العراق : النبض الذي لم تعرفوه بعد!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ديفيد اغناتيوس - واشنطن بوست
بفضل عسكري صاحب مدونة على الانترنت يسمي نفسه "بلاكفايف" (مظلي الحب) لدينا لقطة عما ستكون عليه أعياد الميلاد (لكريسماس) بعد غد في معسكر التاجي الذي يقع على بعد 20 ميلا شمال بغداد. انه رجل يرتدي بدلة بابا نويل، ويقف خلف زحافة خفيفة بدون سائق، وستة جنود يرتدون قرونا ويقفون عند منصة انطلاق.
أو أننا نستطيع أن نقرأ رسالة الكريسماس التالية المرسلة يوم 21 ديسمبر من الكولونيل باتريك، الطيار في القوة الجوية، إلى جانب صورة أخذت عند قاعدة شجرة الكريسماس المزينة بأضواء احتفالية: "الانتشار في العطلة صعب ولكن المزية الوحيدة لكون المرء بعيدا عن وطنه في هذا الوقت من السنة، هي أن كل الآخرين يفتقدون الوطن أيضا. وأنت لا تسمع الناس يتذمرون في الواقع بشأن افتقاد الكريسماس في الوطن لأننا، في اعتقادي، سواسية في هذا الوضع". البؤس قد يحتاج إلى الرفقة، أما في الجيش فإنه يغلق فمه.
وفي موسم العطلة هذا تصارع اميركا نفسها عبر مناقشة وطنية حامية حول العراق. ويبدو رعب الحرب مباشرا حتى بالنسبة لأشخاص لم يكونوا قريبين من بغداد، ولكن بصورة اقل بالنسبة للآلاف من الجنود الأميركيين ممن يؤدون الخدمة هناك. والحرب تهيمن على حياتنا السياسية، ولكن الرجال والنساء الذين في غمارها غالبا ما يكونون غير مرئيين تقريبا. فنحن نراهم في صور صغيرة في النعي الجماعي ولكن ليس كأشخاص حقيقيين أحياء.
وإذا ما قرأت مدونات الجنود، وقد اطلعت على العشرات منها خلال الأيام القليلة الماضية، فانك ترى الغضب الواضح من أن وسائل الإعلام لا تروي قصصهم. ولهذا سأدع عددا قليلا من المدونين العسكريين يدافعون عن أنفسهم. وإذا أردت أن تشارك في الحديث فان الموقع الجيد للبدء هو milblogging.com الذي يجمع المدونات من جنود منتشرين في العراق وأفغانستان ومناطق أخرى من العالم.
ولا حاجة إلى القول إن أول شيء يفكر به معظم الجنود الأميركيين هو العودة إلى الوطن. وفي مدونته التي تحمل عنوان "مهمة في الصحراء" يكتب الكولونيل باتريك قائلا: "يمكنك أن تميز الأشخاص الذين هم هنا منذ فترة عن القادمين الجدد. فالأشخاص الجدد يخبرونك عن أوضاعهم ومشاعرهم. أما القدامى فيبدأون كل جملة بعدد الأيام المتبقية في رحلتهم".
وتحتفظ شابة تطلق على نفسها اسم "تكنو" بشجرة كريسماس صغيرة بجوار سريرها. وتوضح في مدونتها إنها انفصلت عن صديقها قبل الانضمام للجيش والذهاب للعراق. وقد كتبت هذا الأسبوع تقول :"لا يمكنني التفكير في مكان أفضل لتحمل مثل هذه التجربة. فلو بقيت في الوطن لقضيت وقتا أطول أعاني من التجربة وربما عدت إليه مرة أخرى" وجزء من شعارها في موقعها هو "انتمي للجيش. وهو في بعض الأحيان مقرف، وفي بعض الأحيان غير مقرف".
والسؤال : ماذا يعني العراق؟ بالنسبة لعديد من العسكريين فإن القضايا الكبرى المطروحة للنقاش في الوطن اقل أهمية من الحقيقة البسيطة لوجودهم هناك. ويحاول جندي شاب في الثالثة والعشرين من عمره، يطلق على نفسه اسم "دريدكاو"، عاد لتوه من العراق، شرح الوضع بقوله: "بالرغم من مد القرف الهائل فلست على استعداد لاستبدال الوقت الذي قضيته في الصحراء بأي شيء آخر.. وعندما يسألني الناس ماذا فعلت خلال الحرب، فلست مضطرا للقول بأنني أزلت الأوساخ وحصدت الفراولة". ويقول دريدكاو انه تعلم أمرين من العراقيين: أهمية وجود مكان خاص لسلاحك في المنزل، والمطلب الذي يقضي "بضرورة وجود شعر في الوجه".
وتحتفي المدونات العسكرية بأبطالها، مثل الجندي روس ماكغينيس المدفعي البالغ من العمر 19 سنة من نوكس بولاية بنسلفانيا، والذي مات في 4 ديسمبر الماضي بعد سقوطه على قنبلة يدوية القيت على شاحنته، وبالتالي أنقذ زملاءه ، فيشرح قائد الفصيلة قائلا : "كان لديه الوقت الكافي للقفز من الشاحنة ولكنه اختار عدم القيام بذلك" وقال صديقه برينان بيك عنه :"لقد أحب وجوده في العراق. وأحب دوره كمدفعي. كان وضعا مثيرا، لقد أحب كل شيء" وقد حصل على وسام النجمة الفضية.
من هنا دعونا نعترف ان الحروب تغير الناس. وهو أمر يتضح بصورة كبيرة وقوية في روايات الجنود عن الحياة في ميدان المعركة. وتكتب "غراي ايغل" وترجمتها النسر الرمادي، وهو لقب جندية في السلاح الطبي تخدم مع الفرقة 101 المحمولة جوا، كتبت في مدونتها "لقد عشت في زمن آخر في بعد آخر منفصل عن العالم الذي تركته ورائي لدرجة خشيتي من عدم إمكانيتي العثور على طريقي مرة أخرى. هل سيتمكن أحبائي من قبولي إذا لم أكن نفس الشخص الذي عرفوه. هل سيغضبون مني لضياع براءتي".
هي صور إنسانية تستحق الوقوف معها في ذلك العمق الإنساني ، فما رأيكم؟