مخاوف من تحول روسيا إلى مكب نووي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء 26 ديسمبر2006
ما هي أبرز التطورات السياسية في عام 2006؟ وهل أصبح الوقود النووي المستنفد مشكلة لروسيا؟ وماذا عن التداعيات المرتقبة لفشل المحادثات السداسية؟ تساؤلات نعرض لها ضمن إطلالة سريعة على الصحافة الدولية.
حصاد 2006:
خصص " جوين داير" مقاله المنشور في "جابان تايمز" اليابانية يوم أول من أمس الأحد، لرصد أهم التغيرات التي شهدها العالم في 2006 الموشك على الانقضاء. "جوين"، وهو صحفي مستقل مقيم في لندن ويكتب لمطبوعات في 45 دولة، يرى أن أهم هذه التغيرات يكمن في المغامرة الأميركية الكارثية في العراق، وهذه المغامرة دفعت الرأي العام الأميركي إلى تغيير موقفه تجاه التورط الأميركي في الشرق الأوسط، لاسيما العسكري منه، كما أن المعضلة الأميركية المتنامية في أفغانستان، وفي إسرائيل بعد حرب هذه الأخيرة على لبنان في يوليو الماضي، كل هذا ترك انطباعاً مفاده أن سياسة أميركا الخارجية في السنوات القليلة الماضية لم تكن سوى عمليات عسكرية. ورغم الانهماك العسكري الأميركي في الشرق الأوسط، فإن إيران ربما تصبح قوة عظمى في منطقة الخليج العربي، وليس بمقدور واشنطن أن تفعل شيئاً حيال هذا السيناريو، كما أن سوريا تفعل ما يحلو لها في لبنان غير خائفة من دور أميركي أو إسرائيلي لمنعها.
التغير الثاني، الواضح في 2006، هو التحول الملحوظ في مراكز الثقل الاقتصادي العالمية، فبعد أن كانت أوروبا وأميركا الشمالية هما مركز هذا الثقل لقرون، ثمة قوى اقتصادية صاعدة تؤثر في الاقتصاد العالمي كالصين والهند، فطلب البلدين المتنامي على النفط، أدى إلى ارتفاع سعر الخام منتصف العام الجاري إلى 80 دولاراً للبرميل، والأمر نفسه ينطبق على أسعار مواد أولية أخرى. التغير الثالث، هو أن العالم وصل خلال 2006 إلى نقطة تحول جوهرية في معضلة الاحتباس الحراري. هذه المعضلة لا تزال ضحية إنكار في دول أميركا الشمالية، ولا توجد اتفاقات عالمية لمواجهتها. وثمة تطورات أخرى في 2006 لكنها ذات طابع محلي، كعودة القتال في سريلانكا، والانقلاب العسكري في تايلاند، وتجربة بيونج يانج النووية. وفي أميركا اللاتينية شهدت 2006 إعادة انتخاب حكومات "يسارية" في البرازيل وفنزويلا وشيلي، كما انتخبت حكومات "يسارية" في الإكوادور وبوليفيا، وعاد "دانيل أورتيجا" في نيكاراجوا إلى الحكم، وفاز "ألان جارسيا" في البيرو. وفي أفريقيا يتواصل العنف العرقي في دارفور، ويتصاعد التوتر في الصومال، في حين نجحت الكونغو في إجراء أول انتخابات ديمقراطية منذ 40 عاماً. وفي أوروبا، توفي ميلوسفيتش قبل أن تنتهي محاكمته، وازداد عدد دول القارة العجوز ليصبح 49 بعدما صوتت "مونتينغرو" في مارس الماضي لصالح الاستقلال عن صربيا. وتحولت حكومتا بولندا والسويد في اتجاه "اليمين"، في حين اختارت إيطاليا "اليسار".
معضلة الوقود النووي المستنفد:
يوم الجمعة الماضي، وتحت عنوان "الوقود النووي المستنفد يجلب ملايين الدولارات إلى روسيا لكنه يحولها إلى مكب مُشع"، نشرت "البرافدا" الروسية تقريراً، أشارت خلاله إلى أن نقل اليورانيوم المخصَّب من ألمانيا إلى روسيا استحوذ على اهتمام الكثير من الصحف الروسية، فالمسؤولون الروس يرون أن عملية النقل هذه روتينية، ومن شأنها الحد من خطر انتشار الأسلحة النووية، في حين تثير هذه المسألة قلق البعض من حصول إرهابيين على اليورانيوم، كما تثير مخاوف أنصار حماية البيئة من الآثار البيئية التي تطال كوكب الأرض برمته جراء المواد النووية. الصحيفة ترى أن روسيا تسلمت من ألمانيا 300 كيلو جرام من اليورانيوم عالي التخصيب، وهو ما يأتي ضمن برنامج الهدف منه الحد من الانتشار النووي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة وروسيا وقعتا في 27 مايو 2004 وثيقة بعنوان "مبادرة الحد من التهديد العالمي" وبمقتضاها تتسلم روسيا الوقود النووي المستنفد من مفاعلات الأبحاث النووية عن طريق وكالة الطاقة الذرية. وبالنسبة لألمانيا، فإن كمية اليورانيوم التي سلمتها لروسيا تعود إلى اتفاقية تعاون ثنائي بين الاتحاد السوفييتي السابق وألمانيا الشرقية. وحتى الآن يتم استخدام اليورانيوم الأميركي والروسي في تشغيل مفاعلات الأبحاث لدى 40 دولة. البرنامج المذكور يمنح روسيا فرصة الإسهام في الحد من الانتشار النووي وفي الوقت ذاته يوفر لها مصدراً للحصول على الأموال، كما أن روسيا تعيد تدوير الوقود النووي المستنفد في تشغيل المفاعلات النووية. روسيا استردت 186 كيلو يورانيوم مخصب من صربيا وبلغاريا ورومانيا وأوزبكستان ولاتفيا وجمهورية التشيك، ومن المتوقع أن تحصل خلال السنوات الأربع المقبلة على 16 شحنة من الوقود النووي. لكن شحنة اليورانيوم الألمانية أثارت موجة من الانتقادات مفادها أن روسيا أصبحت مكباً نووياً، وهذه مشكلة حقيقية، لكن لا يجب الخلط بين هذه الشحنات واليورانيوم غير المستنفد والنفايات النووية. الصحيفة أشارت إلى أن الصناعات النووية بدأت في العالم منذ 60 عاماً، ومع ذلك لم تستطع أي دولة من دول العالم الثلاث والأربعين التي تستخدم الطاقة النووية وضع حل لمشكلة النفايات النووية، علماً بأن الوقود النووي المستنفد يظل مشعاً لفترة تصل إلى 240 ألف سنة، ولا يزال الحل الوحيد المتاح حالياً هو عزل هذه النفايات بدفنها داخل الأرض على أعماق بعيدة، لكن الزلازل والكوارث الطبيعية قد تحرك هذه النفايات مما يشكل في المستقبل خطراً على الأجيال المقبلة.
"ورطة في بكين":
هكذا عنون "شوا تشين هون" تقريره المنشور يوم الأحد الماضي في "ذي ستريتس تايمز" السنغافورية، ليرصد تطورات أزمة البرنامج النووي الكوري الشمالي، خاصة بعد أن فشلت الولايات المتحدة يوم الخميس الماضي في إقناع كوريا الشمالية باتخاذ خطوات واضحة للتخلي عن سلاحها النووي، لأن بيونج يانج طالبت واشنطن بأن ترفع العقوبات المالية المفروضة عليها أولاً، في إشارة إلى الأموال التي أودعتها كوريا الشمالية في بنك "ماكاو"، لكن المطلب الكوري الشمالي مرفوض أميركياً، لأن واشنطن ترى أن هذه الأموال جاءت من مصادر غير قانونية، ومن ثم فإن التحفظ عليها مسألة قانونية لا تندرج ضمن أزمة بيونج يانج النووية. المحادثات السداسية التي تشارك فيها الكوريتان وروسيا وأميركا والصين والأمم المتحدة، والتي استضافتها الصين يوم الخميس الماضي، لم تسفر عن أي تقدم، مما يثير تساؤلات حول مستقبل الأمن في شمال شرق آسيا. وثمة مخاوف طرحها مندوب كوريا الجنوبية في المحادثات عندما صرح بأن كوريا الشمالية ربما تستعد لإجراء تجربة نووية ثانية. إذا كان جيران كوريا الشمالية يساورهم القلق منذ إقدام بيونج يانج على تجربة نووية في 9 أكتوبر الماضي، فإن الفشل الذي منيت به المحادثات السداسية في بكين، سيؤجج هذا القلق. ويبدو أن الفشل في التوصل إلى مقاربة دبلوماسية لأزمة بيونج يانج النووية، سيثير التساؤلات من جديد حول جدوى المحادثات السداسية. وحسب الكاتب، فإن الصين وظفت مكانتها الدبلوماسية في هذه المحادثات، ووضعت هذه المكانة على المحك.
إعداد: طه حسيب