سورية: أول التحديات الاقتصادية تراجع إنتاج النفط الخام والبطالة والفقر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
دمشق - سمر ازمشلي
يقفل العام الحالي محققاً أرقاماً تعتبر بالمعايير السورية "قياسية"، في ظل أجواء التوتر السياسي التي تحيط بالمنطقة العربية. إذ حقق معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ارتفاعاً وصل إلى نحو 5 في المئة، بعد ان بلغ 3.5 في المئة العام الماضي، وتزامن مع ازدياد حصة الفرد من هذا الناتج إلى 2.5 في المئة تقريباً وانخفاض معدل البطالة ليستقر على 8.6 في المئة، وفقاً لتقديرات حكومية، بينما تقدرها جهات خاصة بحوالى 20 في المئة.
وفي الوقت الذي توقعت مصادر حكومية انخفاض معدل الفقر من 12.3 في المئة في 2003 إلى 11.9 في المئة هذا العام، قدرت مصادر اقتصادية ان عدد فقراء سورية يصل إلى حوالى 5 ملايين مواطن (أي ربع عدد السكان تقريباً البالغين 18 مليون نسمة). وسجل قطاع السياحة انخفاضاً طفيفاً قدره 4 في المئة، نتيجة تراجع عدد زوار اليوم الواحد القادمين من لبنان بسبب الأحداث الأخيرة، في مقابل ارتفاع أعداد القادمين من الجنسيات الأخرى.rlm;
مدينة دمشق (د ب ا)
الموازنة السورية
وفي الوقت الذي تتوقع الحكومة السورية زيادة في عجز الموازنة نتيجة موقتة للخطط الاقتصادية التي تدعو إلى التوسع في تحرير التجارة وخفض الضرائب، طُرح موضوع الدعم الحكومي الذي بات يشكل عبئاً على الموازنة. إذ قدّرت الأوساط الحكومية الزيادة السنوية في الدعم الحكومي بنحو 100 في المئة سنوياً تقريباً، حيث ارتفع من 49 بليون ليرة سورية في 2003 إلى 185 بليوناً في 2005. وتدرس الحكومة تطبيق خطة جديدة لتقديم الدعم، بحيث يصل الى مستحقيه مع بداية 2007.
قطاع الاستثمار
وتعوّل الحكومة السورية على الاستثمارات الواعدة، حيث بلغ إجمالي المشاريع المشمولة بقانون الاستثمار رقم 10 وتعديلاته نحو 338 مشروعاً بكلفة تصل إلى 253 بليون ليرة سورية تقريباً، توفر 20 ألف فرصة عمل.
وكان رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري أوضح ان "سورية بحاجة إلى 700 بليون ليرة استثمارات خلال السنوات الخمس المقبلة، أي بمعدل 140 بليون ليرة سنوياً"، بهدف تحقيق الإصلاحات الاقتصادية المرجوة. وترافق كلامه مع ارتفاع عدد طلبات الترخيص للمصارف الخاصة، وارتفاع الرساميل وتنوع الشركاء غير السوريين في هذه المصارف، وارتفاع الصادرات الصناعية الزراعية نحو 10 في المئة، ما يبشر بإمكان تعزيز الصادرات غير النفطية بهدف مواجهة استحقاق تراجع الصادرات النفطية خلال السنوات الخمس المقبلة.
وكان تقرير لـ "صندوق النقد الدولي" أشار إلى ان الاقتصاد السوري يواجه تحديات صعبة في الوقت الراهن، إذ يشكل تناقص احتياطات البلاد من النفط تحدياً كبيراً أمام إمكان استمرار استقرار أوضاع المالية العامة وموازنة المدفوعات. وستؤدي خسارة دخل النفط إلى مشاكل كبيرة في الحفاظ على مستويات المعيشة.
وأضاف التقرير أن "الموازنة السورية ستخسر بحلول 2015 حوالى 4 بلايين دولار عندما ستتحول سورية إلى بلد مستورد للنفط، ما سيفرض على الموازنة أعباء كبيرة". وتتوقع مصادر اقتصادية أن يشهد إنتاج النفط خلال العام المقبل، في حال لم تتحقق اكتشافات نفطية جديدة، تراجعاً قدره نحو 10 ملايين برميل سنوياً، وهو رقم اعتمد رسمياً في تقدير إيرادات الموازنة العامة للدولة لعام 2007، التي تقدر الإيرادات النفطية بحوالى 246 بليون ليرة سورية، حيث تم تحديد سعر برميل النفط الخفيف عند مستوى 51 دولاراً للبرميل، و42 دولاراً لبرميل النفط الثقيل.
في المقابل، يتابع الاقتصاد السوري تقدمه مستفيداً من نقاط قوته المتمثلة، وفقاً لتقديرات خبراء اقتصاديين، بالمحافظة على الاستقرار الاقتصادي الكلي. إذ كان عجز الموازنة ضمن الحدود المقبولة العام الحالي ولا يتجاوز 8.6 في المئة، مع وجود معدلات تضخم بنسب مقبولة واستقرار سعر الصرف لفترة طويلة مع توافر الاحتياطات النقدية من القطع الأجنبي، ووجود فائض في الميزان التجاري وتعدد القطاعات الاقتصادية التي يعتمد عليها الاقتصاد السوري، إضافة إلى مديونية خارجية محدودة ليس لها انعكاسات سلبية تذكر، وموقع جغرافي متميز.
ومنذ بداية هذا العام اتخذت الحكومة إجراءات لدفع الاقتصاد السوري قدماً، خصوصاً بعد الضغوط التي تعرض لها نتيجة قرار الخزانة الأميركية فرض عقوبات على "المصرف التجاري السوري"، ما جعل الحكومة السورية تعتمد اليورو بدلاً من الدولار في تعاملاتها مع الجهات الخارجية وتسديد ديونها، تفادياً لأية عقوبات أو تعقيدات مستقبلية قد تطرحها الإدارة الأميركية.
وأقرت الحكومة الخطة الخمسية العاشرة التي تمتد بين 2006 و 2010. وابرز أهدافها رفع معدل النمو الاقتصادي إلى نحو 7 في المئة (لا يتجاوز حالياً 5 في المئة)، وخفض نسبة العاطلين من العمل إلى 8 في المئة (عددهم يزداد سنوياً بمعدل 56 ألفاً) وتحسين مستوى دخل الفرد ومضاعفته خلال السنوات المقبلة.
وأصدرت الحكومة حزمة متكاملة من التشريعات الضريبية، تهدف إلى تحقيق التوازن بين عدالة توزيع الدخل وتشجيع الاستثمار والنمو، وأعلن أخيراً عن إنشاء اكبر شركتين مساهمتين في سورية تضمّان عدداً من رجال الأعمال السوريين المعروفين في الداخل والخارج، هما "شركة الشام القابضة" برأسمال 300 مليون دولار، وشركة "السورية القابضة" برأسمال 80 مليون دولار.
وتعمل سورية على توسيع علاقاتها مع الجهات الدولية، إذ بعد اتفاقها مع "بنك الاستثمار الأوروبي" على تقديمه قروضاً سنوية تصل إلى 300 مليون يورو لتمويل النشاط الاقتصادي حتى 2010، وقعت اتفاق منطقة التجارة الحرة مع تركيا، الذي سيبدأ العمل فيه في بداية العام المقبل، إضافة إلى البدء بعدد من المشاريع الصناعية والاستثمارية والنفطية بالتعاون مع إيران وفنزويلا.