د. عبد المنعم سعيد : بوش خسر كثيرا لاعتقاده أنه على صواب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
العراق على حافة حرب أهلية.. واحتراق المنطقة العربية وشيك
حوار - محمد مهاود
في حوار جرىء مع الدكتور عبد المنعم سعيد مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية اكد ان النقد الرئيسي الموجه لتقرير بيكر انه جاء بدون اسنان وان بوش سيضيف للتقريرقوة ويجعل له اسنانا واضاف ان الموضوع الاساسي للتقريرهو بحث مشكلة العراق وطالب ببحث عدد من المشاكل المشتعلة في المنطقة.. مخاوف بوش والتراجع الامريكي * ماهي رؤيتكم لمخاوف بوش من تقرير بيكر ـ هاميلتون.. وهل التقرير يؤكد تراجع التفكير الايدولوجي الامريكي..؟!
ـ سؤالكم مركب من شقين.. بالعودة الى الوراء قليلا، الذي سيطر على السياسة الامريكية خلال فترة رئاسة بوش الاولى والثانية، مايسمى بمجموعة المحافظين الجدد وتضع المحافظين امام الليبراليين ـ هما مدرستان داخل الحزب الجمهوري ـ المدرسة الواقعية وهي ممتدة من الرئيس نيكسون وكيسنجر الى بوش الاب ونجومها وهم المجموعة التي اعدت تقرير بيكر ـ هاميلتون ومعهم لورانس ايجل وزير الخارجية لفترة اثناء ولاية الرئيس بوش الاب، هذه مدرسة واقعية تنظر الى السياسة في العموم على اساس المصالح وفي المقابل المحافظون الجدد يرون السياسة على اساس اهداف بعضها ايدولوجي ـ فكرة الحرية فكرة العدالة.. ـ ولهم ايضا خط ممتد من الرئيس رونالد ريجان الى بوش الحالي ومعه مجموعة مفكرين مثل جيمس ولوفيتس ودوجلاس فيث وجون بولتون واخرين.. هاتان المجموعتان بينهما صراع دائم، لان الواقعيين ينظرون الى المحافظين على انهم مثل الليبراليين، يمشون وراء اهداف قد تكون جميلة ولكن ليس لها علاقة بالواقع، وليس بالضرورة ان تتحرك الناس على اساس فكرة ولكنها تتحرك على اسباب المصالح ـ هذه خطوط واضحة ـ
واعود بك الى تقرير بيكر ـ هاميلتون وتكليف بيكر بإعداد التقرير بمثابة تنازل في المعركة الداخلية داخل الحزب الجمهوري والتسليم بان الطريق المحافظ الجديد غير ناجح.. ويبدو لي ان كونداليزا رايس ناورت قليلا لانها واقفة بين المدرستين رغم ان ولاءها الاساسي لعائلة بوش، وتريد ان تجعل فكر المدرسة الواقعية التقليدية تصل الى الرئيس بوش، والمعروف انها تفاوضت بين جيمس بيكر والرئيس بوش من اجل إعداد هذا التقرير، لان بيكر وضع شرطا اساسيا لكي يعد التقرير ان يوافق الرئيس بوش وان يكون على استعداد للرد الايجابي على التقرير.
وهنا توقف الدكتور عبد المنعم سعيد لحظة وقال: يظل الموضوع مجرد تقرير، ولكن علينا ان نعرف دور المؤسسات الامريكية، والمعروف ان رئيس الجمهورية يضع السياسة وينفذها، والبرلمان يقرر الميزانية التي تصرف عليها ويراقبها، وبالتالي يستطيع الكونجرس ان يرفض اي سياسة ولا يمولها،وهذا توازن اساسي موجود داخل امريكا. والى جانب ذلك من ادوات الديموقراطية ـ الاحزاب، استطلاعات الرأي العام، الصحف، المحطات الفضائية وغيرها ـ وهي تعمل على توسيع الافق امام المجتمع، وكانت هناك اللجنة التي تشكلت للتحقيق في حادث 11 سبتمبر وايضا اعدت توصيات كثيرة، والان لجنة بيكر هاميلتون وهذه من الاساليب الديموقراطية غير الملزمة، ولكنها تعطي انذارا سواء لصانع القرار او للكونجرس.والتقرير جاء بتكليف من الكونجرس لأربعة مراكز بحثية امريكية..
اما لماذا تخوف بوش من التقرير..؟! اولا لان التقرير لايتفق مع تقييم الحالة في العراق. ورأي بوش ان هناك نظاما ديموقراطيا جنينيا وجد في العراق بالفعل ونظاما ديكتاتوريا تمت الاطاحة به، وبما اننا نتعامل مع مرحل انتقالية يبقى علينا ان نتحمل الكثير من آلامها، وهذا هو الجانب الايجابي في النظرة وايضا الجانب السلبي التسليم بهزيمة في العراق لاتتحملها السياسة الكونية للولايات المتحدة وخاصة في التعامل مع موضوع الإرهاب ومكانتها..
وهنا تعتبر اول نقطة خلاف هي التوصيف مع مايحدث في العراق،وبوش يعترف ان هناك مصاعب وان الوضع مأسوي .. ولكن يرى ان هناك انجازات تحققت وبها عشرات المحطات التليفزيونية وصحف جديدة وبها مناطق هادئة مثل منطقة الاكراد في الشمال وهي مزدهرة وهناك منطقة الجنوب العنف فيها نسبي صحيح انها ليست مزدهرة.. فمن الناحية الجغرافية والبشرية يرى بوش ان هناك نوعا من الحدود لحالة الفوضى الظاهرة وان هذا نتاج المحطات الفضائية واجهزة الاعلام، ويمكن معالجتها.
واضاف قائلا: النقطة الثانية للخلاف حول بعض توصيات اللجنة وخاصة فيما يتعلق بالحوار مع سوريا ومع ايران ووجهة نظر بوش انه اي نوع من التحاور يتم وماذا تقدم لهم: وهناك سؤال: هل هذه الدول تريد ايضا ان تتحاور..؟! وهناك في معسكر بوش من يقلل من الربط بين الصراع العربي الاسرائيلي والعراق ويرون ان هذا الربط فيه قدر كبير من التعسف، وانه كان يستخدم دائما لتبرير الاستبداد في المنطقة، او استمرار الصراعات وكله يعلق على كتف الصراع العربي الاسرائيلي فضلا عن ان مشكلة الصراع العربي الاسرئيلي هي انه لايوجد طرف فلسطيني جاهز للتفاوض وهذا جزء من قائمة الانتقادات المطروحة في التقرير.
الإخوان المسلمون والديموقراطية
* رغم ان نتائج التقرير غير ملزمة للرئيس بوش فيما يقدم التقرير خطة للخروج شبه مشرف من المستنقع العراقي.. هل ترى ان بوش سيختار اي طريق للهروب من هذا المستنقع والمنطقة مازالت مشتعلة..؟
ـ هذا فكر بوش منذ البداية وكان يردد انه لابأس من اشتعال المنطقة لفترة زمنية ولم يكن يتحدث عن سنة او سنتين وكان في كثير من الاحيان يتحدث عن 10 سنوات او 15 و20 وعن جيل بكامله.واوضح الدكتور سعيد قائلا: الفكرة الاساسية ان هناك مناطق في العالم حصل فيها تطور تاريخي مرت بفترة من الاشتعال وبالتالي الاشتعال الذي يعتبره كثير من الناس دليلا فشلا يرى بوش انه ليس فشلا ويؤكد انه جزء من المرحلة الطبيعية لفكرة التغيير، ويرى ايضا ان هناك بعض الانجازات الاستراتيجية تحققت، وعلى سبيل المثال تغير السلوك الليبي وخروج سورية من لبنان وحدوث حلحلة بمعنى انه السعودية التي لاتعرف ظاهرة الانتخابات اصبحت الان تستخدمها، وايضا مصر تعدل الدستور والتحولات الاقتصادية التي تحدث الان في عمان وقطر والكويت وهذا تقييم بوش.ويستطرد الدكتور سعيد قائلا: بمعنى اخر ان قوى الاستبداد اصبحت في موقع الدفاع ولم يعد ينكر احد الديموقراطية او انها للبرجوازية فقط واصبحت الديموقراطية الفكرة وحتى الاخوان المسلمون يتحدثون عنها يريدون الديموقراطية وتطبيقها فيه اختلاف..
ونقطة الهروب من العراق.. لا اعتقد ان هذا سيحدث على الاقل في المدي القريب خلال سنة او سنتين.. وبوش طلب تقييمات اخرى من بعض المستشارين بوزارة الدفاع في اكثر من هيئة ويتم في الساحة الامريكية تفاوض ومساومات بين هذه الاقتراحات ثم تتحول الى تفاوض ثم الى استراتيجية ثم الى خطة.
عودة البعثيين
* ماهي الفلسفة الأساسية في تقرير بيكر..؟
ـ الانسحاب المنظم من العراق شبه المشرف لا اعتقد ان هذا مقبول وبالتالي لا استبعد ان يأخذ من التقرير بعض المقترحات المتعلقة بالشرعية الدولية ـ ان تنشأ لجنة دولية اقليمية لموضوع العراق ـ وربما يأخذ ببعض عمليات تنشيط مشروع السلام العربي الاسرائيلي لكن ليس بالاستثمار المناسب وستقوم امريكا بدور وسيأخذ من التقرير بعض الاجزاء المتعلقة بسورية ولا استبعد ان يزيد من عدد القوات في العراق ويبدأ في البحث عن استراتيجية مختلفة لمعالجة الموضوع على ارض الواقع وبعض الملامح بدأت تظهر حاليا، اقصد ان عدد المدربين للجيش العراقي ممكن ان يتضاعف لزيادة عدد الجيش العراقي وممكن جدا ان تدفع باغراءات للقوات السابقة حتى من البعثيين للعودة الى الجيش ويزيد ايضا من القوات المواكبة.
واوضح الدكتور سعيد قائلا: القوات الامريكية في العراق تصل الى 150 الف واحتمال رفعهم الى 200 الف مع القوات العراقية وتنسحب القوات الامريكية من كل المدن والمناطق السكانية وبالتالي يقلل من حجم تعرضه لعمليات الاغتيالات، واذا نظرت لعدد القتلى من القوات الامريكية في العراق تراه يقترب من 3 الاف والجزء الاكبر منهم من حوادث انفجارات الطرق، وبذلك ستقلل نسبة تعرضهم للمخاطر عند تمركز القوات في مناطق خارجية ويستخدمون بشكل متزايد طائرات الهليكوبتر.
تقويض السيادة العراقية
* هل ترى في تقرير بيكر- هاميلتون اي شكل من اشكال القوة ..؟
ـ النقد الرئيسي الموجه لتقرير بيكر انه جاء بدون اسنان، واعتقد ان بوش سيضيف لتقرير بيكر قوة ويجعل له اسنان، وستطلق ادارة بوش الاوروبيين على ايران رغم ان الالمان حاولوا التدخل، لكن ايران لم تتجاوب مع الجانب الالماني والاوربيون الان بدأوا يعلنون عن غضبهم من موقف ايران بعد ان دعا احمد نجادي لمؤتمر الهولوكست اخيرا وخاصة ان المشكلة مع الالمان وهم اولى ببحثها. وبهذا يخلق عداء واضحا مع الاوربيين والجيران، وهذا راجع الى ان ايران تشعر بقدر كبير من التمكن او الاستقواء وبالتالي احتمالات ان ترتكب اخطاء كبيرة وارد وهي تستفز دول الخليج وبعض العراقيين وقد استثمر بيكرهذا . .
* رفض الرئيس العراقي جلال طالباني تقرير بيكر ـ هاميلتون ويعتبره غير عادل ويتضمن فقرات خطيرة من شأنها تقويض السيادة والدستور، كما رفض اي مشاركة للبعثيين الصداميين في مؤتمر المصالحة الوطنية، وندد طالباني بالتقرير واصفا اياه بانه يتعامل مع العراق كمستعمرة ناشئة يفرض شروطه عليها.. لماذا يعلن طالباني رفضه للتقرير رغم ان به الكثير من البنود في صالح الشعب العراقي وتقليص الدور الامريكي..؟
ـ من وجهة نظر طالباني انه رئيس منتخب وان النظام الذي قام عليه العراق استقر على هذا ـ دستور جديد، انتخابات تمت ـ وبالتالي يوجد دولة عراقية ذات سيادة من وجهة نظره وهو لايقبل ان لجنة في الولايات المتحدة تقرر مصيره او مصير العراق وهذا سبب غضب طالباني والعراقيين..
انفجار المنطقة من أين..؟؟
* يري معدو التقرير ان الحملة الدبلوماسية من اجل العراق لا يمكن النظر اليها بشكل معزول عن بقية المشاكل في المنطقة، خاصة الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي. ويقترح التقرير مؤتمرا دوليا ومبادرة اقليمية وخطوات لدعم الحكومة العراقية كي تحقق اهدافها. والمبادرة يجب ألا تقتصر علي الدعم الاقتصادي بل الامني والعسكري والسياسي.. امن المنطقة يبدأ من اين.. وهل القضية الفلسطينية ـ الاسرائيلية هي نقطة الارتكاز لانفجار المنطقة..؟
ـ الموضوع الاساسي للتقرير هو العراق انما عندما تبحث مشكلة العراق عليك ايضا ان تبحث عددا من المشاكل المشتعلة في المنطقة والموضوع الفلسطيني متقاطع مع عدد من الازمات، متقاطع مع موضوع ازمة الاسلام والغرب بسبب القدس متقاطع مع موضوع الارهاب وموضوع الاعتدال والرديكالية في المنطقة.. وهنا يأتي العراق واذا كانت امريكا تريد ان تساعد فعليها تحريك اصدقائها وهم لايريدون التحرك. ليس هذا فحسب بل ايران لها استخدام في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي.. ادارة بوش لاتعتقد في ذلك وهذا جزء من التأثيرات الاسرائيلية على الادارة الامريكية وعلى المحافظين الجدد بشكل عام، والرئيس بوش ان العرب غير جاهزين وعندما يجهزوا يبقى فيه كلام..
* اعترف التقرير بخسارة امريكا في العراق كيف تترجم هذه الخسارة وكيف تواجهها الادارة الامريكية..؟
ـ لم يعترف التقرير وحده بهذه الخسارة ولكن الشعب الامريكي نفسه اعترف بها وهذا ما اكده التجديد النصفي للكونجرس لانه من سنتين انتخب جورج بوش لانه اعتقد ان بوش على صواب، اما حاليا فجاءت درجة الاستطلاع للرأي العام 23 % لبوش ولسياساته وهذه ايضا خسارة .. وأوضح الدكتور سعيد قائلا: المسألة ملتبسة لتعريف مصطلح الخسارة وماهي نتائجها تؤدي الى اين وكيفية التعامل معها..؟؟ اختيار بوش لعدد من المستشارين من وزارة الدفاع اعتقد ان امريكا اذا خسرت في العراق فمن الرابح اذن.. في هذه المعركة نحن نعرف من المهزوم ونعرفه بتعريف مالم يحققه، كان هدف امريكا ان تخلق نموذجا للديموقراطية وهذا مالم يحدث.. وتخلق بلدا مستقرا لم يحدث ايضا وانها تقضي على الارهاب بل العكس ازداد في عهدهم وهم في خسارة مادية يومية..
من المنتصر في العراق..؟ الذي انتصر في العراق هي الاصولية الاسلامية وانتصرت بالمعنى الايراني والتواجد الايراني المالي والاقتصادي والمخابراتي والعسكري داخل العراق كبير للغاية وفي وفق بعض التقديرات تزيد على الولايات المتحدة من حيث العدد.
