جريدة الجرائد

حزب الله وحماس

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

السبت 23 ديسمبر2006


د. سعد بن طفلة العجمي

وجهان لعملة واحدة، هذا باختصار، المشترك بين الحزبين الطائفيين في كل من لبنان وفلسطين، فالحزبان قادا إلى انقسام واحتراب داخل الساحتين الفلسطينية بالنسبة لـ"حماس"، واللبنانية بالنسبة لـ"حزب الله".

فإن الحزبين تنظيمان دينيان طائفيان "خلقه"، -أي بالطبيعة وبالفطرة، فـ"حماس" تنظيم ديني لدين واحد ولطائفة واحدة، و"حزب الله" تنظيم ديني لطائفة واحدة أيضاً، "حماس" قادت إلى انقسام المجتمع الفلسطيني، و"حزب الله" قسم اللبنانيين إلى فريق الثمانية مقابل فريق الرابع عشر من آذار.

"حزب الله" شلَّ الحياة الاقتصادية في لبنان، و"حماس" قطعت أرزاق الناس بسياساتها الخرقاء. دخلت "حماس" الانتخابات على أن تتنكر لاتفاقيات "أسلو" بعد الوصول إلى السلطة، وهي بكل سذاجة تعتقد أن القصة "لعبة"، ومن أراد أن يخرج منها فهو حُر. وصلت إلى السلطة فتنكرت للاتفاقات التي على أساسها قامت السلطة، ولو لم تخضْ الانتخابات وتشارك فيها لكان أسلَم لها من الدخول في انتخابات لسلطة قامت على أساس تنكَّرت له، وهي بذلك تتنكَّر لشرعيتها ولوجودها في السلطة.

كان "حزب الله" يرفض الدخول في الحكومة والمشاركة في الانتخابات، على اعتبار أنه حركة تحرير وجهاد ولا شأن له في السياسة، وكان السيد حسن نصرالله سيد المقاومة بلا منازع، وخصوصاً حين قدم التضحيات الشخصية واستشهد ابنه هادي، ولكن "حزب الله" دخل اللعبة السياسية، وشارك في الانتخابات ثم شارك في الحكومة، ويريد أن يبقى حزباً للمقاومة المسلحة لا يساءل ولا ينزع سلاحه. يختار توقيت المواجهة مع إسرائيل وهو مشارك في حكومة شرعية يفترض أن يعترف بقرارها ويخضع له، ولو لم يشارك في الحكومة أصلاً لكان أفضل لـ"حزب الله"، ولكن "حزب الله"-تماماً مثل "حماس"- يريد الدخول في اللعبة السياسية دون الخضوع لقواعدها.

حزب فقد "الهالة القدسية" التي كان يتمتع بها كحركة تحرير بقبوله الدخول في اللعبة السياسية، وأصبح أبو هادي -السيد حسن نصرالله- سياسياً لبنانياً آخر، مثله مثل عون وجنبلاط والسنيورة والحريري وجعجع وأي سياسي لبناني آخر، له مؤيدوه وله معارضوه، سواء كان لون عمامة السيد أبيض أم أسود، فهو اليوم يعتبر حزباً واحداً من ألوان الطيف السياسي اللبناني بمحض إرادته -ولا أريد أن أقول بمحض إرادة الآخرين.

و"حماس" دخلت اللعبة السياسية بعد تكوين استمر عقدين، يذكر أن الحزبين تشكلا في وقت متزامن تقريباً: "حزب الله" 1983 و"حماس" في 1987. وكانت حركة "حماس" -مثلما كان "حزب الله"- ترفض الدخول في اللعبة السياسية والانتخابات على اعتبار أنها تنظيم مقاومة وانتفاضة وحجارة، وكانت تحظى باحترام العالم أجمع إلى أن دخلت في لعبة الانتحار اختصاراً للوقت وطمعاً في جني الثمرات، فكان ما كان من انهيار تام للعملية السلمية، وقمع وحشي للانتفاضة برره الإسرائيليون على أنه مشروع في مواجهة الانتحاريين، فاتجهت "حماس" نحو الداخل، وقررت المشاركة في الانتخابات، ووصلت نتيجةَ كفر الناس بفساد "الفتحاوية"، ولتعثر العملية السلمية التي كانت "حماس" أحد أسباب تعثرها.

وبالطريقة نفسها تدمر لبنان بسبب حرب "حزب الله" بالنيابة عن الآخرين، ثم التفت "حزب الله" نحو الداخل ليحارب طواحين الهواء، وليوزع صكوك الغفران والوطنية مغلَّفة بالدولارات الإيرانية، وقاد البلاد إلى حالة الشلل والفوضى التي تعيشها اليوم، وقد يقودها -لاقدر الله- للاقتتال الداخلي -تماماً مثلما جرَّت "حماس" الساحة الفلسطينية إليه.

من الإنصاف القول بأن خصوم "حزب الله" و"حماس" ليسوا بالضرورة بدائل مناسبة وفعَّالة ونظيفة، ولكن الواحد لا تختلط عليه المفاهيم فيمن قاد الحالة الفلسطينية واللبنانية إلى ما هي عليه اليوم.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف