مستقبل العراق و«الاوراق» الكردية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الخميس21 ديسمبر2006
هل يمتلك الكرد في العراق اوراقا رابحة تحول دون ان يدفعوا ثمن توصيات لجنة بيكر هاملتون التي شكلت بالنسبة اليهم صدمة قوية دفعت بهم الى ابداء حال غير مسبوقة من الغضب وشن حملة اعلامية مكثفة ضدها للحؤول دون ادارة بوش وتبنيها؟
ثمة من يراهن بأن واشنطن لن تذهب بعيدا في "تدفيع" الكرد ثمن الاستراتيجية الجديدة التي يتوقع ان يعلن عنها بوش مطالع العام المقبل في شأن الخطوة التي سيقدم عليها ازاء العراق وان كانت مخاوف كثيرة يمكن رصدها في تصريحات المسؤولين الاكراد وخصوصا منهم من يتبوأ مراكز رفيعة وحساسة في الدولة العراقية في ظل استعداد ادارة بوش المرتبكة لعقد "صفقات" مع دول الجوار العراقي وتحديدا منها التي لا تكن للاكراد ودا والعداء تاريخي ومتبادل وتاريخ الكرد حافل بالخيبات السياسية وغير السياسية وهم ظلوا على الدوام ضحايا اتفاقات الدول وصفقاتها..
تحالفات الكرد اذا لا تبدو للمتابع لشأنهم تحالفات ذات بعد استراتيجي على الاقل فيما يتعلق بالدول الاقليمية والدولية على حد سواء ولهذا يمتاز حراكهم السياسي والدبلوماسي داخل العراق وفي خارجه بالحذر والتشكك استنادا الى تجاربهم التاريخية المريرة التي يمكن ان يلحظها المرء ليست فقط في انهيار تلك التحالفات وانعكاساتها على الاوضاع الميدانية وعلاقاتهم بالدولة المركزية في بغداد بل وايضا في فشل "تمردهم" المسلح اكثر من مرة والذي لم يكتب له النجاح الا في اذار 1991 بعد حرب عاصفة الصحراء "تحرير الكويت" وضعف الدولة المركزية وصدور قرار حظر الطيران الجوي في الشمال بين خطي العرض 33 و36 والذي جعل من اقليم كردستان منطقة يمكن وصفها بالمستقلة منذ العام 1991 حتى وقوع الحرب الاميركية البريطانية على العراق العام 2003 التي يصفها الاكراد بحرب تحرير العراق.. وبروزهم كقوة كبرى ومتماسكة في عراق ضعيف ومرتهن لارادات وتحالفات ومعادلات داخلية وخارجية تشي بأن الامور قد لا تسير في صالحهم اذا ما استمرت الاوضاع على ما هي عليه.
هل يحضر الاكراد اذا للانفصال عن العراق؟
سؤال لا يرى فيه الساسة الكرد استفزازا ويستقبلونه بهدوء ويجيبون بلا تردد ان خيارهم الراهن هو مع عراق فيدرالي موحد وهي صيغة لن يتنازلوا عنها تحت اي ظرف ليس فقط لان الدستور الدائم قد ضمنها بعد ان تم اقراره عبر المؤسسات الدستورية والتشريعية والقانونية بل وايضا لأن العودة الى الوراء لم تعد واردة ولن يكون هناك رجوع الى صيغة الدولة المركزية التي تدار من بغداد كما كانت منذ نشوء العراق الحديث المعروف منذ عشرينات القرن الماضي.
الى اين من هنا اذا؟
يواصل الكرد بناء مؤسساتهم "الدولية" باصرار وتخطيط وكأنهم على وشك اعلان استقلالهم في اية لحظة سياسية اقليمية ودولية مواتية لكنهم في الآن ذاته يطلون على بغداد الحكومة والنظام السياسي القائم (ان جاز المصطلح) كشركاء واصحاب قرار في تحديد وجهة العراق وسياساته الجديدة التي هي في قطيعة مع كل ما يرمز الى المرحلة السابقة ولا يخفون عداءهم لكل ما يمثله انصار النظام القائم في المشهد العراقي ناهيك عن انهم يتحدثون بمرارة (ولكن في ايحاءات لا تخفى على احد) عن ان الولاءات للعراق اصبحت في المرتبات الادنى فيما هي الان مرتهنة لولاءات ومرجعيات اخرى بل ويبدون تشاؤما ازاء مستقبل العراق اقله في القريب الوشيك حيث باتت احتمالات المصالحة بعيدة بعد ان وصلت "السكين الى العظم"..
ولأن القراءة الدقيقة للمشهد العراقي تكشف في غير عناء عن قوة الكرد السياسية ناهيك عن القوة العسكرية الاكثر تنظيما وخبرة وحضورا في منطقة الاقليم الكردستاني البعيدة في شكل كلي تقريبا عن مظاهر العنف والقتل والخطف والابتزاز فإن الاسئلة الكبيرة لا تجد اجاباتها المحددة في "الخريطة" القائمة الان رغم ان الكرد يواصلون الحديث عن المشاركة الكردية الايجابية في الشأن العراقي العام بل ويقولون ان تلك المشاركة في اهتماماتها وايجابيتها تفوق مشاركة واهتمام الكتل العربية..
يمارس القادة الكرد نقدا ذاتيا ملموسا لتجربتهم الجديدة التي بدأت بعد السادس من اذار 1991 حيث يعتبرون ذلك التاريخ "انتفاضة" ضد نظام صدام حسين ويقولون بصراحة انهم لم ينجحوا في ايجاد البديل الديمقراطي وإن كانوا يفاخرون بما وصلوا اليه من حال ديمقراطية تتجلى في البرلمان الذي انتخب عام 2004 وعدد اعضائه 116 عضوا بينهم 29 امرأة في اطار دستور ينص على ان لا تقل حصة المرأة عن 25% من عدد اعضائه..
العلاقات بين الحزبين الكبيرين الاتحاد الوطني (طالباني) والديمقراطي الكردستاني (بارزاني) مختلفة الان عن حال العداء والحروب التي ميزتهما طوال السنوات والعقود السابقة وهما منذ ثماني سنوات في حال تحالف استراتيجي وان كانا لا يخفيان تنافسهما وصراعهما على كسب الشارع الكردي.
هل يقسم العراق اذا؟
يواصل الكرد تذكير سائلهم بأن ثوراتهم المتعاقبة رفعت شعار ديمقراطية للعراق وحق تقرير المصير للاكراد ويبتسمون بايحاءات واضحة اذا ما قيل لهم اذا ما نضجت الظروف الاقليمية والدولية هل تسارعون الى اعلان الاستقلال؟