الصومال...هل تصبح مستنقعا لإثيوبيا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الأربعاء 27 ديسمبر2006
إدموند ساندرز
على الرغم من أن الهجمات الإثيوبية ضد قوات "المحاكم الإسلامية" في الصومال في الأيام الأخيرة قد حققت انتصاراً عسكرياً إثيوبياً مؤقتاً، فإن المحللين يحذرون من أن استمرار تلك الهجمات لمدة أطول، قد يخلق لإثيوبيا بعض التحديات التي تشبه تلك التي تواجه الولايات المتحدة في العراق في الوقت الراهن.
والضربات الجوية التي شنتها الطائرات الإثيوبية ضد العاصمة الصومالية مقديشو وغيرها من المدن الصومالية يومي الأحد والاثنين الماضيين، أظهرت التفوق العسكري الإثيوبي على قوات "المحاكم الإسلامية" التي كانت قد تمكنت من الاستيلاء على الجزء الأكبر من البلاد خلال الصيف وعملت على تثبيت نفوذها فيه.
ويقول خبراء عسكريون إن إثيوبيا ستكون مضطرة لإرسال قوات كافية تعمل على الأرض للاستيلاء على المناطق التي تسيطر عليها القوات الإسلامية في الوقت الراهن واحتلالها.
ويعلق "ديفيد شين" السفير الأميركي السابق لدى إثيوبيا، وأستاذ العلوم السياسية الحالي في جامعة "جورج واشنطن" على ذلك بقوله: "في الحقيقة إنني لا أفهم ما هو هدف إثيوبيا من شن تلك الهجمات. غير أني متأكد من أنهم لا يهدفون من خلالها إلى احتلال كل الصومال والسيطرة عليه وبناء عليه يمكنني القول بإن النصر الذي حققوه بعد ضرباتهم الجوية الأخيرة إنما هو نصر محدود للغاية".
ولا يختلف معظم الخبراء على أن الجيش الإثيوبي الذي صهرته المعارك والذي يبلغ عدده 150 ألف جندي قادر على إلحاق الهزيمة بالمقاتلين الإسلاميين الذين تفتقر قواتهم إلى التماسك والتنظيم ولا يزيد عددها في الوقت الراهن عن 10 آلاف جندي كما يعتقد.
بيد أن الإسلاميين يقولون إنهم سيعوضون نقص العدد ونقص الأسلحة الحديثة من خلال السعي لشن حرب غير تقليدية تتضمن ضمن ما تتضمن تنفيذ عمليات انتحارية وغيرها من العمليات التي تشبه تلك العمليات التي تلجأ إليها المقاومة العراقية في مواجهة القوات الأميركية والقوات الحليفة في العراق والتي تفوقها من حيث العدد والعدة.
ويرى"شين": "إن الإثيوبيين يمكن أن يتورطوا في حملة عسكرية قد تجد نفسها مضطرة لخوض حرب عصابات طويلة الأمد وذات خطوط إمداد طويلة وميئوس من كسبها. وأنا في الحقيقة لا أفهم كيف سيتمكنون من هزيمة الإسلاميين في المدى الطويل".
والهجمات التي تمت يومي الأحد والاثنين الماضيين هي أول عمل عسكري مباشر تقوم إثيوبيا بشنه ضد الإسلاميين في الصومال وتعترف به علنا.
ويقول المسؤولون الإثيوبيون إن ما قاموا به كان بمثابة عمل استباقي لمواجهة التهديدات التي تمثلها قوات "المحاكم الإسلامية" التي كانت تنوي شن "حرب مقدسة" ضدهم.
ولكن المراقبين يقولون إن الضربات الجوية الإثيوبية تأتي في إطار المحاولات التي تقوم بها الحكومة الإثيوبية لدعم الحكومة الصومالية المؤقتة الضعيفة، والتي كانت تخوض قتالاً ضد قوات "المحاكم الإسلامية" للسيطرة على القرن الأفريقي.
وقد ترددت صيحات غاضبة يوم الاثنين الماضي في العاصمة الصومالية مقديشو ضد الهجمات الجوية التي شنتها إثيوبيا. فمحطات الإذاعة المحلية غمرت موجات الأثير بالأغاني الوطنية التي استدعت إلى الأذهان ذكريات التوترات السابقة بين الدولتين والتي كانت سبباً في نشوب الحرب بينهما عام 1977.
علاوة على ذلك تظاهر شبان غاضبون في العديد من المدن الصومالية داعين إلى حمل السلاح والانخراط في القتال إلى جانب القوات الإسلامية.
وعلى ما يبدو أن الهجمات الإثيوبية قد أدت إلى زيادة الدعم الذي تحظى به المحاكم الإسلامية.
حول هذا يقول "موسى على عمر" وهو تاجر في مقديشو:" لقد كنت اعتقد أن المحاكم الإسلامية هي جماعة تسعى إلى تحقيق أجندتها الخاصة مثلها في ذلك مثل غيرها من الجماعات ولكنني أصبحت متأكداً الآن من أن هدف تلك الجماعة، هو التصدي للأعداء والذود عن الوطن والدين".
وأضاف "موسى": "من الآن فصاعداً سأتوقف عن بيع الموز وأحمل السلاح وأذهب إلى الجهاد، لأنني واثق من أنني إذا لم أفعل ذلك وظللت في دكاني أبيع الموز فسوف يأتون إلى ويقتلونني".
أما محمد إبراهيم محمد وهو صومالي مسلم معتدل فيقول:" طالما ظل الغرب يؤيد العدوان الإثيوبي على بلادي، فإن ذلك سوف يؤدي إلى زيادة الدعم الذي تحصل عليه قوات المحاكم الإسلامية من جانب الشعب الصومالي".
ويقول المسؤولون الأميركيون الذين دعوا الجماعات الصومالية إلى إيقاف القتال ولم يوجهوا نداء مماثلا لإثيوبيا لسحب قواتها إن أديس أبابا لديها هواجسها الأمنية الخاصة التي دفعتها بالتأكيد إلى القيام بشن تلك الهجمات.
ولكن هؤلاء المسؤولين يؤكدون في الوقت ذاته أن وزارة الخارجية الأميركية- مع ذلك- قد دعت إثيوبيا إلى استخدام أقصى قدر ممكن من ضبط النفس.
ومما يذكر في هذا السياق أن الولايات المتحدة، قد تعاونت بشكل وثيق مع إثيوبيا وقامت بتدريب قواتها العسكرية في إطار الجهود التي قامت بها خلال الأربع سنوات الأخيرة لاحتواء انتشار الإرهاب الإسلامي والحيلولة دون امتداده وسيطرته على منطقة القرن الأفريقي. وقد ظل هؤلاء المسؤولون ينكرون أنهم يقومون باستخدام إثيوبيا كوكيل يقوم بالقتال بالنيابة عنهم ضد الإسلاميين الصوماليين، وأكدوا أنهم قد عارضوا فكرة قيام إثيوبيا بغزو لأراضي الصومال وناقشوا ذلك مع مسؤولين إثيوبيين في العاصمة أديس أبابا.
وأكد هؤلاء المسؤولون أن أميركا "تراقب الموقف عن كثب"، ولكن السفير السابق "شن" أكد في الوقت ذاته أن زعماء الدول المختلفة يجب أن يتدخلوا فوراً لإيقاف القتال، وطرد جميع المقاتلين الأجانب من الصومال.
وقال "شن" في إشارة للطريقة التي تطورت بها الأمور في المنطقة:"منذ أسبوع واحد فقط كنت متفائلاً بقدرتنا على إعادة الأمور إلى نصابها، أما الآن، فإنني لم أعد متيقناً ما إذا كان ذلك لا يزال يمثل خياراً حتى الآن أم لا".