سيغولين رويال.. ومدرسة ميتران بعد التحسينات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
رسالة باريس - د. أحمد يوسف
تساءل كثيرون في باريس عن سر عدم مرور السيدة سيجولين رويال علي القاهرة في جولتها الشرق أوسطية الأخيرة وكان واضحا أن مستشاريها للسياسة الخارجيةrlm;,rlm; يريدون إعدادا خاصا للزيارة المصرية من ناحية ولمعرفتهم باحتمال اجراء لقاء اول بين الرئيس مبارك والسيدة رويال في باريس من ناحية أخريrlm;.rlm;
ونخطيء كثيرا اذا اعتقدنا ان الشرق الأوسط كان موضوع جولة السيدة رويال فالواقع ان موضوع الجولة الحقيقي هو حملتها الانتخابية وبالتالي فإن المراقبين يعرفون ان سياسة فرنسا الحقيقية المحتملة في عهد سيجولين رويالrlm;,rlm; اذا فازتrlm;,rlm; لن تكون متأثرة بهذه الزيارة حيث ان هدفها هو الناخب الفرنسي وعينها علي منافسها الشرس نيكولا ساركوزي وهمها كل همها هو كاميرات التليفزيونrlm;.rlm; والصورة الشهيرة المأخوذة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس تظهر ذلك جيدا حيث ان ابتسامتها العريضة لا تبدو أبدا موجهة لشعب تطحنه تروس الاحتلال الإسرائيلي والحصار الاقتصادي بينما ابتسامة الرئيس تشق طريقها بصعوبة إلي صفحة وجهه المثقل بالهمومrlm;.rlm;
الفارق بين لقاء مبارك ولقاء زعماء الشرق الأوسط واحد المقربين من السيدة رويال ذكر انها خرجت من لقاء مبارك في قصر ماريني في باريس خلال زيارة الرئيس الأسبوع الماضي بصورة اكثر وضوحا وهي صورة قد تساهم إلي حد بعيد في تشكيل السياسة القادمة للسيدة رويال اذا فازت ويعطي المراقب الدليل بأن الرئيس مبارك هو الوحيد الذي دعاها للعودة إلي الشرق الأوسط وزيارة مصر وهو ما ستفعله ولا شك اذا ما فازت في الانتخاباتrlm;.rlm;
هناك فارق آخر شديد الأهمية هو ان زيارة الشرق الأوسط كانت لأسباب انتخابية كما اسلفنا بينما لقاء باريس كان هدفه التعارف من ناحية بين رئيس أهم دولة عربية ورئيسة فرنساالمحتملة من ناحيةrlm;,rlm; ومعرفة وجهة نظر الرئيس في ازمات الشرق الأوسط المتلاحقة والمترابطة من ناحية أخريrlm;.rlm; فاللقاء في باريس كان لقاء سياسيا بالدرجة الأوليrlm;.rlm;
هناك فارق أخير هو أن لقاء مبارك وسيجولين رويال لم يعط فرصة لمنافسيها السياسيين لانتقادها لمعرفة منافسيها ان الهدف في باريس يختلف عن الهدف في بيروت أو القدس رغم انهم متحفزون ـ حسب كل الشواهد ـ لمعرفة الخطوة المقبلة في علاقة سيجولين رويال بمصر علي وجه التحديدrlm;,rlm; ذلك انهم يعرفون ان السياسة الخارجية ربما تكون احد اهم المحاور التي يختلف فيها المرشحان بشكل جذري وانهم يعرفون ان السيدة رويال ـ علي عكس الشائع ـ لن تبني سياستها الخارجية من فراغ بل ان هناك ميراثا دبلوماسيا اشتراكيا فرنسيا مع العالم العربي ابناه الرئيس الراحل فرانسوا ميتران وان هذا الموروث سيكون للقاعدة التي تنطلق منها هذه السياسة ولكن مع بعض التحسيناتrlm;.rlm;
دبلوماسية وجه القمر
لكلود شيسون وزير خارجية فرنسا في عهد فرنسوا ميتران ـ وكان أول وزير خارجية له ـ عبارة يقول فيها ان السياسة الخارجية لفرنسا لأي حكومة اشتراكية يجب ان تمحي ذكري حكومة جي موليه في اواسط الخمسيناتrlm;,rlm; وهي سياسة صدام مع العرب ومع مصر عبدالناصر وانتهت بحرب السويس في نوفمبرrlm;1956,rlm; فهي الجانب المظلم الخفي من القمرrlm;,rlm; ثم تضيء جانبها الظاهر بأضواء العدل السياسي الذي يجب ان يكون رئيس الجمهورية الممثل له والمعبر عنه وهو ما فعله الرئيس ميتران بالفعلrlm;.rlm;
