جريدة الجرائد

القواعد الذهبية لفهم أحداث الشرق الأوسط

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الخميس21 ديسمبر2006

توماس فريدمان

لوقت طويل، تركت آمالي في تحقيق محصلة لائقة في العراق، تتغلب على ما تعلمته خلال الفترة التي عملت فيها مراسلاً في لبنان أثناء حربها الأهلية. وذلك قبل أن تتبخر تلك الآمال في الصيف الماضي. لذلك، أود أن أقدم للرئيس بوش قواعدي المحدّثّة عن أصول نقل الأخبار في الشرق الأوسط، وهي قواعد تنطبق على مجال الدبلوماسية بقدر انطباقها على مجال الإعلام، آملاً، وأنا أقوم بذلك أن تكون تلك القواعد عوناً له على تصور ما الذي يتعين عليه عمله لاحقاً في العراق.

القاعدة الأولى، أن كل ما يقوله لك الناس سراً في الشرق الأوسط لا قيمة له. أما الشيء الذي له قيمة فهو ذلك الذي يدافعون عنه علنا بلغتهم. بمعنى أن أي شيء يُقال لك باللغة الإنجليزية في السر لا يهم. بمعنى آخر: في واشنطن يكذب المسؤولون علناً، ويقولون لك الحقيقة سراً وبعيداً عن الإعلام. أما في الشرق الأوسط، فإن المسؤولين يقولون لك ما يعتقدونه حقاً في العلن، أما في أحاديثهم الخاصة، فيقولون لك ما تريد أن تسمعه.

القاعدة الثانية: إن أي صحفي أو ضابط أميركي يريد الخدمة في العراق، يجب أن يخضع لاختبار مكون من سؤال واحد فقط: هل تعتقد أن أقصر مسافة بين نقطتين هي الخط المستقيم؟ فإذا ما كانت إجابته عن السؤال بنعم، فمعنى ذلك أنه غير صالح للخدمة في العراق. قد يكون صالحاً للخدمة في اليابان أو كوريا الجنوبية أو ألمانيا ولكن ليس في العراق. القاعدة الثالثة: "إذا لم تكن قادراً على شرح شيء لشخص شرق أوسطي باستخدام نظرية المؤامرة، فلا تحاول أن تشرحها على الإطلاق لأنه لن يصدقك". القاعدة الرابعة: في الشرق الأوسط لا تأخذ تنازلاً من أحد إلا من فم الشخص الذي يقوم بالتنازل أو المخول بتقديم التنازل. فلو كنت أنا شخصياً قد أخذت دولاراً مقابل كل تصريح قال لي فيه شخص من الشرق الأوسط- مسؤول أو غيره- إنه يعترف بإسرائيل بالنيابة عن ياسر عرفات (أي أنه يقول لي ذلك على لسان عرفات) لكنت قد جمعت ما يكفي لتغطية جدران منازلي بورق حائط دولاري.

القاعدة الخامسة: لا تبدأ أبدا قصتك التي تبثها من لبنان أو غزة أو العراق بخبر عن وقف إطلاق النار، لأنه سيكون قد انتهى مفعوله قبل أن تظهر الجريدة التي تعمل بها في صباح اليوم التالي.

القاعدة السادسة: في الشرق الأوسط ، يذهب المتطرفون لنهاية الطريق في حين يميل المعتدلون إلى الخروج بعيداً عن الطريق.

القاعدة السابعة: العبارة الأكثر استخداماً من قبل المعتدلين العرب هي:"لقد كنا على وشك التصدي للأشرار لو لم تقوموا أنتم أيها الأميركيون الأغبياء بعمل هذا الشيء الغبي... ولو لم تقوموا أنتم أيها الأميركيون الأغبياء بهذا الشيء الغبي لكنا قد وقفنا في وجه الأشرار... ولكن الوقت قد تأخر الآن، وكل ما حدث تقع تبعته عليكم لأنكم كنتم أغبياء للغاية ".

