كيف يبدو المشهد من دمشق؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الإثنين 25 ديسمبر2006
سعد محيو
السؤال الآن لم يعد: ldquo;هلrdquo; تبرم دمشق وواشنطن اتفاقات ثنائية جديدة في الشرق الأوسط، بل: ldquo;متىrdquo;.
الأدلة؟
زيارة خاطفة إلى دمشق هذه الأيام، ربما تكون كافية للرد. ففي شارع دمشقي سنتعثر بموكب مدجج يقود مرشح الرئاسة الأمريكي السابق جون كيري إلى قصر الرئاسة السوري. وفي شارع آخر سنكون على موعد مع وفد أمريكي آخر جاء يستطلع فرص الاستثمارات. هذا في حين تعج الفنادق الفخمة بسلسلة تكاد لا تنتهي من المبعوثين الأوروبيين الذين يتقاطرون على بلاد الشام بحثاً عن حلول في عاصمة الأمويين لمشاكل عاصمة العباسيين، ومعها عاصمة الفينيقيين في لبنان.
ثم هناك بالطبع المحادثات السرية السورية الأمريكية غير المباشرة التي قامت بها لجنة بيكر هاميلتون بالنيابة عن البيت الأبيض، عشية وأثناء وبعد إعداد تقريرها.
المشهد في دمشق مهيب بالفعل. وهو يزداد مهابة حين نتذكر ما كانت عليه دمشق قبل سنة واحدة من الآن: مدينة مهزومة تلعق جراحها الثخينة جراء انسحابها من لبنان، وتنتظر بخوف وقلق تمدد الغزو الإمبراطوري الأمريكي إلى أراضيها، أو، على الأقل، إحكام القبضة الدولية والإقليمية عليها إلى درجة الخنق.
الصورة الآن تبدو معاكسة تماماً. المدينة منتصبة، ولا تنظر وراءها. مسؤولوها وأكاديميوها في غاية الثقة وهم يحللون المشهد الشرق الأوسطي الراهن، من العراق إلى لبنان مروراً بفلسطين. ومواطنوها يبدون فخورين وحذرين في آن: فخورون برفض رئيسهم ldquo;الانصياع إلى الأوامر الأمريكيةrdquo; ( كما أعلن بشار الأسد في القاهرة)، وحذرون من مخاطر تمدد الحريق العراقي إلى ديارهم. وكلا الأمرين، الفخر والحذر، مصدر قوة قومية وسايكولوجية للنظام.
متى، إذاً، الاتفاقات؟ خلال شهرين، يقول البعض في دمشق. خلال ثلاثة إلى ستة أشهر، يقول حلفاء دمشق في بيروت. الوقت لا يبدو أنه بات مهماً كثيراً في سوريا، بعد أن تغيَّرت موازين القوى إلى حد كبير في المنطقة بفعل المقاومة الناجحة في العراق.
لكن هنا ربما يكون المسؤولون السوريون على خطأ. فالوقت ليس مهماً فقط، بل هو قد يكون خطراً أيضاً. والسبب واضح: الرئيس الأمريكي بوش ومحافظوه الجدد لم ينجحوا بعد في التأقلم مع فكرة الهزيمة في العراق. وحتى وهم يحاولون التأقلم، يبحثون عن وسائل وبدائل لحفظ ماء الوجه، وفي الوقت ذاته للتعويض عن الهزيمة العراقية بنصر ما في مكان ما.
ماكس بوت، أبرز منظري المحافظين الجدد، عبّر مؤخراً عن رفض التأقلم حين دعا بوش وأي رئيس آخر سيخلفه إلى ldquo;حرب حتى النهايةrdquo; في العراق. وجون ميد، أبرز المحللين الاستراتيجيين الأمريكيين، أوضح فكرة التعويض حين دعا إلى ربح معارك أخرى في مقابل خسارة حرب العراق (كما تم التعويض عن خسارة فيتنام بربح الصين أيام نيكسون- كيسينجر).
أين يمكن أن تكون هذه المعارك؟
هذا سؤال يتعَين على دمشق أن تطرحه على نفسها، حتى في خضم انهماكها الراهن بتعداد أوراقها الرابحة. فواشنطن هي الجريحة هذه المرة، والوقت بالنسبة لها(وعلى عكس دمشق) سيف يمكن أن يستخدم ضدها كما ضد غيرها.
ثم ثمة نقطة أخرى: حتمية الاتفاقات السورية الأمريكية، لا تلغي فرضية التفجيرات خلال الشهرين، او الثلاثة، او الستة، المقبلة.