اعتدال الحكيم وتطرف الصدر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مصطفى زين
تسعى الإدارة الأميركية الى تشكيل تحالف جديد في العراق، معترفة ضمناً بالأخطاء الفادحة التي ارتكبتها، منذ الغزو حتى الآن، آملة في وضع حد للنفوذ الايراني، بعدما سهلت وصول حلفاء طهران الى السلطة، وتغاضت عن دمج ميليشياتهم التي دربها "الحرس الثوري" في أجهزة الأمن والشرطة.
التحالف الجديد الذي تباركه واشنطن يضم "المجلس الأعلى للثورة الاسلامية" بزعامة عبدالعزيز الحكيم، وجبهة "التوافق" السنية والحزبين الكرديين، بزعامة طالباني وبارزاني. ولم يبق خارج التحالف سوى تيار مقتدى الصدر (جيش المهدي) وتنظيم "القاعدة"، وجماعات مسلحة أخرى تسيطر على محافظة الأنبار وتنفذ عمليات عسكرية ضد "قوات التحالف".
لم يكن الحكيم، في يوم من الأيام، أقل ارتباطاً بطهران من الصدر، والعكس صحيح، إذ أنه أمضى في ايران ما يزيد عن 25 سنة. وشكل "فيلق بدر"، ونفذ عمليات مسلحة ضد نظام صدام حسين، انطلاقاً من الأراضي الايرانية. ثم دخل الى العراق، على رأس ميليشياته. أما الصدر فشكل "جيش المهدي" من عراقيي الداخل. وبقي خارج اللعبة السياسية، حتى الانتخابات الماضية، يقاتل الأميركيين حيناً، بالتعاون مع السنة، و "بدر" حيناً آخر لاستعادة زعامة والده.
تستغل واشنطن الخلاف بين آل الصدر وآل الحكيم لشق الصف الشيعي، كما تستغل الخلاف بين "الحزب الاسلامي" وتنظيم "القاعدة" لشق الصف السني. وتدعم تحالف الطرفين مع الأكراد.
ان الاستراتيجية الأميركية الجديدة في العراق جزء من استراتيجية أكبر، عنوانها "الاعتدال" مقابل "التطرف"، وتشمل المنطقة كلها. والهدف تطويق ايران، من خلال إضعاف حلفائها.
في هذا الاطار يمكن فهم الدعم الدولي والعربي للحكومة اللبنانية في مواجهة "حزب الله" وسورية. والسلطة الفلسطينية في مواجهة حركة "حماس" والمالكي في مواجهة الصدر.
ولاستكمال هذه الاستراتيجية الجديدة تخلت واشنطن عن تصلبها وتفردها. وبدأت تعتمد "الشرعية الدولية" لمواجهة طهران. فبعد أكثر من ثلاثة أشهر تراجعت عن تصلبها في مجلس الأمن، مقابل قرار ضعيف قابل للمراجعة، خلال ستين يوماً، ولا ينص على استخدام القوة.
بهذا التراجع استطاعت ادارة بوش أن تتجنب الفيتو الروسي، مراهنة على تشدد أحمدي نجاد لخرق القرار الجديد. وهو لن يستطيع إلا خرقه، أولاً لأنه يعتبر من حقه المضي في برنامجه النووي السلمي، يدعمه القانون الدولي في ذلك، وثانياً لأنه يراهن على أن الولايات المتحدة بدأت مرحلة التراجع، عسكرياً على الأقل، ولن تستطيع خوض حرب ثالثة.
تحالف الحكيم والهاشمي والأكراد يخوض الآن معركة شرسة ضد الصدر في العراق. وليس مستبعداً تعميم التجربة في دول أخرى في مقدمها لبنان.