محادثات الاسد في موسكو تكشف رغبة في دور روسي لـ«ملء الفراغ» الاميركي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تطابق في شأن العراق وفلسطين ... وتباين في شأن لبنان ...
دمشق - إبراهيم حميدي
كشفت "زيارة العمل" التي قام بها الرئيس بشار الأسد الى موسكو الاسبوع الماضي، رغبة سورية عميقة بقيام روسيا الاتحادية بلعب دور اقليمي في "الأزمات الساخنة" في العراق وفلسطين والعراق لملء ما يشبه "الفراغ" الذي تركه تراجع الدور الاميركي في الشرق الاوسط.
وقالت مصادر ديبلوماسية روسية لـ "الحياة" في دمشق ان إعلان الرئيس الأسد انه سمع "نصائح" من جانب الرئيس فلاديمير بوتين في شأن التعاطي السوري في الاوضاع الاقليمية "قوبل بترحيب وبمثابة دعوة رسمية سورية لموسكو للعب دور أعمق في الشرق الاوسط"، الامر الذي سيعبر عنه الرئيس بوتين لدى قيامه بجولة في بعض دول الشرق الاوسط في شباط (فبراير) المقبل.
وبحسب هذه المصادر التي اطلعت على مضمون زيارة الرئيس الأسد، فإن المحادثات السورية - الروسية تناولت "الأزمات الساخنة"، مع وجود "قلق روسي من الانتقال من أزمة الى أخرى". وقالت المصادر ان الجانب السوري تحدث بالتفصيل عن الدور الذي يلعبه في الموضوع الفلسطيني وان "الأولوية لدمشق هي الحفاظ على الوحدة الوطنية والحيلولة دون حصول نزاع مسلح عبر حرصها على عدم التدخل لصالح طرف على حساب الطرف الآخر"، وان دمشق ضغطت على قيادة "حماس" في دمشق لـ "منع توسيع المواجهات والتوصل الى اتفاق لوقف النار" في غزة بين اسرائيل والفلسطينيين.
ومثلما كان الموقف متقارباً بين الجانبين السوري والروسي إزاء الملف الفلسطيني، اتفقا في شأن كيفية تقويم الوضع العراقي، حيث كان هناك توافق بأن سياسة أميركا "لا تجني أي ثمار"، الامر الذي يتطلب البحث عن "حلول خلاقة وجديدة". ونقلت المصادر عن الجانب السوري قوله ان دمشق تعمل على "تحقيق استقرار العراق والتوافق بين جميع الأطراف، خصوصاً السنة والشيعة، ومنع نشوب حرب أهلية والحيلولة دون تفكك العراق"، وذلك بالتعاون مع أطراف اقليمية، خصوصاً تركيا.
في المقابل، بدا الموقفان مختلفين إزاء الوضع في لبنان. وقالت المصادر الديبلوماسية ان الجانب الروسي حض دمشق على اتخاذ عدد من الخطوات التطبيعية مع لبنان، مثل اقامة علاقات ديبلوماسية وتبادل تعيين السفراء وترسيم الحدود. لكن مصادر سورية مطلعة قالت لـ "الحياة" امس ان دمشق "موافقة من حيث المبدأ على إقامة علاقة ديبلوماسية، لكن المشكلة في التوقيت. اذ ان الوقت غير مناسب الآن بسبب التصعيد اللبناني ضد سورية"، قبل ان تشير الى موافقة سورية على ترسيم الحدود. وتابعت: "اذا ضغطت روسيا ودول اخرى على اسرائيل من أجل تحرير مزارع شبعا ونشر قوات دولية فيها، يمكن ان يحصل الترسيم بعد ذلك".
وجرى التطرق بين الطرفين الى الازمة الراهنة في لبنان. إذ في مقابل حض الجانب الروسي جميع الاطراف على "التهدئة وعدم التصعيد"، قال السوريون ان الحل يكمن في "التوصل الى توافق بين الاكثرية والمعارضة، وان الدعم الغربي والخارجي للأكثرية دفعها الى التشدد والعناد". ونقلت المصادر الديبلوماسية عن الجانب السوري قوله: "من دون تنازلات متبادلة ومعقولة لا يمكن التوصل الى مخرج من المأزق الحالي".
وقالت مصادر أخرى لـ "الحياة" امس ان زيارتي رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة والرئيس الأسد المتصادفتين، دفعتا موسكو الى السعي الى ترتيب زيارة للسنيورة الى دمشق.
وبحسب المصادر الروسية، فإن المحادثات السورية - الروسية تطرقت الى موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي الخاصة باغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، حيث اكدت دمشق معارضتها "اي استغلال سياسي للمحكمة وأهمية الاساس الذي ستعمل عليه المحكمة"، الامر الذي وافق عليه الجانب الروسي. وقالت المصادر ان موسكو شددت على أهمية التعاون السوري، مع السعي الى ان تكون المحكمة والتحقيقات "مهنية وقانونية وشرعية وغير مسيسة"، خصوصاً ان دمشق تعلن ان لا علاقة لها بجريمة اغتيال الحريري، وان لها مصلحة في كشف الحقيقة.