وقد هلل يهود فرنسا لفوز ميتران بناء علي الموقف الاشتراكي التقليدي من إسرائيل ـ ويجب ألا ننسي ان الاشتراكيين هم الذين اعطوا لإسرائيل تكنولوجيا القنبلة النوويةrlm;.rlm; وقد جاءت أول زيارة خارجية لميتران للكنيست الإسرائيلي في عامrlm;1982rlm; وأيقن يهود فرنسا ويهود إسرائيل ان فرنسوا ميتران هو رجل إسرائيل في الغرب فإذا بميتران يفاجيء العالم باستقبال ياسر عرفات في الاليزيه واذا به ينسج صداقة خاصة مع رئيس اكبر دولة عربية وهو الرئيس حسني مبارك واذا بالسياسة الاشتراكية في عهد ميتران تأخذ منعطفا جديدا بعد كلود شيسون المتهم دوما وحتي اليوم بأنه عربي أكثر من العرب وذلك بتعيين جان لوي بيانكو سكرتيرا عاما للاليزيه والرجل معروف بدبلوماسيته الفائقة وعشقه للثقافة العربيةrlm;.rlm;
فإذا بنا الآن نجد السيدة سيجولين رويال تتخذ من السكرتير العام السابق لديوان الاليزيه رئيسا لحملتها الانتخابية وواحدا من اهم الشخصيات في محيطهاrlm;,rlm; ويرشحه البعض لمنصب رئيس الوزراء أو وزير الخارجية حال فوز السيدة رويال بالانتخاباتrlm;,rlm; وهنا فإن مدرسة فرنسوا ميتران في السياسة الخارجية عائدة إلي الشرق الأوسط لا محالةrlm;,rlm; وعليه فإن ديكورات جديدة تعد لفتح المدرسة من جديدrlm;,rlm; وتحسينات مرتقبة علي مناهجها وطرقها يعد لها من الآن ولكن دون تغيير جوهري في الأسس النظرية لهذه السياسة وهي قائمة علي ثلاثة اضلاع رئيسيةrlm;:rlm;
الضلع الأولrlm;:rlm; أمن إسرائيل له الأولوية الأولي حسب تعبير بيير هانت عميد سفراء فرنسا والسفير السابق لها في مصر وعواصم عربيةrlm;.rlm;
الضلع الثانيrlm;:rlm; إقامة الدولة الفلسطينية حلم الرئيس ميتران له الأولوية الأولي أيضا حسب نفس السفيرrlm;,rlm; فالعدل السياسي الذي اشرنا إليه هو منهج ميتران وكان يرمز له بالفرنسية بتعبيرrlm;Direledroitrlm; أي أن تقول الحقrlm;.rlm;
الضلع الثالثrlm;:rlm; الارتكان إلي دولة مركزية في الشرق الأوسط تنطلق منها هذه السياسة وتعتمد عليها وهذه الدولة حسب تقاليد المدرسة الميترانية هي دون منازع مصرrlm;.rlm; فإذا كانت الديجولية قد اختارت لبنان لأسباب تاريخية فإن الميترانية اختارت مصر لأسباب استراتيجية بحتة ولأسباب عاطفية ربطت الميترانية بمصر وهي قصة معروفة للجميعrlm;.rlm; ولعل من هنا ومن هذا المنطلق جاءت دعوة الرئيس مبارك للسيدة رويال لزيارة مصرrlm;.rlm;
من هو وزير الخارجية القادم؟
اذا فازت السيدة رويال فإن الأنظار في الأغلب الأعم ستتجه إلي شخصية ارتبط اسمها بالثقافة ولمعت في وزارة الثقافة وأصبحت احدي أهم الشخصيات البارزة في تاريخ فرنسا في هذا المجالrlm;,rlm; إلي حد أن جان لاكوتور الكاتب الصحفي المخضرم يقول إن كاتب فرنسا العظيم أندريه مالرو وكان وزير ثقافة الزعيم الراحل شارل ديجول أصبح له منافس في التاريخ ألا وهو جاك لانجrlm;.rlm;
وقد ارتبط اسم جاك لانج ارتباطا عضويا ونفسيا وبشكل مثير بعهد الرئيس ميتران إلي حد أنه دفع هذا العهد وسكب عليه من روحه وشخصيته إلي حد مازال يحير مؤرخي عهد فرنسوا ميترانrlm;.rlm;
واذا كان المراقبون يرون في جاك لانج وزير خارجية قادما في الأغلب الأعم ليدير سياسة فرنسا الخارجية اذا فازت سيجولين رويال فإن علينا في مصر والعالم العربي ان نلتفت إلي التحول الكبير في شخصية الرجل في السنوات العشر الأخيرة وربما يجسد هو بنفسه وبشخصيته التحسينات التي يجري الاعداد لها في مدرسة فرنسوا ميترانrlm;.rlm;