القاعدة الثامنة: نادراً ما تدور الحروب الأهلية في الشرق الأوسط حول أفكار الليبرالية مقابل الشيوعية مثلاً، ولكنها تدور حول التنازع على السلطة والحكم بين القبائل والعشائر. وعلى الرغم من أن في العراق الآن حرباً أهلية مثل تلك التي كانت لدينا في أميركا، فإنه لا يوجد في تلك الحرب جنوب ضد شمال، ولا توجد شخصيات تاريخية مثل "إبراهام لنكولن"، وإنما هنا جنوب ضد جنوب.

القاعدة التاسعة: في سياسات الشرق الأوسط، ليس هناك شيء اسمه الحل الوسط أو ما نطلق عليه هنا في الغرب "الوسط الذهبي". فعندما يكون هناك طرف ضعيف، فسوف يأتي إليك ويقول: "أنا ضعيف فكيف يمكنني المفاوضة على حل وسط"... وعندما يكون هناك طرف قوي، فإنه سيأتي إليك كي يقول: أنا قوي فلماذا يجب علي أن أتفاوض أصلاً من أجل حل وسط؟".

القاعدة العاشرة: "الحروب الأهلية في الشرق الأوسط تنتهي عادة بطريقة من الطرق الثلاث التالية: أ- انتصار طرف على الطرف المقابل ودحره كما في حربنا الأهلية الأميركية. ب- الفصل الصارم بين الطرفين وإقامة حائط عازل بينهما كما هو الحال في قبرص.ج- الفصل اللين تحت قبضة حديدية واحدة(سوريا) تجبر كل الأطراف على الالتزام بالقواعد وعدم الخروج من الصف على النحو الذي انتهت إليه الحرب الأهلية في لبنان.
في العراق كان صدام يمثل هذه القبضة من قبل، أما الآن فقد حللنا نحن محله. وإذا لم نكن نرغب في لعب هذا الدور فإن الحرب الأهلية العراقية ستنتهي أما بالطريقة "أ" أو الطريقة "ب".
القاعدة الحادية عشرة: أكثر المشاعر المقدرة دون قيمتها الحقيقية في الشرق الأوسط هي الشعور بالإذلال. فالصراع العربي- الإسرائيلي ليس صراعاً يدور على الحدود، وإنما وجود إسرائيل نفسه يمثل إذلالاً يومياً للمسلمين الذين يقدحون زناد فكرهم في محاولة لفهم كيف يمكن لإسرائيل أن تكون على هذا النحو من القوة الهائلة وهم على هذا القدر من الضعف على الرغم من أنهم ينتمون للدين الأكثر تفوقاً.

القاعدة الثانية عشرة: والحال كذلك، فإن الإسرائيليين سيكسبون دائماً، والفلسطينيين سيعملون دائماً على حرمانهم من متعة هذا النصر. هذا هو الخبر الثابت، وما عدا ذلك فسيكون مجرد تعليق على هذا الخبر.

القاعدة الثالثة عشرة: إن أولويتنا الأولى هي الديمقراطية في حين أن أولوية العرب الأولى هي "العدالة". والقبائل العربية التي تنخرط في قتال عادة هي تلك القبائل التي جرح كبرياؤها سواء على أيدي القوى الاستعمارية، أو بسبب المستوطنات اليهودية على الأرض الفلسطينية، أو على أيدي الملوك أو الطغاة، أو-وهذا هو الوضع في غالبية الأحوال.
والديمقراطية بالنسبة للطائفة الشيعية في العراق هي في المقام الأول أداة للحصول على العدالة.وهو ما ينطبق أيضاً على الأكراد. بالنسبة لنا تدور الديمقراطية في المقام الأول حول حماية حقوق الأقليات، أما بالنسبة لهم، فإن الديمقراطية تدور أولاً حول تعزيز حقوق الأغلبية، والحصول على العدالة.

القاعدة الرابعة عشرة: هي تلك القاعدة التي عبر عنها المؤرخ اللبناني "كمال صليبي" خير تعبير بقوله:" القوى العظمى يجب ألا تتورط في المناورات السياسية للمجموعات الصغيرة".

القاعدة الخامسة عشرة: سواء كان الموضوع هو السلام العربي- الإسرائيلي، أو الديمقراطية في العراق، يجب علينا أن نعرف أننا لا يمكن أن نريد هذا أو ذاك أكثر مما يريدونه هم أي شعوب الشرق الأوسط.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف