جريدة الجرائد

جنبلاط وكيلاً للدم!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

طلال سلمان

تسبق التعليقات الغاضبة التهنئة بالعيد: ما هذا الجنون الذي يفرض على اللبنانيين أن يعيشوا في ظله؟! إلى أين يأخذكم السياسيون؟ لقد طالما تعلمنا منكم، وكنا نعجب بقبول الكل بالكل برغم الخلافات! لكن ما يطلقه بعض القادة الذين كنا نحفظ لهم التقدير لمواقف وطنية اتخذوها في زمن مضى، من تصريحات هوجاء ومن اتهامات متجنية لا يمكن قبولها، يدفع إلى التساؤل عما يريده هؤلاء فعلاً؟! هل يتقصدون، بوعي، إثارة الفتنة بين المسلمين؟ ولمصلحة من؟
تحاول أن تهدئ من سورة غضب الصديق العربي الكبير، لكنه يتابع:
ـ نحفظ لوليد جنبلاط صفحات من تاريخه الوطني.. لكن تصريحاته الأخيرة غير مقبولة إطلاقاً ولا يمكن تبريرها..
ويهتف لك مسؤول عربي تعرف عنه تعلقه بلبنان و"شعبه المبدع":
ـ ماذا أصاب قادتكم؟ لماذا يسيئون إلى صورة هذا الوطن الجميل؟ لقد كنا نتباهى بلبنان، مقاوماً منتصراً، دون أن يمنع جهده المقاوم حركة النقاش الحيوي والمعبر عن "ديموقراطية لبنانية" من نوع خاص. أما ما سمعناه من مجادلات في الأيام الأخيرة فإنه يسيء إلى المقاومة بقدر ما يسيء إلى الديموقراطية، بل انه يسيء إلى لبنان كله.. ما الذي أصاب وليد جنبلاط حتى تجاوز في تصريحاته الأخيرة حدود المنطق والمعقول وافترى على من أعطونا، نحن العرب، القدوة والمثال؟ لوليد جنبلاط كل الحرية في أن "يلعب" في السياسة، كما تقولون في لبنان، ولكنه بمثل
هذه الافتراءات التي أطلقها ضد السيد حسن نصر الله والمقاومة يتجاوز "حق الرأي" إلى حدود التحريض على الفتنة، ثم انه يسيء إلينا نحن العرب خارج لبنان، إنه يشوه صورة بطلنا القومي الذي ننزله من نفوسنا في المرتبة الأعلى..
عشرات الرسائل والاتصالات تدور كلها حول تصريحات جنبلاط والفتنة التي يراد إغراق لبنان فيها... ثمة من يستذكر مواقف قبل شهور، أو قبل سنتين أو ثلاث سنوات لوليد جنبلاط كانت تتضمن إشادة استثنائية بجهاد السيد حسن نصر الله وحكمته وقدراته القيادية المميزة، وببسالة المقاومين من رجال "حزب الله" وإنجازهم التاريخي في تحرير الأرض المحتلة والارادة الوطنية من قيود الاحتلال الإسرائيلي... والسؤال: ماذا عدا مما بدا حتى انقلب جنبلاط على نفسه؟!
ولماذا تبدى وليد جنبلاط متوتراً، حاداً، عصبياً، يهوّل على الناس ويزرع فيهم الرعب؟!
ومع تقديرنا لهواجس وليد جنبلاط وحاجته إلى الشعور بالأمان فإننا نستغرب أن يندفع ليطلق النار عشوائياً، وفي كل الاتجاهات؟!
هل يعرف وليد جنبلاط أنه أصاب من المحكمة ذات الطابع الدولي مقتلاً، وأنه ظهر وكأنه يريدها وسيلة للابتزاز السياسي الداخلي أكثر مما يريدها مرجعاً لكشف "المحرضين والمخططين والمنفذين" لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري؟!
فعبر الاستخدام اليومي والرخيص، لمسألة المحكمة ذات الطابع الدولي، والذي تجلى مكشوف الاغراض في المقابلة الأخيرة، ينصِّب وليد جنبلاط نفسه القاضي والمدعي العام ووكيل الدم .. بل إنه قد أصدر الاحكام فأدان من يخاصم من القوى السياسية، ثم اندفع محرضاً لتنفيذ أحكامه الشخصية، دون أن يهتم بما يمكن أن تثيره أو تحركه من فتن نائمة تسعى قوى كثيرة، بينها "الدول" التي كان يعاديها وليد جنبلاط ثم صادقها، لإيقاظها وإحراق لبنان في أتونها.
وفي حين كان اللبنانيون يتوقعون "بادرة" جديدة قد تشكل مدخلاً إلى حل سياسي للأزمة المستعصية على الحل (؟!) لكثرة الدول المتورطة في تعقيدها وفي إسقاط الحلول المعقولة لها، فإن وليد جنبلاط قد "أغار" بحديثه المتوتر على مشروع المبادرة الأخيرة التي أشار هو نفسه إلى أن الرئيس نبيه بري كان يحاول استكمال صياغتها بالتنسيق مع رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، وعبر التوجه إلى "استدراج" رعاية سعودية لها.
للمناسبة: لم يعرف اللبنانيون آراء حلفاء وليد جنبلاط وشركائه في "ثورة الأرز" في ما أطلقه من اتهامات متجنية ومن افتراءات على قيادة "حزب الله" ومجاهديه.. هل هم معه فيها أم أنهم متحفظون عليها؟ وهل يريدون فعلاً الوصول إلى حيث يحاول سحبهم عبر توسّل صورة رفيق الحريري شهيداً؟!
أما السيد حسن نصر الله فلا يحتاج، بوهجه الاستثنائي ودوره الجهادي الذي رفعه عند العرب جميعاً (ومعهم المسلمون) إلى مستوى البطل التاريخي، من يدافع عنه، فيصد عنه حملات التجني ويسفّه الادعاءات والاتهامات الفاحشة التي لا يقبلها العقل ولا تستقيم مع المنطق، أو مع الوقائع التي عاشها ويعيشها على امتداد عشرين عاماً من الجهد للتحرير، قبل الحرب الإسرائيلية على لبنان وبعدها، وقبل "التحالف الرباعي" وبعده، ثم بعد أن انفرط عقده.
واللبنانيون على ثقة من أن حكمة "السيد حسن" أقوى بما لا يقاس وأمتن من أن يستدرج إلى حيث لا يقبل ولا يريد.
لقد أطلق وليد جنبلاط النار على الاعياد ومعها على المبادرة الجديدة، بل حاول تلغيم الطريق أمام أي مبادرة جديدة، مفسحاً في المجال أمام رياح الفتنة،
لكن تجارب اللبنانيين المريرة أمدّتهم بوعي عميق يجعلهم خبراء في إفشال محاولات إثارة الفتنة وحصر خلافاتهم السياسية في إطارها "الديموقراطي" و"السلمي" كما أثبتت تجربة الاعتصام الذي يحتفل اليوم بعيده... الثلاثين!
وكل عام واللبنانيون والعرب عموماً بخير... ومنهم وليد جنبلاط الذي كنا نتمنى لو لم يفقد أعصابه فيقول ما يتناقض مع تاريخه وخصوصاً مع ذكرى شهيدنا العظيم كمال جنبلاط.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف