جريدة الجرائد

مهندس ترحيل يهود اليمن عام 1949 إلى إسرائيل يكشف عن ’’بساط الريح’’

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الوكالة اليهودية اختارتني لترحيل يهود اليمن لكني اشترطت ضرورة موافقة الإمام أحمد
قمت بترحيل 12 ألف شخص نساء ورجالاً وأطفالاً من يهود اليمن ماعدا يهود ( صعدة )
الإمام أحمد كان يريد أن يتخلص من اليهود بأي طريقة
لا أشعر بالذنب فما قمت به عمل تجاري
تهوّدت بعد إسلام يهود انس



صنعاء - نبيل يوسف كميم


حين بدأت الحوار معه قال لي ان ما سيرويه من تفاصيل لهذه الحكاية والتي وصفها "بالمخزية" لم يكشفها لأحد وقد امتنع عن الحديث حولها لأي وسيلة إعلامية وصحفية.قال لي الرجل والذي تجاوز عمره المائة وثلاث سنوات انه امتنع عن الكشف عن عملية ترحيل يهود اليمن الى اسرائيل والتي تولى القيام بها بعد لقاء بالصدفة في عدن ذات يوم أواخر العام 1949م لأنه لا يجد في الأمر ما يستحق.
وأضاف العم الحاج أحمد أحمد القريطي مهندس عملية تجميع وترحيل يهود اليمن الى اسرائيل في هذا الحوار مع "الراية الاسبوعية" والذي اجري معه في منزله بصنعاء ان إلحاحي عليه ومتابعتي لأكثر من خمسة أشهر لموعد وصوله الى صنعاء والتي لا يقضي فيها سوى أشهر قليلة مفضلاً الإقامة في محافظة الحديدة جعله يوافق على اجراء الحوار معه.





هنا يروي العم أحمد القريطي ويكشف للمرة الأولى كيف تمت عملية ترحيل يهود اليمن الى اسرائيل وكيف تولى تجميعهم من قراهم ومناطق في مختلف ارجاء اليمن ورتب اجراءات سفرهم وايصالهم الى عدن وتسليمهم للجمعية اليهودية في عدن ومسؤولي الوكالة اليهودية التي تولت بعد ذلك رحلات سفرهم الى اسرائيل.

تقدم "الراية الأسبوعية" لقرائها في كل مكان حوارا جديدا يكشف خفايا عملية بساط الريح وهو الاسم الذي اطلقته دولة اسرائيل على عملية ترحيل يهود اليمن.
- طلبت من العم احمد القريطي ان يروي لي تفاصيل قيامه بترحيل اليهود اليمنيين الى اسرائيل وكيف تمت - فأجاب بأنها حكاية "خزوة" ويعني حكاية مشينة.. واضاف:

لا أريد ان أتحدث حولها وقبلك طلب مني الكثير من الصحفيين ان أتحدث عنها وأن اروي تفاصيلها ولكني رفضت مقابلتهم.
- لماذا؟!

- كما قلت لك حكاية "خزوة".

- طيب عم أحمد من كلفكم بمهمة تهجير اليهود اليمنيين الى اسرائيل.. هل هو الإمام أحمد حميد الدين؟

- لا ليس الإمام.. لكنه كان على علم بذلك!.

الوكالة اليهودية

- من كلفكم؟

- الوكالة اليهودية في اسرائيل وعن طريق الجمعية اليهودية التي كانت موجودة في عدن؟

-ماذا تقصدون بأن الإمام أحمد كان على علم بذلك؟

- بعد ان توصلت الى اتفاق مع الوكالة اليهودية لإنجاز هذه المهمة أعلمت الإمام أحمد حميد الدين بهذا الاتفاق الذي تم عن طريق الجمعية اليهودية في عدن وقد اذن لي بذلك وعين لي حراسة وجنوداً مرافقين حتى أنجز المهمة..!؟

-ماذا عن بداية تكليفكم من الوكالة اليهودية بهذه المهمة.. كيف تمت..؟

- أنا من تجار صنعاء المعروفين وكنت بحكم علاقاتي مع تجار صنعاء أعرف التجار اليهود الذين كانوا يسكنون فيها معرفة تامة بحكم العمل التجاري معهم.. ذلك لأني كنت أقوم ببيع التجار اليهود البضائع التي يحتاجونها والتي كنت أجلبها من عدن وكذلك كنت أبيع المصنوعات التي كانوا يتاجرون فيها من مشغولات فضية وغيره في أسواق صنعاء وغيرها من المدن اليمنية.
وفي رحلة لي الى عدن لشراء بضاعة وكنت في أحد الأسواق أمام محل أحد تجار عدن الذين اتعامل معهم وكانت عدن وقتها تحت الاحتلال البريطاني.. حيث عرفني اثنان من يهود صنعاء وهم من التجار الذين كنت أتعامل معهما وأقوم بتصريف بضاعتهما وكانا قد هاجرا الى اسرائيل قبل سنوات.

