احتمال الحرب الإقليمية يتزايد مع التأزم على كل جبهات الصراع

دبي - رياض قهوجي


تتسارع وتيرة الأحداث في الشرق الأوسط بشكل دراماتيكي ينذر بمزيد من التصعيد، ما يجعل فرضية الحرب الاقليمية تزداد ترجيحا. وأكثر ما يلفت نظر المراقبين التطورات التي تجري في الخفاء أو في خلفية الأحداث التي تعصف بمراكز التأزم في الشرق الأوسط، وتحديدا لبنان والعراق والأراضي الفلسطينية وحدود اسرائيل الشمالية ومياه الخليج العربي. ولاحظ مسؤول ديبلوماسي أوروبي رفيع ان غالبية الخطوات التي يأخذها أطراف الصراع لا تمت للمنطق بصلة، اذ أنها لا تحاول الوصول الى حلول عبر السبل السياسية بل تهدف الى تعقيد الأمور وجرها الى مزيد من التأزم والحرب.

ويتوقف هذا المسؤول عند رفض واشنطن السماح لتل أبيب بفتح أقنية اتصال مع دمشق لاستطلاع امكان استئناف عملية السلام بوتيرة سريعة، في وقت تطبق القيادة العسكرية الاسرائيلية برنامجا سريعا لمضاعفة التدريبات الميدانية لفرق المشاة والمدرعات على الذخيرة الحية وتجهيز الدبابات بأنظمة الكترونية مضادة للصواريخ وتعزيز قدرات سلاح الجو للتعامل مع أهداف بعيدة المدى، وكأن احتمال حرب مع سورية وايران بات كبيرا.

أما على الساحة اللبنانية، فإن مصادر غربية ومحلية موثوقة ترصد منذ فترة تحركات خطيرة لمجموعات مسلحة. اذ رُصد حوالي 300 مسلح تابعين لمجموعات اسلامية قدمت اخيرا من العراق. ويقوم هؤلاء الذين قدموا عبر الاراضي السورية بتمارين في جرود عكار شمال لبنان. ويفاخر بعض أعضاء هذه المجموعة المتعددة الجنسية بأنهم قاتلوا في بلدة الفلوجة العراقية، كما يدربون مجموعات لنشرها في أماكن اخرى في لبنان أو ارسالها الى جبهة العراق. وفي الوقت ذاته تنتشر مجموعات مسلحة مشبوهة في مخيم نهر البارد في الشمال وحي التعمير في صيدا وأماكن أخرى من لبنان.

ويجمع عدد من الخبراء الأمنيين على ضرورة أخذ المبادرة لضرب هذه المجموعات قبل أن يزيد عددها وحجم انتشارها، وبالتالي تصعب السيطرة عليها كما هي الحال في العراق. ويلاحظ الخبراء أن الهدف الأساسي لهذه المجموعات سيكون القوات الدولية (يونيفيل) في جنوب لبنان التي تتحضر بدورها للتعامل مع هجمات انتحارية. ويعتقد عدد من كبار ضباط الجيش اللبناني المتقاعدين بأن فرق المغاوير والمكافحة اللبنانية قادرة على ازالة هذه المجموعات بسهولة، حتى تلك الموجودة داخل بعض المخيمات الفلسطينية.

وعلى جبهة الخليج العربي، فإن البحرية الأميركية بصدد نشر قوة ضاربة ثانية تشمل حاملة طائرات تعمل الى جانب القوة الضاربة التابعة لحاملة الطائرات "ايزنهاور" الموجودة حاليا في المنطقة.

وستصل المجموعة الجديدة خلال كانون الثاني (يناير) المقبل. وبحسب مصادر عسكرية أميركية، يهدف هذا الانتشار الى منع ايران من الاقدام على مغامرة عسكرية ما، مثل شن ضربات استباقية على سفن أميركية واغلاق مضيق هرمز. وتضيف هذه المصادر أن أجهزة الاستخبارات الغربية رصدت اخيرا تصاعدا في معنويات "الحرس الثوري" الايراني وقيادته، الى حد ان الايرانيين باتوا يعتقدون بأنهم قادرون على كسب حرب ضد أميركا. ويعتقد المراقبون بأن القيادة الأميركية تحاول رصد رد فعل القوات الايرانية، وتزيد من وتيرة التدريبات المشتركة للقوى الضاربة استعداداً لحرب مقبلة مع ايران.

وفي هذه الأثناء تستمر المواجهات في العراق ريثما تبدأ واشنطن في تطبيق استراتيجيتها الجديدة هناك. وأول معالم هذه الاستراتيجية زيادة عدد الجنود الأميركيين بهدف اعادة احتلال مدن ومناطق عراقية تقع اليوم تحت سيطرة "القوى الموالية لايران"، بحسب مصدر أميركي مطلع. وقد تم اعلان الهدف المقبل للقوات الأميركية عبر تحركات الحكومة العراقية والتسريبات الاعلامية عن استخدام طهران ميليشيا "جيش المهدي" التابعة لمقتدى الصدر من أجل انشاء دولة ضمن دولة في العراق. وعليه، فان الخطوة المقبلة للجيش الأميركي ستكون ازالة "الدويلة الايرانية" المزعومة داخل العراق، وهو تحد كبير لن يكون سهلا تحقيقه. ويكثر الحديث داخل أروقة القيادة الأميركية عن فكرة الانقلاب العسكري في العراق في حال فشل كل الجهود الحالية وفي المستقبل القريب لتثبيت الأمن والاستقرار. ومن هنا ينظر بعض المراقبين بشيء من الريبة لقرار اعادة جنرالات الجيش العراقي من عهد حكم حزب البعث الى الخدمة، اذ أنهم يعتبرون أكثر خبرة وقدرة على قيادة أي حركة انقلابية ناجحة في البلاد.