الدعم السعودي والدعم الإيراني
* اسمح لي ذكر التقرير انه في حالة مد جسور الثقة مع الجانب الايراني سيوقف دعمهم للشيعة في العراق وفي مقابلة ستتوقف السعودية عن دعم السنة في العراق هل هذا قائم في المستنقع العراقي وهل صحيح ان السعودية ستتوقف عن دعم السنة في حالة توقف ايران..؟
ـ الطبع سيتوقف الدعم السعودي ولكن هذه المعضلة كيف حلها..؟ ومعنى ان السعودية تدفع للسنة معناها انها تجعل للموضوع اصولية اكبر واقصد ان الاصولية انتصرت بالمعنى الايراني بالمعنى الشيعي السني والزرقاوي وبمعنى اخر الفراغ الاستراتيجي الحاصل في المنطقة الذي جعل الحركة الاصولية تخرج في لبنان لكي تهدم النظام وفي فلسطين تهزعرش فتح ومنظمة التحرير والاخوان المسلمين في مصرالمحاكم الشرعية في الصومال وايضا في رأيي ان الاختبار النووي في كوريا الشمالية كان احدي نتائج الخسارة الاستراتيجية للولايات المتحدة الامريكية في المنطقة والقوى الاصولية وجدت فرصة مع هذه الخسارة للامتداد والامتداد من اجل تقويض الدولة المعاصرة.. ومن هنا اصبح هناك وضع جديد خلق فراغا استراتيجيا وتتم تعبئته بقوى مختلفة في معظمها جانب عنيف وفي مصر تحديدا نشعر بلسعاتها ونحن جميعا شاهدنا اشكالا جديدة من الملثمين في جامعة الازهر واكتشاف الامن لعدد من الخلايا يقومون بتجنيد الشباب وعمليات تثقيب لحدودنا مع فلسطين وللاسف القوى المصرية غائمة ولاترى مشكلة ولااحد يتساءل السلاح الذي يتم تهريبه يذهب لمن ومن الذي يرسله وهل يبقى جزء منه في مصر ونعرف من الذي يأخذ السلاح هناك اما من يرسله فلا احد يعرف ومعنى هذا ان هناك خطوطا اخرى بحرية وقوارب من جهات اخرى حتى الصحافة لم تهتم بهذا الموضوع..! وهذه لسعات لا احد يعرف متى تتصاعد..؟!
السوريون عكس الايرانيين
* اعود الى ماجاء في التقرير عن سوريا ماذا تقدم الولايات المتحدة لسوريا..؟! يري التقرير ان سوريا مهمة من ناحية دورها الذي يمكن ان تلعبه في تسوية الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، ويعتقد اعضاء اللجنة انها يمكن ان تلعب دورا هاما في تحقيق الاستقرار في العراق. ويوصي التقرير بتشجيع سوريا علي المساهمة من خلال التحكم بحدودها، كما يري اعضاء اللجنة انها قد تلعب دورا امنيا من خلال فتح خط ساخن لتبادل المعلومات مع العراقيين.. هل استقطاب سوريا للحظيرة الامريكية بمقابل ولتكن ورقة الجولان هي الثمن ام ان هناك ضغوطا اخرى تمارس في يد الادارة الامريكية..؟؟
ـ سوريا فيها عدة اوراق لها يد طولى في لبنان والعراق وفلسطين ولا ننسى ان خالد مشعل هناك وهناك اوراق بيد الادارة الامريكية منها السلبي والايجابي مثل ان سورية عليها قدر كبير من العقوبات فتستطيع الادارة الامريكية ان تغازلها برفع العقوبات وتجديد الاسطول الجوي والمساهمة في عوائد اقتصادية مهمة، واللعب بورقة الجولان ثم هناك التحقيق في مقتل رفيق الحريري واعتقد ان السوريين قلقون جدا من هذه الجريمة وتستطيع امريكا تجميد المحاكمة او تأجيلها ومسألة الاستثمار يمكن لامريكا ان تساهم بشكل كبير في هذا الاتجاه وهذه جميعها اوراق تستطيع امريكا التلويح بها وفي المقابل هناك عقوبات كثيرة منها تصعيد موضوع المحاكمة واستصدار قرار من مجلس الامن باستدعاء الرئيس السوري للتحقيق معه، وتشجيع قوى عراقية لتعمل داخل سوريا وتشجيع قوى لبنانية للصمود في المعركة الحالية في لبنان.. ويوضح الدكتور عبدالمنعم سعيد قائلا: السوريون على عكس الايرانيين لقد اعطوا اشارات كثيرة وواضحة منها استعدادهم لتنازلات جوهرية في موضوع الصراع العربي الاسرائيلي واخيرا زيارة وليد المعلم وزير الخارجية السوري الى العراق والاعتراف بحكومة العراق الحالية ثم انهم اعطوا اشارات للحوار بخصوص لبنان، اما الايرانيون فلهم موقف مخالف للموقف السوري ويتعاملون من منطق القوة..
* وزير الخارجية السعودي الامير سعود الفيصل قال ان تقرير بيكر ـ هاميلتون حول العراق فيه نواح سلبية واخري غير واضحة واخري سيئة.. فما رأيكم في الموقف السعودي..؟
ـ ان فلسفة التقرير قائمة على الانسحاب المنظم، والدول المعتدلة في المنطقة ترى الانسحاب سواء منظما او غير ذلك له اثاره السلبية لان هذه الدول من البداية كانت ضد قرار الغزو ـ وتم بدون التشاور معهم وبدون حلف دولي ـ والان فهم يعيشون مع نتائج هذا الغزو وعلينا ان نتعامل مع العراق على ارض الواقع ومن المعلوم ان نتائج الفراغ الاستراتيجي سوف تبدأ في الزحف تدريجيا على قضايا الاقليات ومسألة الشيعة قضية خطيرة، ففي الخليج هناك تمييز عنصري بين الشيعة والسنة واحساس الشيعة بانهم اقلية جعلهم يشعرون بالظلم وانهم لم يحصلوا على حقوقهم الوطنية وهناك بقع في بعض الدول الخليجية يتعاملون مع الشيعة على انهم زنادقة.
واضاف الدكتور سعيد في حواره قائلا: لو حدث حرب اهلية في العراق سيمتد اثارها وتخلق حالة احتقان وتجعل الارض خصبة للزرقاويين وامثالهم.
* يقال ان ضمن مشروع الشرق الاوسط الكبير ستقسم العراق ماهو رأيكم في مشروع التقسيم..؟
ـ القضية ليست مشروع التقسيم، الكارثة هي الحرب الاهلية.. واضرب لك مثلا توقع البعض ابان الحرب الاهلية في لبنان خلال الثمانينيات ان تقسم لبنان الى دولتين وهذا لم يحدث والحماية جاءت من جزء اقليمي وهوالوجود السوري وايضا في العراق هناك جزء اقليمي ايراني وسعودي وسوري وتركي وهم لايريدون التقسيم واريد ان اضيف شيئا ـ والكلام للدكتور عبدالمنعم سعيد ـ منذ اكثر من خمسين سنة والكلام عن التقسيم في الدول العربية لم ينته بل على العكس اتحدت اليمن الشمالية مع اليمن الجنوبية ولقد شهدت المنطقة مرحلة استقرار غير عادية ووجدنا رؤساء وملوكا استمروا في الحكم عشرات السنين وانتهت الانقلابات العسكرية منذ السبعينيات..
ولكن اعود بك الى قضية الاقليات والتمييز الاقليمي لقد بدأت صيغ جديدة تظهر على السطح مثل الفيدرالية واللامركزية المختلفة وكيفية التعامل معها. والذين يرددون ان هناك تقسيما لبعض الدول مثل العراق والسعودية فهناك قوى اخرى للوحدة وهناك بدائل مطروحة ضد التقسيم منها حقوق الانسان والتمثيل والحلول اللامركزية المختلفة ويوجد نماذج مطروحة الان واعتقد ان فكرة التقسيم لم تطف على السطح الا اذا قويت شوكة الاصولية الدينية وتجد هذا في السودان مع بقايا النظام الترابي وفي العراق مع جماعة الزرقاوي والمجلس الاعلى للشئون الاسلامية وفي لبنان حزب الله..
واكد الدكتور عبدالمنعم سعيد انه لو تم التقسيم في العالم العربي سيكون النموذج الايراني خطرا جدا عليه ولو سقط العرب في هوة التقسيم لن يكون وحده.
التعديلات الدستورية في مصر
* في بداية حديثكم مررت على مصر وذكرت التعديلات الدستورية فهل جاءت التعديلات نتيجة لمطالب شعبية او انها نتاج طبيعي للضغوط التي تحدث في منطقة الشرق الاوسط..؟
ـ لا استطيع ان اغفل الضغوط الداخلية فالناس في مصر اصبحوا اكثر وعيا وتعليما وايضا نتاج لما يحدث في منطقة الشرق الاوسط - وهذا اعتقاد الرئيس بوش- وليس كلامي اما في اعتقادي فالعالم كله يتحدث عن الديمقراطية والمجتمع المدني والمناخ العالمي تبدل وتغير بالاضافة الى زيادة عدد الدول الديموقراطية واصبحت الدول تثاب اقتصاديا والمناخ الدولي اصبح مرتبطا بفكرة المجتمع المفتوح، الديموقراطية، الانترنت، السماوات المفتوحة، والتطور التكنولوجي الهائل، هذه كلها ادوات خارجية وليست الولايات المتحدة فقط.. ومن قبيل العبث على اي حكومة مسئولة ان تتجاهل المواقف المرتبطة بالقوى العظمى الوحيدة في العالم وايضا اتساع ايمان النخبة الداخلية بأن الديموقراطية يمكن ان تحل مشاكل البلاد والخطاب الرسمي يطالب بالديموقراطية حتى الاخوان المسلمون يطالبون بها..
وهنا توقف الدكتور سعيد قليلا ثم قال: في رأيي ان مصر بها قضية مهمة جدا وهي كيف تتحول من نظام 23 يوليو والذي قام على تعيين الميكانيكي نائبا لرئيس الجمهورية الى قضية مفتوحة.. واعتقد ان هناك ساعة تدق بعد مرور اكثر من 24 سنة على الرئيس مبارك في الحكم فان هذا النظام سيتغير عاجلا او اجلا..
مصر الحاضر الغائب
* مصر اين...؟!
ـ دعني أقول لك ببساطة أنا لست من المتحمسين لأي دور اقليمي مصري فقط هناك تراث ناصري في مصر علي وجه العموم ويقولون انه لابد ان يكون لنا دور في كل ازمة عربية، وهناك تراث ناصري يقول: ان دور مصر الاقليمي هو هزيمة اسرائيل او الولايات المتحدة وهذا ناتج عن فترة الاستعمار وانا لا اتفق مع هذا.. وارى ان الدور الاقليمي لمصر هو الدور القائم على تشكيل الاقليم بحيث يتماشى مع العصر، بمعني ان يدار تشكيل الاقليم كما حدث في شرق آسيا وشرق اوروبا واوروبا علي أن يكون له جناح امن وجناح اقتصادي ضمن مشروع كبير ـ وهذا التصور مرتبطا اساسا بوضع مصر الداخلي ـ ومصر علي مدي طويل جداً كان دورها مرتبط بالصراع العربي ـ الاسرائيلي حربا لفترة وسلاما لاخري ومصر كان لها دور اقليمي بمعني انها "مدينة جدول الاعمال" سواء في الحرب او السلام.
واليوم اقول ان مصر في السنوات الاخيرة في مرحلة انسحاب جزئي مشروع وأرى ان المصريين اصبحوا مهتمين بمصر فقط ولنا جدول اعمالنا الخاص بنا.. البطالة وتعديل الدستور والاصلاح الاقتصادي.
المشروعات الموجودة في المنطقة للاسف اما انها خطر او لن تنجح وسوف تؤدي الي اوضاع هيكلية سيئة ودعني اقول لك: ان المنطقة العربية حاليا بها ثلاثة مشاريع كبري المشروع الامريكي الاوروبي ولم ينته بعد ويعتبر المنطقة راكدة وتحتاج لمن يحفزها ويدفعها الي التطور وهذا تغيير راديكالي يطيح بالنظام المصري والسعودي.. ولقد سمعت هذا من بعض المحافظين الجدد "الاقحاح" وان الهدف من الحملة على العراق ليس المقصود بها العراق ولكن كان الهدف منها مصر والسعودية ومصر في المقام الاول.. وهذه هي الطريقة التي يقضي بها علي هذه الانظمة لانها افرزت الارهابيين في 11 سبتمبر، وهذا المشروع لم يحدث ولكنه لم ينته ايضا.
المشروع الثاني وهو الاصولي الراديكالي وهو مماثل للمشروع الشيوعي له قاعدة اساسية وهي دولة ايران وله اشكال متنوعة من القوي الوطنية والقومية مثل حزب الله وحركة حماس والحركات الارهابية ـ مثل القاعدة والناجون من النار والجهاد الاسلامي- وله جوانب سلمية مثل حركة الاخوان المسلمين الذين يريدون الاستيلاء علي الحكم.. انما الفكرة الاساسية هي اسبقية النقص علي البشر وان السياسة هي تفسير للنقص وليست مداولة بين مصالح الناس وهذا هو جوهر الفكرة او جوهر المشروع. وهذا المشروع هو المستفيد الاوحد من خسارة فكرة المشروع الاول.
اما المشروع الثالث: واعتبره هروبيا من النخب الحالية انها تلجأ الي الفتنة الطائفية وان تخلق تعصبا بعيدا عن الفكرة الوطنية القومية والشيعة والسنة والمسيحيين وهذا ابرز تقسيماتها من اجل اعادة تشكيل الوعي في المنطقة كما في السودان.
واري ان هذا المشروع يحمل بين طياته خطورة شديدة جداً والبديل الوحيد في رأيي هو خلق مشروع معاصر ومدني وحديث قائم علي السلام والتنمية واحترام حقوق الانسان والاقليات ورفض طغيان الاغلبية الحاكمة والتعامل مع اساسيات الانسان بعيدا عن الاغلبية والاقلية، وفي رأيي ان مصر ناضجة وتستطيع ان تفعل هذا، وبها ما يكفي من الطبقة الوسطي والمثقفين والمفكرين ولقد طرح هذا للنقاش علي طاولة الحزب الوطني الديمقراطي من بعض الاقلية..
وللاسف انه الآن لايوجد ادراك من النخبة السياسية سواء الحاكمة او المعارضة بحجم الحرج الموجود في الاقليم ولا توجد قراءة صحيحة لحجم الخطر الموجود، وعندما اذهب الي اي منتدي سواء في الحكومة او المعارضة اجد قائمة طويلة باخطاء امريكا وماتفعله ايران والسعودية وحماس ولايوجد لدينا اي تقييم لما فعلناه نحن، واذا اردت ان تبحث عن دور اقليمي ناجح عليك ان تعود لتقييم السياسة الخارجية ليت عندنا تقريرا علي غرار تقرير بيكر ـ هاميلتون.
ويتساءل الدكتور عبد المنعم سعيد قائلا: امريكا فشلت في العراق فهل نجحنا نحن..؟
للاسف لايوجد عندنا تقييم، وكل مانملكه سياسة خلط الارهاب بالمقاومة الي درجة انه اصبح كل ارهاب مقاومة وهنا اتحدث عن حركة كفاية وكنت اتصور انها حركة علمانية ديموقراطية ضد التوريث والتمديد بينما هي مع التوريث في سوريا والتمديد للحود في لبنان..!!
واختتم الدكتور عبد المنعم سعيد ـ مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ـ حواره متعجبا اننا لسنا مدركين حجم الاحداث في المنطقة ولا يوجد احد يقيم هذه الحالة.