وفي البداية لم أعرف الشخصين لأنهما كانا قد غيرا ملابسهما ولم يعودا يلبسان الملابس اليمنية بل يلبسان بدلات وكرفتات، وكانت هيئتهما متغيرة، حيث قام أحدهما بضربي ممازحا في الجانب الأيمن من كتفي والآخر كذلك قام بضربي على الجانب الأيسر - وكانا يقصدان ممازحتي - لكني وبعد أن تكرر منهما ذلك هممت ان اشتبك معهما بالعراك حيث أمسكت بيد احدهما وكنت على وشك ان أصفعه في وجهه لكنه استدرك ذلك ووجه لي الحديث قائلا: أعرف.. أعرف..

فأجبته:
- ومن أعرف؟

فرد علي - وكان خائفاً - أنا فلان فعرفته وقتها وكذلك صاحبه الثاني فسألني ماذا تفعل في عدن فأخبرتهما بأني جئت لشراء بضاعة لتجار صنعاء.

فأخبراني أنهما يحتاجني ويريدان ان يلتقيا بي لأمر هام، وطلبا مني ان أعرفهما بمكان اقامتي في عدن وهو ما تم بعد ذلك..!!

الصدفة في عدن

- هل عرفت ماذا يريدان منك حين التقيت بهما أول مرة؟

- لا.. لم أعرف ولم أسألهما عن ذلك ولكن فقط عرفتهما بمكان اقامتي في عدن وطوال الطريق من المكان الذي التقيت بهما فيه امام دكان التاجر في عدن وحتى وصولنا الى امام الفندق الذي كنت أنزل فيه في عدن كان الحديث بيننا يدور حول السؤال عن أحوال صنعاء وتجار صنعاء وأوضاع وأحوال اليهود هناك، وبعد ان عرف الرجلان بمكان اقامتي ودعاني واخبراني بأنهما سوف يزورانني في اليوم الثاني..! وكانا مهتمين بالتأكيد على أن أكون في انتظارهما في اليوم الثاني.. وحددا الموعد للقاء!.

- حين التقيت بهما ماذا طرحا عليك؟

- اصبر لا تستعجل علي - هكذا رد علي العم أحمد القريطي - ثم واصل حديثه قائلا: حين وصل التاجران اليهوديان الى مقر اقامتي في عدن كان معهما أشخاص آخرون، حيث عرفت انهما مندوبو من الجمعية اليهودية في عدن ويعملون لصالح الوكالة اليهودية، وخلال الحديث معهم اخبروني انهم يريدون ان يرحلوا اليهود اليمنيين الموجودين في معظم المناطق والقرى اليمنية الى اسرائيل وانهم اختاروني لمساعدتهم في انجاز هذه المهمة مقابل اتعاب مالية اتحصل عليها، كما اخبروني انهم سبق وان استعانوا بوكيل الإمام أحمد في لواء الحديدة التاجر الجبلي وكذا لجأوا لعدد من الشخصيات المقربة من الإمام أحمد حميد الدين حتى تقوم بإقناعه برغبة الوكالة اليهودية في ترحيل يهود اليمن الى اسرائيل.. لكن جميع تلك المحاولات فشلت..؟!.

أنا بالذات

- لماذا تم اختيارك للقيام بهذا العمل.. خاصة وأن مندوبي الوكالة اليهودية كما قلت قد اخبروك ان جهودهم لتحقيق ذلك قد فشلت؟

- علمت من الشخصين اللذين التقيت بهما في السوق انهما اخبروا مسؤولي الجمعية اليهودية في عدن وكذا مندوبي الوكالة اليهودية انهم قد وجدوا الشخص المناسب والمطلوب الذي يمكن ان يساعد الجمعية والوكالة في تسهيل عملية ترحيل اليهود اليمنيين الى اسرائيل، حيث طلب منهما احضاري لمقابلة مسؤولي الجمعية ومندوبي الوكالة اليهودية وكنت لا أعرف الغرض من ذلك حتى التقيت بهم كما انني عرفت وقتها سبب إلحاح التاجرين اليهوديين على معرفة مقر اقامتي في عدن بل وإصرارهما على ان يرافقاني الى مقر إقامتي حتى يعرفانه جيداً بعدما سبق وأن ذكرته عن قصة لقائي بهما في أحد أسواق عدن.

هكذا كانت البداية

- وماذا دار في اللقاء الذي جمعك بمسؤولي الجمعية اليهودية في عدن وممثلي الوكالة اليهودية؟

- طلبوا مني ان أساعدهم في ترحيل الموجودين من اليهود اليمنيين الى اسرائيل وكذا الاتصال بهم وتجميعهم من مختلف المناطق والقرى التي يتواجدون فيها، وتولى عملية نقلهم الى عدن وقد أكد لي مسؤولو الجمعية الوكالة انهم سيتكفلون بدفع جميع النفقات المالية والمصاريف اللازمة لذلك.

وماذا كان ردك..؟

- وافقت لكني اشترطت ان يتم ذلك بعد حصولي على موافقة الإمام أحمد حميد الدين، والذي وافق على ذلك وعلى قيامي بالمهمة وعين لي حراسة من الجنود.

موافقة الإمام

-كيف حصلت على موافقة الإمام أحمد؟

- بعد الاتفاق الذي تم بيني وبين مسؤولي الجمعية اليهودية وممثلي الوكالة اليهودية أرسلت برقية الى الإمام أحمد أطلعه فيها على ما تم وما دار بيني وبين اليهود في عدن وكان نص البرقية "مولانا أمير المؤمنين أيدكم الله - لقد اتفقت مع الجمعية اليهودية في عدن على إخراج من تبقى من اليهود في اليمن.. هل يأذن لي أمير المؤمنين".

حيث جاءني الرد من الإمام في برقية وكان نص البرقية المرسلة هو "بعد وصولكم وتوكل على الله".
وكان الإمام أحمد يريد بذلك أن أصل إليه الى تعز - وبالفعل غادرت عدن وتوجهت الى لواء تعز كما كان يسمى آنذاك.. وكنت قد أحضرت هدية للإمام أحمد من عدن..!

- ماذا دار بينكم وما الذي أخبرت الإمام أحمد به حين التقيت به؟

- اطلعت الإمام على تفاصيل اللقاء الذي تم في عدن وما تم الاتفاق عليه مع الجمعية والوكالة اليهودية فقال لي توكل على الله وحين طلبت منه معونة - يعني دعما - أمر بتعيين جنود لمرافقتي كحراسة، كما تم اعلام نوابه في مختلف المناطق بمهمتي وأمرهم بتقديم العون والمساعدة لي لإنجازها.

بداية المهمة

- بعد لقائك بالإمام احمد وحصولك على موافقته ماذا كانت خطوتك التالية؟

- باشرت العمل في إنجاز المهمة حيث قمت بالانتقال وزيارة مختلف المناطق والقرى في اليمن التي اعرف أن فيها يهوداً يمنيين حيث كنت التقي بهم وأطلعهم على رسائل من الجمعية اليهودية تشير الى تكليفي بترحيلهم الى اسرائيل وكذا موافقة الإمام على ذلك وفي كل منطقة كنت أشرف بالكامل على ترتيب اجراءات سفرهم من قراهم ومناطقهم ونقلهم منها الى عدن!.

- ما هي هذه الاجراءات وطبيعتها؟

- كنت أتولى مسؤولية انهاء الالتزامات التي كانت على اليهودي وأشرف على بيع منازلهم وأموالهم ومتابعة قضائهم للديون التي عليهم لغيرهم من أبناء القرى والمناطق من المسلمين وكذا تحصيل ما هو لهم من الديون لدى غيرهم وبعد انتهاء ذلك كنت أرتب لمسألة نقلهم الى عدن وسفرهم إليها من خلال توفير وسائل النقل لهم ومحطات الإقامة خلال سفرهم الى عدن في المناطق التي كنا نتوقف فيها لأن السفر في ذلك الوقت كان صعباً فلم تكن توجد طرق مسفلتة أو سيارات نقل الأمر الذي كان يجعلني ارتب محطات السفر وفقاً لمعرفتي بالمسافة بين كل منطقة أنقل منها اليهود والأيام التي تستغرقها رحلة ايصالهم الى عدن.

- مصاريف النقل هل كنت تحصل عليها من الجمعية اليهودية في عدن؟

- لا كانت مهمة الجمعية فقط هي تسليمي المبالغ المالية المرسلة لي من الوكالة اليهودية في اسرائيل، لأنها هي من تحملت كافة التكاليف المالية وهي التي دفعت لي أجري وأتعاب قيامي بهذه المهمة.

رحلت هؤلاء

-كم عدد اليهود اليمنيين الذين قمت بترحيلهم الى اسرائيل يا عم أحمد..؟

- رحلت ما يقارب من 12 ألف شخص من يهود اليمن وكانوا نساء وأطفالا وشيوخا ورجالا قمت بتجميعهم من مختلف المناطق والقرى ونقلهم الى عدن وهنا كانت تنتهي مهمتي حيث كانت الوكالة اليهودية والجمعية اليهودية في عدن تستلمهم مني عند ايصالهم الى عدن وهي التي كانت تتولى بعد ذلك بالتنسيق مع سلطات الاحتلال البريطاني عملية ترحيلهم الى اسرائيل سواء عبر البحر أو عن طريق رحلات جوية.

-الوكالة اليهودية ودولة اسرائيل أسمت عملية ترحيل يهود اليمن بعملية "بساط الريح"..!؟

- ذلك ما عرفته فيما بعد - لكني وقتها لم أكن أعلم بالاسم، وإنما كنت أقوم بعمل وافق عليه الإمام أحمد حميد الدين.

يهود انس

-عم أحمد .. حدثت لك حادثة شهيرة يتداولها كبار السن من اليمنيين خلال قيامك بمهمة تجميع وترحيل اليهود واقصد بها حكاية يهود انس.

- ضحك العم أحمد القريطي. وبدأ يروي لي ما حدث له مع يهود انس وكيف انهم اعلنوا دخولهم الاسلام خوفا من السفر إلى اسرائيل حيث قال:

كنت قد اكملت مهمتي في معظم المناطق والقرى لتجميع وترحيل اليهود ولم يتبق لدى سوى اليهود الذين كانوا يقيمون وموجودين في منطقة انس احدى مديريات محافظة ذمار وبالفعل وبمجرد ان وصلت الى منطقة انس التقيت باليهود فيها وعرضت عليهم رسائل الوكالة والجمعية اليهودية وكذا موافقة الامام احمد فكان ان استجابوا وبدأوا في بيع منازلهم وممتلكاتهم ومالديهم من اثاث وغيرها - وكنت اشرف على ذلك حيث بقيت في منطقة انس لمدة شهر.

ولكن مشائخ منطقة انس علموا ان اليهود يعتزمون السفر الى اسرائيل وانهم يقومون ببيع منازلهم واراضيهم ومالديهم لاجل هذا الغرض فما كان من المشايخ الا ان استقدموا كل واحد منهم من يوجد في قريته او منطقته من اليهود واخبروهم انهم سيلاقون معاملة سيئة في اسرائيل وان نساءهم وبناتهم سيتعرضن للاذى والاستهداف لاعراضهم وشرفهم وحثوهم على عدم تصديقي والانجرار خلفي وتصديق الوعود والتطمينات التي قدمتها لهم الوكالة اليهودية في الرسائل التي عرضتها عليهم.

- وماذا كان رد فعل يهود انس؟

- فوجئت بهم يخبروني بانهم لن يهاجروا الى اسرائيل وقاموا بوقف عملية بيعهم لممتلكاتهم واراضيهم وقالوا انهم سوف "يتشمثون" يعني انهم سيدخلون الاسلام ويعتنقون الدين الاسلامي ويتركون اعتناق اليهودية وذلك حتى لايتم اجبارهم على السفر إلى اسرائيل.

- انت كيف واجهت ذلك؟

- انزعجت كثيرا وقمت بعرض الرسائل الموجهة اليهم من الوكالة اليهودية وكذا الرسائل التي كانت الجمعية اليهودية في عدن قد ارسلتها معي اليهم وهي من بعض اقاربهم الذين سبق وان هاجروا الى اسرائيل وكلها تطمئنهم بانهم لن يلقوا اي مضايقات ومع ذلك فانهم تمسكوا بقرارهم عدم الهجرة الى اسرائيل حيث اشهر العشرات منهم اسلامهم ودخلوا الدين الاسلامي في حين اقتنع من تبقى منهم وهاجروا الى اسرائيل.

أنا والامام أحمد

بسبب ذلك تعرضت للسجن من قبل الامام احمد؟

- لا.. سوف أكمل لك -بعد ان امتنع يهود انس عن الهجرة إلى اسرائيل ارسلت برقية الى الامام أحمد حميد الدين أخبره فيها بما جرى وكنت قد تحملت نفقات ومصاريف مالية كبيرة مقابل انجاز المهمة مع يهود انس والتي فشلت.

-ماذا قلت في برقيتك للامام أحمد؟

- ضحك العم احمد القريطي واجابني بأنه ضمن البرقية جملة وصفها بـ"الجلفة" اي القاسية.

حيث كتب في البرقية المرسلة للامام أحمد ما يلي "مولانا أمير المؤمنين حفظكم الله نبلغكم بأن يهود انس اسلموا والقريطي تتهود".
ويضيف العم أحمد - بأن البرقية وصلت للامام احمد وكان يتناول الطعام وان الامام عندما قرأ البرقية ضحك بشدة حتى كاد ان يختنق وانه لهذا السبب قد امر بسجنه!

لهذا السبب سجنك الامام:

عندما غادرت منطقة أنس توجهت الى مدينة تعز والتي كان الامام احمد يتخذها مركزاً لحكم اليمن انذاك - وحين وصلت الى تعز تم القبض علي من قبل اشخاص كلفهم الامام بذلك حيث اخبروني انه يريد انا أصل اليه فور قدومي الى تعز .. واخدوني على الفور اليه .. وعندما دخلت المقام ورآني الامام احمد امر على الفور ان يأخذوني الى السجن وكان يضحك فقلت له كيف تأمر بسجني يا مولانا وأنت تضحك - فلم يرد علي بل وجه الحراس غاضباً بأن يأخذوني الى السجن وهو ما تم.

العودة للإسلام

اطلقت بعد ذلك من السجن بعد ان عدت للاسلام كما اشترط الامام اليس ذلك.

عاد العم احمد للضحك ليخبرني عن شرط الامام وكيف اطلق من السجن .. حيث قال! بعد ان سجنت استعنت ببعض الاشخاص للتوسط لي لدى الامام حتى يطلق سراحي لكنه اشترط لذلك ان "اسلم" واعتنق الاسلام - لأني كماذكرت له في البرقية بأني بعد اسلام يهود أنس قد اصبحت يهودياً - وبعد ايام عادت الواسطة الى الامام واخبروه بأن القريطي قد "اسلم" وتراجع عن "التهود" فأمر باطلاق سراحي من السجن..، حيث بقيت اياماً بعدها ثم ذهبت للسلام على الامام حيث علمت منه انه امر بسجني لانه كاد ان يموت من الضحك عندما قرأ البرقية التي ارسلتها له بسبب انحشار الطعام في حلقه.
قلت لي انك تحملت خسارة مالية كبيرة بسبب امتناع يهود انس عن الهجرة لاسرائىل - نعم - لاني كنت اتكفل بالنفقات المالية كاملة وعندما اوصل اليهود الى عدن كنت استلم من الوكالة اليهودية تكاليف خسارتي وكذا مقابل عدد من أوصلتهم الى عدن من اليهود..!

لم اجد صعوبة

خلال قيامك بهذه المهمة لم تجد صعوبة في اخراج اليهود اليمنيين وايصالهم الى عدن - لا - ولكن الامر لا يخلو من ذلك حيث كنت اقوم بدفع رسوم مقابل السماح لهم بالخروج من بعض المناطق والسلطنات اليمنية في الجنوب - اثناء فترة الاحتلال البريطاني بجنوب اليمن في سلطنة لحج وسلطنة الضالع والتي لم توافق بالسماح لليهود بالمرور منها الى عدن الا بعد دفع رسوم مغادرة، مثلهم كغيرهم من المتوجهين الى عدن - حين كانت تلك السلطنات لديها نظامها الاداري والسياسي الخاص بها وان كانت تحت الوصاية والحماية الاستعمارية لسلطات الاحتلال البريطاني الذي كان محتلاً لجنوب اليمن وقتها.

اليهود كانوا يبيعون منازلهم وممتلكاتهم قبل ان يتم تهجيرهم.. سؤالي عم احمد كيف كانت تتم عملية نقل اموالهم الى عدن؟

بواسطتي - حيث كنت اقوم باخذ الاموال التي تخصهم من بيع اراضيهم ومنازلهم واثاثهم وكل ما كانوا يمتلكونه في اليمن وقاموا ببيعه واحتفظ به لدي وأقوم بـ "تغفيره" تهريبه واخفائه بطرق ووسائل عديدة حتى أوصلهم الى عدن - وفي عدن كنت أعلم مسؤولي الجمعية والوكالة اليهودية هناك بأن من احضرتهم لا يملكون شيئاً وانهم فقراء معدمون، وبعد ذلك أقوم بارجاع الأموال والذهب والفضة التي كنت قد تسلمتها من اليهود في اليمن قبل ايصالهم الى عدن!؟.

مصيرهم مجهول

- ما سبب ذلك؟

- عندما كان اليهود الذين قمت بترحيلهم يغادرون مناطقهم كانوا يصارحوني انهم يخافون من ما يمكن ان يواجههم في اسرائيل، ولانهم كانوا يثقون بي فقد سلموا لي كل أموالهم وطلبوا ان احتفظ بها وان لا اكشف عنها للوكالة والجمعية اليهودية لانهم كانوا خائفين ان يتم مصادرتها واخذها منهم، ولكني الآن وبعد مرور كل هذه السنوات اعتقد انهم كانوا لا يريدون ان يدفعوا تكاليف سفرهم الى اسرائيل والتي ظنوا ان الوكالة اليهودية سوف تجبرهم على دفعها ولذا عمدوا الى اخفاء أموالهم لدي وحرصوا على جعلي لا اكشف عنها والادعاء بانهم فقراء معدمون لا يملكون شيئا "اليهودي يهودي ولو أعطاك زناره" قالها العم أحمد القريطي ثم ضحك.

عم أحمد.. مهمتك في ترحيل اليهود الى اسرائيل كم استمرت؟

- لم اعد اذكر، لكن بدأت بعد مقتل الامام يحيى حميد الدين - قتل عام 1948- يمكن بعده بسنة أو اكثر شوية، وقد استمرت عاماً وعدة أشهر.
-كيف كانت تتم عملية التواصل بينك والجمعية اليهودية في عدن خلال الفترات التي كنت فيها تقوم بتجميع اليهود اليمنيين من مناطقهم عن طريق رسائل كنت اتلقاها من الجمعية التي كانت ترسلها اليّ عبر أشخاص وجميع تلك الرسائل تتضمن السؤال عن ما انجزته في هذه المنطقة وتلك وكم عدد اليهود الذين سأنقلهم الى عدن ومواعيد وصولهم كما كانت الوكالة والجمعية توجه رسائل لليهود تطلب منهم ان يثقوا بي وان يسلموني أموالهم وما لديهم من مصوغات ذهبية وفضية والاشياء الثمينة!!.

- هل تحتفظ ببعض من هذه الرسائل؟

- للأسف، لاني لم أكن أدري ان تلك الرسائل ستكون مهمة فيما بعد فلم احتفظ بها.

لم يعترض أحد

- ماذا عن رد فعل المواطنين المسلمين تجاه رحيل اليهود من المناطق التي كانوا فيها - وتجاهك أنت - هل لقيت مضايقة منهم؟

- لم يحدث لي أي مضايقة من اليمنيين المسلمين وكان رد فعلهم تجاه مغادرة اليهود عادية وانما كانوا يتساءلون الى اين سيذهب اليهود وعندما يعلمون انهم مهاجرين الى اسرائيل كانوا لا يعلقون على شيء وكان سؤالهم عن وجهة رحيل اليهود لمجرد العلم واشباع الفضول فقط.
ومنذ ذلك الوقت فان عدم تعرضي للمضايقة يعود لأن الجميع كان يعرف ان ما أقوم به هو بموافقة الإمام والذي عين لي حراسة وجنوداً لمرافقتي وكنت مسؤولا عليهم ويأتمرون بأمري.

عن القريطي

- قلت ان الجميع كانوا يعرفونك ويعرفون ما تقوم به من مهمة - ولذلك لم تتعرض لأي مضايقة من أحد طوال فترة المهمة؟

- نعم.. فقد كان الجميع سوى مسؤولي المناطق ونواب الامام فيها أو المواطنين المسلمين يعرفون ان التاجر القريطي هو من يقوم بترحيل اليهود الى خارج اليمن - حتى ان بعض النساء في محافظة إب كن يرددن اشعاراً واغاني عن ما اقوم به وعن اليهود فقد كانت النساء يرددن اغاني تقول: "سوق السويق حلف ما يدخله يهودي الا شافعي وزيدي والقريطي نادس الجعودي".
وسوق السويق هو سوق اسبوعي يقام في محافظة إب كل يوم سبت وهو اليوم الذي يمتنع فيه اليهود عادة عن القيام بأي عمل أو نشاط وفقاً لديانتهم حيث يعتبرون يوم السبت يوم اجازة.. وللعلم فقد كان يتواجد في المنطقة التي يقام فيها سوق السويق الاسبوعي الكثير من اليهود اليمنيين والذين يتجاوز عددهم عدة آلاف.

اليهودي اللص

-كما اخبرتني فقد بدأت مهمتك بعد مقتل الامام يحيى بعام وعدة أشهر - ويعني ذلك انك بدأت هذه المهمة أواخر العام 1959م سألني عم أحمد من كان قبلك قد اشرف وقام بمهمة ترحيل اليهود اليمنيين الى اسرائيل خلال سنوات عقد الاربعينيات من القرن الماضي وقبل مقتل الامام يحيى عام 1948م هل تعرف عن ذلك؟

- نعم.. الذي كلف باخراج اليهود وترحيلهم الى اسرائيل وقبل الاعلان عن قيام دولة اسرائيل عام 1948م - كان تاجر يهودي من صنعاء وقام بالمهمة بموافقة من الامام يحيى حميد الدين.. لكنه قام بسرقة اموال ومصوغات ذهبية اخذها من اليهود الذي قام بترحيلهم الى عدن قبل ان يتوجهوا الى اسرائيل وكان غالبيتهم من تجار صنعاء اليهود ثم اختفى في محافظة إب عدة سنوات الى ان سلمته الى الوكالة اليهودية والجمعية في عدن بعد ذلك.

- ماذا تقصد بأنك سلمته؟

- سأحكي لك - أصبر لا تستعجل - قالها العم أحمد القريطي لي وبدأ في رواية كيف تمكن من العثور على التاجر اليهودي الذي قام بمهمة ترحيل يهود صنعاء الى اسرائيل واختفى لسنوات، بعد ان قام بسرقة اموالهم ومصوغاتهم الذهبية وتفاصيل تسليمه لمسؤولي الجمعية والوكالة اليهودية في عدن حيث قال:

- عندما التقيت بمسؤولي الجمعية اليهودية في عدن وممثلي الوكالة - وكنا في احد الاجتماعات بعد ان وافقت على القيام بالمهمة - كان حاضراً معنا مندوب من الوكالة جاء من لندن الى عدن لهذا الغرض وهو التعرف بي ومناقشة ومعرفة كيف سأقوم بالمهمة.. اثناء ذلك دخل عصفور الى الغرفة التي كنا مجتمعين فيها فبادر اليهودي البريطاني بالتصفيق للطائر وحدث من كان معنا باللغة الانجليزية وانا لا اعرف الانجليزية - بان من سيحظر الطائر هو انا - وكان يقصد التاجر اليهودي الذي قام بتحويل اليهود الى اسرائيل في عهد الامام يحيى وقام بسرقتهم. كما اخبرهم ان من سينجح في مهمة ترحيل بقية يهود اليمن الذين كانوا ما زالوا فيها؟

- كيف عرفت بما تحدث به الرجل..!!

- سألت اليهوديين اللذين التقيت بهما في السوق عن ماذا يتحدث الرجل.. فاخبرت انه قال لهم كذا وكذا - وسألوني هل استطيع احضار القيام بذلك واحضار التاجر اليهودي الصفاتي اليهم - فأجبت نعم استطيع ولم أكن اعلم وقتها ان غرضهم من احضاره اليهم يعود الى ما قام به من سرقة من قام بترحيلهم من يهود صفاء حيث اخبروني ان اهتمامهم به يعود الى انه من علماء الدين اليهودي الكبار، فعرفت عندها انهم يكذبون علي فقد كنت أعرفه من قبل وأعرف انه تاجر من تجار صفاء اليهود كالتي تعاملت معه في أعمال تجارية قبل أن يختفي ويذهب الى محافظة إب بعد أن سرق أموال يهود صفاء الدين رحلهم الى اسرائيل..!!؟

كذبوا علي

gt; علمت بكذبهم فهل صارحتهم بذلك..!؟

- نعم قلت لهم أنا أعرف الرجل فليس "عيلوم" رجل دين بالعبرية كما تقولون.. وغرضكم من احضاره اليكم غير ذلك فماصور فاخبروني بغرضهم الحقيقي ووعدوني بان احصل علي مكافأة كبيرة منهم اذا احضرته اليهم- وبالفعل وبعد أسابيع كنت قد أوصلته اليهم بعد احضاره من محافظة إب وكنت فدعوته بان أحميه وبأنه لن يتعرض لأي أذى أو سوء منهم.

-كيف تمكنت من احضار الرجل؟

- كنت أعلم بالمنطقة التي يتواجد فيهما - وذهبت اليه واخبرته ان أصحاب الوكالة اليهودية والجمعية اليهودية يبحثون عنه والتي اتفقت معهم على احضاره اليهم ومن الغير له أن يسلم نفسه لهم وصوقب ضمانتي افضل من أن يرسلوا اليه من يأخذه اليهم بالغصب ورغما عنه..، فوافق على ما قلته لي لكنه اشترط أن أحلف له اليمين بدين محمد والاسلام بأن لا أخدعه وأن لا أتركه ضحية لمسئولي الجمعية اليهودية ومندوبي الوكالة اليهودية - ففعلت ذلك واقسمت له اليمين بأن أحميه وعندما وصلت انا وهو الى عدن قمت باخفائه ولم أعلم مسئولي الجمعية والوكالة بانني قد احضرته فعلا - لكني حين التقيت بهم سألتهم هل سيضربونه أو يعرضونه لأي أذى من أي نوع فأكدوا انهم لن يفعلوا به شيئا وبعد أن أخذت منهم اليمين بذلك قمت بتسليمهم الرجل - حيث اكتفوا بأن اخذو منه ما تبقى لديه من أموال وذهب ومصوغات فضية كان قد سرقهما من اليهود الذي هجرهم الى اسرائيلفي عهد الامام يحيى حميد الدين - وفد علمت بعد ذلك أن الرجل هاجر هو وأفراد أسرته الى مكان أخر غير اسرائيل.

يهود صعده

- عم أحمد.. ماذا عن بقاء عدة مئات من اليهود اليميني في اليمن ومنهم اليهود في صعدة وريدة والذين لايزالون فيهما حتى الآن - لماذا لم يهاجروا الى اسرائيل هل امتنعوا عن ذلك أم انهم لم يكونوا ضمن المهمة التي كلفت بها..!!

gt; لم يكونوا خارج من لحقت بمهمة ترحيلهم الى اسرائيل - حين ذهبت الى صعده الفرص ترتيب ترحيل اليهود الموجودين فيها الى اسرائيل والتقيت هناك بنائب الامام وهو الوتلي - نائب الامام يعني المحافظ والذي استضافني لديه.

وكغيره من نواب الامام سهل لي عملية الاتصا باليهود في مناطقهم وهو ما قمت به بالفعل مع يهود صعدة الا انهم تأخروا في انهاء الاجراءات المتعلقة ببيع بيوتهم وممتلكاتهم حيث تأخروا في انجاز ذلك وكنت مرتبطاً بأعمال أخرى.. منعتني من البقاء للإشراف على ذلك فما كان مني الا ان غادرت صعدة لإنجاز تلك الأعمال فما كان من نائب الامام - الوشلي - إلا ان كلف أحد الأشخاص وهو تاجر يهودي من يهود البدو ويدعى مفتاح بالقيام بالمهمة بدلاً عني - لكنه لم يستطع اقناع كل يهود صعدة بالهجرة إلى إسرائيل حيث رحل منهم عدة مئات في حين بقي العشرات منهم ومازالوا موجودين حتى الآن في صعدة وفي منطقة ريدة بمحافظة عمران.

- رحل يهود صعدة دون تنسيق معك؟

- بسبب التصرف الذي قام به نائب الامام بتكليفه التاجر اليهودي مفتاح للقيام بهذه المهمة بدلا مني - حيث وجهت لنائب الامام في صعدة رسالة شديدة اللهجة وصفته فيها بأنه أصبح معلقاً في زنار اليهودي - مفتاح - الأمر الذي جعله يحيط الامام أحمد حميد الدين بتلك الرسالة - وبالشتائم التي وجهتها إليه فما كان من الامام أحمد حميد الدين إلا ان أمر بأن يتم احضاري إليه إلى تعز فرتبت أوضاعي خلسة وهربت إلى السعودية حيث بقيت هناك أربعة أشهر - وفي موسم الحج التقيت هناك بأشخاص مقربين جداً من الامام أحمد وطلبت منهم التوسط لي لديه حتى أعود إلى اليمن.. وقد نجحت وساطتهم بعد ذلك وعدت إلى اليمن وسافرت إلى تعز حيث أحضرت هدية للامام وكانت صناديق عنب، وقات من أفخر أنواع القات والعنب في اليمن، وبعدها عفى عني الامام وسامحني عن إساءتي التي وجهتها لنائبه في صعدة.

أمريكا معهم

- انتهت مهمتك عند ذلك!

- نعم..

- عم أحمد.. اليوم وبعد مرور ما يقارب من 56 عاماً على قيامك بإخراج يهود اليمن من قراهم ومناطقهم ومن ثم ترحيلهم إلى إسرائيل هل تشعر أو تحس انك ارتكبت خطأ لقيامك بهذا العمل؟

- لا أبدا، يلعن أبوهم لأننا كنا نبحث كيف نخرجهم من اليمن لأنهم كانوا تحت الذمة وكان الامام يريد طردهم.

- لماذا كان الامام أحمد كما تقول يريد طرد اليهود؟

- ربما لأنه كان يدرك المشاكل التي ستحدث إذا ما بقوا في اليمن بأعداد كبيرة بعد قيام دولة إسرائيل أو لأنه كان يدرك أمرا آخر الله أعلم ما هو..

- باعتقادك عم أحمد.. لماذا تم اختيارك من قبل الوكالة اليهودية للقيام بهذه المهمة وهي تجميع وترحيل يهود اليمن إلى إسرائيل؟

- لا أدري ربما لأنهم كانوا يعرفون بأني من التجار المعروفين في اليمن وبأني بحكم علاقتي ونشاطي التجاري مع التجار من اليهود في صنعاء وغيرها من المناطق اليمنية الأخرى أكون قادراً على اقناعهم بترك اليمن والهجرة إلى إسرائيل وتسهيل الصعاب التي قد تواجههم إذا ما اعتزموا ذلك.

-طيب عم أحمد اليوم ما يحدث في فلسطين من قيام اليهود بقتل ابناء الشعب الفلسطيني واحتلالهم الأراضي الفلسطينية وعداؤهم للعرب والفلسطينيين كيف تنظر إليه؟!

- شوف المسلمين في فلسطين ليس لديهم امكانيات أو أسلحة لمواجهة ذلك واليهود هم جزء بسيط من السكان والفلسطينيون عددهم كبير وأكثر من اليهود لكن كما قلت لك ليس لديبهم الامكانيات والأسلحة لمقاومة ومحاربة اليهود لذا فإن الفلسطينيين يتعرضون للقتل على يد اليهود وتدمر منازلهم بعكس اليهود في إسرائيل الذين لديهم الأسلحة والدعم الذي تقدمه لهم أمريكا!!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف