دور لأطراف باكستانية في دعم مقاتلي طالبان!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الإثنين 25 ديسمبر2006
بول وتسون - لوس أنجلوس تايمز
سلك المقاتلون طريقاً ترابية من الحدود الباكستانية، مخترقين وادياً تحيط به جبالٌ منخفضة ومعشوْشبة في طريقهم إلى الهدف: مركز شرطة أفغاني. وبعيد الغروب بوقت قصير، شرعوا في إطلاق النار من كل جانب صوب المركز. وعلى مدى أربع ساعات تقريباً، كانت أعداد مقاتلي "طالبان" تفوق أعداد أفراد شرطة الحدود الأفغانية ضعيفة التجهيز؛ بل كاد المعسكر يقع تحت سيطرة المقاتلين. بعد ذلك، ومثلما بدأ الهجوم بسرعة، انتهى أيضاً بسرعة. فجمع المهاجمون قتلاهم وجرحاهم وانسحبوا إلى معاقلهم على بعد ثلاثة أميال في مناطق باكستان القبلية.
ويقول قاسم خيل، قائد اللواء الثاني لشرطة الحدود الأفغانية الذي يحرس المركز: "لقد تسلل المئات من رجال طالبان عبر الحدود الباكستانية مدججين بالأسلحة وقاذفات القنابل"، مضيفاً: "لقد انسحبوا سالكين الطريق نفسها. وليس هناك سوى طريقين للهروب من هنا، كلاهما تفضيان إلى مركز حدودي باكستاني". وتظهر وثائق سرية حصلت عليها "لوس أنجلوس تايمز" أن الاستخبارات العسكرية الأميركية حذرت القادة الأميركيين قبل عامين من أن حركة "طالبان" تحصل على السلاح والتدريب في باكستان، ومن هناك يتسلل مقاتلوها إلى أفغانستان بمساعدة بعض الباكستانيين.
يذكر أن زعماء القبائل البشتونية في منطقة شمال وزيرستان الباكستانية الحدودية، وقعوا في الخامس من سبتمبر الماضي اتفاقاً مع الحكومة المركزية في إسلام آباد. وينص الاتفاق على انسحاب الجيش الباكستاني، الذي خاض في السابق معارك ضارية مع أنصار "طالبان"، من المنطقة، موكلاً مهمة مراقبة الحدود لقوات القبائل المحلية. وبالمقابل، تعهد زعماء القبائل بالكف عن تقديم الدعم والتدريب والمأوى للمقاتلين الذين لهم علاقة بـ"طالبان" و"القاعدة".
غير أن وتيرة العنف لم تتناقص، بل إن المسؤولين الأفغان والأميركيين يقولون إن الهجمات العابرة للحدود تصاعدت منذ توقيع الاتفاق. وعلى غرار العديد من الأفغان، يزعم "خيل" أنه رغم نفي الرئيس الباكستاني برويز مُشرف المتكرر، فإن بعض الأجهزة في بلاده "تدعم طالبان أو بعض حلفائها على الأقل"! والحقيقة أن وثائق الاستخبارات الأميركية تُظهر أن الجيش الأميركي تنتابه شكوك في هذا الخصوص منذ بداية العام الجاري.
الشكوك حول نفي باكستان قد تُذكر بتسعينيات القرن الماضي، عندما كانت إسلام آباد تنفي أن تكون أجهزة استخباراتها قد ساعدت في تأسيس وتدريب وتسليح "طالبان"، رغم أنه وجدت أسلحة باكستانية ثقيلة لدى وحدات "طالبان".
تاريخياً، سعت باكستان إلى الحصول على نفوذ لها في أفغانستان؛ لأسباب من بينها نزاعهما الحدودي الذي يعود إلى عام 1893، التاريخ الذي رسم فيه البريطانيون "خط دوراند" الذي قسّم المناطق القبلية البشتونية. وعندما قرر الرئيس مشرف الانقلاب علناً على "طالبان" بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، حذر البعض في المؤسسة الأمنية الباكستانية من أن البلاد قد تفقد نفوذها في أفغانستان، التي تعد مفترق طرق استراتيجياً يفصل منطقة آسيا الوسطى الغنية بالنفط ومنطقة شبه القارة الهندية الظمأى إلى الطاقة. والواقع أن النفوذ المتزايد لمنافسين كالهند وإيران وروسيا والصين، يؤكد هذه المخاوف.
ويقول "خيل" إن المقاتلين قتلوا هنا في إقليم خوست، المتاخم للحدود مع شمال وزيرستان، 12 فرداً من شرطة الحدود وأصابوا 52 منذ مطلع سبتمبر الماضي.
والحقيقة أن لدى معظم سكان البلدات روابط عائلية في الجانب الآخر من الحدود. لذلك يقول "خيل" الذي ينحدر من البشتون على غرار معظم أعضاء "طالبان"، إنهم يعتقدون أن حكومتهم أضعف من أن تدافع عنهم، وبالتالي فإنهم ينتقلون إلى السلطة الحقيقية في المنطقة. ويضيف "خيل" قائلاً إن مقاتلي "طالبان" الذين هاجموا مركزاً حدودياً في أكتوبر، أخذوا معهم جثة شرطي أفغاني إلى باكستان ومثلوا بها هناك!
ويقول "خيل" كذلك "إن الشرطة الباكستانية تعرف كل شيء حول مشاكل الحدود"، مضيفاً أن "الباكستانيين يمدونهم بالسلاح، ويرتبون لهجمات طالبان، ويدربونهم ويقدمون لهم الطعام. إن ثمة مئات من مخيمات التدريب في باكستان".
وقد دعمت التحذيرات الاستخباراتية على مدى عدة أشهر المخاوف الأميركية حول دور باكستاني في توفير الملاذ للمتمردين الأفغان؛ حيث حذر تقرير عسكري أميركي أُعد في مطلع عام 2005، من أن البعض في مراكز مراقبة الحدود الباكستانية "يساعد المتمردين في شن هجماتهم". وكان التقرير يظهر الطرق التي يتسلل عبرها المقاتلون من باكستان، والتي يمر بعضها من شمال وزيرستان إلى إقليم خوست، حيث مازال أعضاء "القاعدة" و"طالبان" معاً ينشطون هناك.
وفي التاسع عشر من يناير المنصرم، أفاد تقرير صدر عن "قوة الاستخبارات المشتركة" التابعة للجيش الأميركي، بأن "القاعدة" تواصل "توفير الدعم اللوجيستي، من قبيل الأسلحة والتدريب والمقاتلين، للمجموعات المناوئة للتحالف؛ مثل "طالبان" وحلفائها، ومليشيا "الحزب الإسلامي" بزعامة قلب الدين حكمتيار.
وفي تقرير آخر صدر في نفس الشهر، أشارت "وكالة استخبارات الدفاع" التابعة للبنتاغون (دي آي إي)، إلى ستة أقاليم شرقية، من بينها خوست، باعتبارها "معاقل للقاعدة". ويضيف التقرير أن "هذه المواقع تسمح لأعضاء القاعدة بالدخول والخروج بسهولة عبر الحدود الأفغانية- الباكستانية"، وأن قائد "القاعدة" في أفغانستان يدعى خالد حبيب، وأن "المنظمة تحافظ على علاقات وثيقة مع طالبان، وتلقت دعماً تقنيا وتدريبياً من مجموعات باكستانية نشطة". كما حذرت الوثيقة من أن الأفغان والعرب والباكستانيين الذي يهاجمون القوات الأميركية، موجودون في أفغانستان، مضيفة أن الـ"إس آي إس" تشكل الآن "تهديداً استخباراتياً عالياً بالنسبة للولايات المتحدة وقوات التحالف".