10 سنوات من الحروب والفضائح والضغوط والتقلبات ..
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
السبت 30 ديسمبر2006
غداً يوم أنان الأخير في الأمم المتحدة
يغادر كوفي أنان الأمم المتحدة غداً (الأحد) بعد عقد في وظيفة الأمين العام وهو ينضح وقاراً، وحنواً، وتواضعاً. وهذه صفات تجعل من السهل تصويره بصورة رومانطيقية. وقد لقبه بعضهم في فترة من الماضي بنجم الغناء الدبلوماسي.
ولكن بعد ان فاز بجائزة نوبل للسلام في العام ،2001 أخذ يواجه أنباء سيئة متتالية: الحرب في العراق التي عارضها، واسئلة ملحة بشأن فضائح الأمم المتحدة، وعلاقات متدهورة مع إدارة جورج بوش، ودعوات اليمين الأمريكي لتنحيه.
ويقول الكاتب جيمس تروب، الذي نشر حديثاً، كتاباً عن أنان بعنوان ldquo;أحسن النواياrdquo;، ان ldquo;الكلمات التي نطق بها خلال السنوات الثلاث أو الأربع الأولى كانت الأكثر أهمية وديمومة، وتناولت حقوق الإنسان وأجندة انسانيةrdquo;. وأضاف تروب ldquo;وخلال ولايته الثانية، اخفق عملياً في كل شيء حاول عمله أو في أشياء فعلها آخرون بهrdquo;.
وأنان، الغاني البالغ من العمر الآن 68 سنة، والذي أمضى حياته العملية في الأمم المتحدة، يعدد انجازاته الرئيسية على انها ترسيخ مبدأ تحمل مسؤولية حماية المدنيين عندما لا يستطيع أو يريد حكامهم حمايتهم، وكذلك نضاله ضد الفقر.
وفي اشارة إلى اعلان الأمم المتحدة ldquo;أهداف التنمية في الألفيةrdquo; الذي حدد تخفيف الفقر ورفع مستويات التعليم كهدفين للبشرية، قال أنان ldquo;ان عالماً تجد فيه الفقر المدقع والغنى الفاحش جنباً إلى جنب لهو عالم غير مستديمrdquo;.
واعتبر أنان ان اسوأ اللحظات التي عاشها كأمين عام تشمل الاخفاق في وقف اراقة الدماء في دارفور، وفضيحة ldquo;النفط مقابل الغذاءrdquo; وورطة الحرب في العراق، واللتين بسببهما فقد صوته لبضعة أشهر.
ثم جاء الحدث الأكثر ايلاماً، وكان تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد يوم 19 اغسطس/آب ،2003 الذي قتل فيه 22 شخصاً، والذي جاء بعد ان قرر أنان، تحت إلحاح الولايات المتحدة، اعادة طاقم من مسؤولين كبار في الأمم المتحدة إلى العراق.
وقال في إشارة إلى شقيقته التوأم ايفوا التي توفيت بسبب مرض في العام ،1991 ان ذلك التفجير ldquo;ضربني تماماً مثلما فعلت خسارة شقيقتي التوأمrdquo;.
وفي العام 2003 تفجرت أيضاً فضيحة ldquo;النفط مقابل الغذاءrdquo;، التي بينت تحقيقاتها لاحقاً ان صدام حسين حول 64 مليار دولار من هذا البرنامج الذي خصص لتخفيف وطأة العقوبات الدولية عن كاهل المواطنين العراقيين.
وكانت تلك العقوبات قد فرضت في أعقاب غزو الكويت.
ومع أن بضعة فقط من مسؤولي الأمم المتحدة اتهموا بالاثراء غير المشروع، إلا ان اللوم ألقي على الأمم المتحدة بسبب ما اعتبر تراخي ادارتها واخفاقها في كشف تحويلات صدام حسين.
وقد اعترف أنان بواقع سوء الإدارة، ولكنه قال ان ldquo;الفضيحة إن كانت هناك فضيحة إنما هي موجودة في العواصم ولدى ال2200 شركة التي أبرمت صفقات مع صدام من وراء ظهورناrdquo;.
جدير بالذكر ان قضية برنامج ldquo;النفط مقابل الغذاءrdquo; كانت موضوع تحقيق استمر 18 شهراً وقاده وزير الخزانة الأمريكي الاسبق بول فولكر.
غير ان منتقدين يقولون ان المنظمة الدولية قللت من شأن خطورة الفضيحة، وكذلك من شأن الاسئلة التي لا تزال تتردد حتى اليوم بشأن نجل أنان كوجو الذي عمل لدى شركة حصلت على عقد كبير في اطار برنامج ldquo;النفط مقابل الغذاءrdquo;.
وقال ادوارد لاك، وهو بروفيسور بجامعة كولومبيا في الولايات المتحدة، ومؤرخ للأمم المتحدة، إن مسؤولي الأمم المتحدة ldquo;يميلون إلى التفكير في القضية كأنها قضية شخصين ارتكبا اخطاء في الأمانة العامة. ولكن المسألة مختلفة. لا بد من محاسبة الأمم المتحدة على أساس معايير أعلى، والسكرتير العام عليه واجب ان يضاعف يقظته في مثل هذه الأمورrdquo;.
أما بالنسبة لليمين المحافظ، فإن الفضيحة كانت مثالاً على عدم جدوى الأمم المتحدة.
وبالنسبة للولايات المتحدة، فإنها كثيراً ما تشعر بالاحباط ازاء الأمم المتحدة عندما تعارض سياساتها، بمعزل عن الحزب الذي يتولى الحكم في البيت الأبيض.
وأنان كان مرشح إدارة بيل كلينتون بعد ان وضعت الفيتو ضد بطرس غالي بحجة عدم تطبيق الاصلاحات المطلوبة في الأمم المتحدة، وهي التهمة ذاتها التي وجهت إلى أنان في ما بعد.
وإن كان يحظى بدعم زوجته السويدية المتألقة ناني، فإن أنان كان ولا يزال في معظم الأحيان موضع اعجاب في كل أنحاء العالم، ولكن علاقاته مع واشنطن أخذت تتقلب بين الود والفتور بعد حرب العراق، وبعد ان كادت علاقاته مع السفير الأمريكي السابق جون بولتون تصل إلى حد العداء.
ورغم كل شيء، فإن أنان وضع دراسات وقدم اقتراحات بشأن الاصلاحات، ابتداء من اطروحته ldquo;بحرية أكبرrdquo; التي دمج فيها مسائل حقوق الإنسان والتنمية والأمن.
وخلال سنته الأخيرة في منصبه، استعاد ثقته، ففاوض ldquo;إسرائيلrdquo; بشأن انسحابها من لبنان، وانتقد الولايات المتحدة لاتباعها سياسة التفرد على الساحة الدولية، وانتقد انصار الفلسطينيين بسبب لجوئهم إلى الجمعية العامة من أجل تبني قرارات لا عد لها، ووبخ الجميع بسبب عدم القيام بعمل في منطقة دارفور السودانية.
وفي آخر مؤتمر صحافي عقده كسكرتير عام استرجع أنان سنواته في منصبه، وخلص إلى القول انه ينبغي ألا يحكم على الأمم المتحدة من خلال فضائحها.
وقال ldquo;الأمم المتحدة هي منظمة أمم متحدة نسقت الاغاثة في كارثة التسونامي، أمم متحدة تعاملت مع زلزال كشمير، أمم متحدة تدفع من أجل المساواة.. وأمم متحدة تكافح من أجل كرامة الانسانية وحقوق الآخرينrdquo;.
ويرجح ان خليفته الكوري الجنوبي بان كي مون سيتحدث أقل ويقود منظمة دولية وهو مدرك لحدودها وللمساحة الصغيرة التي يتعين على كل سكرتير عام ان يتحرك ضمنها.
والآن، في نهاية مشوار الأمم المتحدة، تعتزم عائلة أنان أن تعيش في أوروبا وغانا، حيث يريد كوفي أنان انشاء مؤسسة تهتم بالزراعة الافريقية.
ولكن في المستقبل المباشر، قال أنان ldquo;سانطلق لكي أعيش ldquo;بحرية أكبرrdquo;rdquo;.