانب إلى العراق عبر الحدود السورية، والأموال السورية والمواد التي تجد طريقها إلى أيدي المتمردين السنة.
وفيما يتصل بموضوع التدخل السوري في العراق، تقوم الصحف الثلاث الرئيسة بتغطية أخبار الوفود الأجنبية ( ومعظمها أوروبية) التي استقبلها الرئيس بشار الأسد ومسئولون سوريون آخرون على مدى الأسابيع القليلة الماضية. كما تؤكد القصص الإخبارية على الاهتمام والقلق السوري تجاه الأزمة في العراق، وقدرتها على لعب دور إقليمي تعاوني. الصحافة السورية وتقرير بيكر
جاءت التقارير الصحفية السورية حول مجموعة دراسة الأوضاع في العراق مباشرة تماما، ومؤكدة على انتمائها للحزبين، وأهدافها بتقديم توجهات بديلة للإدارة الأمريكية. إلا أن مقالات الرأي السورية ترى التقرير على أنه وسيلة لاعتراف إدارة بوش بالفشل، حيث تستخدم كلمة "فشل" إلى حد بعيد في الصحف السورية لوصف التدخل العسكري الأمريكي في العراق. "هل يستطيع بيكر إصلاح ما أفسده بوش؟" كان ذلك عنوان صريح للمقال الافتتاحي الذي كتبه خلف الجراد، رئيس تحرير صحيفة تشرين، والذي نشر في السابع من نوفمبر. كما كتبت الصحف الرئيسية أيضا أن المجموعة ما هي إلا أداة لإدارة بوش لحفظ ماء الوجه، في ضوء الموقف المتفاعل بشدة في العراق. كذلك تستخدم المقالات والموضوعات التحليلية عبارات مثل: "الطريق المسدود"، "والانسحاب الشريف" لوصف الموقف اليائس الذي يجب على إدارة بوش الخلاص منه.
ومن ناحية أخرى، تربط الصحافة السورية بين لجنة بيكر وما تصفه بسياسة بوش الفاشلة في العراق وخسارة الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس هذا العام. حيث تلفت المقالات المنشورة في صحيفتي تشرين والبعث نظر قرائها إلى أن الفشل الأمريكي في العراق أدى إلى تغير زلزالي في الرأي العام الأمريكي المحلي، الذي تسبب في الخسارة الانتخابية للحزب الجمهوري، والجدير بالذكر أن مصطلح "زلزال" يستخدم كثيرا في هذا الشأن. وقد كتب محمد كنيزي في مقاله بصحيفة البعث تحت عنوان "قرآتان للفشل الأمريكي في العراق" مؤكدا أن الفشل في العراق، وخسارة الجمهوريين في الانتخابات، إضافة إلى استقالة رامسفيلد، وطلب الإدارة الأمريكية "للعون" في هيئة مجموعة البحث، تشير إلى "بداية النهاية" للورطة الأمريكية في العراق. كما قدم المقال قراءة بديلة لتقرير المجموعة واستقالة رامسفيلد كجزء من استراتيجية واسعة لإدارة بوش لتغيير المسار، لكن مع استمرار الوفاء بأهدافها الاستراتيجية في العراق. وهناك بعض المساحات الأخرى التي ركزت على دور جيمس بيكر، الرئيس المشارك في مجموعة الدراسة، إذ قدمت افتتاحية الجراد التي نشرت في جريدة تشرين في السابع من نوفمبر تقييما مفصلا (ساخرا، ومجاملا في ذات الوقت) لبيكر كرجل دولة. وبالاستشهاد بمذكراته، انتقد الجراد ملاحظة بيكر بأنه "يمتلك البصيرة السياسية والتفاوضية اللازمة" لفن الحكم. ولكن على صعيد آخر اعترف الكاتب بأن بيكر قد يكون الرجل المناسب للمهمة لدرايته باللاعبين العرب في الشرق، وتعريفه للرئيس السوري السابق حافظ الأسد كرجل مخلص، ومفاوض عنيد، ومفكر حقيقي يكن له بيكر عظيم الاحترام. كما كرر الجراد تأكيد بيكر على أن سوريا هي مفتاح الاستقرار والسلام الإقليمي. ومن ناحية أخرى، أبدت الصحافة السورية ريبتها فيما إذا كان الرئيس بوش سوف يعمل بتوصيات مجموعة الدراسة بشأن إجراء حوار مباشر مع دمشق وطهران، وسحب القوات على مراحل، وتعاون أكبر مع قوات الأمن العراقية. وعلى مدى الأسبوعين الماضيين تضمنت الصحف اليومية الثلاث الرئيسة بيان بوش المعد الذي يشير فيه إلى أنه ليس ملزما بإتباع جميع توصيات المجموعة. أما الخبر الرئيسي لعدد الرابع من ديسمبر لصحيفة تشرين فكان حول بيان بوش الذي جاء فيه أن تقرير لجنة بيكر/ هاميلتون هو واحد من عدة مصادر سوف يضعها الرئيس في الاعتبار بخصوص تغيير الاتجاه في العراق. وبينما تدين الصحافة سياسة بوش بصورة رسمية، ينظر بعض الكتاب إلى تقرير مجموعة الدراسة على أنه بارقة أمل. وفي موضوع طويل نشر على موقع شام برس رأى الكاتب أن تقرير المجموعة إشارة إلى رغبة الولايات المتحدة في إعادة النظر في سياساتها، وعدم الاستمرار في "مغامرتها" في العراق.الرد السوري الرسمي على التقرير
لم تدلي الحكومة السورية بأي بيانات هامة حول تقرير مجموعة الدراسة لأي من الصحافة القومية أو الأجنبية. وكان السفير السوري لدى واشنطن عماد مصطفى، الذي نظم اجتماعات نيويورك بين أعضاء المجموعة ووزير الخارجية السوري وليد المعلم خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2006، هو المسئول السوري الوحيد الذي علق على مجموعة الدراسة. وقد رحب مصطفى تكرارا باقتراح إجراء حوار مباشر بين الولايات المتحدة وسوريا وإيران، مؤكدا على الدور البناء الذي يمكن أن تلعبه الدولتان لاحقا من أجل استقرار العراق. وعلى مدار مدة عمله كسفير، التي شارفت على أربع سنوات، أكد مصطفى مرارا من خلال لقاءاته والكلمات التي ألقاها على مزايا الحوار. إلا أن الحكومة السورية جعلت استغلال تلك الفرصة صعبا باتهامها بالتورط في حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري عام 2005، والسماح لخالد مشعل، أحد قادة حركة حماس، بالإقامة في دمشق. إحدى القراءات لهذا التقارب هي أن دور عماد مصطفى هو أن يكون المحرك السوري نحو إجراء الحوار، بينما لا تعكس دعواته بالضرورة أي استعداد في دمشق لإحداث تغييرات في سياستها.
وبالنسبة لموضوع مساعدة الولايات المتحدة في الترويج للاستقرار في العراق، حددت الحكومة السورية مواقفها السياسية من خلال الأقوال والأفعال. وحسبما جاء في مجلة (ذي إيكونوميست) الشهر الماضي فإن الرئيس السوري بشار الأسد أوضح للمبعوث البريطاني سير نايجل شينويلد أن هناك أربعة شروط من أجل تعاون إقليمي أكبر وهي: (1) انتهاء تحقيق الأمم المتحدة بشأن الدور السوري في اغتيال الحريري؛ (2) ضمان عدم محاولة واشنطن إضعاف النظام السوري؛ (3) عودة النفوذ السوري في لبنان؛ (4) وأيضا استعادة مرتفعات الجولان. فالأسد غير رافض للحديث مع الولايات المتحدة، أو لعب دور بناء في العراق، لكنه عرض الثمن. وفي موقف أكثر تفاؤلا، زار المعلم بغداد أواخر شهر نوفمبر، وأعاد الروابط الدبلوماسية السورية العراقية. وكانت هناك بعض الدلالات خلال تلك الرحلة، منها أن سوريا على استعداد للعمل بصورة أكثر قربا مع الحكومة العراقية. كما يشير إرسال مسئول بدرجة سفير إلى العراق، والوفاء بوعدها بإعادة فتح سفارة في بغداد إلى الاهتمام السوري باستقرار العراق. وخلصت الدراسة إلى الشك في أن الرئيس بوش سوف يتبع توصيات مجموعة دراسة الأوضاع في العراق، أو أن شروط الرئيس الأسد قد يمكن قبولها بغض النظر عن أي تلميح بتغيرات في السياسة السورية مقترح أو مطبق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف