حوار حول الإرهاب والتنمية

رجـب البنـا



أسئلة كثيرة عن الارهاب والتنمية كانت محور المناقشات وأوراق العمل في المؤتمر الاقليمي العربي الذي نظمه المركز القومي للبحوث الاجتماعية مع الجامعة العربية واستمرت مناقشاته ثلاثة أيام في شرم الشيخrlm;.rlm; وتعددت الآراءrlm;,rlm; قال البعض ان الارهاب ليس نابعا من طبيعة المجتمعات العربية والدين الاسلاميrlm;,rlm; وان وراء انتشاره مؤامرة غربية بدأت بالتمهيد النظري والفلسفي بنظرية صدام الحضارات التي واكبت العولمة ثم وصلت الي تصدير الارهابrlm;,rlm; وفي الغرب لا يستخدمون لفظ الارهاب الا للاشارة الي أعمال العنف التي يتورط فيها شباب من العالم العربي والاسلامي بينما هناك عمليات ارهاب يرتكبها غيرهم من كل الجنسيات والأديانrlm;..rlm; وركز البعض علي البحث عن المستفيد من صناعة الارهاب ليكون ذريعة للتدخل السياسي والعسكري بحجة الحرب علي الارهابrlm;,rlm; وهي ذريعة تخفي الأهداف الامبريالية واستراتيجيات الهيمنةrlm;,rlm; ولم ينكر هؤلاء وجود عوامل داخلية في المجتمعات العربية تساعد علي ظهور ونمو الارهابrlm;.rlm;

كذلك اختلف المشاركون في المؤتمر حول آثار الارهاب علي معدلات النمو الاقتصاديrlm;,rlm; فرأي البعض ان الارهاب أدي الي تراجع التنميةrlm;,rlm; بينما رأي آخرون ان هذا التراجع بسبب غياب العدالة في توزيع الثروة والسلطة وليس بسبب الارهاب وحدهrlm;,rlm; وقالوا يجب الا نكتفي بمؤشرات النمو في الاقتصاد الكلي فهو مؤشر مضلل لأنه يستبعد حساب الزيادة أو النقص في نصيب الفرد من عائد التنميةrlm;,rlm; مع ان غياب العدالة في توزيع الثروة والسلطة وهو أقوي العوامل المغذية للارهابrlm;,rlm; فقد أصبح الانخراط في الجماعات الارهابية بدافع البطالةrlm;,rlm; مع تزايد مشاعر عدم الرضا والاستياء والتفاوت الاجتماعي الكبير وتهميش بعض الفئاتrlm;.rlm;

وكان الرأي الغالب ان البيئة التي ينتشر فيها الارهاب هي التي يسود فيها الفكر المتشدد ـ سياسيا أو دينيا ـ فالتعصب هو الأب الشرعي للارهابrlm;,rlm; كما أن جماعات ساذجة من الشباب تتعرض لعمليات غسيل المخ علي أيدي محترفين وخبراءrlm;.rlm;

اتفق المشاركون علي أن العولمة تركت أثرها علي انتشار الارهاب حتي أصبح يمثل تهديدا لكل دول العالم تقريباrlm;,rlm; وساعد علي عولمة الارهاب تطور وسائل الانتقال عبر الحدود وسهولة الاتصالات الهاتفية أو عن طريق الانترنتrlm;,rlm; وتوافر المعلومات العلنيةrlm;,rlm; وقد أدي ذلك الي قيام شبكات ارهابية منظمة تتبادل المعلومات والبيانات والاتفاقات فيما بينهاrlm;,rlm; وقد تقوم بعض الشبكات بعمليات ارهابية لصالح شبكات اخريrlm;,rlm; وبذلك تجاوزت مشكلة الارهاب الاطار المحلي الي الاطار العالميrlm;.rlm;

كما اتفق المشاركون علي أن مكافحة الارهاب في الدول العربية تركزت في الجانب الأمني والمواجهة القانونية أكثر من المواجهة المجتمعية الشاملة لكل الجوانب المحيطة بالظاهرةrlm;,rlm; خاصة البعد الثقافي الذي يمثل عنصر التحصين لعقول الشباب يحميهم من الوقوع فريسة لفكر ومعتقدات الارهاب التي ظاهرها الرحمة وباطنها العذابrlm;!rlm; وهذا يقتضي مراجعة السياسات الخاصة بالتعليم والاعلام وتنقية الخطاب الديني السائد مما فيه من توجهات تلامس في بعض الأحيان توجهات الفكر الارهابيrlm;,rlm; وطالبوا بالاهتمام أولا بتكوين كوادر في مجالات الاعلام والتعليم تكوينا فكريا ومهنيا لتأهيلها للتعامل مع الشباب بفكر يتفق مع طبيعة التطورrlm;,rlm; ويحرض الشباب علي الاندماج في مجتمعاتهم والمشاركة في تقديم الخدمات من خلال مؤسسات للعمل الأهلي وذلك للاستفادة بطاقاتهم في نشاط بناء واشعارهم بأن لهم دورا في المجتمع وليسوا مهمشين أو عالة علي المجتمعrlm;,rlm; ومن خلال تشجيع اقامة مؤسسات أهلية هدفها محاربة الارهاب يمكن رفع الوعي العام للشباب بفكر الارهاب وأساليبهrlm;.rlm;

ولعل أهم ماتوصل اليه الحوار هو التأكيد علي أهمية التوازن بين حق المجتمع والدولة في الأمن والاستقرار اللازمين لنجاح مشروعات التنميةrlm;,rlm; وبين حق المواطن في ممارسة حرياته الطبيعيةrlm;.rlm; والأمر كله يتوقف علي الارادة السياسية والقرار السياسي لنجاح التغيير المطلوبrlm;.rlm;