جريدة الجرائد

المرأة نصف المجتمع

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الخميس 28 ديسمبر2006

أبو خلدون


أداء المرأة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عندنا كان مقبولاً إلى حد ما، وفي باقي دول مجلس التعاون التي جرت فيها انتخابات نيابية كان ضعيفاً، فمن أصل عشرات المرشحات في مختلف دول الخليج فازت سيدة انتخاباً في الإمارات، وسيدة بالتزكية في البحرين. ولعلنا نغرق في التبسيط إذا عزونا ذلك لعقدة ldquo;سي سيدrdquo; التي تصر جمعيات على أنها تتحكم في مجتمعاتنا، فالمرأة حصلت على حقها في ترشيح نفسها وإدارة معركتها الانتخابية على الوجه الذي تراه مناسباً، ولكن الناخبين عندما توجهوا إلى صناديق الاقتراع لاحظوا أن معظم المرشحات خضن الانتخابات ليس لأنهن يعدن بتقديم شيء للوطن والمواطنين لا يستطيع غيرهن تقديمه، وإنما لأنهن نساء فقط، وتحت هذه اللافتة سارت حملاتهن الانتخابية، وهي لافتة يبدو أنها لم تكن مقنعة للمواطن العادي.

والمجتمعات الإسلامية لم تحرم المرأة، في أي عصر من العصور، من حقوقها السياسية، بما في ذلك تسلم المناصب المسؤولة، بل وحتى رئاسة الدولة، ففي اليمن وصلت ldquo;الحرة الصليحيةrdquo; في العصر الإسلامي قبل 10 قرون إلى رئاسة الدولة، وقد لقبها اليمنيون ldquo;بلقيس الصغرىrdquo;، وكانت ترفع إليها الرقاع ويجتمع عندها الوزراء وتصدر الأحكام، وقد امتد ملكها 40 سنة. وهنالك ldquo;رضية جلال الدينrdquo; التي تولت الحكم بعد وفاة أبيها شمس الدين السلطان الثالث في دولة المماليك في الهند، واستمر حكمها 40 سنة أيضا. وrdquo;شجرة الدرrdquo; التي مارست الحكم بكفاءة بعد وفاة زوجها الملك الصالح، وrdquo;علم الحرةrdquo; ام فاتك التي تولت زمام الحكم في اليمن في دولة بني نجاح بعد مقتل زوجها، فنهضت به، واستمرت في إدارة أمور الدولة وفي تعيين الوزراء وخلعهم أثناء ولاية ابنها الذي كان طفلا وكانت هي الوصية عليه، ثم بعد ذلك إلى وفاتها. وهنالك ldquo;ضيفة خاتونrdquo; بنت الملك العادل بن أيوب وزوجة الظاهر بن صلاح الدين صاحب حلب، وقد ملكت حلب بعد وفاة زوجها ست سنوات.

ولا يملك الواحد منا إلا أن يحني رأسه إجلالاً لأسماء بنت يزيد الأنصارية التي كانت من أكثر الناس بلاغة في الخطابة، وشاركت في معركة اليرموك إلى جانب أسماء بنت أبي بكر بإسعاف الجرحى، وعندما احتدم أوار المعركة نزعت عمود خيمتها وبدأت تحارب الروم به، وقتلت تسعة منهم، وrdquo;أم الدرداءrdquo; التي حفظت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنها الكثيرون، وزمرد خاتون التي استنسخت الكتب وحفظت القرآن الكريم، وrdquo;ست الشامrdquo; أخت صلاح الدين التي كان منزلها ملجأ للقاصدين وكانت توزع من مالها الخاص آلاف الدنانير للفقراء والمحتاجين كل عام، ورقية الانصارية أول ممرضة في الإسلام التي ضمدت جراح سعد بن أبي وقاص عندما أصيب في معركة الخندق.

والتاريخ الإسلامي حافل بأسماء العظيمات اللواتي خلد التاريخ إنجازاتهن، ولكن هؤلاء جميعا كن يمارسن دورهن كعناصر في المجتمع الإسلامي لا كنساء فقط.

والانتخابات النيابية التي جرت في بعض الدول الخليجية كشفت أن المرأة كانت طوال العقود الماضية تخوض معركتها على الجبهة الخاطئة عندما ركزت في خطابها على أنها مستلبة، وإذا شاءت المرأة العودة إلى ممارسة دورها الطبيعي ينبغي عليها أن تتوجه بخطابها إلى بنات جنسها وتحاول نشر الوعي بينهن، وتقول لهن إن دور المرأة ليس الجري وراء الموضة وصالونات التزيين والتقاليع الغريبة عن بيئتنا، وإنما بمعايشة هموم الوطن والمواطنين والمشاركة في حلها.

والمرأة نصف المجتمع، ولكن إذا شاءت أن تكون كذلك.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف